الاثنين، 3 يونيو 2019

خطبة عيد الفطر


الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الحمد لله، وفق من اتخذ الأسباب لطاعته، فكان سعيهم مشكورا، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يتم بنعمته الصالحات، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أقام للإسلام أركانا، وربى له أنصارا، فصلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا
أما  بعد: الحمدُ للهِ الذي هدانا لهذا، وما كُنَّا لنهتدي لولا أنْ هدانا الله، والحمدُ للهِ الذي مَنَّ عليكم بإتمامِ شهرِكم، وتيسيرِ أمرِكم ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
أيها المسلمون: لقد جاءَ عيدُ الفطرِ بعدَ إكمالِ رمضان؛ لِتَعْلَمُوا أَنَّ الإسلامَ كامل، وأَنَّ الدينَ منصور: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾. وأيُّ نعمةٍ أعظمَ مِنْ أَنْ هدانا اللهُ للإسلام، واصطفانا مِنْ بَيْنِ الأنام، ﴿هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ﴾.
العيدُ في الشرع؛ ليستْ  عادةً اجتماعية، بل شعيرةً دينية، يتميَّزُ بها المسلمُ عن شعاراتِ الجاهلية: قال تعالى: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ﴾، قال ﷺ: (إِنَّ لِكُلَّ قومٍ عِيداً, وهذا عِيدُنَا)؛ فأعيادُ المسلمين دينٌ وعبادة، وذكرٌ وتكبير، وصلاةٌ وصلة، ومحبةٌ وتواصل، فليستْ أعيادُ المسلمين مِثْلَ أعيادِ الكافرين؛ موسماً لانتهاك المحرَّمات، ومِعْوَلاً لهدم الحسنات!
فَقَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ المدينةَ، وَلَهُم يومانِ يلعبونَ فيهما في الجاهلِية، فقال ﷺ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ النَّحْرِ).
لقد جاءَ عيدُ الفطر؛ لِتَعْلَمُوا أَنَّ في الإسلام فُسْحَة، وأنَّ الحنيفيةَ سَمْحَة: فالعيدُ فُسْحَةٌ للمسلمِ بعد الصيام والقيام،  : (إِظْهَارُ السُّرُورِ فِي الْأَعْيَادِ مِنْ شِعَارِ الدِّينِ) ، فعيدُ الفطر يفرحُ فيه المسلمُ بإتمامِ رمضان، واستكثارهِ مِنْ غنائمِ الحسنات، فهذه الفرحةُ الباقية، والتجارةُ الرابحة ! ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾.
فحريٌ بالمسلم أنْ يفرحَ بإكمالِ شهرِ رمضان، في وقتٍ انقطعتْ أعمارٌ عن بلوغه وإتمامه!
أيها الأحبة: العيدُ فرصةٌ لتطهير القلب من الحسدِ والبغضاء،ونشرِ المحبةِ والصفاء! قال ﷺ: (دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الْحَسَدُ، وَالْبَغْضَاءُ، وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ، حَالِقَةُ الدِّينِ لَا حَالِقَةُ الشَّعَرِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلا أُنَبِّئُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ، أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ).
أيها الكرام: العيدُ شكرٌ للهِ على إتمامِ الصيام، وليسَ لارتكابِ الآثام!
 قال ابن رجب: (فَأَمَّا مقابلةُ نعمة التوفيق لصيام شهر رمضان: بارتكاب المعاصي بعدَه، فهو مِنْ فِعْلِ مَنْ بَدَّلَ نعمةَ اللهِ كفراً!).
وليس للطاعة زمنٌ محدود؛ فعبادةُ اللهِ ليستْ مقصورةً على رمضان، قال الحسنُ: (إنَّ اللَّهَ لم يَجْعَلْ لعملِ المؤمنِ أجلاً دونَ الموتِ).
فاثْبُتُوا على الطاعة، وواظبوا على العبادة، (وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ)، واحذروا التفريطَ في الواجبات، والوقوعَ في المحرَّمات، فربُّ رمضان، هو ربُّ بقيةِ الشهور والأيام، ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير﴾.
عباد الله: لا تُوَدِّعُوا رمضان، بل اصْطَحِبُوه معكم إلى باقي عامِكُم، فالصومُ لا ينتهي، والقرآنُ لا يُهجر، والمسجدُ لا يُتْرَك، ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾.
اللهم كما أَكْمَلْتَ لنا شهرَ رمضان، وأَعَنْتَنَا على الصيام والقيام والقرآن، فأكْمِلْ نعمتَك بالقبول والغفران

الخطبة الثانية
   
ألا إن الإسلام قد رفع مكانة المرأة واكرمها واعطاها من الحقوق ما لا يوجد لها في أي نظام أو دين سواء الإسلام.
 وحفظ المرأة وصيانتها وصلاحها فريضة من فرائض الدين حتى تكون المرأة مكرمة في الدنيا بطاعة ربهم وتقواه فتكون صالحة في نفسها مصلحة لأولادها وأسرتها فتسحق الكرامة في الأخرة والفوز والفلاح.
فإذا عملت بدينها  فقد حفظت نفسها وعرضها وشرفها، وإذا عرفت المسلمة أخلاق الإسلام  فقد تخلقت بالخلق الحسن، والأدب الرفيع، وتزينت بحسن الخطاب ولطف المعاملة وجميل التبعل، وقامت بوظيفتها الحقيقية وهي التربية الصالحة الصادقة لأبنائها وبناتها، وتعليمهم الإسلام والخلق والقرآن، وتغرس فيهم حب الله وحب رسوله، تأمرهم بالتقوى والخوف منه وخشيته.
المرأة المسلمة إذا عرفت ربها وفقهت في دينها عمرت بيتها بالذكر والطاعة، وحمته من وسائل الهدم والفساد والتخريب، ومنعت منه الحرام وكل الخبائث، وأخذت حذرها من الذين يريدون أن يخرجونها من دينها وعفتها ليصلوا إلى جمالها وجسمها وشرفها، المرأة المسلمة إذا تمسكت  بدينها  كانت من اللاتي قال الله فيهن :{ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ }  
فالمسلمة الصالحة   المستقيمة على أمر الله يظهر  صلاحها واضح في حجابك الشرعي، وبعدها عن حجاب الموضات.  فهي  تتحجب  إيمان ودين واعتقاد وطاعة وحياء وعفة !!  إذا خرجت لحاجتك تعمل بقول الله لها:{ولا يبدين زينتهن} فلا يظهر منك ما يفتن، أو يلفت أو يجذب، يا أيتها المسلمة: أنت مكلفة بعبادة الله، ومأمورة بطاعة الله ورسوله، ومسؤولة نفسك وعن بيتك ورعيتك، اسمعي يا مسلمة ماذا يقول صلى الله عليه وسلم: "والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها" . فالمرأة المسلمة تحفظ نفسها وبيتها ممن حذر الله منهم إن  الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ وتحذر من مكر وخداع الذين قال الله عنهم ( إن الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
  كلي أمل وثقة وتفاؤل أن تكوني واعية مدركة لما يراد لك، وقائمة بدورك ومسؤوليتك مقتدية بأمهات المؤمنين وعاملة بأمر الله لهن ولك   يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا
وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ