الاثنين، 13 فبراير 2012

أخطاء الصلاة . الإساءة في إقامة عمود الإسلام

الإساءة في عمود الإسلام
إن للصلاة عمود الإسلام أهمية عظمى ومكانة كبرى في دين الإسلام ! فهي عموده الذي يقوم عليه وركنه الأعظم بعد الشهادتين ولحاجتنا الشديدة لها فرضها الله علينا خمس مرات في اليوم والليلة ، ومع هذه الفرائض الخمس نتقرب إلى الله بغيرها من الصلوات : كصلاة الضحى والوتر وقيام الليل والسنن الرواتب وسنة الوضوء وتحية المسجد.
والمتأمل في عِظَم شأن الصلاة في الإسلام يجدنا نحتاجها في كل حال ! فنفرح في العيد ومن أبرز مظاهر الفرح التقرب إلى الله بعبادة صلاة العيد، ونحتار في أمورنا الدنيوية فنتقرب إلى الله بصلاة الاستخارة ونطلبه أن يختار لنا الأنفع والأصلح ، ونصاب بالقحط والجدب فنتقرب إلى الله بصلاة الاستسقاء ونسأله الغيث والرحمة والبركة ، ونرى التغير في آيات الله الكونية كالكسوف والخسوف فنفزع إلى الله بالصلاة ، ويموت الميت فنتقرب إلى الله بصلاة الجنازة ونسأل الله  له المغفرة والرحمة.
وبهذا يتضح أن الصلاة أهم عمل في حياتنا ولا صلاح لديننا ودنيا إلا بصلاح صلاتنا.
ولذا وجب علينا العناية بصحة عمود ديننا وسلامة صلاتنا من الخطأ ، والاجتهاد في تمامها والبعد بها عن النقص وتحسينها وحفظها من الإساءة.
وقد بين لنا الرسول الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأخطاء التي تبطل الصلاة أو تنقصها ، وجاء بذلك عدة أحاديث منها :
الأول – حديث المسيء في صلاته وما فيه من فوائد وأحكام.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقَالَ : ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ . فَرَجَعَ الرَّجُلُ فَصَلَّى كَمَا كَانَ صَلَّى ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، ثُمَّ قَالَ :ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ . حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ فَقَالَ الرَّجُلُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا فَعَلِّمْنِي.
 قَالَ : إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ اجْلِسْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا.
من الفوائد المهمة في هذا الحديث:
1 – الفرق بين صورة الصلاة وحقيقة الصلاة.
فهذا الرجل كان يؤدي صورة الصلاة وأمره الرسول بأن يأتي بالحقيقة. فقال : ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ.
2 – التركيز على الطمأنينة في الصلاة وإن الإخلال بها إساءة في الصلاة ، وقد كان هذا الرجل يخل بالطمأنينة فأمره الرسول بتحقيقها وخاصة في أربعة أركان من أركان الصلاة وهي الركوع والرفع منه والسجود والجلسة بين السجدتين.
وأكثر المصلين تبطل صلاتهم بالإخلال في هذه الأركان الأربعة أو بعضها.
فعَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي فَطَفَّفَ. وفي رواية : لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ.  فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ :  ( مُنْذُ كَمْ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ ؟ قَالَ : مُنْذُ أَرْبَعِينَ عَامًا. قَالَ : مَا صَلَّيْتَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَوْ مِتَّ وَأَنْتَ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ لَمِتَّ عَلَى غَيْرِ فِطْرَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . أو قال : عَلَى غَيْرِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ . ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الرَّجُلَ لَيُخَفِّفُ وَيُتِمُّ وَيُحْسِنُ).
وانظر إلى فقه حذيفة كما في قوله : (إِنَّ الرَّجُلَ لَيُخَفِّفُ وَيُتِمُّ وَيُحْسِنُ)
فبين – رضي الله عنه – ثلاثة أمور مهمة في الصلاة ، وهي : التخفيف وضده التطويل ، والإتمام وضده النقص ، والإحسان وضده الإساءة.
والكثير من المصلين لا يفقه هذه الأمور فضلا عن العناية بها والمحافظة عليها ! بل بعض الأئمة أو من يتقدم لإمام المصلين لا يفقه ذلك !! إذ لو فقهها وعمل بها لكان لها كبير الأثر على المصلين ورأيتهم يطبقونه في صلاتهم.
فالكثير يحرص على صلاة خفيفة ولكنه يجهل أو يغفل عن صلاة تامة أحسن في تمامها.
وفيما صح إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى فِي الصَّلَاةِ عَنْ نَقْرِ الْغُرَابِ . أو نقرة الغراب.
والنقر لا يكون إلا في هذه الأركان الأربعة.
لأن النقر : صفة إسراع ! والإسراع ينافي التأني والطمأنينة الواجبة في الصلاة ، والتي هي من أبرز صفات الصلاة الصحيحة وهي مفتاح الخشوع ، فلا خشوع إلى بطمأنينة.
وقد جاءت السنة النبوية المطهرة بتقبيح الإخلال بهذه الأركان والتنفير من نقصها ووصف فاعلها بالسارق ! بل أسوأ الناس سرقة !! لأنه يسرق نفسه ودينه ! بل يسرق عمود دينه !!
فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا. أَوْ قَالَ : لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.

الثاني – التحذير من مسابقة الإمام فهي ذنب كبير .
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ).
فهذا الحديث يشدد على الحذر من خطأ يقع فيه بعض المصلين ، وهو مسابقة الإمام.
والصحيح هو متابعة الإمام والحذر من مسابقته أو مخالفته والتأخر عنه أو موافقته كما قال  أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا .
فالسنة متابعة الإمام ، وموافقته في التأمين ، كما قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  : ( إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ  الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).
فموافقة الإمام في التأمين فيها فضل عظيم كما في هذا الحديث ، ولكن الكثير من المأمومين يسبق الإمام في التأمين ، وهذا مخالف لما جاء في الحديث.
عن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ  : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق