الجمعة، 19 فبراير 2021

ما هي حقيقة الإنسان في القرآن وما صفاته ( مصطلح الإنسانية )

 

الحمد لله القائل ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ ‌أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (٢) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله الله بالهدى والنور ليخرج الإنسان من ظلمات الأهواء إلى نور الهدى صلى الله عليه وعلى آله الطيبين وصحابته المصلحين وسلم تسليما مزيدا

 من هو الإنسان وما حقيقته كإنسان وما صفاته الإنسانية !!

كلمة الإنسان ذكرها الله  في القرآن أكثر من خمسين مرة  ووصفه الله  بالكثير من الصفات ولكنها كلها صفات ذم ونقص ولم يسلم من هذا الذم إلا المؤمن العامل للصالحات.

ومن صفات ذم الإنسان في القرآن:

1- الإنسان ضعيف

قال الله تعالى : (يريد الله أن يخفف عنكم  وخلق الإنسان ضعيفاً).  

ومن ضعف الإنسان إن عدوه الشيطان يغلبه فعلى الإنسان أن يستمد قوته من ربه ولن يكون ذلك إلا بطاعته.

2- الإنسان كفور

قال الله تعالى : (قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ).  

وقال الله تعالى : (  إن الإنسان لكفور مبين).  

 

3- الإنسان قتور ومن طبعه البخل

قال الله تعالى : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ ‌قَتُورًا).  

4- الإنسان هلوع أي جبل على الضجر فلا يصبر على البلاء. والهلع: هو أشد الحرص  وأسوأ الجزع وأفحشه.

5- الإنسان جزوع. أي يجزع وينخلع قلبه إن أصابه فقر أو مرض أو ذهاب محبوب من مال أو أهل أو ولد . ولا يلتزم بالصبر والرضا بما قدر الله.

6- الإنسان منوع أي : إذا أصابه الخير وحصلت له نعمة من الله من الغنى والسعة ونحو ذلك فهو كثير المنع والإمساك فلا ينفق مما آتاه الله ولا يشكر الله على نعمه وبره.

فيجزع في الضراء ويمنع السراء.

قال الله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ ‌هَلُوعًا ، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ،إِلَّا الْمُصَلِّينَ ، الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ،وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ،لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ،وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ،وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ، إنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ..).  

7- الإنسان يطغى فيتجاوز حدود الله ويخرج عن طاعته

قال الله تعالى : (كلا إن الإنسان ليطغى أن راءه استغنى).  

8- الإنسان يريد الفجور

قال الله تعالى : ﴿بَلْ ‌يُرِيدُ ‌الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ﴾ .  

9- الإنسان ينسى ربه وقت الرخاء ويذكره وقت الضر والشدة

فإذا كشف الله ما به أصبح الإنسان يَضِلُ ويُضِلُ عن سبيل الله

قال الله تعالى : (وَإِذَا ‌مَسَّ ‌الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ).  

ويتضرع لله وإليه إذا اصيب بضرر وإذا انعم الله عليه نسب النعمة لنفسه

قال الله تعالى : (فَإِذَا مَسَّ ‌الْإِنْسَانَ ‌ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ).  

10-  13 - الإنسان يفرح بالنعم فرح بطر ويكفر بها ويعرض عن شكرها (وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا ‌الْإِنْسَانَ ‌مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ).  

فإذا عاقبه بزوال النعم تحول من البطر إلى صفة ذميمة أخرى وهي اليأس قال الله تعالى : (وَلَئِنْ أَذَقْنَا ‌الْإِنْسَانَ ‌مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ ) فإذا رد الله له النعم وأمده بالفضل بدلا من العدل عاد الإنسان للفرح والفخر بنعم الله عليه ونسي فضل الله عليه واعرض عن شكره (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ،إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ).  فلم ولن يسلم من هذه الصفات المذمومة إلا المؤمن الصابر العامل للصالحات.

 

14- الإنسان تسبب له النعمة الاعراض والبعد عن الله

قال الله تعالى : (وَإِذَا أَنْعَمْنَا ‌عَلَى ‌الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا).  

وقال الله تعالى : (وَإِذَا ‌مَسَّ ‌الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)  

15- الإنسان كثير الجدل   بعدما ظهر الحق وبان ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ‌وَكَانَ ‌الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا).  

16- الإنسان عجول

قال الله تعالى : (وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ‌وَكَانَ ‌الْإِنْسَانُ عَجُولًا ).  

قال الله تعالى : (‌خُلِقَ ‌الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ).  

17- الإنسان لا يمل من دعاء الخير وسرعان ما ييأس ثم يقنط عندما يصاب بما يكره

قال الله تعالى : (لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيؤوس قنوط).  

 18- الإنسان جاحد لنعمة الله ومنكر لفضله عليه

قال الله تعالى: (إن الإنسان لربه لكنود).  

19- الإنسان جهول  وعلامة جهله إنه لا يستبدل هذه الصفات السيئة بالصفات الحسنة إلا من رحم ربي

قال الله تعالى : (وحملها الإنسان انه كان ظلوما جهولا).  

20- الإنسان ظلوم    ومن كانت هذه صفاته فقد ظلم نفسه ظلما عظيما ، قال الله تعالى : (واتاكم من كل ما سألتموه وان تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار ).  

21- الإنسان خصيم لرب العالمين     ومن كانت هذه صفاته فقد صار خصيما لربه الذي خلقه من نطفة من ماء مهين ،   قال الله تعالى : (أَوَلَمْ ‌يَرَ ‌الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ).  

 

22- الإنسان سافل :  الإنسان الذي هذه صفاته  سقط في الاختبار وهوى في أسفل سافلين إلا المؤمنين الصالحين

قال الله تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين امنوا وعملوا الصالحات فلهم اجر غير ممنون).  

23- الإنسان خاسر : لقد خاسر الإنسان الذي هذه صفاته إلا من أخذ بأسباب السلامة من الخسران واقتحم عقبة الفوز بالرضوان

قال الله تعالى : (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).  

 

الخطبة الثانية

الحمد لله خلق الإنسان وعلمه البيان واشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا رسول رب العالمين إلى العالمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا  .. أما بعد

خلق الله الإنسان مخلوقا مكرما ليعبده ويشكره ﴿وَلَقَدْ ‌كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ 

فإذا قبل الإنسان كرامة الله له وهي ما جاءت به الرسل ونزلت به الكتب واستسلم لله واطاع ربه واجتنب معاصيه وانقاد لشرعه وخضع لأمره زادت كرامته عند الله وصعد في سلم التكريم ومن اعرض واتبع الهوى هوى في أسفل سافلين .

فيا أيها الإنسان لا قيمة لك إلا بالإيمان وطاعة الرحمن ولا سلامة ولا نجاة لك إلا بالعمل الصالح والبر والإحسان ، تأمل في كلام الله وما بينه لك لتطهرنفسك من صفات الذم وتخلع لباس الخسارة (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ ‌فَوْزًا ‌عَظِيمًا) ،  

فالإنسان خاسر جاهل كفور جحود منوع هلوع جزوع عجول يؤوس قنوط كنود فرح فخور خصيم مجادل . فهذه الصفات الإنسانية وهذه حقيقة مصطلح الإنسانية التي يتمدح بالانتساب إليها بعض من لا خلاق لهم وهي شر ووبال على الإنسان والخير والفلاح في الصفات الإسلامية الربانية الإيمانية النبوية (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه اسفل سافلين إلا الذين امنوا وعملوا الصالحات فلهم اجر غيرممنون)،

فكن ذلك المؤمن العامل بالقرآن الكريم والمتبع لسيد المرسلين والمتصف بصفات أولياء الله الصالحين المصلحين والمتحلي بما يحبه الله من الصفات الطيبة الحميدة.

 واعلموا ﴿إِنَّ ‌أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾