الخميس، 30 يوليو 2020

الفائزون

الحمد لله العلي الأعلى، الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، له ملك السموات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى، الملك الحق المبين الذي على العرش استوى، وعلى الملك احتوى، وقد وسع كل شيء رحمة وعلما.

أحمده سبحانه، وبحمده يلهج أولو الأحلام 2 والنهى. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عالم السر والنجوى. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى كلمة التقوى. اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أئمة العلم والهدى، وسلم تسليما كثيرا.

 

الفائزون هم العارفون، وهم المقربون السابقون، وهؤلاء الذين لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين كما قال سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ  أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ  فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ      

فسبحان الله ماذا ينتظر هؤلاء من المساكن الواسعة، والقصور الفاخرة، وألوان الطعام والشراب، والنعيم المقيم: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  

وهم متفاوتون في درجاتهم ومنازلهم حسب معرفتهم بالله، وحسب أعمالهم الصالحة.

ويتفاوت الناس يوم القيامة في الدرجات والأحوال، والثواب والعقاب، بحسب الأعمال، وبحسب الإيمان  ، وبحسب الطاعات والمعاصي، ومن ذلك أن خِفَّة حِمْل العبد على ظهره وثقله إذا قام من قبره، فإنه بحسب خفة وزره وثقله، إن خف خف، وإن ثقل ثقل.

وخشية الله والخوف منه تؤدي إلى طاعته والبعد عن الشر والشهوات وتربي الضمير وتؤدي بالإنسان إلى السلوك السليم. قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} وقال تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}

ومن يتق الله ويقل قولا سديدا فقد فاز فوزا عظيما قال الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا  .

والفائزون ينتظرهم الفوز الكبير والأجر الآخر أكبر وأعظم وأدوم، ويحصل عليه المؤمنون في الآخرة وفي الجنة كما قال سبحانه:

{أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} . أي الفائزون بالنجاة من النار ودخول الجنة دار الأبرار،

وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ

إن المؤمنين عندهم الطاعة لله ورسوله:

في كل أمر .. وفي كل نهي .. وفي كل حكم .. وفي كل شأن.

وهي طاعة مصحوبة بخشية الله وتقواه، والتقوى أعم من الخشية، فهي مراقبة الله، والشعور به عند الصغيرة والكبيرة، والتحرج من إتيان ما يكره، توقيراً لذاته سبحانه، وإجلالاً له، وحياءً منه، إلى جانب الخوف والخشية.

وذلك أدب رفيع ينبئ عن مدى إشراق قلب المؤمن بنور الله، واتصاله به، وشعوره بهيبته، مما ينبئ عن عزة القلب المؤمن واستعلائه، وهذا حقيقة الصدق مع الله الذي بشر اهله بقوله  {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }

 

أَيا رَبِّ مِنّا الضَّعْفُ إنْ لَمْ تُقَوِّنا ... على شُكْرِ ما أَبْلَيْتَ مِنْكَ وأَوْلَيْتا

أيا رَبِّ نَحْنُ الْفائِزونَ غَدًا لَئِنْ ... تَوَلَّيْتَنا يا رَبِّ فيمَنْ تَوَلَّيْتا

اقول هذا واستغفر الله

الخطبة الثانية

من التزم بالأعمال التي تقربه من الجنة وتبعده عن النار فقد فاز وافلح كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ

الفوز حين تبتعد وتجتنب صاحب السوء أين كان سواء أكان جهازا أو وسيلة تواصل أو إنسانا فتهجر السوء وصاحبه وتأخذ بطريق الفوز والفلاح والنجاة والسلامة استمع ما يقول صاحب السوء يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ  أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ  قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ  قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ  وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ  إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ  إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ  لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ

الفائز الحقيقي هو الذي يلتزم بطريق الذين انعم الله ويثبت عليه ويكون من التابعين لهم يإحسان وإيمان كما قال الله

وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

    اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ

 اللهم اصرف عنا السوء والفحشاء واجعلنا من عبادك المخلصين

اللَّهُمَّ طَهِّرْ قلوبنا مِنَ النِّفَاقِ، وَاعَمَالنا مِنَ الرِّيَاءِ، وَألِسَناتنا مِنَ الْكَذِبِ، وَاعَيْوننا مِنَ الْخِيَانَةِ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ، وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ.


خطبة عيد الأضحى

الحمد لله، الحمد لله الذي لا يبلغُ مِدحَتَه القائلون، ولا يُحصِي نعماءَه العادُّون ، ولا يُؤدِّي حقَّه المُجتهِدون، المعلومِ من غير رؤية، والخالقِ بلا حاجة، والمُميت بلا مخافة، والباعثِ بلا مشقَّة، خلقَ الخلائقَ بقدرته وحكمته، ونشرَ الرياحَ بُشرًا بين يدي رحمته، مُبدئِ الخلق ووارثِه، وباسطٍ فيهم بالجُودِ يدَه، كتبَ على نفسه لعباده المؤمنين الرحمة، وسبقَ عفوُه عقابَه وحلمُه غضبَه، لا يخفى عليه مثقالُ ذرَّةٍ في الأرض ولا في السماء، لا تُدرِكُه الأبصار وهو يُدرِكُ الأبصار وهو اللطيفُ الخبير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله البشيرُ النذير، والسراجُ المُنير، خيرُ من صلَّى لله وقام وحجَّ البيت الحرام وصام {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]، ما تركَ خيرًا إلا دلَّنا عليه، ولا شرًّا إلا حذَّرَنا منه، فصلواتُ الله وسلامُه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى الصحابة والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد

 

ما هو أكبر جمع التقى بهم رسول الله وما أكثر حشد اجتمعوا حوله وماذا قال لهم ومن بعدهم ولنا معهم ؟

هيا بنا سريعا عبر فضاء التاريخ

 

  

وقد اعلن الرسول إن أمر الجاهلية مرفوض وموضوع ومن ذلك الأعياد البدعية وإن الأعياد الشرعية الإيمانية الإسلامية هما عيدان لا ثالث لهما عيد الفطر بعد صيام رمضان وعيد الأضحى المتزامن مع حج بيت الله الحرام

قال الله {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}

وقال الله تعالى

الله أكبرالله أكبر

الخطبة الثانية

خطب نبينا ﷺ يوم عرفة

وأمر فيها بالعدل وبين أن الإسلام ساوى بين المسلمين ولا فرق بينهم إلا بالتقوى .

ووضع أمور الجاهلية وكل ما يتعلق بالجاهلية من فساد وظلم وبدع وعادات تحت قدمه .

وأكد على حق الرجل على المرأة

وحق المسلم على أخيه المسلم

وذكر فيها نبينا ﷺ علاقة المسلم بنفسه: عندما حذر من الشيطان وأوصانا بمجاهدته، وذكر علاقة المسلم بربه: عندما تحدث عن لقاء الله وأن الله سيسأل كل إنسان عن عمله، وذكر علاقة المسلم بمجتمعه الصغير: "الأسرة" عندما ذكر حقوق النساء، وأوصى بهن خيراً، وذكر علاقة المسلم بمجتمعه الكبير: عندما قرر حرمة الدماء والأموال والأعراض وأمر بأداء الأمانة، وذكر علاقة المسلم بمجتمعه الأكبر: عندما قرر الإخوة الإيمانية التي تنتظمها العقيدة؛ لتكوِّن الرابطة العليا في الأمة ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)

عباد الله : لقد بُني الدين الإسلامي القويم على قواعد متينة وأسس راسخة

وأهداف واضحة، تحفظ حقوق الإنسان الدنيوية، وتطالبه بالحقوق الإلهية.  

وعلموا َإنَّ خَيْرَ الحَديثِ كِتَابُ الله، وَخَيرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -وَإِنَّكُمْ سَتُحَدِّثُونَ وَيُحَدَّثُ لَكُمْ

الله أكبر الله اكبر

اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلَا هَادِيَ لِمَا

رَبَّنَا أَصْلِحْ ذات بَيْنَنَا، وَاهْدِنَا سَبِيلَ الْإِسْلَامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَاصْرِفْ عَنَّا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهْرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُلُوبِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمَتِكَ، مُثْنِينَ بِهَا، قَائِلِينَ بِهَا، وَأَتْمِمْهَا عَلَيْنَا

 

 

 


الخميس، 2 يوليو 2020

واعظ الحر ، قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون


 واعظ الحر
الحر من المواعظ المحسوسة الملموسة التي يعظ الله بها عباده كل سنة وما أكثر مواعظ الله وما أقل المتعظون.
في مثل هذه الأيام الحارة خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى غزوة تبوك وكانت فِي حَرٍّ شَدِيدٍ وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا وَعَدُوًّا كَثِيرًا
فتواصى المنافقون فيما بينهم بعدم النفير في هذا الحر (وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي ٱلْحَرّ )، فجاء الوعيد من الله (قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ).
خرج رسول الله وصحابته والجو -كما تعلمون- حار والصحراء قاحلة والمياه نادرة والهواء ساخن  ولكنهم تذكروا حر الأخرة وأهوالها فهان عليهم تحمل مشاق الطاعة ونصرة الدين وآثروا النعيم المقيم على سراب النعيم الزائل.
وكانوا لنا قدوة ومدرسة في التضحية والصبر والثبات والمسارعة إلى رضوان الله .
أيها الأخوة المؤمنون: إنّ شدة الحرّ ينبغي أن تذكر المؤمن بحر ذلك اليوم العظيم ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَدْنُو الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَدْرِ  مِيلٍ، وَيُزَادُ فِي حَرِّهَا كَذَا وَكَذَا يَغْلِي مِنْهَا الْهَامُّ  كَمَا تَغْلِي الْقُدُورُ يَعْرَقُونَ فِيهَا عَلَى قَدْرِ خَطَايَاهُمْ مِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ إِلَى سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ إِلَى وَسَطِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ »
فيا من لا يطيق حرارة الجو، يا من لا يتحمّل الوقوف في الشمس ساعة: كيف تعصي الله وتنسى النار وحرَّها الشديد، وقعرها البعيد، جاء في الحديث: “يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، أي يغمس فيها غمسة  ثُمَّ يُقَالُ: يَابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ. ما مرَّ بي نعيم قط“؛  .
أيها الإخوة: حرارة الجو قد تكون سبيلاً لتحصيل المزيد من الأجر والحسنات، في خروج للصلاة في هذا الشمس الملتهبة، وفي صيام في هذا الحر اللافح.
 خرج ابن عمر في سفر معه أصحابه، فوضعوا سفرة لهم، فمر بهم راع، فدعوه إلى أن يأكل معهم، فقال: إني صائم، فقال ابن عمر: في مثل هذا اليومِ الشديدِ حرُه وأنت بين هذه الشعابِ في آثارِ هذه الغنمِ وأنت صائم؟! فقال: أُبَادِرُ أَيَّامِيَ الْخَالِيَةَ.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ...الاية

الخطبة الثانية
 {قُلْ نَارَ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} مِنْ نَارِ الدُّنْيَا {لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ: لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ لَعَلِمُوا أَنَّ نَارَ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا مِنْ نَارِ الدُّنْيَا
إنهم اعتذروا عن معصيتهم لله ورسوله بالحر وما يجدوا من شدته وإن اتباع الرسول في الحر أمر عسير عليهم وغير يسير ولكن هل قبل الله منهم هذا العذر ؟ إن الله قد اعد لهم نار جهنم.
عباد الله .. إن نار الدنيا أشد من الحر وإن نار جهنم أشد من نار الدنيا بسبعين مرة .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ بَنُو آدَمَ جُزْءٌ وَاحِدٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ، قَالُوا: وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا".
{قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} لمَّا آثروا ما يفنى على ما يبقى، ولمَّا فروا من المشقة الخفيفة المنقضية، إلى المشقة الشديدة الدائمة لأنهم
(قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ } وهذا حال بعض الناس لا فقه لهم ولو كان عندهم فقه نافع في تنزيل الأشياء منازلها، وتقديم ما ينبغي تقديمه لآثروا مشقة رضا الله  على راحة القعود عن الطاعة والكسل الضار عاجلا وآجلا والتقاعس عما يرضي الله
إن الذي يبرر لنفسه مخالفة أمر الله ورسوله هو في الحقيقة لا عقل له فإن العاقل لا يخدع نفسه بسرور زائل وراحة فانية ومتعة لحظية ليوبق نفسه ويوقعها في ندامة باقية ومشقة دائمة وحسرة مستمرة وعذاب خالد.   {وقالوا لاتنفروا في الحر قل نارجهنم أشد حرا}  اختلاق الاعذار لترك الواجبات أو ارتكاب المنهيات لن يدفع عن الانسان سخط الله وعقابه.  فبادروا الى ما ينجيكم قبل أن تغادروا بما يرديكم