الأحد، 16 فبراير 2020

عجز العقل عن وضع دين متكامل

عجز العقل عن وضع دين متكامل

ولهذا لم يحدث في التأريخ أن أحداً من العقلاء والعباقرة والفلاسفة والحكماء تمكن بعقله المجرد من وضع دين متكامل صالح لأن يتعبد به الناس ويسيروا على منهاجه. إن كل دين محترم وجد على الأرض فهو من وضع الإله لأن العقل عاجز بذاته عن أداء هذه المهمة. وما وضعه الإنسان من أديان كالبوذية والمجوسية والكونفوشيوسية فهي أديان ناقصة متناقضة مضحكة تهين العقل الإنساني وتحط منه، على عكس الأديان السماوية. وما تجده من تناقض ونقص وخلل في هذه الأديان كاليهودية والنصرانية والطوائف الدينية الإسلامية المنحرفة فبسبب تدخل العقل في ما لا يحل له من هذه الأديان لأنه تدخل في غير مجاله مما عاد بالسلب على الدين والعقل: فالعنصرية اليهودية مثلا، والتثليث النصراني والعصمة اللاهوتية الإمامية هي إفرازات عقلية وليست مبادئ سماوية. هذه الإفرازات هي التي دمرت الدين الواحد وفرقت أهله شيعاً وأحزابا. ولولا تدخل الإنسان بعقله في الدين لظل الدين واحدا ثابتا، ولكفى الناس والأجيال جميعا نبي واحد ولم يحتاجوا إلى تعدد الأنبياء.
ولذلك كانت مهمة كل نبي هي إعادة الناس إلى أصل الدين عن طريق الوحي وإزالة اثار تدخلات البشر بعقولهم المحدودة، وسر ختم النبوة هو حفظ الوحي (القرآن): فحين حكم الرب بحفظ الوحي ختم النبوة.
فتدخل العقل يتناقض مع سر ختم النبوة بل مع أصل بعثة الأنبياء. إن مهمة كل مجدد (الذي يمثل دور الأنبياء قبل الإسلام) إعادة الناس إلى الوحي وإخراجهم من حمأة التدخل البشري في أصول الدين عن طريق عقولهم القاصرة المحددة المتناقضة.
النظرية الإمامية في الأصول باب من أبواب الكفر
إن القول بأن النظر العقلي هو الأساس في إثبات الأصول، وأما النصوص الدينية فدورها يقتصر على التأييد والتبعية -هذا القول ما هو إلا باب من أبواب الكفر. بل هو الكفر بعينه! لأنه إلغاء لدور النبوة، وتعطيل لأثرها في الدين والحياة: فإذا كانت أصول الدين تؤخذ عن طريق النظر العقلي، وليس عن طريق النصوص الدينية أولاً،  فلا حاجة إلى بعثة الأنبياء!
وكذلك فإنه إلغاء لدور القرآن العظيم الذي أنزله الله تعالى هدى للناس أجمعين وحكماً بينهم إلى يوم الدين، وحصره في زاوية ضيقة يتساوى فيها - وهو كلمة الله العليا! - مع كلام البشر. هذه الزاوية هي الفرعيات. أما الأصول فتقوم على نظر الإنسان وعقله. وما النصوص الدينية - كلمة الله ! - سوى تابع لا يقدر على الاستقلال بنفسه،
يؤيد ما جاء عن غيره. وإلا فلا اعتبار لقوله!
فما قيمة القرآن إذا كان تابعاً لنظر الإنسان؟!! وعلام هذا الاهتمام العظيم الذي أولاه الرب جل وعلا لكتابه. من التعهد بحفظه، واعتناء نبيه - صلى الله عليه وسلم - -ومن أول يوم نزل فيه- بكتابته دون غيره؟! أمن أجل أن يكون مرجعاً في الفرعيات! وأما الأصول فلا شأن له بها؟!
أليس هذا قلباً للدين، ونقضاً لما جاء من حقائق في الكتاب المبين؟!!
اقرأ مثلاً قوله تعالى:
{ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تذَكَّرُونَ } (الأعراف:3).
{ اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ } (الأنعام:106).
{ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ } (البقرة:213).
{ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى } (النجم: من الآية:23).
{ وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ } (الجاثية:9- 10).

موسوعة الرد على الرافضة