الجمعة، 24 فبراير 2012

لمع للمربي ومحفظ القرآن ( منقول)



بسم الله الرحمن الرحيم



اللُّمَع !


أخي المُربّي .. إن الشُّحَّ الظاهر في الطرح الواقعي لمسائل التربية ، جعل من المربّين – في بعض الحالات – عالةً على التربيةِ و أهلها ، و هذا نذير شؤم ، و غُرابُ جيفة ، فليسَ من الغريبِ و لا من المستهجن أن يكون المتربي عالةً على التربية ، إنما الغريب المستهجن أن يكون المربّي كذلك ، نظراً لقلّة الخبرة ، و الاعتداد بالرأي ، و انعدام الموجّه ، و هذا الأمر .. يجعل الجمود الحاصل من أهل الشأن في هذه القضايا هو نوعٌ من أنواع الخيانة للأجيال الحاضرة و القادمة ، و ضرْبٌ من ضروبِ المنكر ، يجبُ إنكاره و الاعتراضُ عليه ، كيفَ لا ؟ و هو كتمانٌ لعلمٍ من أهمّ علومِ العصْر ،خصوصاً في ظلِّ انتشار وسائل اختطاف الأفكار و العقول ، و سبي المبادئ و المناهج !

و عودةٌ أخرى إلى المضمار التربويّ ، بطرحٍ واقعيّ ، لا يتوشّحُ بالمثاليّةِ الزائفة ، و لا يدّعي الكمال المُطلَق ، يتردد بين الأفكار و الخواطر ، و القصص و الأحداث و المآثر ، وقودهُ عصفُ الأذهان ، و عُصارةُ التجارب ، لا يُسلِمُ زمامه إلى موضوعٍ بعينه ، و لا يرضى لناصيته أن تذلَّ لقضيةٍ بعينها ، إنما نُتَفٌ من هنا وهُناك ، و أشتاتٌ مبعثرةٌ في ميدان التربيّة ، أجمعُها هنا لُمعةً لُمعة لنخرج في نهاية الأمر بـ " اللُّمع " .. و أعتقدُ أنك ستجدُ هنا مالم تجده في " اللوحات " ، و إن وُجد فهو من باب التأكيد على أهميته .

إنني بهذا الطّرح .. أرغبُ رغبةً عارمةً شديدةً أن تكون محاضن التربيةِ الصالحة من الحلقات و الأنشطة الشبابية ، ملاذاً آمناً لفتيةِ الجيل ، و شباب الأمة ، تجمعُ بين بناء العلاقات ، و بناء الذات ، في شتى المجالات ، أريدُ منها أن تكون مهوى الأفئدة ، و قِبلة القلوب ، يبحثُ عنها المُريد في كل طريق ، و في كل اتجاه ، و في كلِّ زاوية ، حتى إذا ذاب في هذا الكيان العظيم .. عضَّ عليه بالنواجذ ، و أبى إلا البقاءَ حتى الفناء !


ملحظ : اللُّمعة .. قد تكون سطراً و قد تكون صفحة ، و ربما كانت أقل من ذاك و أكثر من هذه ، و مع ما أصابني من الملل من كثرة الطرق و الطرح في هذا المجال ، إلا أنني أعتقد أن الذمةَ لم تبرأ بعد .. فـ لله ما أشدّ حاجةَ هذه المحاضن إلى من يكتب لها شيئاً – و إن قلّ – ينيرُ لها الدربَ و يضعُ لها المنارات على الطريق !





















·       لُمعة 1

قد يتفوقُ المتربي في أمرٍ من الأمور ، أو يتميّزُ في مجال من المجالات ، و المربّي في التعامل مع هذا التفوق و التميّز على إحدى طريقتين :

1. إما الإنصاف و الاعتراف .

2. و إما الإعراض و الاستنكاف .

أما الأول فيتماشى مع الحراك التربوي السليم ، و أما الثاني فلا يؤدي إلى خير .

 إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو المربّي الأكبر ، نراه في مواطن السيرة قد اعترف بصدقٍ وشجاعة بتميّز الحباب بن المنذر - رضي الله عنه - ، فقد جاء في أسد الغابة ما نصّه :
"وسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبادرهم - يعني قريشا – إليه - يعني إلى الماء - فلما جاء أدنى ماء من بدر نزل عليه ، فقال الحباب بن المنذر بن الجموح : يا رسول الله منزلٌ أنزلكه الله ليس لنا أن نتعداه ولا نقصر عنه ؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : )بل هو الرأي والحرب والمكيدة ( . قال الحباب : يا رسول الله ليس بمنزل .. ولكن انهض حتى تجعل القُلُب كلها من وراء ظهرك ثم غور كل قليب بها إلا قليبا واحدا ثم احفر عليه حوضا فنقاتل القوم ونشرب ولا يشربون حتى يحكم الله بيننا وبينهم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ) قد أشرت بالرأي ("

و ما الحباب - رضي الله عنه - إلا مُتربٍّ تصنعه عينُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -  فاعترف له محمد - عليه الصلاة و السلام – بهذا التميّز ، و لم يكتفِ بالاعتراف .. بل أتبع ذلك بالإنصاف فأخذ برأيه دون تردد  ..



على المربّي أمام تفوّق المتربي و تميّزه  :

1.   الاعتراف بهذا التفوّق .

2.   الأخذُ به ما دام صواباً .

3.   رعايته و تنميته.

4.   توجيهه .

❁❁

·       لُمعة 2

أتساءلُ دوماً .. ما الذي يجنيه المربّي عندما يعكّر صفوَ علاقته بالمتربّي ..؟

ما الفائدة ..؟

ما الهدف ..؟

لا شيء ..!

هذا التعكير ، و تسحيقُ الهوّةِ المستمر ، يؤدي إلى نفورٍ بين قطب المربّي ، و قطبِ المتربي ، نتيجته الحتميّة .. زهدٌ في التوجيه ، و إعراضٌ عن النصيحة ، و ربّما قبولٌ من غير قناعة .. إنما فقط من أجلِ إسكاتِ المربّي و البعدِ عن (وجع الرأس) .. أو خوفاً منه - من المربي - !
عارٌ على المربّي أن ينتهي به المطافُ إلى أن يكونَ لحمةً تلوكها ألسنةُ الطلاّبِ بالتشنيع اللاذع ، و القدح الخفيّ ، و السبب فظاظةٌ في التعامل ، و تشنّجٌ في النقاش ، و عبوسٌ مستمر !
أخي المربي .. لِن .. إني أعظكَ أن تكون من الجاهلين  !

❁❁

·       لُمعة 3

التأخر في عِلاج المشكلات و الأخطاء يؤدي إلى تضخمها و تفاقمها !

 و أسباب هذا التأخر تدور على : التسويف - الخوف - الخجل - عدم معرفة الأسلوب الأمثل للتواصل مع المشكلة أو الخطأ ..

أما التسويف فحيلةُ عاجز ، دواؤه العزم  !

و أما الخوف فمجرّد حاجز ، دواؤه الحزم !  

و أما الخجل فجزءٌ من الخوف ! فأعمل في علاجه نفس الآلة  !

أما الآلية المثلى فتجدها في مواطن .. أبرزها :

1. السيرة النبويّة ، و التأمل الدقيق في طريقة تعامله – عليه الصلاة و السلام – مع المشكلات .

 2. عقول أهل التجربة ، و لا تختر إلا من شُهدَ له بالسداد و الحكمة و بُعدِ النظر .

أخي المربّي .. إياك أن تتأخر في عِلاج الأخطاء و المشكلات ، فإنما هي كالسرطان ، إن لم تعجّل بإزالته انتشر ، و إذا انتشر قتل !

❁❁

·       لُمعة 4

أدركتُ عدداً من المربّين / المشرفين ، يعطي حكماً على الشاب من أول لقاء، فتراه يحكم عليه بالصّلاح أو الفساد ، أو يحكم بجدوى بقائه في المحضن من عدمه .

و هذا الحكم نجده أحياناً ينسحب إلى بقيّة المشرفين فيؤثر في رأيهم ، خصوصاً عندما يكون الحُكمُ صادراً من مُربٍّ له ثقله في المحضن . و الأدهى و الأمر أن تتحول هذه النظرةُ إلى سلوكٍ عمليّ من قِبَلِ المربّي تجاه المتربي بالازدراء و التحقير و المضايقة .

و بغضّ النظر عن مدى صحّة الحكم ، إلا أن هذه الأحكام المرتجلة ، قد تجعلنا نخسر عدداً من الأفراد الفاعلين بسبب هذه النظرة و هذا الحكم .

في فترة عملي في هذه المحاضن الطيبة ، رأيتُ شباباً لا تُرى عليهم آثار الصلاح و الاستقامة ، بل إن بعضهم يسبّبُ لك انقباضاً بمجرد رؤيته ، فلما دخلوا المعمعة ، و خاضوا الغَمَرات ، و سلكوا الجادّة ، تغيّرت حالهم ، و أصبحوا في عِدادِ المربّين الناجحين .

إياك أخي المربّي أن تستعجل النتائج أو تتعجل في الأحكام ، فوظيفتك هي التربية ، و من أسسها وجود المتربي ، و الذي لابد أن يعاني من النقص ، وهذا النقص هو الذي يجعلك تمارس العملية التربوية !

و لو أن كلَّ متربٍّ انضم إلى المحضن و هو مكتمل الجوانب ، لما كانت التربية  !

❁❁

·       لُمعة 5

قد يُصابُ المتربّي بحمّى الفتور ، و هذه الحُمّى تجعله يفكّر – جدّياً – في الانسحاب من الحلقة ، و تتجلى منه بعض السلوكيات التي تبدي امتعاضاً من مناشط و أفراد الحلقة ، كسلوك تمهيدي لعمليّة الانسحاب !

أعتقد أن العلاج المناسب أن تجعل المتربّي يأخذ فترة نقاهة في منزله .. أسبوع .. أسبوعين .. ثلاثة ..

 في الغالب لن يتجاوز المتربي الأسبوع الثالث إلا وهو يرغب رغبةً عارمةً شديدةً في الرجوع ، خصوصاً و أنه قد اعتاد برنامجاً منتظماً يسيرُ عليه .

❁❁

·       لُمعة 6

عندما تكون مسؤولاً على مجموعة ، و تحت قيادتك مجموعةٌ من المشرفين ، فإني أنصحك عندما تطرحُ أيَّ قضيّة ترغبُ من خلالها أن تستمع إلى آراء من معك من المشرفين ألا تبدأ برأيك أنت ، إنما استمع إلى آراء من معك ، ثم اطرح رأيك أخيراً . و لابد حينئذٍ من أمرين :
1. أن تطرح الرأي دون تشنّج ، مع إبداء الأسباب التي جعلتك تختار هذا الرأي .
2. ألا تتمسك بهذا الرأي ما دام يحتملُ الصواب و الخطأ . و هذا القيد مهم ، إذ إن بعض المحاضن قد يقوم عليها من لا خبرة له في هذا المجال – و قد يكون أنت - فيطرح رأياً "شاطحاً" يضرّ و لا يسرّ ، ثم يصرّ عليه صاحبه و يتمسك به فيحصل الشقاق و النزاع ، و الحل – حينها - أن يتم التحاكم إلى أهل الخبرة حتى لا يتضخّم النزاع .

و ستستفيدُ من هذه الطريقة - أقصد طرحك لرأيك أخيراً - عدة أمور من أهمها :

 - أن يعتاد من معك على طرح رأيه بكلّ راحة و ثقة ، و هذا يكسبه ثقةً في النفسِ هو بحاجةٍ إليها ، خصوصاً عندما يكون معك مشرفٌ ذو تجربةٍ جديدة.

- تحرر المشرفين من رقِّ رأي المسؤول ، ذلك أن بعض المشرفين يُقادُ و لا يقود ، و يرفع رايته البيضاء أمام مسؤول الحلقة ، معلناً تبعيّته لرأيه دون نقاش ، و هذا بلا شك مُضرٌّ به و بالمحضن .

❁❁

·       لُمعة 7

كلما كان التواؤم بين أفراد المجموعة الواحدة - من المشرفين - شديداً  .. كانت المخرجات - من الطلاب - أفضل ، خصوصاً في ظلّ وجود الخطّة المُحكمة و الأهداف النبيلة الرفيعة !

لا أجدُ شيئاً يعرقل مسيرة المحضن كما تعرقلها المشكلات و الحزازات بين المشرفين ، و يزداد الأمر سوءًا عندما يكون سوء الظن هو المسيطر ! و أفضلُ الحلول لتفادي مثل هذا .. أن نسقط الكلَفَةَ بين المشرفين و ذلك عن طريق اللقاءات المتوالية و الأسفار الخاصة ، و التي ستؤدي بدورها إلى القدرة على إيجاد جوٍّ من الصراحة فيما بينهم، و المصارحة - بلا شك - ستقطع دابر الشيطان ، و لن يكتمل هذا القطع إلا بالاعتراف بالخطأ عند وجوده ، و السعي إلى علاجه و محاولة تفاديه ، سواءً كان الخطأ من المسؤول أو من أحد المشرفين المتعاونين كلهم في ذلك سواء  !

❁❁

·       لُمعة 8

من أعظم الداء ، أن تُبتلى في محضنك بشابٍّ يعشق الهذرمة ، لا ينفك عن تضخيم الأحداث ، و افتراء القصص ، و أمثال هذا لا يخلو حاله من أمرين :

1.   أن لا يكون لكلامه ضررٌ متعدٍ ، بحيث يكون كلامه من قبيل الكذب فقط ، فلا يفرّق بكلامه بين اثنين ، و لا يجترئ على تشويه سمعةِ فلان ، أو إلحاق الضرر بمكانةِ فلان ، و مثل هذا أمره أسهل ، و يكون التواصل معه بأساليب النصح المناسبة .

2. أن يكون لكلامه ضرر متعدٍّ ، فيجمعُ بين الكذب و مفسدةٍ أخرى ، كرميِ التُّهمِ و تلفيقها على فلان المشرف ، أو فلان الطالب ، و تضخيم أحداثٍ تدعم تهمته ، و اختلاقِ قصصٍ تؤيد موقفه ، فهذا قد حمل على عاتقه مهنةَ المرجفين الأوائل .. بل أشد ، فإن المرجفين يضخمون قوةَ الأعداء ، و مثلُ هذا يجعل من الأصدقاء أعداء ، و يجعل من المربّي صفراً لا قيمةَ له ، و العلاج مع هذا كالعلاجِ مع المُرجف ، فإن الإمام مأمورٌ في الشرع بإبعاد المرجف من الجيش كي لا يوهن الجنود ، و صاحبنا أولى بالإبعاد ، ذلك أنه يُلغي قيمة المربّي عند المتربي فلا يقبل منه -حينئذ - صرفاً و لا عدلا   !ناهيك عما يقوم به من شقّ الصف و تفريق الكلمة .. بيْد أن الاستبعاد لا يكون إلا بعد استنفاد محاولات الإصلاح و التقويم !

❁❁

·       لُمعة 9

التدرج في التربية منهجٌ نبويّ و مطلبٌ شرعي !

فلا تنتظر من المتربّي أن يتغيّر في يوم و ليلة ، بل عليك بالصبر و المصابرة ، و لا تستعجل النتائج .
و تذكر أن من المتربين من تغيّره نظرة ، و منهم من تغيره ابتسامة ، و منهم من تغيّره كلمة ، و منهم من تغيّره المعاشرة و طول الصحبة ، فلا تضجرنّ !

❁❁



·       لُمعة 10

إيعاز المهام للطالب ، و إشراكه في بعض المسؤوليات و الأعمال المتعلقة بالحلقة و المحضن ، تزيد من ولائه للمحضن ، و حبّه له ، و تعلّقه به ، خصوصاً حينما تتوج - أيها المربي - هذا البذل بعبارات الثناء و المديح !

و هذا التوكيل بالمهام .. لن تعدم منه خيراً ، فمن تخفيف ضغط العمل على المشرف .. إلى تعويد الطالب على بعض المهام .. إلى تعزيز الثقة فيه .. إلى مساهمته في البناء .. إلخ !
و عندما نوكّل فعلينا أن نختار المهام بحسب قدرةِ الطالب ، و ألا نحمله ما لا يطيق ، لئلا تنعكس الأمور ، و تكون ردود الأفعال مغايرةً للهدف . كل طالبٍ بحسبه .. صاحب السيارة أوكله باستئجار الاستراحة ، و صاحب الحفظ المتميّز يعينك على التسميع للطلاب ، و المصمم يخدمك في التصميم ، و هاوي الطبخ و إعداد الوجبات ابحث عنه في هذا المجال .. و هلم جرا !

حتى تقوّي الانتماء .. دع الجميع يشاركُ في البناء .

❁❁

·       لُمعة 11

على المربّي أن يُعدّ نفسه علميّاً ، في شتى العلوم و المعارف ، بالجهد و القدر الذي يستطيع .

و لا أقل من معرفةِ فضلِ المواسمِ و الأحكام المتعلقةِ بها ، و كذا أحكام الحالات التي قد تمرّ على المحضن و أفراده !

و من ذلك :

1. فضائل رمضان و أحكامه .

2. فضائل الحجّ و أحكامه .

3. أحكام السّفر و آدابه .

4. أحكام المساجد و آدابها .

5. أحكام المصحف و آدابه .

6. الأحكام المتعلقة بالشتاء [ نزول المطر - الجمع - الرحلات البرية - المسح على الخفين]

7. أحكام العمرة .

8. فضائل الحرمين و أحكامهما .

و ما إلى ذلك ..

و من خلال تجربة ، أنصحكَ بقراءةِ كتبِ الفتاوى و إدمان النظر فيها ، ففيها مسائل كثيرة الوقوع  بالإضافة إلى المطويات التي تعطيك تصوراً عاماً عما تريد التفقّه فيه ، فلا تحتقرنّ!
و لله .. ما أجمل أن تجد جواباً لسؤال تلميذك ..

❁❁

·       لُمعة 12

من السذاجةِ أن تتعاملَ بإحسان الظن مع كل حَدَثٍ في محضنك ، فإساءةُ الظنِّ مطلوبةٌ في بعض من المواقف ، و يرجعُ تقدير ذلك إلى حقيقة الشخص صاحب الحدث و مدى فداحةِ الحدث .. ألا ترى إلى عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - كيف ظنَّ في حاطبٍ - رضي الله عنه - فرماه بالنفاق على مسمعٍ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و لم ينكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه ذلك ! 

و كان أحد السلف يقول : كنا إذا فقدنا أحدنا في صلاة الفجر أسأنا الظن به .
غير أن المحذور المحظور هو أن تتحول إساءةُ الظنِّ إلى حمّى ، فننظر إلى كلِّ تصرّفٍ على أنه تصرفُ سوء ، فهذا يؤدي إلى انعدام الثقة ، و التي بدورها تؤدي إلى ضعف الإنتاج ، و من ثمّ ضمور المحضن !

الذي قتل كثيراً من المحاضن ، و أدى إلى استشراء المشاكل فيها ، هو إحسانُ الظنّ حدّ السذاجة ، حتى إذا انقلبت الأمور ، و بان العوار ، و سقط الفأس على الرأس ، أدركَ الساذجُ – حينها - أنه ساذج .. و لكن بعد فوات الأوان  !

بقيَ أن أشير إلى أن بعض أفراد المحضن من المشرفين و الطلاب ، يهوّلون الأحداث ، و يضخّمون الأمور ، و لَتعرفنّهم بالاحتكاك و المعايشة ، و هؤلاء لا حاجةَ لنا بما يحملونه من إساءةِ ظن !

❁❁

·       لُمعة 13

دخول الشفاعات للكوادر غير المؤهلة - سواء كانت الشفاعةُ لطالبٍ أو مشرف - يؤدي إلى تخلخلٍ في المحضن ، و ضعفٍ في الـمُخرج .

إن العمل الدعوي الذي يرحب بمثل هذه الشفاعات جديرٌ بالضعف ، و ربما جديرٌ بالسقوط ، فمن المهم أن نعي أن البقاء للأفضل ، و لن نرتقي بمحاضننا و طلابنا إلا إذا عملنا بذلك  .

❁❁

·       لُمعة 14

حينما نجتمع كـ مشرفي حلقة ، لاتخاذ قرارٍ معيّن ، أو تنفيذ إجراء معيّن في حقِّ أحد الأفراد من الطلاب ، فلا بد من أمرٍ مهم، وهو أن نضع العاطفة مع الحذاء خارج غرفة الاجتماع ! و أن يبقى معنا شيئان فقط هما : الشرع و العقل !  

لستُ مُبالغاً إن قلتُ إن كثيراً من العيّنات السيئة في المحاضن ، إنما استمرّت في المحضن و أثّرت عليه سلباً بسبب تغلّبِ العاطفة و استحكامها على العقل ، و كثيراً ما طرحتُ رأياً يقضي باستبعاد فلان أو فلان .. و من ثم أذكر المبررات التي تدعوني لاتخاذ هذا القرار ، مع تأييدها ببعض الأخبار و الأحداث ، ثم أجدُ اعتراضاً لا ينهضُ بشرعٍ و لا بعقل . إنما ينهضُ على العاطفة ، و العاطفة تستنهضُ بقيّة العواطف ، مما يجعلُ صوتَ العقلِ ضعيفاً أمام صوتِ العاطفة !

أرجوك أيّها المشرف / المدرّس اللبيب ، إياك أن تطغى عاطفتك على عقلك ، قبل أن تقرر .. أرجوك ارمِ عاطفتك في سلة المهملات ..!

❁❁

·       لُمعة 15

عندما أملكُ في محضني طالباً متميّزاً ، سواءً في حضوره أو تفاعله أو حفظه و ما إلى ذلك ، فهذا شيءٌ يبعثُ في النفس الفرح و السرور .

بيْد أننا بحاجةٍ إلى فقهٍ نستطيع من خلاله أن نفهم و نعرف كيف نتعامل مع مثل هذه العيّنات حين تبدأ في الانحدار ! 

وقفتُ قريباً على حالةٍ لطالبٍ متميّزٍ تغيّرت حاله ، و أصبح ضعيف التفاعل مع مناشط الحلقة .
الأسلوب البدهيُّ المتعارف عليه في التعامل مع أمثاله ممن قلّ عطاؤهم ، يكون بتذكيره بماضيه المشرق ، و كيف أنه كان الأفضل ثم تردّى و تفوّق عليه من لا يستحق .
للأسف هذا هو الأسلوب الذي يتعامل به كثيرٌ من المربين مع مثل هذه الحالة ، و التعامل بمثل هذا مع مثل هذه الحالة ، يجعلُ الطالبَ مُبغضاً لماضيه الزاهي المشرق ، بل أحياناً يودُّ أن لو يمسح ذلك الماضي ، حتى يخفف من حدّةِ اللوم و التثريب ، خصوصاً إذا كثُر اللوم ، و تعددت مصادره .. و قد يؤدي في نهاية الأمر إلى انسحابٍ كامل ، هروباً من الألسنةِ الحداد .
مع مثل هذه الحالات ينبغي أن نزرع في الطالب الثقةَ من جديد ، و أن نبيّن له أنها عثرةٌ كأي عثرة ، و نذكّره بماضيه الجميل من باب تذكيره أنه قادرٌ على العودة إلى ذلك الماضي المشرق كما فعل ذلك أول مرة ! و علينا أن نبتعد عن كثرة اللوم ، سواءً صدر منا ، أو صدر من غيرنا و لنحذّرهم من مغبّة ذلك  ..

هكذا أظن !

❁❁

·       لُمعة 16

قد يقومُ أحدهم ( مشرفاً أو طالباً ) بتضحياتٍ كبيرة ، أو على الأقل .. هو يظنّها و يراها كبيرة ! و مع توالي هذه التضحيات ، لا يجدُّ من يقدّر ذلك ، بل قد يجدُ العكسَ تماماً .. إما بتصرّف معيّن ، أو بكلمةٍ عابرة ، أو بازدراءٍ لا محلّ له في التربية ، مما يولّدُ نفوراً و كُرهاً لا حدّ له .

بالمثال يتضح المقال :

مصعب .. طالبٌ على أعتاب المرحلة الجامعية ، بالتحديد .. في الصف الثالث الثانويّ ، عليه ثلاثة ضغوط :

1.   الأهل

2.   الدراسة

3.   الحلقة

ضحّى بشيء من دراسته ، و أهمل التواصل المطلوب مع أهله ، من أجل الثالثة !
بغضّ النظر عن صحّة هذا التصرف ، إلا أنه ذكر لي أنه تغيّب عن برنامج الأربعاء - الذي لم يعتد التغيّب عنه - من أجل أن يستجمّ خارج المدينة. و بينما هو في الطريق إلى قريته البعيدة ، تلقّى اتصالاً من مشرفه يلومه و بأسلوبٍ قاسٍ على تغيّبه عن البرنامج . مع أنه مواظبٌ على البرنامج و ليس من عادته الغياب ، و هاهو اليوم لا يجد تقديراً لتضحياته ، كان صوته - وهو يشتكي لي - يقطر غضباً ، و يفورُ حنقاً - و لا يُلام -  كان الأولى بهذا المشرفِ - لو كان عاقلاً - أن يكون اتصاله من باب الاطمئنان فقط على صحة مصعب ، دون اللوم و كثرة اللغط و المواربة ، و ازداد عجبي حينما علمتُ أن المشرف يعلم مدى حساسية مصعب ، فأين عقلك أيها المربي الكريم ؟!

أعتقدُ أننا سنخسرُ الكثير .. و السبب .. أننا لا نقدّر جهود الآخرين !

❁❁

·       لُمعة 17

من حقّ الطالب أن ينتقد ، و من حقّ المشرف أن ينتقد ، و من حقّ حارس المسجد أن ينتقد .. فهو حقٌ مكفولٌ للجميع ما دام العمل اجتهاداً بشريا ..

إنما الذي يجب مراعاته هو أسلوب النقد ، يجب أن نعلَم و نُعلِّم غيرنا الأسلوب الأمثل لذلك.

❁❁

·       لُمعة 18

تواصلك أيها المشرف المبارك مع من سبقك في مجال التربية ، يختصر عليك الكثير ، و يجنّبكَ الكثير من العقبات .

من أعضل المشكلات أن نرتجلَ قراراً لا ندري ما نتائجه ، و ليس لنا به سابقُ عهد ، و الأنكى من ذلك أن نلغي شيئاً رأينا ثمرته و فائدته ، بقرارٍ جائرٍ مستبد و غير مدروس  .
يجب علينا أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون ، و من الحرمان و الخذلان أن نكرر الأخطاء ، و لا نستفيد من تجارب السابقين .

و لا أتوقف هنا ..

بل أنتقدُ بلسانٍ لاذعٍ حارق ، كلَّ من خاضَ تجربةً و لم يسطّر آراءه و صواباته و أخطاءه ، لا أريدُ من الشابِّ أن يسطّر ما خاضه في مجلدات ، إنما يكفي أن يجعلها على شكل رؤوس أقلام ، و مَن بعدَه هو المستفيد ، فأين المشمّرون !؟

❁❁

·       لُمعة 19

كثيرٌ من الآراء التربويّة ، مبنيّةٌ على الاجتهاد القائم على التجربة ، و أعتقد أن الآراء المبنيّة على أدلة قطعيّة هي نادرةٌ جداً ، و عندما أقولُ قطعيّة ، فإنني أقصدُ بها ما كان قطعيّ (الدلالة) ، قطعيّ (الثبوت) .

و على هذا ..

فإنني أعتبُ على بعضِ المربّين تمسُّكَهُم الشديد ببعضِ الآراء التربوية ، و التي هي محضُ اجتهادٍ بشريّ ، أحسنُ أحواله أنه سبق تجربته فأثبت نجاحه ، و لم نجرّب آراءً أخرى .. قد تكون أكثر جدوى و نجاحاً من الرأي الأول ! و من المهم إذا أردنا أن ننتقل من رأي ناجحٍ إلى رأي آخر نظنّ نجاحه بشكلٍ أكبر .. ألا ننتقل إليه إلا بعد طول تأمل و نظر و دراسة .. لأن الإكثار من التجربةِ ضياعٌ للوقتِ و هدرٌ للطاقات .

و لستُ أقف عند هذا طويلا ..

 بل أقفُ هنا .. وهو المرامُ و الـمُراد ، وهو أن التمسُّك ببعضِ الآراء التربويّة الاجتهاديّة قد يؤدي إلى نفورِ الطلاّبِ أو نفورِ بعضهم ، أو نفورِ أحدهم ، فما المانعُ أن أتنازل عن هذا الرأي لأجل مصلحة البقاء و الوئام ، شريطةَ أن لا يكونَ التنازلُ هادماً ، فلا أتنازلُ عن قولٍ راجحٍ إلى قولٍ مرجوح بحجّة خلاف علمي و هو في حقيقته خلافٌ مردود غير سائغ و لا مقبول ( سماع الأغاني مثلاً ) ، و لا يكون التنازلُ على حساب الارتقاء الإيمانيّ بالأفراد ( إلغاء المواعظ مُطلقاً كمثال) ، و لا على حسابِ مسخِ هويّةِ الشاب المستقيم ( الحضور للحلقة باللباس الرياضي مثلاً)... و عليه فـ قِس .

و حتى يتّضح مُرادي ، أبعثُ لك هذين المثالين :

المثال الأول : عُمر .. شابٌّ ضعيف الحفظ ، يوبخ نفسه بشدّة في كل مرة يعتب عليه مشرفه ، طلب عمر من مشرفه أن يقلل مقدار حفظه حتى يتسنى له التفوق ، بيْد أن المشرف رفضَ رفضاً قاطعاً ، فـ عُمر مطالبٌ بوجهٍ واحد يوميّاً ، وهذا أقل مقدارٍ يمكن أن يسمعه طالبٌ في حلقة . و أخيراً انسحب عمر حتى يهرب من هذا الجحيم - كما يراه - فخسرنا عمر !

 ما الذي يضير لو نفّذنا له ما يريد و تنازلنا عن رأينا .. خصوصاً إذا كان يتميّز في مجالات أخرى  ؟؟

المثال الثاني : نجدُ طلاّب الحلقة يتذمرون بشكلٍ شديد من رحلةِ الخميس التي تبدأ بعد صلاة الفجر ، و لا تنتهي إلا العاشرة مساءً ، و نلحظُ أن الغياب سمةٌ بارزةٌ في هذا اليوم ، ماذا لو تنازلنا عن هذا الرأي و جعلناها من الضُّحى مثلاً ..؟ أو بعد الظهر مباشرةً إذا لزم الأمر ..؟ ألا تظن أنه سيكون مجدياً أيها الحبيب ..؟

لم تعُد تجدي مع الجيل الجديد : ( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ ) ، فكلُّ جيلٍ له خصائصه  !

❁❁

·       لُمعة 20

إن المكابرة و الإصرار على الخطأ في كلِّ عملٍ دعويٍّ - أيّاً كان نوعه و طريقته - يؤدي إلى إضعافِ العمل الدعويِّ ، و من ثم إلى اغتياله بدمٍ بارد عن سبق إصرار و ترصّد.
إن الاعترافَ بوجودِ الخطأ هو باكورة العلاج ، و لا بد أن نملك الشجاعةَ الكافية لنقول : لقد أخطأنا و لا بد من التصحيح .

و عند الإعراض عن الاعتراف ، و الإصرار على ملازمةِ الخطأ ، و مقارفته مرةً تلوَ الأخرى ، دونما تعقّلٍ و لا توقفٍ و لا ارعواء ، فإنه من الواجب علينا حينها – ما دمنا نملكُ قراراً - .. أن نحجُرَ على السفيه ، حتى لا يتمادى فيُهلكَ من معه

❁❁



·       لُمعة 21

كسر الروتين .. مطلبٌ ضروري حتى تدبَّ الحياة في أوصال محضنك !

نحن مُطالبون بالتجديد في كلِّ شيء .. في سيْرِ البرنامج ، في الطرح المعرفي ، في البرنامج الرياضي ، في جوِّ الحلقةِ من حيث استقطاب عيّنات جديدة .. إلخ !

من المهم أن نفعل ذلك حتى لا يتسلل الملل إلى أفراد الحلقة ، و لا مجال هنا لسرْدِ الأفكار ، فهي كثيرةٌ جداً ، إنما سأشيرُ لبعضها ، و بإمكانك أن تبتكر أفكاراً أخرى ، و بحسب غرابةِ الفكرة و قوتها يكون التفاعل ، و تكون قوة كسر الروتين .. 

من ذلك :

1.أن أغيّر وقت الحلقة من العصر إلى المغرب أو العكس لمدة أسبوع .

2. أن أخصص أحد الأسابيع للحفظ فقط ، أو للمراجعة فقط ، أو لتصحيح التلاوة .
3. أن أجعل رحلة نهاية الأسبوع في يوم الخميس - إن كان المعتاد هو الأربعاء - أو حتى في يوم الجمعة !!

4. أن أجعل البرنامج الرياضي عبارة عن مهرجان يحتوي ألعاباً مختلفة  .

5. أن أجعل أسبوعاً كاملاً يُشرف عليه الطلاب .. سواءً من حيث التسميع في الحلقة ، أو من حيث الترتيب للرحلة .

و ينبغي أن نلجأ لهذه الأفكار عندما نشعر أن الملل بدأ يأخذ مكانه بيننا !
و إذا استطعت - أيها المشرف الحبيب - أن تؤدي فكرةً جديدةً كلّ أسبوع - و إن كانت بسيطة - فلن ينسى لك طلابك هذا الجميل أبدا  !

❁❁

·       لُمعة 22

ربما يحصل أحياناً .. أن يأتيك أحد الطلاب و ينتقد التصرف الفلاني من المشرف أو الطالب الفلاني ، و بعد الفحْص و التدقيق تكتشف أن هذا التصرف صدر بالفعل ممن ذكره الطالب ، الإشكال - فيما أرى - أن نبدأ في التبرير لهذا الخطأ ، و ترتفع أسهم التبرير حينما يكون الخطأ صادراً من المشرف رغبةً منا في حفظ مكانته عند الطلاب، و ما أشنع الأمر حينما يكون التبرير تبريراً غير مستساغ .

لا أجد تعارضاً بين الاعتراف بالخطأ و بين حفظ مكانة المشرف أو الطالب ، فالاعتراف به يربّي الطالب على الاعتراف بالخطأ دون تبرير ، و يعزز ثقة الطالب بنفسه إذ أدرك خطأ هذا التصرّف ووافقه على ذلك مشرفه ، بل و يعمّق العلاقة بين المشرفِ و الطالب ، فإذا كنتَ في كل مرة ستبرر خطأ صاحبك المشرف عند الطالب الـمُنتقِد ، فلن يأتيك الطالب مستقبلاً لينتقد ، لأنه يعرف الجواب مُسبقاً .. و هذه خسارةٌ عظيمة لو كنتَ تعلم  !

و موافقتك للطالبِ على خطأ هذا المشرف ، لا يعني انتقاص المشرف و لا الحطَّ من مكانته ، و لا تلازم في ذلك !

و لا مانع من نقدِ التصرف و الخطأ الذي ظهر به المشرف ، مع مطالبةِ الطالب بإحسان الظن ، فكأننا نقول : التصرف خطأ ، لكن ربما له عذر .

مثال : الطالب سعد مع المشرف محمد في سيارة واحدة ، محمد تجاوز الإشارة الحمراء (بمبرر أو بدونه ) ، اتجه سعد للمشرف الكبير خالد ، و أخبره بما صدر من محمد على سبيل الانتقاد ، على المشرف خالد أن يقول بكلّ شجاعة : لقد أخطأ محمد ، و لا أعلم .. ربما كان له عذرٌ لا نعلمه !

و الله أدركتُ بعضهم يقلبُ الخطأ صواباً إمعاناً في التبرير !!!

❁❁

·       لُمعة 23

لستَ تتعاملُ مع جِدارٍ لا يملك أحاسيس و لا مشاعر ! إنك تتعامل مع نفسيّات مختلفة ، و نفوسٍ متفاوتة . فإذا علمتَ ذلك ، فإياك أن تتعامل مع الطلاب و مع الوقائع بطريقةٍ واحدة ، فإن الهدي النبويّ حثّنا - باستقراء الوقائع - أن نراعي نفسيّات الجميع و أن نضع في حسباننا الظروفَ المحيطة بالواقعة ، فنتعامل مع كلّ فردٍ بما يناسبه ، و مع كلّ حدثٍ بما يلائمه ، فقد جاء في الحديث عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه و سلم - قال : ( لا تديموا إلى المجذومين النظر ) رواه أحمد . و هذا فيه فقهٌ عظيم في مراعاة النفوس ، من واجبنا أن نجعله نبراساً لنا في ذلك ، و المجذوم هو صاحب المرض أو العاهة ، فنهى النبي - صلى الله عليه و سلم - عن إدامة النظر إليه مراعاةً لنفسيّته !

فاعلم – و مثلك يعلم – أن من بين طلابك من هو جافي الطبع و من هو مرهفُ الحسّ .. فلا يستقيم في العقول السليمة أن تحتويهم بطريقةٍ واحدة !

و اعلم – و مثلك يعلم – أن الخطأ حين يقع من مُحسنٍ فإنه لا يحسن بك أن تعالجه بالطريقةِ التي تعالج بها خطأ المعاند الذي يُصِرُّ على الخطأ !

❁❁

·       لُمعة 24

المجاملة .. انتحارٌ بلا سلاح ، و مشنقةٌ بلا حبل !

إنني أوجّه حديثي هنا إلى كلِّ مشرفٍ و طالب ، إيّاك أن تُحمِّلَ نفسك ما لا تحتمل مجاملةً لغيرك .
أنتَ أيُّها الطالب .. عندما يطلب منك مشرفك عملاً ما ، أو مهمةً ما .. و تجد في تلبية الطلب مشقّةً متحققة ، فإنني أحذّرك أن توافق على ذلك من باب مجاملة مشرفك الكريم ، إنما بيّن له صعوبةَ هذا الأمر ، و أنك لا تطيق ذلك ، مع بيان الأسباب إن تيسّر ذلك .
و أنت أيُّها المشرف .. إياك أن تُلزمَ الطالبَ بما فيه مشقةٌ عليه ، و عندما يعتذر .. فإياك و الإلحاح عليه ، إنما تفهّم هذا الاعتذار ، خصوصاً عندما يشرح لك الأسباب ، و يبيّن لك المبررات !
و من المهم أن أؤكد على كلِّ طالبٍ و مشرف ، أن يُصارِح كلٌ منهما الآخر فيما يسوؤه من الطرف المقابل ، و هذا أدعى لدوام الودّ و الأُنس بين الجميع .

 فإن كان الطالب حُسام ، يتضايق من سلاطةِ لسان المشرف سالم ، فليبيّن حُسام لـ سالم أنه يتضايق من لسان سالم ، و على سالم أن يتفهّم مثل هذا ، و أن يلْزمَ إذ عرف .
و عليّ أن أذكّر أن المجاملة تقلل من الإنتاج ، و تُضعفُ العلاقة ، و ربما تؤدي إلى الانسحاب  .

❁❁

·       لمعة 25

إذا كُنتَ ممن يسمعُ من الطلاب حفظهم ، فإني أوصيك أن تجعل في جانبك - قريباً منك - مجموعةً من التفاسير الميسّرة ، التي يسهل قراءتها و استيعابها ، و فوراً .. عندما يمرُّ الطالبُ بآيةٍ قد يعسر فهمها ، فاطلب من الطالبِ أن يفسّرها على فهمه ، ثم بعد انتهائه من التسميع ، اطلب منه أن يبحث عن معناها في التفاسير المخصصة لحلقتك ، و من ثمّ دعه يفسّرها لك على ما قرأ في التفسير..

واجبٌ علينا أن نربّي الطلاب على تدبّر القرآن ، و على تثويره في الأذهان ، و من ثم نأمرهم بالرجوعِ إلى التفاسير الموثوقةِ ليستنيروا بكلام أهل العلم ، و سيجدون في ذلك متعةً شديدة - من واقع تجربة - !

 من المؤسف و الله أن تمر علينا كثيرٌ من المعاني و التصويرات في القرآن و لا نفهمها كما يجب !!
و من الواجب عليّ أن أقترح عليك بعض التفاسير التي أظنها مناسبةً للطلاب ، و هي :

1.   تفسير السعدي .

2.   المعين على تدبر الكتاب المبين لمجد مكي .

3.   مختصر تفسير البغوي .

4.    المصباح المنير للمباركفوري ( تهذيب تفسير ابن كثير ) .

5.    زبدة التفسير للأشقر ( تهذيب تفسير الشوكاني) .

❁❁

·       لمعة 26

وجود طالبيْن من طلاّب محضنك على نفورٍ في العلاقة ، يعني أن حالةً من الشلليّة المقيتة ، و التحزّب الـمُريع ، ستطفو قريباً على السطح ، و حتى لا نسقط في هذا المستنقع المخيف ، و الوحل الكدِر ، فلا بدّ أن نئِدَ هذه الشلليّة قبل أن تولد ، و ذلك بالإصلاحِ بين الطرفين. و مع مشقّة هذه المهمة و صعوبتها ، إلا أن لها لذّةً لا يُدركها إلا من خاضَ غمارها ، خصوصاً عندما تتكلل بالنجاح .

 و علينا أن نتعامل مع هذا الإصلاحِ بذكاءٍ حادّ ، فالإصلاح مهمةٌ ليستْ بالسهلة على الإطلاق ، و كلُّ شخصٍ له مفاتيح ، يمكننا من خلالها أن نصل إلى قلبه ..

و عندما يستغلق الأمر ، و يصعب الإصلاح ، فعلينا أن نترقب بحذر أي حالة تحزّب .. فإذا بدأت في الظهور ، فلا مناصَ من قطْفِ رأس المُفسِد ، و استبعاده من المحضن لئلا يتطوّر الأمر ، فإن من أشدِّ الأمورِ فتكاً في المحاضن هي تلك التحزّباتِ .

❁❁

·       لمعة 27

من أصعب الأمورِ معالجةً في المحاضن التربويّة ، هي تلك الحساسية المفرطة بين الأقران ، و التي ربما تطورتْ إلى أمورٍ لا تُحمَد !

 أخي المشرف المبارك ، من أعظم واجباتك .. أن تقوم بترشيد التنافسِ بين الأقران ، بمعنى أن تقوم بتخفيفِ حدّته و من ثم تُحسِنُ توجيهه ، و من العته التربويّ أن تقوم بتغذيته و تنميته !
إن الأقران .. خصوصاً مَن يتميّزون في مجالٍ واحد ، هم في الحقيقةِ يُشعلِون ناراً .. تتأجج كلما ازدادت حدّةُ المنافسة ، وسوف يزداد أوارها عندما يأكل الحسدُ قلب أحد الأقران ، و ذلك عندما يتميّز أحدهما على الآخر ، فينقلبُ الأمر برمّته من منافسةٍ عفيفةٍ شريفة ، إلى حسدٍ و بغضٍ و كرهٍ و تأجيجٍ للأضغان و ترويجٍ للشائعات ، و يكون المحضن حينها أرضاً خصبةً للكذب و الافتراءات و كيْل التهم !

فاحذر أيها الحبيب .. أن تكون مِحضباً يُسعّر هذه النار ، فتخسر أحد الأطراف ثم تندم . إنما عليك بتوجيههم و نصحهم ، و إذا لزِم الأمر أن تُلغي مجال التنافس فافعل ، فمصلحةُ نقاء القلوب و سلامتها ، أولى من مصلحةِ التنافس .

 أخي الحبيب .. إن الشيطان قريبٌ من الأقران  !

❁❁

·       لمعة 28

فترة الاختبارات من أخطر الأوقات التي يمرّ بها الشابّ في رأي التربويين ، و المطلوب من المربين أن يكثّفوا الجُرعة ، و أن يتواصلوا مع المتربين بشكلٍ أكبر ، و ذلك بتوجيههم و تحذيرهم و زرع الثقة فيهم ، و قد تعمدُ بعض المحاضن إلى إقامةِ برنامجٍ صباحيٍّ يوميّ ، الهدفُ منه هو الحِفاظُ على الطالب ، و أنا في الحقيقة متوقفٌ في هذا ، فهل الأسلم و الأصح أن أقوم باحتواء الطالب في كلّ مناسبة ..؟ أو الأسلم أن يتعود الطالب على التكيّف مع أكبر عدد ممكن من الحالات ..؟

أعتقد أن الثانية أسلم و أصح ، و لا تثريب .. فالمسألة اجتهادية !

❁❁

·       لمعة 29

طريق التربية .. طريقٌ طويل ، يحتاجُ إلى صبرٍ و مصابرة ، و جدٍّ و مثابرة ، لأن التربية مفازة .. تحتاج في قطعها إلى زادٍ و راحلة ، و لن تسلم من اللصوصِ و قُطّاع الطريق ، الذين يرسمون لك العقبات ، و يمعنون في إعاقتك عن أهدافك و غاياتك !

فـ متى ما شعرتَ بـ رغبتهم العارمة في اختطاف مشروعك التربوي ، فكُن لهم بالمرصاد ، و أعمِل فيه حدّ الحرابة ، و قطّع أيديهم و أرجلهم من خلاف ، و إلا تكن قادراً على ذلك .. فاجعلهم خلفَ ظهرك ، و أسرِع في مُضيّكَ إلى هدفك ، فإن صدقتَ مع الله ، فلن يدركوك .. و الله لن يدركوك !

❁❁

·       لمعة 30

يدُ الـمُشرفِ على من تحته هي يدُ أمانة ، يضمنها عند الله إذا أتلفها ، فليسعَ لطلابه بما هو أصلحُ لهم ، و يُفرِغُ جهده في تحقيق ذلك !

و عليه .. فإن بعض الطلاب قد يجدون نفوراً شديداً من المحضن ، ربما لسببٍ غير ظاهر ، و هذا النفور يتولد منه ضعف ، ضعفٌ في مستوى الطالب ، و في دينه ، و في تعاملاته ، فإذا سعى المربي إلى إصلاحه و لم يرَ أثراً لسعيه ، فلا يتردد في نقله إلى بيئة أخرى و محضن آخر - على ألا تكون ذات الطالب سيئة - فربما كان الخلل في بيئة محضنه ..!

❁❁

·       لمعة 31

من العدلِ ألا تساوي !

 كيف يستقيم في بدائه أولي الألباب ، أن أسوّي في العطاء المعرفي ، و التغذية العلميّة و الفكرية ، بين شابٍّ ذا نهمٍ شديدٍ ، و إقبالٍ عديم النظير ، و بين شابٍّ باردٍ فاترٍ ضعيفٍ متبلّد ..!!؟

و كيف يستقيمُ في بدائهِ أولي الألباب ، أن أسوّي في تنمية المهارات و القدرات ، بين شابٍّ فَطِنٍ نبيـِهٍ متحفّزٍ مستوفز ، و بين شابٍّ قعيدٍ مُعرضٍ مستنكف ..؟

و كيف يستقيمُ في بدائه أولي الألباب ، أن أسوّي في التماس العُذر و إقالة العثرة ، بين شابٍّ مُحسن لا يُعرفُ بالزلات و العثرات ، و بين شابٍّ يُدمِنُ الأخطاء و يسلك سبيل الشقاوة و الإجرام ..؟

لا عدلَ حينها في هذه المساواة الجائرة ، التي تُميتُ الهمم ، و تحيي رميم الهموم !
و هل أصابَ الطاقات و الكفاءات في مقتلٍ إلا هذا الورع البارد المغشوش ، و هل أخمد جذوة الحماس و نار التميّز إلا هذا العدل الموهوم المزيّف ..؟!

شتّان أيُّها المربي .. شتّان بين العدل و بين المساواة ..

❁❁

·       لمعة 32

بين الـمُشرف الذي يحملُ همًّا ورسالة ، و يؤدي هذه المسؤولية على الوجه الأكمل ، و المشرفِ الذي يرى أن مهمة الإشراف أشبه بالوظيفةِ التي تُثقل الكاهل ، و تنوء بالجسد ، إذ يتأفف منها و يتضجر كلّ حين ، ضارباً بمعاني الاحتساب - التي يحثُّ طلابه عليها - عرض الحائط ..

أقول .. بين هذين الـمُشرفيْن بُعد المشرقيْن !! سواءً من حيث الـمُخرجات و النتائج ، أو المآلات و الآثار ، أو حتى الحالة النفسية حين أداء المهمة ، بل يصلُ الفرقُ إلى الذكر الطيب و الثناء الحسن من قِبل المتربين ! فلا يستوي عندهم من يُحرقُ نفسه من أجلهم عن رضا و قناعةٍ و محبةٍ و اختيار ، و مَن يُقابلهم بمنّةٍ خفيّة ، لا يُرجى من ورائها إلا الحنظل الـمُرّ  !

❁❁

·       لمعة 33

المصداقية في الطرح ، تزيدُ من قوّة الآصرة ، و تُسهِمُ في بناء الثقةِ بشكلٍ سليم و قويّ بين المشرف و الطالب !

أما التهويل و إظهار الأمور على غير حقيقتها ، فإنه يصيب الطالب بإحباطٍ شديد ، و يولّدُ في داخله نفورا، يزداد كلما انعدمت المصداقية .

أعني بذلك .. التأكيد على أهمّية الوضوح بين الطالب و المشرف في طرحِ البرامج ، و الدعايةِ لها ، و إنزال البرنامجِ منزله الحقيقي !

فليس من الحكمة أن أعلن عن البرنامج و كأنه برنامج التاريخ الذي لن يتكرر ، أو أعلن عن الرحلة و كأنها فريدة عصرها ، و يتيمة دهرها ! 

سموّ الهدف ، و نبل الغاية ، الذي يحرك الأحبة المشرفين لعمل ذلك ، لا يسوّغ لهم هذا العمل ، فليسَ هذا هو الأسلوب الأمثل لجذب الطلاّبِ و تحفيزهم للحضور .

اجعل الإعلان عن البرنامج أو الرحلة ، يتوافق مع الحقيقة ، و ذلك حتى لا تخسر طلابك مستقبلاً ، فإن هُم رأوا خِلاف الواقع مرةً ثم مرتين ، فلا أظنهم سيصدقون في المرة الثالثة .

❁❁

·       لمعة 34

أدعوك أيُّها المُشرف المبارك .. إلى أن تئد النعرات الإقليميّة (المناطقية) في مهدها ، فالتعامل البطيء مع مثل هذه الأمور يؤدي إلى نتائج وخيمة !

 و من باب أولى .. أدعوك إلى ألا تكون وقوداً يُشعلُ نار هذه النعرات ، فأنت - و هذا هو الظن بك - ذو مدارك واسعة ، و عقلٍ راجح ، فلا ينبغي لمثلك أن ينزلق في هذا الوحل .
بالتأكيد .. لستُ أدعو إلى تجنب هذه النعرات فقط ، بل ينسحب كلامي على جميع النعرات ، القبلية .. و الإقليمية .. بل حتى بعض النعرات الخفية التي تؤدي إلى انقسام المتربين إلى فِرقٍ و أحزابٍ متناحرة ، كتأييد الحزب الفلاني للقارئ الفلاني ، و تأييد الحزب الآخر للقارئ الآخر ! أو تأييد بعض أعضاء السيارة للمطعم الفلاني لتناول وجبة العشاء منه ، بينما البعض الآخر يريد المطعم الآخر !

قد تعجبُ أيُّها الكريم من هذا الطرح !

لكن الأشد عجباً و حيرة .. هو تنافر القلوب من أجل أمرٍ لا يستحق .

 فاقطع دابر الشيطان ، حتى لا تكون فتنة !

❁❁

·       لمعة 35

قد تصادفُ - أيها المربي - في الميدان التربوي علاقةً بين اثنين من المربين ( المربين) ليست على ما يُرام ، إما لسوء فهم ، أو لمواقف شخصية ، أو غير ذلك .. فإذا علمتَ ذلك .. فإنني أحذرك من أن تحشرَ أنفك في هذه المشكلات ، فتتحيّز لشخصٍ دون الآخر ، فتأخذ علاقتك مع الطرف الآخر مسارَ البغض و الغل ، بسبب أمرٍ لا علاقة لك به .. لا من قريب و لا من بعيد ، و هذا لا يعود عليك و لا على محضنك بالخير !

 و ربما قام أحد الطرفين بتحريضك على الطرف الآخر ، و تهييج موقفك تجاهه ، و ذلك بسرد الوقائع و الأحداث ، التي ربما كانت صحيحة ، و ربما كانت نوعاً من الافتراء و البهتان ، و في كل الحالات .. إياك أن تسقط في هذا الوحل البغيض ، إنما حيّد نفسك دائماً ، و كن بعيداً عن مشكلاتهم ، حتى لا تخسر طرفاً من الأطراف ..

و لا أرضى لك الدخول في دوامة مشكلاتهم إلا بما ارتضاه لك الشرع المطهر ، و هو الدخول من أجل الإصلاح ، و من أجل الإصلاح فقط – إن استطعت -  !!

❁❁

·       لمعة 36

قد ترى في بعض الأمور أنها أمورٌ سلبية ، لكنها في الحقيقة تحملُ الكثير من الجوانب الإيجابية دون أن تشعر ، من ذلك ( مثال ليس مقصوداً بعينه .. إنما عليه فـ قِس) .. لربما طلب منك تلميذك أن توقظه باتصالٍ لصلاةِ الفجر لأنه وحيدٌ في البيت و أهله مسافرون ، و كان قد اعتاد أن يوقظه والده أو والدته .. فلما شقّ الفجر أنواره ، كان النوم أقوى من كلِّ شيء ، فلم تستطع الاستيقاظ ، و بالتالي لم توقظ صاحبك .

ستصابُ بالإحباط عندما تستيقظ لاحقاً لأمور : 

1.أنك لم تؤد الصلاة في وقتها .

2. أنك لم توقظ صاحبك الذي اعتمد عليك .

3. أنك ربما خفتَ أن ينظر إليك تلميذك نظرةً خلاف الذي يظنُّ فيك ، فتسقط من عينه بعد أن كنتَ حبيسها ..

ما أقصده في الحقيقة هو ما يتعلق بالنقطة الثالثة ، من الجيّد أن يفقه الطالبُ أنك بشرٌ تصيبُ و تخطئ، تسعى و تكبو ، تمشي و تتعثر ، و هذا نستفيد منه عدة فوائد ، أظهرها :
أ.زوال النظرة الملائكية التي ينظرها كثيرٌ من الطلابِ في مشرفيهم ، و ما أكثر ما جنت هذه النظرة على مسيرة الدعوة ، خصوصاً عندما يعزز المشرف هذه النظرة بتبرير الأخطاء بكل شكلٍ ممكن أو غير ممكن .

ب.أن يعي الطالب أن الخطأ لا يعني نهاية الطريق ، فلا يتهم نفسه بالنفاق لأن سلوكه في خارج الحلقة - أحيانا- يخالف سلوكه داخلها ، فهذا مشرفه أخطأ ، و مع ذلك لا يزال يبذل نفسه في التوجيه و النصح و التقويم ، فيدرك أن العطاء في مجالات الخير ممكنٌ ولو مع وجود الأخطاء و العثرات ، و هذا مما نفتقده .

❁❁

·       لمعة 37

اسعَ إلى إنهاء علاقة المحضن مع أيِّ فردٍ من أفراد المحضن بأقلّ الخسائر الممكنة !

أعني .. إن عزمتَ على استبعاد طالبٍ ما من المحضن الذي تديره فلا تستخدم معه سياسةَ التشّفي و الانتقام ، بل على العكسِ تماماً .. أبعدهُ بطريقةٍ تجعله لا يفكّرُ في الانتقام !

كثيرٌ ممن أشرعَ سهامه و سلّ سيفه تجاه الحلقات و الأنشطة الشبابية ، هم في الحقيقة نتاجُ سياسةٍ سيئةٍ في التعامل معهم ! سواءً لحظة وجودهم في الحلقة ، أو حين أُبعِدوا عنها !

جميلٌ جداً .. أن نجعل من فترة مكوثه و بقائه في المكتبة .. ذكرى جميلةً له ! و من يدري ..؟ لربما عاد نادماً يوما ما !

❁❁

·       لمعة 38

خبَرتُ أناساً – من المربين – يرفضون عودةَ الطالبِ إلى المحضن بعد أن يُستبعدَ منه ، حتى ولو أبدى توبةً و ندما ! فالأمر عندهم سواء ! سبحان الله !! من ارتدّ عن دينه ثم أراد العودة فمن يمنعُه ..؟ لا أحد ! أليسَ هذا في حق الآبق من المحاضن أولى ..؟؟!

يزعمون أن السماحَ بمثل هذا يجعلُ نظام الحلقةِ ينفلت ! فكلُّ من شاء خرج ثم عاد مرةً أخرى لابساً ثياب الندم ! ما أحسَنَ هذا – و الله – إن حصل ! يخرج الطالب هائماً على وجهه يبحثُ عن سعادته ، حتى إذا بلغ الجهد منه مبلغه ، عاد إلى منازله الأُلى و كأنه يقول : ليس لي سواكم ، و في هذا تزكيةٌ عظيمةٌ لك و لمحضنك إن كنت لا تعلم ! بل المؤلم أن يتركك ثم لا يفكر في الأوبةِ إليك ، حينها .. حبذا أن تراجع نفسك .

❁❁

·       لمعة 39

اختلاف الآراء ، و التصادم في وجهات النظر ، و تباعد القلوب ، و تناكر الأرواح ، لا يلغي التعاون من أجل الارتقاء بالمحضن .

حينما تسمعُ رأياً ما ، أو تتلقى اقتراحاً ما .. فلا تنظرْ إلى من تفوّه به ! إنما انظر في مدى جدواه أيًّا كان قائله ، فإن رأيتَ فيه خيراً لمحضنك فلا تتقاعس و لا تتردد في تطبيقه .

❁❁

·       لمعة 40

مسؤول الحلقة (الرجل الأول فيها ) بحاجةٍ إلى سعة البال ، و هدوء النفس ، و امتصاصِ الصّدمات أكثر من غيره .

المسؤولُ بحاجةٍ إلى فقهٍ عظيم في فهم النفسيات و التعامل معها ، و في اتخاذ القرارات و تطبيقها ، و لا نجاةَ له مع التسرّع و الارتجال و كثرةِ التأفف و التضجر .

المسؤول بحاجةٍ إلى تواصلٍ مِن طرازٍ "فخم" مع الجميع دون استثناء ، حتى مع العدوّ ! فالقدوة قدوةٌ حتى مع أعدائه .

❁❁

·       لمعة 41

يُخطئ بعضُ الشباب فيدخلُ المسجد و يسلّم على أصحابه قبل أداء تحيّة المسجد ، و الصوابُ أن يبدأ بتحيّة المسجد ثم يسلّم على أصحابه ، لأن حقّ الله مقدّمٌ هُنا .
قرره ابن القيّم - رحمه الله - في زاد المعاد .

❁❁

·       لمعة 42

اجعل لمنشطك / محضنك بصمةً واضحةً في كلِّ شيء ، في المشرفين ، في الطلاّب ، في أهالي الطلاب ، في المسجد ، في إمام المسجد ، في حارس المسجد ، في جماعة المسجد ، في أهل الحيّ ، في كلِّ ما تستطيع .

أرجو أن تحقق صدقاً حقيقة المنشط المبارك .

 أرجوك اجعل محضنك قطعةً من الجنّة  !!

❁❁

·       لمعة 43

يعتري بعضَ المربين / المشرفين / المدرسين قصورٌ في جانبٍ ما ( صلاة الفجر مثلاً) فيجدُ أحدهم حَرَجاً في توجيه طلابه إلى الحفاظ عليها ، و هذا خطأ شرعيّ و تربويّ .. إذ الواجب أن يحثّهم على الحفاظ عليها ، و في نفسِ الوقتِ يجاهدُ نفسَهُ على الالتزام بذلك !

❁❁



·       لمعة 44

ينالُ بعضُ المشرفين / الأساتذة حظوةً و منزلةً عند طلاّبه ؛ لأنه أعطاهُم كُلَّهُ فأعطوه بعضهم ! أعطاهم نفسَهُ و وقتَهُ و مالَهُ و ضحّى لهم بكلِّ ما يستطيع فحقّقَ عندهم هذه المكانة .
بينما واقعُ بعضِ المُشرفين يقول : سأعطيكم البَعضَ و أعطوني الكُلَّ !!

و هذا لا يستقيم أبداً في سُننِ الله .. فارعَ هذا جيداً يا صاحِ .

❁❁

·       لمعة 45

بعضُ الأحبّة المشرفين .. ربما يرى أن في تلبيةِ رَغَباتِ الطالبِ ترَفاً تربويّاً لا فائدةَ تُرجى مِن ورائه ، و ربما رأى أن في التضييق عليه تربيةً له على الشدائد !

يا رجُل .. لقد أخطأت و بالغتَ في الخطأ  !!

فإذا كان النبي الأكرم - عليه الصلاة و السلام - يلبّي الرغَبَات من أجلِ استمالةِ القلوبِ أفلا نلبّي الرَغَباتِ من أجلِ دوام المودة ..؟!

لبِّ الرَغَبات ما دامت لا تتعارض مع شرعٍ أو تربية معارضةً حقيقيةً واضحة .

❁❁

·       لمعة 46

الحرصُ على التنويع في انتقاء عناصر التشكيلةِ الإشرافية يُثري الحلقةَ بشكلٍ قويّ و فعال ، و يُسهمُ في دفع عجلةِ التربيةِ إلى الأمام بكلِّ قوّة ، فلا يستقيمُ أن يكون كلُّ المشرفينَ من المهتمين بالعلم الشرعيّ ، و لا يستقيمُ أن يكونوا كلُّهم من أهل النكتة و الطرفة و الفكاهة ، و لا يستقيمُ أن يكونوا كلُّهم من أهل الجفاء و الرسميّةِ الرتيبة ، و لا يستقيمُ أن يكونوا كلُّهم من العناصرِ التي تتميّزُ في إقامةِ العلاقات .

فلا بد من وجود عمليّة تكامليةِ بين المشرفين ، و لا حاجةَ لنا في اختطافِ الأدوار و الشخصيات ، حتى لا تكون فتنة  !

❁❁

·       لمعة 47

حُسْنُ التواصل مع أفراد المحضن يُغطّي الكثير من العيوب التي يقع فيها مشرفو المحضن .
كنتُ - و ما زلت - أقول : إن الطالبَ على استعدادٍ أن يداوم على الحضور ولو مع ضعف البرنامج ما دام يجد معاملةً حسنة و تواصلاً رفيعاً يُشعره بنفاسةِ قيمته ، و هو أيضاً على استعداد أن يرابط في بيته ما دام يجدُ جفاءً و غلظةً ولو كان البرنامجُ المطروحُ قويّاً ، فالنفسُ لها كرامةٌ لا تقبلُ المساس بها !

فمن جمع بين الحُسنيين فليبشر .

و من جَمَع بين السوءتيْن فلا يلومنّ إلا نفسه .

❁❁

·       لمعة 48

وجود الأفكار الجديدة يُضفي على جوّ الحلقة مزيداً من المُتعة ، و يطرد السآمة و الملل من نفوس الطلاب ، مشكلةُ بعضِ الحلقات أنها تقوم بجمع الأفكار قبل انطلاقة العام ثم تطرحها مرّة واحدة مع بدايةِ العام .. فلا يمضي شيءٌ من الفصل الأول إلا وقد اعتادها الطلاب و ألِفوها و صارت شيئاً من الروتين المملّ !

اجعل في جعبتك العديد من الأفكار ، و استهلكها واحدةً واحدة ، فإذا مضت فكرةٌ و خمدَ بريقُها ، فأطلق الفكرة الثانية .. فإذا مضت مدتها فابدأ بالثالثة و هكذا ..
و عندما أقول (فكرة جديدة) فافهم أني لا أعني أن تكون الفكرة في مجال معيّن ، كلا .. إنما أطلق لجنونك العنان !!

❁❁

·       لمعة 49

على الطالب أن يعي أنه يتعاملُ مع أناسٍ (مشرفين) بالكادِ يجدون متّسعاً من الوقت يستطيعون من خلاله أن يقدموا شيئاً ما ..

فهم تائهون ما بين الجامعة / الدوام ، و الأهل ، و الحلقة ! فمثلُ هذا معذورٌ إن تجاوز أو أخطأ أو عَثَر ، فلنوسّع دائرة العذر يا أحبتي .

❁❁

·       لمعة 50

من أكثر ما يدفع بعض العاملين في المجال التربوي إلى الانسحاب هو تكليفهم فوق طاقتهم من قبل المسؤول و عدم اعتباره لمشاغلهم الأخرى ..

 قد يتحمل المربي ذلك لفترة احتسابا للأجر ، و لكن مع كثرة الضغط ينتهي به الأمر إلى أن ينسحب من العمل تماما فيخسره عمله ، و يخسر هو صحبته الطيّبة ..!! [ محمد السبيعي ] *بتصرف بسيط

❁❁

·       لمعة 51

ربما أعطى الله أحد المشرفين قبولاً عند الطلاب ، و هذا فضل الله يؤتيه من يشاء ، لكن .. ليعلم أن المسؤولية - حينها - تتضاعف عليه ، فما دام القبول له أكبر .. فهذا يعني أن التوجيه و النصح لا بد أن يكون مِن قِبَلِه أكثر و أكثر ، و عليْهِ ألا يجعل هذه الفرصةَ تفوتُ فيتحسّر ، بل عليه أن يستثمرها بشكلٍ جيّد ، فيعِظ و ينصح و يوجّه ..
و بقدرِ القبولِ .. لا بدّ أن يكونَ الأثر ! فـ عِ و افهم  !

❁❁

·       لمعة 52

بعض القضايا نُعطيها أكبر من حجمها فتُصبحُ قضايا كبيرة تُشغِلُ الأذهان، ونُنفقُ في علاجها وقتاً لا تستحقه ،ولو تغاضينا عنها وحققنا معها حقيقة التغافل ،أو على الأقل أعطيناها حجمها الحقيقي لكان ذلك علاجاً ناجعاً /ناجحاً لها!

"الطلعات الجانبية بين الأفراد -التشجيع الرياضي -بعض حالات الضعف في التسميع -التركيز بشكلٍ كبير على الشكليات و المظاهر.."

التعاملُ معها على أنها موبقاتٌ مهلكاتٌ يُحدثُ فجوة بين المشرف و الطالب ،وكلامي لا يتعارض مع التوجيه والنصح دون إلحاح و تشنّج وإصرار !

❁❁

·       لمعة 53

إذا ابتُليتَ بطالبٍ مُرهَف الحسّ "حسّاس" فـ داره ، و لا تُظهِر التأفف و الضّجَر ، فلن تستفيدَ شيئاً ! و حاول أن تتجنب ما يُحرِقُ أحاسيسه ! فلن تجني شيئاً مفيداً و الله .
يا للأسف.. البعضُ يعمدُ إلى تأجيج مشاعر هذا الـمُبتلى المسكين من أجلِ لذّةٍ لن تطول !

❁❁

·       لمعة 54

كما أن شجر التفاح قد لا يُزهِرُ في كلّ مكان .. فكذا الطالب !

أخي المشرف .. إن لم يُزهِر الطالبُ في بيئتك .. فابحث له عن بيئةٍ يُزهِرُ فيها و يُثمِر .
ليس المهم من يُصلِحُه .. إنما المهم أن يَصلُحَ و يُصلِح  ..!

❁❁

·       لمعة 55

الدهاء التربوي هو أن تقدِّم الحلول بأقل الآلام ..

هو أن تقدِّم الحلول بأقلِّ الأعراض ..

هو أن تقدِّم الحلول بأقل الخسائر الممكنة ..

الدهاء التربوي هو أن تمتلك المفاتيح التي تؤدي من خلالها التوجيه و المناصحة ..

هو أن تضع جنبك على الفراش و أنت تردد .. يا رب العون العون .. 

هو أن ترحل من ميدان العملِ دون أن تتركَ أثراً لأي شظايا ..

❁❁

·       لمعة 56

لو تصافت القلوب ،لاستطاع كلٌّ منّا أن يُحسنَ الظن بالآخر ،و لَتجاوزنا الكثير من المشكلات ،و لَانتهينا عن تفسير كثيرٍ من الأمورِ تفسيراً لا يليقُ بالعدوّ فضلاً عن الصديق!
وحدَهَا سلامةُ القلوب تنقلنا إلى مدارج الكمال ،و تجعلنا ننظر للنقدِ على أنهُ تشخيص طبيب ، و ننظرُ إلى النصيحةِ و التوجيه على أنها دواءٌ فيهِ الشفاء!

اغسلوا القلوب يا سادة.. فإنني أعيذكم بالله أن تكونوا ممن يتذكر لحظاته مع الحلقةِ و "الشباب" فيقول :" لقد لقينا من سفرنا هذا نَصَبَا"

❁❁

·       لمعة 57

طالبُ المرحلة الثانوية إنسانٌ مراهق !

 يبحثُ عن وسيلةٍ يُثبتُ بها رجولته ، فبادر أنت قبل أن يختار – هو - الوسيلة الخاطئة في إثباتها ، قُم بإثباتها له / فيه عن طريق تعزيز ثقتك به ، و تكليفك له بالمهماتِ التي يرى فيها إشباعاً لغريزته ! و بعد أن ينجز المهمة بنجاح ، أكثر من الثناء عليه و بيّن له كيف أنه كان أهلاً للمهمة بحق ..

 ❁❁

·       لمعة 58

طالب المرحلة المتوسطة كالماء ، تُشكّلهُ في أيّ قالبٍ تشاء !

فاتق الله فيه !!

❁❁

·       لمعة 59

لا تلتفت إلى نَقَلَةِ الكلام ، و تجّار الأكاذيب ، فالبعضُ يتلذذ بنقلِ الكلام و الزيادةِ عليه ، و لا يرعى لله عهداً و لا ذمّة !

إذا سمعت من أحدهم كلاماً جارحاً ينقله على لسان طرفٍ ثالث ، سواءً كان الكلام من الاتهامات أو كان من البُهتِ المكشوف ، فلا ترهق نفسك و لا تحزن و لا تحملها ما لا تحتمل ، إنما ضع في حسبانك أنه كالشياطين التي تسترق السمع ، تسمع الكلام فتنقله و تكذب معه مئة كذبة .

❁❁

·       لمعة 60

لا تعقد الآمال على أحدٍ من طلابك أن يكون ذا شأن (في أي مجالٍ كان) إنما مرّن نفسك على أن تبذل الأسباب مع حُسن الظنّ بالله و النتائج من الله وحده .

قد تُصابُ بإحباطٍ إن عقدت آمالك على أحدهم ثم بانت النتائجُ خلاف المأمول ، و هذا قد يؤدي إلى ضَعفِ بذلك و عطائك .

و كذلك العكس بالعكس ، ربما لا تؤمل على طالبٍ ثم مع مرور الأيام تجدُ فيه ضالتك و بغيتك ، فلا تحقرنّ أحدا ..

❁❁

·       لمعة 61

من الأهداف الأساسية التي من أجلها نُرَبّي ، هي معرفةُ مواهبِ و ميول الطالب ، و من ثم صقلها و تنميتها و توجيهها و ترشيدها ، و من ثم جعلُها وقفاً على هذه الأمّة .. فيخدمها الشاب بمواهبه ، و ينصرها بما أسبغ الله عليه من قُدُرات !

❁❁

·       لمعة 62

طالب المرحلة المتوسطة - في الغالب - يرضيه أيّ شيء ، فلا تُرهق نفسك و لا تكلفها من الجهد شيئاً كبيرا ، إنما دع هذا الأمر لمشرفي المرحلة الثانوية .

من المهم أن يشعر الطالب بشيءٍ مختلف إذا انتقل إلى المرحلة الثانوية . فمن الأخطاء المستعظمة أن تكون برامج المرحلة الثانوية أضعف من برامج المرحلة المتوسطة ، حينها قد يفكّر الطالب جدّياً في الانسحاب

كل ما أريده .. ألا يكون طرحك مع المرحلة المتوسطةِ طرحاً باذخاً و مُبدعاً ، فإنني أخشى أن يكون الطرح في المرحلةِ الثانوية لا يصل إلى مستوى إبداعك ، و هذا يؤثر سلباً على طلابك ، إنما .. احرص - مع المتوسط - على أن تصل إلى الهدف بأقلِّ جهدٍ ممكن ..

و لا أقصدُ إهمال المرحلة المتوسطة ، أبداً أبدا .. بل على العكس أنا أعتقد أن أفضل مرحلة لغرس السلوكيات و القيَم هي المرحلة المتوسطة ، و الذي قصدته هو أن بعض حلقات المتوسط تبذل جهداً مضاعفاً و متميزاً ، فإذا انتقل الطالب إلى حلقة الثانوي و وجد جهداً ضعيفاً أو عادياً لا يرتقي إلى ما كان يراه في حلقته السابقة بدأ الملل يتسرّبُ إليه ، و أخذ يفكّر جديّاً في الانسحاب ، لأنه لا يجد ما يشبع نهمته ، و المفترض أصالةً أن يكون الجهد في الثانوي هو الأقوى لأن دواعي الانسحاب عند طالب الثانوي أقوى من دواعي الانسحاب عند طالب المتوسط ، فالواجب علينا حينذاك أن نبذل جهداً مضاعفاً في البرامج و في التودد للطلاب و في الإبداع و التغيير و التنويع كي نحتوي الطالب و لا يفكّر في الانسحاب ..

 مثلاً : إذا كان لديّ برنامج ما مع المتوسط ، و لي من خلاله هدفٌ أريد تحقيقه ، و أنا أعلم أن الهدف سيتحقق ببذل 30% من المجهود ، فلماذا أسرف و أبذل 70% من المجهود ..؟

 قد يقول قائل : أنا أملك طاقةً كبيرة . أقول : و ليكن .. ، إن الهدف و المقصد ليس أن تفرّغ طاقتك ، إنما المقصد هو أن لا تتفوق برامج المتوسط على برامج الثانوي فيتذمّر طلابك إذا انتقلوا إلى حلقة الثانوي لضعف البرامج ..

قد يقول قائل : فلماذا لا تضاعف حلقة المتوسط جهدها ، و تضاعف حلقة الثانوي جهدها بشكلٍ أكبر من المتوسط ..؟

أقول : لو كان هذا موجوداً في الواقع لما كانت الخاطرة ، لكن الواقع يخبرنا أن هذا الأمر لا يتيسر لظرفٍ أو لآخر و هذا مُشاهد ، و مع ذلك أقول لو تيسّر فليكن .. و هل نحن هنا إلا من أجل التميّز و الارتقاء ..؟

قد يقول قائل : كذلك قد يتسرب طالب المتوسط إذا كانت البرامج لا ترتقي لذائقته ؟
أقول : طالب المتوسط أمنيته في الحياة أن يخرج من بيته و يذهب مع أصحابه ، أيّاً كان الأصحاب ، المهم أن يتحرر من قيود البيت ، لذلك - في الغالب- نسبة الغياب عندهم ضئيلة مقارنة بالثانوي ، و هو لا يملك سيارة يرفّه بها عن نفسه – إن تغيّب -كما هو الحال مع طالب المرحلة الثانوية ، كذلك .. لستُ أطالب بإضعاف برامج المتوسط ، إنما غايةُ ما أطلبه أن تكون برامج جيّدة - و لا أقول ضعيفة - يتحقق من خلالها الهدف ، و يكون الإبداع و التميّز فيها بالقدر الذي يمنع تسرّب الطلاب و انسحابهم ، فإذا لاحظنا بوادر للانسحاب ارتقينا ببرامجنا لنمنع هذا الشيء .. بمعنى أن يكون الإبداع حدّ الكفاف ..
ثمّة فائدة أخرى لهذا الأمر ، وهي أن نجعل مساحةً للمشرفين المنشغلين و المضغوطين للعمل في هذا المجال الدعوي ، بعضهم يريد العمل لكن يعتذر بسبب ضغط البرامج و وقته و مشاغله لا تسمح ، فإذا رأى أن حلقة المتوسط خفيفة البرامج و لا تحتاج إلى جهد كبير انضمّ إليها و أفادها و استفاد هوَ ، فنكون كسبناه و لم نخسر المتوسط ..

أخيراً .. قد يُقال : فإذا كانت حلقة الثانوي ضعيفةً شديدة الضعف .. فهل تنزل حلقة المتوسط دون مستواهم ؟ أقول : هذه حالةٌ استثنائية لا يشملها الكلام أعلاه .

❁❁

·       لمعة 63

الوضوحُ و الصّراحةُ بين المشرفين مطلبٌ نفيس ، يكفل للمنشط المُضيَّ بخطواتٍ ثابتةٍ و واثقةٍ إلى أهدافه ، و يُضفِي على العملِ راحةً و طمأنينة ، و يجعلُ من المشرفين و الطّلابِ نسيجاً واحداً متماسكاً لا تكدّره بُنيّاتُ الطريق و هوامشُ الحياة .

❁❁



·       لمعة 64

طالب المرحلة المتوسطة بحاجةٍ إلى "قدوة" أكثرَ من حاجته إلى " انتقاد " !

❁❁

·       لمعة 65

طالب المرحلة المتوسطة يتفاعل أهله مع برامج و مناشط الحلقة لأنه يتحدث معهم عن كل شيء يجري في حلقته ، كما أنه يتفاعل مع أسئلة محيطه التي تتعلق بالمناشط و البرامج التي تقدمها له الحلقة ، فوظف هذه النقطة فيه توظيفا إيجابيا ، و تذكر أنه يقدم لك دعايةً مجانية في كل مكان ( عند أهله .. أقاربه .. أبناء الحيّ و زملاء الدراسة ..) فارعَ هذا جيداً ، و اعمل بما تقتضيه هذه الحال .

❁❁

·       لمعة 66

طالب المرحلة المتوسطة يحتجُّ بأفعال مشرفه و أقوالهِ كدليلٍ على صحّةِ ما قام به-أي الطالب-فهو يرى فيها حجّةً شرعيّةً ناهضَةً بنفسها ..!

و عليه .. فإنه يجبُ علينا -كمشرفين- حيال ذلك ما يلي :

1. أن نحكم تصرّفاتنا ونحذَرَ من مغبّةِ الخطأ ،فإن أخطأنا فلنبيّن ذلك لهم .
2. أن نرشّدَ هذه النظرة -من قبل الطلاب -و نوجهها التوجيه السليم ،و أن نرفضها كليّاً إذا أدت إلى الغلو في الاستدلال و الاحتجاج .

*للأمانة ،فكرة:رائد أباحسين.

❁❁

·       لمعة 67

قال الله تعالى على لسان نوح - عليه السلام - " قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) "
على الدّاعيةِ أن ينوّعَ في أساليب الدّعوة بما يظنّه مناسباً للمدعوّ ، و عليهِ أن يصبر على جفوته و إعراضه ، و عليه ألا يتأفف أو يتضجر ، و عليه أن يتذكّر دوماً أن الأجر على قدر النّصب ..

 و من أصعب الأمور و أشدّها وقعاً و أثراً في النّفوس .. أن ترى أخاً لك في الله تنكّبَ طريقاً ما كان له أن يتنكّبه ، كنتَ ترى فيه طُهْر النّفسِ و صفاء القلب و دماثة الخلق و صدق الطويّة ، و اليومَ لا تدري ما الذي حلّ بداره و نزل بساحته ..؟
إن الطّريق الذي ناحَ لأجله نوح ، و صبر على لأوائه و مكارهه ، ما كانت نتائجه - بالموازين البشريّة - تضاهي هذا التعب و النّصب و الأذى "وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ" عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : (كانوا ثمانين نفساً معهم نساؤهم )، لكن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا ، و إنما يوفى الصّابرون أجرهم بغير حساب.

أيُّها الداعية المسدد .. اصبر على مَن تحتك ، و احتمل أذاهم و جفوتهم و إعراضهم ، و من ابتعد منهم عن الطريق .. فـ لُذ إلى الله ، و اطّرح بين يديه  ، و ابكِ من أجلِ أخيك ، و اسأل و تضرّع ، و ادعُ له بالصّلاح و الهداية و الردّ الجميل .. فنعم الأخوّة هذه و الله !
اللهم ردّ إبراهيم إليك ردًّا جميلا ..

اللهم ردّ إبراهيم إليك ردًّا جميلا .. 

اللهم ردّ إبراهيم إليك ردًّا جميلا ..

❁❁

·       لمعة 68

عندما تناقش طالباً في المرحلة المتوسطة فخاطب فيه عاطفته ، و عندما تناقش طالباً في المرحلة الثانوية فخاطب فيه عقله و رجولته ، و لكلّ قاعدةٍ شواذ .

❁❁



·       لمعة 69

أن يتعلق الطالبُ بمشرفه أو مدرّسه ليست ظاهرةً مَرَضيّةً على كلّ حال !

من البدهيّ أن يختار الطالب لنفسه شخصاً صادقاً في مشاعره و أحاسيسه ، كيف لا تريده أن يتعلق بشخصٍ يربّت على كتفه و يشدّ على يده ، و يمسح دمعته ، و يتحسس جراحه ، و يسعى له بما فيه الصلاح و الخير له - للطالب - ؟

عجبي من مشرفٍ يعيش حياته في هذه المحاضن متأففاً متضجراً كأن على رأسه أطواد الدنيا ! ثم تنسحب مفرزات هذه الحال على معايشته لطلابه .. ! فلا يرعى لهم حالاً و لا ذمّة ، و لا يلبي لهم خيراً و لا شرّا ! ثم بعد ذلك يتبرّم من نفورهم و إعراضهم عنه و يتأذى من انفلاتهم إلى مشرفٍ آخر !

يشهد لما قلت :

1.    حين شاع خبر مقتل الحبيب - صلى الله عليه و سلم - في معركة أحد ، ترك بعض الصّحابةِ القتال و نفوسهم في غاية الانكسار مرددين : مات رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ، و كأنهم يقولون لا قيمة للقتال بعد موته ، فكان جواب أنس بن النضر - رضي الله عنه - بلسماً شافيا حين قال : ( وما تصنعون بالحياة بعده؟. قوموا فموتوا على ما مات عليه) ألا ترى تعلّق الأتباع واضحاً جليًّا هُنا ؟ و أيضا .. ألا ترى أن سبب التعلق واضحٌ وضوحَ الشمس ؟

2.    لما مات رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ارتدّت العرب عن الإسلام ، و أصابَ كبار الصحابةِ ما أصابهم فضلاً عن صغارهم ، و أنقذ الله الموقف بالبلسم الشافي أبي بكر - رضي الله عنه - بعبارته الحيّةِ اللألاءة ( من كان يعبد محمدا فإن محمدا ...) ألا ترى تعلق الأتباع واضحا جليا هنا أيضا ..؟ ذلك لأن محمداً رجلٌ لا كالرجال في حلمه و تواضعه و عظيم أخلاقه و كامل سجاياه ! فتأمل !



فإن قلتَ : حين ينسحب المشرف المتعلق به لأي سببٍ كان ، فكيف نخفف وطأة هذا الانسحاب على الأتباع ؟

أقول : بعدة أمور :

1.    أن يوجد المشرف البديل الذي يستطيع سدّ ثغرة المشرف الراحل بأخلاقه و تعامله و حكمته ، كي يخفف صدمة الطلاب . و هذا لا يتأتى إلا مع انتقاء العينات القابلة للتأسيس على هذه الطريقة و الواجب أن يبدأ التأسيس باكرا ، حتى يتسنى لك إعدادهم لمثل هذا بشكلٍ جيّد ، فاخترهم بعناية واصنعهم على عينك

2.    أن يؤسس المشرف المتعلق به طلابه على معرفة الرجال بالحق لا العكس ، و أن يزرع فيهم أن طريق الدعوة لا ينقطع بانقطاع أحد أو موته .  

3.    أن يحضر المشرف المبتعد بعض اللقاءات و الرحلات بشكل متقطع من باب تخفيف وطأة البعد على طلابه .

4.    ألا يتعامل المشرف الجديد مع هذا الأمر بـ طيْشٍ أو عجلة أو حسد ، بل عليه أن يلزم الحكمة و أن يتروّى و أن يبين لطلابه أنه يحب مشرفهم القديم أكثر من حبهم له ، لكن هذه سنة الله فلا شيء يستمر ، و عليه أن يتودد لهم و يلبي مطالبهم حتى و إن أكثروا عليه ، و إذا شعر أن الأمر بدأ يخرج عن سيطرته ، فليستعن بالمشرف القديم في تهدئة الأوضاع و إرساء المودة من جديد !



و من ظنّ أنه يستطيع أن يأطر طلابه على سياسته بالشدّة و التقريع و المؤاخذة بعد أن ذاقوا الليالي الملاح مع مشرفهم القديم فقد خاب ظنّه و سعيه ، و اختار لحلقته طريق الهاوية . فإياك إياك و هذا السبيل ، إني أعظك أن تكون من الجاهلين .

❁❁

·       لمعة 70

قد تحتاج – ضرورةً - إلى أن تبرز لطلابك الجهودَ و التضحيات التي تقدمها لهم ، و ما تتعرض له من المشكلات و المصاعب في سبيل إسعادهم ، و إدخال السرور عليهم ، و تحقيق مطالبهم و تلبية احتياجاتهم

و لا يتقاطع هذا مع الإخلاص بتاتا .. 

ألا ترى كيف أشرف عثمان بن عفان - رضي الله عنه - من بيته على محاصريه فقال بصوتٍ عالٍ مسموع : ( أنا من أفسح مسجد رسول الله - صلى الله عليه و سلم - لما ضاق بالمسلمين ، أنا من أوقف بئر رومة ، أنا من جهّز جيش العسرة)

أحياناً تحتاج إلى الحديث عن جهودك و تضحياتك التي تقدمها لطلابك بأسلوب مباشر ، و غير مباشر أحيانا أخرى .

و الهدف من ذلك ليس المباهاة أو المنّ أو الأذى ، إنما لإخراس الألسن المقاريض التي لا تنفك عن الرمي بالنقائص ، و لا تعرف إلا تعداد المثالب و العيوب ، و لا تنظر إلى الجانب الوضّاء المشرق ، بل أحياناً تحتاج إلى بيان الجهود قبل أن يحدث شيءٌ من التجريح و انتقاص ما يُبذَل ، كي نقطع الطريق على الألسن التي تُردي الهمم ، و تضعف الإنتاج ، و تقتل الطموح .

أحد الأحباب قبل مدة و في رحلةٍ ما .. خرج من الاستراحة ليُحضِرَ العشاء للمجموعة ، و في طريق عودته إلى الاستراحة تعرّض لحادثِ سيْرٍ أصاب سيارته الجديدة ببعض التلفيات ، ثم اتصل بي الصّاحب و طلب مني الحضور لأوصل طعام العشاء لأفراد الحلقة في الاستراحة ، و طالبني - حينها - بالكتمان و السكوت ، و عدم إفشاء الخبر لأي أحدٍ من الشباب ، لم أكن مقتنعاً كما يجب لكن كلّ نفسٍ و ما تهوى !

 أتساءل .. ماذا سيكون شعور طلابه ، و ما هي ردّة فعلهم حين يعلمون أنه لم يُخرج مشرفهم إلى الحادث إلا بطونهم الجائعة !!؟ إنني أعتقد أن شعور العقلاء - حينها - ظاهرٌ لكل ذي لُبّ .


أخي المشرف الحبيب .. احرص على توضيح بعض جهودك ، و بعض تعبك بالأسلوب غير المباشر ( كأن تكلفه باستئجار استراحة ، أو مرور الطلاب في بيوتهم ، أو تنسيق زيارة أو استضافة ... إلخ) كي يشعر بما تعانيه من تعبٍ و نصب ، و ذلك من باب التربية و حفظ القدر و الحقوق ، و ادّخر أتعابك وجهودك الأخرى عند الله ، لا حرمك الله أجر صنيعك .
أما الأسلوب المباشر فاجعله ضيّقاً محدودا ، و ذلك في الأحوال التي تقتضيه ، و أنت أدرى بها .
و في كلا الأسلوبين .. استحضر الحكمة .

❁❁

·       لمعة 71

من أكثر الأشياء التي تحزّ في النّفس ، أن ترى الدعاة طلاب الحلقات يتركون الاستراحة أو مكان الاسترواح - بعد الفراغ منه - متّسخاً تحوطه المهملات و القاذورات من كلّ جانب ، و هذه - و أيم الله - من مثالب أصحاب الدعوة !

بل وقفت على بعضِ ناظري الاستراحات وهم يرفضون تأجيرها و إكراءها لطلاب الحلقات متذرعين بأنهم يتركون المكان في أسوأ صورة .

أخي الحبيب .. كن داعيةً حتى مع ناظر الاستراحة ، ساهم في تنظيفها من بقاياكم بعد الفراغ منها ، و لا تترك أثراً يقلل من قيمتك و من قيمة دعوتك ، فأنت على ثغر ، بل - إن شئت- أشرك ناظرها معك في قهوتك و عشائك !

فإن فعلت .. فنِعمَ التربية ، و نِعم الدعوة .

❁❁

·       لمعة 72

تعليل الأحكام و المواقف و التصرّفات يبعث الطمأنينة في نفس المتلقي ، علل الله - عز وجل - في كتابه العظيم الكثير من الأحكام ، إذ قال : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا  ) .

و قال في موضع آخر : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ  ) .

و قال في موضع ثالث حينما أمر باجتناب الخمر و الميسر : ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ  ).

و أما في السنة ، فقد قال النبي - صلى الله عليه و سلم - : ( إنما جعل الاستئذان من أجل البصر(.

و قال : ( إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت( .

و قال عن الهرّة : ( إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات  )

فإذا كان هذا في حقّ الشارع الحكيم ، فغيره من باب أولى ، فإن الشارع الحكيم لو أمرنا بالاتباع دون معرفة العلل و المقاصد لاتبعناه امتثالاً لأمره ، فهو أدرى بمصالح العباد و أحوالهم .
أما ما سوى الشارع ، فإن النّفس مجبولةٌ على عدم التسليم إلا بعد معرفة العلل و المقاصد التي أدّت إلى اختيارك للتصرف الفلاني أو أمرك به ، و كثيراً ما تسمع في محيطك التربوي أسئلةً تبدأ بـ ( ليش) و المشرفون و المربّون فيها طرفان ووسط !

طرفٌ ينهر السائل و يزجره و ربما يحذّره من مغبّة السؤال مرةً أخرى مستقبلا . و هذا كان في القديم أكثر - فيما أرى - .

و طرفٌ يجيب عن كلّ شيء ، و لا يفرّقُ بين ما يقتضي الحالُ إسراره ، و ما يقتضي الحال إشهاره ، خصوصاً عند السؤال عن خصوصيات الطلاب أو المشرفين .

و الوسط .. أن يكون الأصل هو تعليل التصرفات و إن لم يكن ثمةَ سؤال ، فلسنا شريعةً تنزّلت من السماء حتى نأمر غيرنا - بلسان الحال و المقال - بالانصياع و التسليم ، و التعليل أدعى لاطمئنان المتربي و ثقته بمن حوله و بما يدور حوله ، و لا يكون التعليل على كلّ حال ، ففي بعض المواضع لا يكون من الحكمة أن تعلل .. و لستَ بحاجةٍ حينها إلى الالتفاف و الدوران ! إنما كان واضحاً صريحاً و قل : ( لا يناسب أن أجيبك على السؤال الآن ) .

و ابتعد عن الألفاظ الفضفاضة الرنانة التي كرهناها رغم أن منبتها طيب .. كلفظ ( المصلحة ) .. المصلحة تقتضي أن نفعل كذا !

فقد مللنا سماعها و تكرارها حتى كرهناها  !

❁❁



·       لمعة 73

تزعزع الثقة بين المشرف و الطالب هو بداية السقوط ، بل هو السقوط .

❁❁

·       لمعة 74

في رحلات المبيت ( الطويلة أو القصيرة ) احرص على أن يأخذ الطلاّب كفايتهم من النوم ، ففي ذلك نجاحٌ للبرنامج كلّه !

ألا ترى كيف يُصابُ "الشباب" بالفتور و الكسل و الخمول حين يخلو البرنامج من فترة القيلولة !؟؟ و تظهر آثار ذلك على وجوههم باكراً ( من آخر العصر) مما يعني ضعف البرنامج ، أو بعبارة أدقّ .. ضعف التفاعل معه ، و هذه خسارةٌ جسيمة !

امنحهم المزيد من النوم ( سواء بعد الفجر أو وقت القيلولة) .. ليمنحوك المزيد من التفاعل .
فقد جربتُ الأمرين و وجدتُ الفرق الكبير ، و البوْن الشاسع !

❁❁

·       لمعة 75

لا تتضايق من الغياب الذي يحلّ بطلاب حلقتك !

فمع النظام الذي بدأ تطبيقه منذ ثلاث أو أربع سنوات في المدارس العامة - و أقصد به نظام الإختبارات المتتابعة - طفت ظاهرة الغياب على السطح ، فلا يكاد يمرّ يوم أو يومان إلا و الطالب على باب اختبار ، و المطلوب ألا تتضايق و أن تراعي مثل هذا ، خصوصاً أن الهدف متحقق و هو إشغال الطالب نفسه بما ينفعها ! الذي يحزّ في النفس هو موت البرنامج - أحيانا - أو ضعفه بسبب قلّة الحاضرين ، و الحلّ في نظري أن تزيد عدد أفراد حلقتك - لمن استطاع إليه سبيلا - حتى لا يتأثر البرنامج بالغياب !

و المقصد من كلّ هذا .. أن تتفهّم أنه من الواجب عليك - أيها المشرف الكريم - أن تكيّف عقليتك على تقبّل التغيّرات و أن تغيّر طريقة تفكيرك و اتخاذك للقرارات بحسب الحال ؛ لتتواءم مع الظروف المحيطةِ بالحلقة !

❁❁

·       لمعة 76

الإحراجات علاجٌ ناجع للمشكلات التي تنشأ عن عنادٍ و مكابرة  !لكن لا يجدي كثيراً أن يأتي الإحراج متأخرا ، إنما اجعله سابقاً ..! و أقصد بالإحراج .. صنائع المعروف التي تقدمها للطالب ، و لا أقصد – كما قد يفهم البعض - ما قد يصدر من المشرف من "تهزيء" للطالب أمام الملأ ، فهذا أمر مرفوض إلا في حالات ضيقة جدا تستلزم ذلك .
و صنائع المعروف في مقام التربية واسعة جدا ، لا يمكن حصرها .. 

لكن صدقني كلما صنعت لأحدهم معروفا ، خصوصا عند اشتداد الحاجة إلى هذا المعروف ، فإنه يكون حاجزاً منيعاً بين الطالب و بين العناد و اللدد و الخصومة ؛ لأنه حياءً - في الحالات الطبيعية - لن يقوى على المكابرة ، بل سيؤثر الصمت !

❁❁

·       لمعة 77

إذا شعرت - كمشرف أو طالب - بشيءٍ من الضغط النفسيّ لأسبابٍ تتعلق بداخل المحضن أو خارجه .. فلا تطل المكوث مع من حولك ، إنما .. احرص على أن تبتعد عن المكان الذي أنت فيه حتى لا تصدر منك ردّة فعلٍ - تجاه أحدهم - فتندم عليها فيما بعد !

❁❁

·       لمعة 78

لماذا الإصرار !؟

وقفتُ على عدد من الحلقاتِ و المحاضن التربوية ، فوجدتها في غايةِ الضعف و القصور !
إما بسبب ضعف الكادر الإشرافي كـ قلّته و ذهوله عن المنشط و انشغاله بأمور أخرى ، أو بسبب ضعف المشرفين في أنفسهم ، فإنّ فاقدَ الشيء لا يعطيه ، إذ كيف لضعيف الإيمان و مُهَلهَلِ التربية أن يُعمّق الإيمان في غيره أو يزرع الأخلاق و القيَم فيه ! أو بسبب ضعف البرنامج المطروح و الخطة المنفّذة - إن كان ثمة خطّة و هذا الضعف يظهر جليًّا على المُخرَجات ، فالعيّنات الموجودة من الطلاّب إن لم تنسحب من الحلقة أو المحضن لضعفه و خموده و إلا فهي هشّةٌ لا تجدُ فيها ما يُشعِركَ أن العيّنة كانت بالفعل في محضنٍ تربويّ فاعل و مؤثر .

عليك أن تفهم - أيها المشرف على مثل هذه المحاضن - أنك تحرثُ في بحر ! و أنك تقتل طاقاتٍ و مواهبَ ما كان لها أن تُقتَل ، و ربما ساهمت في التنفير من الحلقات من حيث لا تشعر ! و السبب .. هو إصرارك على الاستمرار بهذا الضعف الذي طال أمده .

و عليك أن تفهم - أيها الطالب في مثل هذه المحاضن و الحلقات - أن الحلقات ليست كأصابع اليد الواحدة ، فلا تعمم الحكم ، فمنها القوي و منها الضعيف ، و احرص دوماً على ما ينفعك ، و استعن بالله و لا تعجز

بقيَ أن أؤكد أنني لا أقصد حالات الفتور التي يمرّ بها المحضن أو الحلقة ، فهذه سنّةٌ لا مناص منها ، فالفتور أمرٌ عارض يصيبُ كل أحد ! و إنما أقصد الضعف الذي ضرب أطنابه في المحضن ، و المنصف العاقل يُدرِكُ الفرق جيّداً !

تريد الحلّ ..؟

ارفع صوتَ العقل ، و اخفض صوت العاطفة ، وزّع طلابك على حلقاتٍ أخرى تتميّز بالحيويّة و النشاط و قوّةِ التأسيس ، فالهدفُ واحد ، و الغاية واحدة ، و هل نحن هُنا إلا من أجلِ الرقيّ بشباب الأمّة و صناعتهم و صقلهم في شتّى المجالات ما أمكن .. حتى يكونوا غداً مشاعل النورِ و أقمار الدجى !

ربما قسوتُ .. لكنها الحقيقةُ التي لا مفرّ منها !

فإن قلتَ : نحن المحضن الوحيد في المنطقة ..

قلتُ : مصلحة البقاء و الاجتماع مع الضعف أولى من التشرذم !

و تبقى مسألة إيلاف الطلاب محاضنهم الجديدة سواءً كانوا توزيعهم أوزاعاً على محاضن مختلفة أو جماعةً واحدة في محضن واحد .. فهذه – أعني السبيل إلى إيلافهم محاضنهم الجديدة - تحتاج إلى حكمةٍ و رويّةٍ و حُسن تخطيط و تنفيذ !

❁❁

·       لمعة 79

عندما ترسم مخططا و جدولاً للرحلة التي ستقيمها لطلابك ، فاحرص الحرصَ الشديد على أن تجعل البرامج المتميزة في الأيام الأخيرة .

مثلاً :
إذا كانت رحلتك ثلاثة أيام ، فاجعل البرنامج كالتالي :

السبت : برنامج عادي 

الأحد : برنامج قوي 

الاثنين : برنامج أقوى 

و إذا كانت برامجك كلها متميزة ، فاجعل الأميز هو المتأخر

و دافع هذه الفكرة أمران :

1. أن اللحظات الأخيرة هي التي تبقى و تعلق في الذهن غالباً ، فما أجمل أن يكون الختام جميلاً حتى ينطبع في الذهن ! و يمكننا أن نستأنس هنا بقول الله تعالى في وصف خمر أهل الجنة : ( ختامه مسك ) عن سعيد بن جبير و إبراهيم النخعي قالا : ختامه آخر طعمه ا.هـ
2. من أصعب الأمور على الطلاب - بل و على المشرفين - أن يكون اليوم التالي في الرحلة أسوأ من الذي قبله ! فهذا ينكّد عليهم الرحلة و ينفّرهم منها ، بخلاف العكس .. حيث يتشوّف الجميعُ إلى اليوم التالي ، و يشتاقون إليه ، و ينتظرونه على جمرٍ من غضا !

❁❁

·       لمعة 80

يعيشُ المحضن حالات من التذبذب بين الضعف و القوة ، فحيناً يعلو ، و حيناً يهبط ، و هذه سنّة الله في الحياة لا تتغير و لا تتبدل !

و المشرف الحصيف هو الذي يجعل من فترات الضعف وقوداً لفترات القوّة ، فيتحسس الأخطاء و يعالجها ، و يبحث عن مكامن الضعفِ فيتصدّى لها .

❁❁

·       لمعة 81

كثيراً ما تكون الدورات القرآنية المكثّفة مقياساً يمكننا من خلاله أن نقيس جدّية الطالب من عدمها !
فإذا اكتشفنا وجود عنصر الجدّية .. فمن الخذلان و الحرمان ألا نتعاهده بالسقي حتى يثمر الثمرة اليانعة !

❁❁

·       لمعة 82

من وحي [ قضية كاشغري ]

-       على المربي أن يزرع في نفوس طلابه أن الثباتَ من الله.. فليطلبوه منه وحده! و لا يغتر بعلمه أو نسبه أو ذكائه! وليضرب أمثلة لعظماء زاغوا ..

-       قد يكون المتربي بحاجةٍ إلى من يلتفتُ إليه و يشجّعه و يشدّ على يده ! فإن لم تقم بهذا الدور .. فاعلم أن قُطّاع الطريق يتربصون ..

-       لا تجعل الشبهة تتلجلج في قلبِ المتربّي .. ادحضها له ، أو أعنه على دحضها بالتواصل مع أهل الاختصاص ..

-       النوابغ من المتربين بحاجة إلى عنايةٍ و تشجيع بقدر نبوغهم ! إلا تفعل .. خسرتَ الخسران الكبير .. فهناك من يقعد لهم كلّ مرصد ..

-       المراهق يحب أن يشار إليه بالبنان..وقد تكون طُعما في سنارةِ من لا يرعى الله.. فيصطاد بها هذا المسكين! ذكروهم قصص السلف في الهروب من الشهرة ..

-       هجر المُخطئ العاصي منوطٌ بالمصلحة ، و الغالب في هذا الزمان رجحان المفسدة فيه ، فلا تخسر المتربي بقرارٍ غير مدروس .

-       في عصر إرهاب المصطلحات (وصاية، إقصاء ، انفتاح ، راديكالية ، أصولية ..) وغيرها مما يردده أقزام الإعلام ..لابد من توضيح حقيقتها للمتربي وموقف الشرع منها ..

-       الانحراف الفكري عند المتربي هو أخطر أنواع الانحراف! تجب معالجته على الفور دونما تأخر..كل لحظة تأخر تعني انفصام العروة بينكم وبينه ..

-       أخيراً .. تكثيف الجرعات الإيمانية مطلوب ، سواءً على المستوى الفردي أو الجماعي ، و الفردي أهم .. أرسخ قدما و أبعد غورا ..

 ❁❁

·       لمعة 83

علمتني المحاضن ألا أحكم على المتربي من أول نظرة أو أول لقاء .. البعض ننفر منه فإذا هو البُغية و الغاية ! و كثيراً ما أمّلنا على البعض الآخر .. فإذا هو من سقط الحياة !

❁❁

·       لمعة 84

لابد للمربي/القائد أن يعيش حياة التابع قبل أن يقود ! بل لا بد أن يجرب العيش مقودا تحت مَن هو أقلّ منه فضلا و سنا و علما .. هذا مهم جدا قبل التصدر ، انظر كيف وضع النبيُّ أبا بكر و عمر تحت لواء أسامة ، و انظر كيف وضع عمر تحت لواء أبي عبيدة .. و الأمثلة كثيرة ، و من فوائد ذلك  :

١. أن يدرك أخطاء قائده فيجتنبها عندما تؤول الأمور إليه.

٢. أن يعرف هموم الناس و يلامسها من قريب .. فلا ينسى - في المستقبل - آلامهم و أوجاعهم  .

3. أن يتذكّر حاله في السابق إذا دعته نفسه للتعالي عندما يتولى القيادة .

❁❁

·       لمعة 85

لا تتهاون في كلماتك التي تلقيها على الأسماع ! البعض – و ربك -  تغيّره الكلمة تغييراً جذرياً إما سلباً أو إيجاباً ! أعرفُ عدداً ممن تغيرت أحوالهم بسبب كلمةٍ واحدة أو كلمتين .. فتفطّن .

❁❁

·       لمعة 86

على الداعية و المربّي أن يعتني بالذوقيات و السلوكيات الحسنة مهما تناهى أمرها في الصّغر ! الجميع يرقب أفعالك و تصرفاتك ، و كثير من طلابك يصدر عنك .. فلمَ التفريط ؟! مراعياً في ذلك عدم تقديم مهم على أهم ! و عدم العبث بأولوياتك ..

❁❁

·       لمعة 87

الهدية فتّاحةُ الأقفال و نزّاعةُ السخائم .. كم من قلبٍ هجر قلوبنا فاحتلنا على وصاله بهديّة ..! و كم من صيدٍ حامَ حول الحمى فولجه بشَرَك الهديّة ..! الداعيةُ سنّارته الهدايا و قوسه الحُبّ .. و سهمه ابتسامةٌ صادقة !

❁❁

·       لمعة 88

جاء في الصحيحين عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنه - أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش قال : يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : والله ما صليتها ! فقمنا إلى بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها ، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ، ثم صلى بعدها المغرب .

في هذا الحديث لفتةٌ تربويّةٌ رائعة ..

تخيّل صورة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وهو يمشي و يفور غضبا فيسبّ كفار قريش لأنهم أخّروه عن الصلاة .. ثم يرى أمامه رسول الله – صلى الله عليه و سلم – فيبثّ همومه و يلقي أحزانه على مسامع رسول الله – صلى الله عليه و سلم – : يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب . فيأتي الجواب على الفور من المربّي الأكبر مسلّياً و معزّياً : و الله ما صليتها !!

إن كنتَ صليتها يا عمر مع تأخير .. فاعلم أن من هو أفضل منكَ لم يصلّها بعد !

كن وعاء همومه و بلسم جروحه !

❁❁

·       لمعة 89

بعض المحاضن لها سياسة غريبةٌ مع مشرفيها ! لسان حالها معهم : إما أن تتفرغ لنا بشكلٍ كليّ و إلا فلا مرحبا بك !! يرفضون أن يعمل معهم المشرف بشكلٍ جزئي ! أعرفُ من المشرفين من يحترق رغبةً في العمل مع إخوانه لكن ظروفه لا تسمح إلا بعملٍ يسير .. فإذا أراد أن يبذل هذا اليسير رفضه القائمون على المحضن .. فإما أن تريق وقتك معنا و إلا فلا مكان لك بيننا !

جربتُ أن أشرك معي في العمل من لا يستطيع العمل بشكل كامل .. اعتذر عن المرور لانشغاله بمهام طيلة أيام الأسبوع .. فعَرَض نفسه في تقديم خدمات لا تستلزم الحضور اليومي .. كلفته بتنسيق الدروس و الاستضافات و الزيارات و المشاريع الدعوية فكان نعم الباذل و المضحّي .. فسدّ ثغرةً كبيرة و أزاح همًّا ثقيلا ! كسبتُ الطاقة و لم أخسر الشخص !!

❁❁

·       لمعة 90

تجدُ من بين طلابك من تخشى عليه أهل السوء بسبب ما أعطاه الله من جمال الظاهر ! وقد يسبّب لك بعض المتاعب بسبب حالات التعلق التي تولد في محضنك ، فيصيبك الهمّ و الحُزن .. و لعلك نصحتَ المُتعَلِّق فلم تجد تجاوباً و انصياعا .. فيزداد همّك همّا ، و تُصابُ بالغثيان حين يكون المُتعلَّق به ساذجاً لا يعي ما يدور حوله ! ما الحل آنئذ ؟

ليس لك إلا أن تخاطب الطالب المُتعَلَّقَ به و تبيّن له حقيقة الأمر ، و استحضر الحكمة في نصحك و توجيهك .

❁❁

·       لمعة 91

بناء علاقةٍ متينةٍ مع حارس المسجد يكفيك العناء ! كثيرٌ من الأمور في المسجد لا يستطيع أحدٌ أن ينجزها لك سوى الحارس .. فلا تستعده ! و كُن خير داعيةٍ بأخلاقك ..

❁❁





·       لمعة 92

الطالب الجديد لا يعرفُ واقع المحاضن ، و لا يفقه طريقة التعامل مع بعض برامجها و أحداثها .. فالأناة الأناة .. و الصبر الصبر ! لا تعطه الجرعةَ المكثّفة فربما قتلته .. الأيام كفيلةٌ به يا صاحبي .

❁❁

·       لمعة 93

إغراق طلابك في الدورات التطويرية النظرية إضاعةٌ للوقت ! خيرٌ لهم أن يخوضوا غمار الدورات التطبيقية التي تعتمد على العمل و التفكير و التطبيق .. فالتلقي لوحده جمود !

❁❁

·       لمعة 94

إن كان تحت يدك طلاب من المرحلة المتوسطة .. فدونك كتاب ( يا بنيّ لقد أصبحتَ رجلا ) للدكتور : محمد الدويش . أهده لطلاب الصف الثالث المتوسط ، مثلهم يحتاج لمثله .. و لا غناء لهم عنه ، خصوصاً أن كثيراً من الآباء و الأمهات لا يجرؤون على تبيين خصائص هذه المرحلة و أحكامها لأبنائهم .. فاكفهم العناء و لك مثل أجرهم !

❁❁

·       لمعة 95

شعور الطالب بوجود اتصالات خفيّة بينك و بين أبيه أو أحد أقاربه تجعله يتوجّس منك ، و كلما غلب على ظنه وجود شيء من ذلك نَفَر منك و انعدمت ثقته فيك ! إن احتجت – ضرورةً – إلى ذلك .. فحاول قدر المستطاع أن تقضي الحاجة بالكتمان .. و بالكتمان الشديد .

❁❁

·       لمعة 96

أيّها المربي .. مَن غلبَ على ظنك أنه مفسدٌ لكنك لم تصل إلى مرحلة اليقين جازَ لك البحث عن حقيقته حتى يستبين حاله !

❁❁

·       لمعة 97

إحضار طالبٍ جديد في رحلةِ مبيتٍ طويلة مغامرةٌ خطيرة فلا تتهور !! إلا إن علمتَ أنه أهلٌ لمثل هذه الرحلات خلقاً و ديناً فحيّهلا .

❁❁

·       لمعة 98

من أحوال الطالب الجديد على المحضن .. أن أهله لا يألفون كثرة ذهابه و إيابه مع الحلقة ؛ و من أجل إيلافهم ذلك ، قم بالتالي أو ببعضه :

1.   زوروه في البيت .. سواءً على مستوى المشرفين فقط ، أو على مستوى المشرفين و الطلاب ، و احرصوا على اللقاء بوالده .

2.   امنحوا الطالب خطة البرامج ليطّلع عليها أهله ، و ضمّنوها رقم أحد المشرفين إن أرادوا التواصل و الاستفسار .

3.   اطلبوا من والده أن يزوركم في رحلة الأربعاء ليعرف أجواء هذه المحاضن !

4.   أعطوا الطالب عرضاً مرئياً لبرامج الحلقة أو رحلاتها أو ما شابه ، و اطلبوا منه أن يريه والديه .

5.   إذا تأخرتم أو حصل لكم ظرف .. اسألوه أن يهاتف أهله و يخبرهم بتأخره و سببه .

❁❁

·       لمعة 99

أذكّر المربّي بقول عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – : ( منْ أَقَامَ نَفْسَهُ مَقَامَ التُّهَمِ فَلَا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ  ) ، تجدُ بعض المربّين ينوح و يولول و يصرخ و يستغيث ؛ لأن هناك من أساء الظن به من المشرفين أو الطلاب .. ولو تأمل بعين العقل لأدرك أنه جرّ نفسه إلى حتفه .

❁❁

·       لمعة 100

انهَ طلابك عن إحضار ملابسٍ رياضية ترمز إلى أنديةٍ معينة أو لاعبين معينين .. لستَ بحاجةٍ إلى برنامج عرض أزياء تنافسي ! و لستَ بحاجة إلى أن يظهروا ميولهم فتتحول حلقتك إلى "استيديو تحليلي" .. أغلق هذا الباب .. أرحهم و أرح نفسك .

❁❁

·       لمعة 101

و أخيراً يا صفيّ الروح ! إذا اضطرتك الأيام للرحيل .. و حدّتك الأحداث على البُعد ، فتحلّل من الصحاب ، و اطلب منهم العفو و الصفح و طيب الذّكر ! و إياك و القطيعة .. ابقَ على الودّ .. و عانق أرواحهم كلَّ سَحَر !
















فَرَغَ منه راقمه في الثلث الأخير من ليلة الأربعاء الثالث و العشرين من شهر ربيعٍ الأول من عام ألف و أربعمئةٍ و ثلاثةٍ و ثلاثين من هجرة السيّد الحبيب !

و صلّ اللهم و بارك و أنعم و تفضّل على عبدك و رسولك سيدنا محمد و على آله وصحبه و أتباعه و كلّ من انتسبَ إلى هذه المحاضن المباركة !



















وَ حُبُوبُ سُنْبَلَةٍ تَمُوتْ .. حَتْمًا .. سَتَمْلَأُ الوَادِي سَنَابِلْ ..!




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق