الخميس، 26 نوفمبر 2020

حملة الوحي " خطبة جمعة "

 

 {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}

وأشهد بما شَهِدَ الله تَعَالَى به -وَكَفَى بِهِ شَهِيدًا، وَهُوَ أَصْدَقُ الشَّاهِدِينَ وَأَعْدَلُهُمْ، وَأَصْدَقُ الْقَائِلِينَ- ﴿أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ﴾ فهو المتفَرد بِالْإِلَهِيَّةِ لِجَمِيعِ الْخَلَائِقِ، وَأَنَّ الْجَمِيعَ عَبِيدُهُ وَخَلْقُهُ، وَالْفُقَرَاءُ إِلَيْهِ، وَهُوَ الْغَنِيُّ عَمَّا سِوَاهُ وهو ﴿الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ الْعَزِيزُ: الَّذِي لَا يُرَامُ جَنَابُهُ عَظَمَةً وَكِبْرِيَاءً، الْحَكِيمُ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَشَرْعِهِ وَقَدَرِهِ.

والصَّلاة والسَّلام على رسول الهدى الذي أمره الله بالعلم قبل العمل في قوله -جلّ ثناؤه-: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}، وعلى آله وأصحابه ومَنْ بأثره اقتفى والتزم. وبعد

حملة الوحي وما أدراك ما حملة الوحي ! الوحي هو علم صادر من الله إلى رسله للعلم به والعمل وتبليغه للناس.

فالوحي من الله هو الذي أوحاه ، وحملته من أهل السماء هم الملائكة وعلى رأسهم جبريل ، ومن أهل الأرض رسولنا محمد الذي عمل به وعلمه وبلغه ،وحملة الوحي الذي حملوه عن رسولنا هم الصحابة والتابعون لهم بإحسان من أهل العلم العاملون بعلمهم.. فهيا بنا لنرى منزلة حملة الوحي عند الله!

قد قَرَنَ الله شَهَادَةَ مَلَائِكَتِهِ وَأُولِي الْعِلْمِ بِشَهَادَتِهِ فَقَالَ: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ وَهَذِهِ خُصُوصِيَّةٌ عَظِيمَةٌ لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْمَقَامِ مقام حمل الوحي وتبليغ الرسالة والذود عن ميراث الأنبياء      

 وفي هذه الآية دليل على شرف أهل العلم حملة الوحي من وجوه كثيرة:  ومنها:

أحدها : استشهاد الله بهم دون غَيرهم من البشر.. واقتران شَهادَتهم بِشَهادَتِهِ وبِشَهادَة مَلائكَته

والثاني: إن استشهاد الله بهم فيه تزكيتهم وتعديلهم فإن الله لا يستشهد من خلقه إلا العُدُول ومِنه الأثر المَعْرُوف  " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلين» . فهم أمناء على ما استرعاهم الله عليه من الوحي والعمل به وتبليغه إلى الناس.

 الثالث: أنه سُبْحانَهُ اسْتشْهد بِنَفسِهِ وهو أجل شاهد ثمَّ بِخِيار خلقه وهم مَلائكَته والعُلَماء من عباده والعظيم القدر إنما يستشهد على الأمر العَظِيم أكابر الخلق وساداتهم ويكفيهم بِهَذا فضلا وشرفا.

الرّابِع : أنه سُبْحانَهُ جعلهم شهداء وحجة على الناس، وألزم الناس العمل بالأمر المشهود به   فهم بِمَنزِلَة آدلته وآياته وبراهينه الدّالَّة على دينه وتوحيده.

الخامِس: جاء في تَفْضِيل العلم وأهله من حملة الوحي أنه سُبْحانَهُ نفي التَّسْوِيَة بَين أهله وبَين غَيرهم كَما نفى التَّسْوِيَة بَين أصحاب الجنَّة وأصحاب النّار فَقالَ تَعالى ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ كَما قالَ تَعالى ﴿ لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ﴾ وهَذا يدل على غايَة فَضلهمْ وشرفهم.

السادس: أنه سُبْحانَهُ جعل حملة الوحي هم حملة النور في الناس وجعل أهل الجَهْل بِمَنزِلَة العميان الَّذين لا يبصرون فَقالَ (أفَمَن يَعْلَمُ أنَّما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ الحَقُّ كَمَن هو أعْمى} فَما ثمَّ إلا عالم أوْ أعمى، وقد وصف سُبْحانَهُ أهل الجَهْل بِأنَّهُم صم بكم عمي في غير مَوضِع من كِتابه.

السابع: أنه سُبْحانَهُ أمر بسؤال حملة الوحي والرُّجُوع إلى أقْوالهم وجعل ذَلِك كالشَّهادَةِ مِنهُم فَقالَ ﴿وَما أرْسَلْنا قَبْلَكَ إلّا رِجالًا نُوحِي إلَيْهِمْ فاسْألُوا أهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ وأهل الذّكر هم أهل العلم بِما أنْزلْ على الأنبياء.

ثامنا: أنه سُبْحانَهُ أخبر عَن رفْعَة دَرَجات أهل العلم حملة الوحي وأهل الإيمان   فَقالَ تَعالى ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكم والَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجاتٍ ﴾ .

 الوَجْه التّاسِع : أنه سُبْحانَهُ أخبر أن حملة الوحي هم أهل العلم وأهل خَشيته بل خصهم من بَين النّاس بذلك فَقالَ تَعالى ﴿إنَّما يخْشى اللهَ من عباده العلماء ﴾ وهَذا حصر لخشيته في أولي العلم ، وقالَ تَعالى ﴿جَزاؤُهم عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها أبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم ورَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَن خَشِيَ رَبَّهُ (٨)﴾  وَقد أخبر أن أهل خَشيته هم العلماء فَدلَّ على أن هَذا الجَزاء المَذْكُور للْعُلَماء بِمَجْمُوع النصين.وَقالَ ابْن مَسْعُود رضى الله عَنهُ كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بِالله جهلا.

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه. والشكر له على توفيقه وامتنانه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه. اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وإخوانه وسلم تسليمًا كثيرًا.

إن حملة الوحي هم أهل العلم العاملون بكتاب الله وسنة رسوله حفظا وفهما وعملا ودعوة وبلاغا .

وإن من خاصة حملة الوحي أهل الحديث الذي قضوا حياتهم في حفظ سنة الرسول وافنوا أعمارهم في الانشغال بحديثه دراية ورواية وجمعوا سنته في الكتب ودافعوا عنها وحفظوها من إفك الكاذبين وإن من أئمة حملة الوحي الإمام البخاري الذي جمعا بعضا من سنة الرسول في كتابه فمن طعن في كتاب البخاري فهو طاعن في الرسول وهذا يتضمن الطعن في الوحي بأكمله .

عباد الله : إن نشأة ضلالة انتقاص حملة الوحي سنة الكفار الغابرين واليهود رؤوس في هذه الضلالة فقد عادوا جبريل عليه السلام أمين الله على وحيه كما أخبرنا الله بقوله {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)

عباد الله : إن حملة الوحي لهم مكانة عظيمة عند الله فقد جعل الله من أركان الإيمان العظيمة الإيمان بالملائكة الذين منهم حملة الوحي والإيمان بالكتب التي هي الوحي المنقول إلى الرسل و الإيمان بالرسل الذين أوحى الله إليهم تبليغ الناس واخراجهم من الظلمات إلى نور الوحي قال الله تعالى: {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ}

المسارعة " خطبة جمعة "

 

 المسارعة ماذا تعني وفيما تكون

المسارعة والمسابقة والمبادرة والاستعجال إلى الشيء الفاظ متقاربة .

المسارعة أخبرنا الله في كتابه إن كل إنسان يسارع فيما يحسنه ويحبه ويهتم به [وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ]

فأهل الكفر يسارعون في كفرهم ويحرصون على الاستمرار فيه ، قال الله تعالى : {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}

وأهل النفاق الذين قالوا أمنَّا بافواههم ولم تؤمن قلوبهم يشابهون اليهود في المسارعة في الكفر وتحريف الدين والتنافس في الكذب وأكل الحرام ومتابعة من ضل عن صراط الله المستقيم  ، قال الله تعالى : {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}

وأهل الفسق والظلم وأكلة الحرام يسارعون في الإثم ويتسابقون في معصية الله ، قال الله تعالى : {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

ومن اعرض عن طاعة الله ورسوله وقع في طاعة أعداء الله

، قال الله تعالى : {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}

فهذه نماذج من مسارعة الذين اغواهم الشيطان وعصوا ربهم وقُـبْـح مسارعتهم إلى الهلاك والنار !!

 

وفي الجانب الآخر لنرى مسارعة أولياء الله الصالحين من الرسل عليه السلام واتباعهم بحق وإحسان وإلى إي شيء يسارعون!!

إنهم يسارعون إلى طاعة الله ويبادرون إلى مغفرته ويستعجلون إلى رضوانه ويسابقون إلى جنته

، قال الله تعالى : {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}

وقال الله واصفا لنا حال رسله المصطفين الأخيار، : {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}

وعلامة الإيمان الصحيح إنه يقود صاحبه للمسارعة في الخيرات ، قال الله تعالى : {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ}

وعلامة السعداء أهل التقى والنقاء إنهم يسارعون إلى ما يرضي الله ويسابقون فيما يحبه ، قال الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ  * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} عن عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا تُقْبَلَ مِنْهُمْ {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}

قَالَ الْحَسَنُ: عَمِلُوا وَاللَّهِ بِالطَّاعَاتِ، وَاجْتَهَدُوا فِيهَا، وَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِمْ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ جَمَعَ إِحْسَانًا وَخَشْيَةً، وَالْمُنَافِقَ جَمَعَ إِسَاءَةً وَأَمْنًا.

الخطبة الثانية

 إن اللَّه عزّ وجلّ أمر بالمسارعة بالطاعات والمسابقة الى التزود من الحسنات {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}  {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} فيا أيها الرجل المريد نجاته كن من الذين (يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاِت وَهُمْ لَهَا سَابِقُون)  فأولئك  يسارعون الموت ويسابقون الفوت ويسارعون الغافلين ويسابقون البطالين.

إن المسارعة الى الخيرات فيها مبادرة إلى الطاعة واستجابة لله ورسوله ومسابقة الى جنته ورضوانه.

وإن المسارعة الى ما تهوى الأنفس مشغلة للنفس بما يضرها وإساءة لها ومضيعة للعمر وخسارة في الآخرة.

 عباد الله : المسارعون شتى:

منهم من يسارع في الكفر، ومسرع إلى النفاق، وسريع بالإثم وإليه وفيه، ومسارع إلى جنة عرضها السموات والأرض وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، قال الله تعالى : {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}

الخميس، 29 أكتوبر 2020

القدوة الحسنة

 

عباد الله : إن الله قد فرض علينا في كل ركعة من صلاتنا أن ندعوه بذلك الدعاء العظيم الذي هو أعظم الدعاء وأنفعه (ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ ۝٦ صِرَٰطَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ ) وأوجب علينا في هذا الدعاء ان نقتدي بالقدوة الحسنة لنكون قدوة حسنة وأن نسلك طريقهم ونتبع منهجهم وأوجب علينا أن نجتنب طريق القدوات السيئة من المغضوب عليهم الذين يعرفون الحق ولا يعملون به والضالين الذين لا يعلمون حقا ولا يعملون خيرا .

وقدوة الذين أنعم الله عليهم هو رسولنا محمد وهو قدوة المسلمين الأولى صاحب الخلق الأكمل والمنهج الأعظم  ، صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك يقول الله- عز وجل-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]

ومن دقيق المعنى في هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه جعل الأسوة في رسول الله، صلى الله عليه وسلم عامة ، ولم يحصرها في وصف خاص من أوصافه أو خلق من أخلاقه أو عمل من

أعماله الكريمة، وما ذلك إلا من أجل أن يشمل الاقتداء أقواله عليه الصلاة والسلام وأفعاله وسيرته كلها فيقتدي به، صلى الله عليه وسلم، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ويقتدي بأفعاله وسلوكه من الصبر والشجاعة والثبات والأدب وسائر أخلاقه، فيقتدى به اقتداء عاما وشاملا

وقد قدم - صلى الله عليه وسلم - القدوة الحسنة لأصحابه حين تمثل جميل الأخلاق وصفات الكمال، ممتثلاً ما أوحى الله إليه  ، فكان في خُلقه كما وصفه ربه {وإنك لعلى خلق عظيم} (القلم: 4)، وصادقت على هذا الوصف زوجه عائشة فقالت: (كان خلقه القرآن)  ، وأكده صاحبه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بقوله: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول: ((إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً)). (3).

إخوة الإيمان : إن الِإسلام انتشر في كثير من بلاد الدنيا بالقدوة الطيبة للمسلمين التي كانت تبهر أنظار غير المسلمين وتحملهم على اعتناق الِإسلام، فالقدوة الحسنة التي يحققها الداعي بسيرته الطيبة هي في الحقيقة دعوة عملية للِإسلام يستدل بها سليم الفطرة راجح العقل من غير المسلمين على أن الِإسلام حق من عند الله.

عباد الله : وجميع الخلق بحاجة إلى القدوة الحسنة، ممن كمّلهم الله بالأخلاق الفاضلة، وعصمهم من الشبهات والشهوات.

وهم الأنبياء  نبراس الهدى، ومصابيح الدجى، يقتدي بهم الخلق، ويتخذون من سيرتهم وحياتهم قدوة يسيرون على منوالهم حتى يصلوا إلى دار السلام، ويحطّوا رحالهم في ساحة ربّ الأنام.

فالرسل هم قدوة الأتباع، والأسوة الحسنة لمن أطاع، هم القدوة الطيبة في العبادات، والأخلاق، والمعاملات، والاستقامة على دين الله (أُو۟لَٰۤئِكَ ٱلَّذِینَ هَدَى ٱللَّهُۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ‌ٱقۡتَدِهۡۗ)

ولما علم أعداء الله ورسله أهمية القدوة وإن الرسل هم خير قدوة للناس سعوا بكل ما أتوا لإسقاط القدوات وتشويههم حتى ينفر الناس من الاقتداء بهم وبدأوا بالإساءة للرسل ثم اتباع الرسل من بعدهم :

وإليك أمثلة مما فعله الكفار مع الرسل من أجل صد الناس عن الإيمان والاقتداء بالقدوات الصالحة المصلحة .

 قال قوم نوح لنوح  {إِنَّا لَنَرَىٰكَ فِی ضَلَٰلࣲ مُّبِینࣲ }

وقالوا عن اتباعه من المؤمنين {وَمَا نَرَىٰكَ ٱتَّبَعَكَ إِلَّا ٱلَّذِينَ هُمۡ ‌أَرَاذِلُنَا بَادِيَ ٱلرَّأۡيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلِۭ بَلۡ نَظُنُّكُمۡ كَٰذِبِينَ }

وقال قوم هود  مقولة إهانة وتنفير الناس عنه { قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِن قَوۡمِهِۦۤ إِنَّا لَنَرَىٰكَ فِی ‌سَفَاهَةࣲ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِینَ}

ولما جاء موسى بالهدى ودين الحق الى فرعون وقومه رموه واتهموه ببعض الأعمال القبيحة التي كانوا هم يعملونها {  فَقَالُوا۟ ‌سَٰحِرࣱ ‌كَذَّابࣱ}

وكذلك هم أعداء الرسل في كل زمان ومكان يصدون الناس عن اتباع الرسل والاقتداء بهم

  {كَذَٰلِكَ مَاۤ أَتَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا۟ ‌سَاحِرٌ ‌أَوۡ ‌مَجۡنُونٌ}

وقالوا عن رسولنا شاعر وكاهن ومجنون وساحر وسخروا منه وآذوه

ومن أساليب أعداء الله في صد الناس عن الاقتداء برسول الله نشر البدع تحت ذريعة حب الرسول وإقامة الطقوس والاحتفال التي ما أنزل الله بها من سلطان وإنما هي نوع من أنواع المكر التي يضلون بها الناس عن سنة رسول الله.

ومن أساليب الأعداء في صد الناس عن اتباع القدوة الصالحة رسول الله حرصهم على إبراز قدوات من كل ما هب ودب وبكل لون وشكل حسب أهواء الناس وأعمارهم  ورغباتهم {وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ]  {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}     أقول هذا واستغفر الله

الخطبة الثانية:

أيها المسلمون : اننا الآن بين فرض ومكر فماذا عملنا للقيام بالفرض والسلامة من المكر ؟

الفرض هو إن الله فرض علينا الاقنداء برسول الله والمكر هو ما يقوم به شياطين الإنس من مكر الليل والنهار للصد عن اتباع رسول الله !!

عباد الله : كل منا مسئول عن نفسه وأهله في القيام بفرض الأقتداء والسلامة من مكر الأعداء ،ولن نستطيع القيام بمسئوليتنا إلا بالعلم والعمل ،والعلم معرفة الرسول وتعلم سنته والعمل بذلك..

إن الانتساب إلى سنة الرسول أو تبادل الرسائل بالتذكيربالصلاة عليه لا يسمن ولا يغني من جوع ما لم نتعلم ونعمل!

ولنكن صادقين مع انفسنا ونغتنم ما بقي من حياتنا ..فكم نخصص من أوقاتنا لنتعلم سنة رسولنا ؟ كم نسمع ونقرأ في بيوتنا مع أولادنا عن سنة رسول الله وسيرته؟

كيف نريد من أولادنا الاهتداء بهديه وهم يجهلون سيرته ويعرفون سيرة غيره !

يجب أن نتعلم سيرته ونطبق سنته لنكون قدوة حسنة في أنفسنا ولأولادنا ، فإن القدوة الحسنة من ضروريات التربية، فمعلوم أن الأولاد يعجبون بوالديهم ويحبون تقليدهم والاقتداء بهم، فيجب على الآباء والأمهات والمربين أن لا تخالف أقوالهم أفعالهم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2].

وقال تعالى عن نبي الله شعيب: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَاّ الإِصْلَاحَ} [هود: 88]

وقال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44]

قال الشاعر:

لَا تَنْهَ عَن خُلُقٍ وَتَاتِيَ مِثلَهُ ... عَارٌ عَلَيكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ

الخميس، 1 أكتوبر 2020

خطبة جمعة : الوقاية خير من العلاج

 

ما الذي خير من العلاج

الوقاية خير من العلاج

والوقاية منهج رباني قراني شهد كل عقل سليم  بنفعه وصلاحه لكل حال ومكان وزمان

وكل ذي بصيرة ورشد يتمسك بمنهج الوقاية خير من العلاج ويتبعه.

واذا تدبرنا القران من اوله الى اخره وجدناه يبرز منهج الوقاية خير من العلاج ، ويؤكده ويدعو اليه ، ويبين ان الخير ياتي بقدر التمسك بهذا المسلك ، وكل شر يندفع وتنسد ابوابه بقدر الثبات علي منهج الوقاية خير من العلاج.

فالأمر بالتقوى في القرآن يمثل حقيقة منهج الوقاية خير من العلاج

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ

والناظر الى واقع الناس ومدى التزامهم وتطبيقهم لهذا المنهج يجد أن هناك تطبيقات راشده وتطبيقات تتجه الى السفه وتبتعد عن الرشد بقدر اهمال التمسك بمنهج الوقاية خير من العلاج.

ومن  التطبيقات الراشده لهذا المنهج الالتزام بالاجراءات الاحترازيه والوقائيه التي ينصح بها الاطباء من اجل صحه الجسد وسلامته من الامراض.

 ومن التطبيقات التي تبتعد عن الرشد بمسافات مختلفه التهاون بالاحكام الشرعيه التي جعل الله الالتزام بها وقاية من امراض القلب وفساده ونجاة من الشرور ومن النار.

ومن أمثلة ذلك :  المرأه التي تغطي فمها وانفها حفاظا على صحتها ولكنها تخالف حكم الله فتكشف وجهها للرجال الاجانب، فلم تأخذ بوقاية دينها ودين غيرها ولا بوقاية المجتمع بأسرها لما يترتب على سفورها من مفاسد.

  وومن الرشد: أن الناس يبتعدون عن المريض ويعتزلونه خوفا من العدوى وحفاظا على صحتهم. ولكن من السفه أن يخالطوا مرضى القلوب ويتابعونهم عبر الشاشات والبرامج وما يبث  من فساد للعقول وامراض للقلوب.

ومن التطبيقات الراشده لمنهج الوقاية خير من العلاج ان الانسان يحرص على استنشاق الهواء النقي وتناول الاكل الصحي السليم النافع لمصلحة جسده ولكنه يبتعد عن الرشد عندما يسمح لعقله  أن  يعيش في جو ملوث فكريا ويأذن  لامراض القلوب  بالدخول إلى  قلبه فتمرضه وتهلكه ، ومن ذلك أن يطلق بصره إلى  الحرام وهو يعلم ان النظرة المحرمة سهم مسموم من سهام ابليس يفتك بصحة القلب..و يسمح لاذنه استماع ما حرم الله فيصيب قلبه العطب ويسمح  للسانه بالكلام  المحرم فيكون لجهنم حطب ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ.

جميل أن نأخذ بنصيحة أهل الطب في تغطية الفم والأنف بالكمامة لحفظ الجهاز النفسي ولكن الأجمل والأليق أن يُجْتَـنَـبَ التدخين الذي فيها عشرات العناصر المدمرة للجهاز التنفسي مع ما فيه من مفاسد اقتصادية وأخلاقية واجتماعية ودينية وخسارة أخروية!

والأخذ بنصيحة العلماء والأطباء والعقلاء في اجتناب التدخين بانواعه وتركه لله لمن وقع فيه.

 فان الرشد يظهر في الالتزام الكامل والشامل بمنهج الوقاية خير من العلاج

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( احْفَظِ اللَّهَ  يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ)

الخطبة الثانية:

قال الله سبحانه وتعالىك { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ}

 واخذ الحذر واجب على المؤمنين

وأخذ الحذر يتمثل في تطبيق منهج الوقاية خير من العلاج بعمومه وشموله وعدم الانتقاء حسب الهوى ورغبات النفس.

وأخذ الحذر فيه سلامة دينك وسلامة عقلك وفكرك وسلامة صحتك وجسدك وسلامة اهلك واولادك ، فاذا انت اخذت الحذر في ان يسلم لك دينك  سلمت لك دنياك واخرتك.

فكن قوي العزم في أخذك لمنهج الوقاية خير من العلاج ، فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ)

ولتعلم إن سبيل الوقاية خير من العلاج يحفظ لك دينك وعقلك ونفسك وعرضك ومالك ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَلَا تَعْجَزْ)

 

 

 

الخميس، 24 سبتمبر 2020

العبور على الصراط المنصوب فوق جهنم (خطبة جمعة)

 

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)

أما بعد

هل سيرد كل منا النار ؟

ورود الناس النار حقيقة إيمانية وعقيدة غيبية لا شك فيها عند كل مؤمن !

فجميع الخلائق سيردون النار مؤمنهم وكافرهم .. برهم وفاجرهم .. حُكمٌ حتَّمه الله على نفسه .. وأوعد به عباده .. فلا بدَّ من نفوذه .. ثم ينجي الله المتقين .. ويذر الظالمين لأنفسهم بالكفر والمعاصي في جهنم جثياً .. فيسقط الكفار في النار.

ويمر المؤمنون والمنافقون على الصراط على قدر أعمالهم .. فينجو المؤمنون .. وويهلك ويهوي المنافقون إلى الدرك الأسفل من النار.

قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا  }  

{وَإنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} وَالوُرُودُ: هُوَ العُبُورُ عَلَى الصِّرَاطِ، وَهُوَ جِسْرٌ مَنْصُوبٌ عَلَى ظَهْرِ جَهَنَّمَ، عَافَانَا اللهُ مِنْهَا.

 {وَإِنْ مِنْكُمْ إلَّا وَارِدُهَا} فَقَدْ فَسَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  : {بِأَنَّهُ الْمُرُورُ عَلَى الصِّرَاطِ} وَالصِّرَاطُ هُوَ الْجِسْرُ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُرُورِ عَلَيْهِ لِكُلِّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ.

 

قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصف أهوال يوم القيامة : يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ،  وَيَقُولُونَ: اللهُمَّ سَلِّمْ، سَلِّمْ " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْجِسْرُ؟ قَالَ: " دَحْضٌ مَزِلَّةٌ، فِيهِ خَطَاطِيفُ وَكَلَالِيبُ وَحَسَكٌ تَكُونُ بِنَجْدٍ فِيهَا شُوَيْكَةٌ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ، فَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ، وَكَالْبَرْقِ، وَكَالرِّيحِ، وَكَالطَّيْرِ، وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، أي  مطروح فيها.

ويكون الناس في ذلك المشهد العظيم كما وصف الله : {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إلَّا هَمْسًا}   قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَلَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ إلَّا الرُّسُلُ وَدَعْوَى الرُّسُلِ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ}.

 والعبور على جهنم يكون في ظلمة شديدة

فقد سئل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات؟ قال: هم في الظلمة دون الجسر.

قيل:، فمن أول الناس إجازة؟ قال: فقراء المهاجرين»  

ومكان الظلمة دون الجسر   وفيها تقسيم الأنوار للجواز والمرور على الجسر،  

{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ }

تأتي البشارة للمؤمنين بالنجاة والفوز ، ويبقى في الظلمات الذين فتنوا أنفسهم وخدعوها بالأماني وغرتهم الدنيا ، فلما ايقنوا بالهلاك نادوا المؤمنين (أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ) ونعمل مثلكم في الدنيا (قَالُوا بَلَى) كنتم معنا وعملت مثلنا ولكنكم خلطتم أعمالكم بفتنة أنفسكم وقضيتم حياتكم على وهم الأماني وطول الأمل وراء سراب الغرور بالدنيا وشهواتها ومتعتها الفانية  (فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)

فعلى من يريد النجاة أن يحاسب نفسه بصدق وأمانة وينظر في ما يشغل به نفسه ويقضي به وقته ويفني فيه عمره مما يسمعه بإذنه  وينظر إليه بعينه ويقوله بلسانه وما يهتم به في يومه وليله وما يعمله في أوقاته ومن يرافقه ويصاحبه ، هل هو يفتن  نفسه أو يصلاحها ،هل هو يزكي نفسه او يدنسها {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}.

 

 

الخطبة الثانية

(وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)    أما بعد

إن عبور المؤمنون على الصراط وجهنم تحتهم تتلظى وتستعر موقف حقيقي ومشهد يقيني من مشاهد يوم القيامة لا شك ولا ريب فيه ولن ينجو أحدا إلا بقدر ما معه من تقوى الله والإيمان والعمل الصالح !

فيا أيها الرجل المريد نجاته هل أنت الآن مستعد للعبر على الصراط المنصوب فوق جهنم؟

لو نادى عليك الآن المناد وقال هيا انطلق للمرور على قدر إيمانك وعملك الصالح .. فما حالك عندما يقال لك ذلك؟

قال رسول الله : (فَيَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاطِ، وَالصِّرَاطُ كَحَدِّ السَّيْفِ دَحْضٌ مَزِلَّةٌ، قَالَ: فَيُقَالُ انْجُوا عَلَى قَدْرِ نُورِكُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَانْقِضَاضِ الْكَوْكَبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالطَّرْفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الرَّحْلِ وَيَرْمُلُ رَمَلًا فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، حَتَّى يَمُرَّ الَّذِي نُورُهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ يَجُرُّ يَدًا وَيُعَلِّقُ يَدًا وَيَجُرُّ رِجْلًا وَيُعَلِّقُ رِجْلًا فَتُصِيبُ جَوَانِبَهُ النَّارُ)

وهكذا كلما كان الإنسان من المسابقين إلى الصالحات كان اسرع مرورا وكلما كان من المتثاقلين تأخر في العبور وزادت نسبة الخطر في سقوطه في النار

ولسائل أن يسأل : ما هي الأعمال التي تؤدي للعبور الآمن على الصراط ؟

هي باختصار : التوبة النصوح ثم الاستقامة على تقوى الله.

قال الله تَعَالَى: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }  .

فكلما زاد نور الإيمان والتوبة والتقوى في قلبك الآن زاد وقوي النور الذي يعطى لك لتعبر به على الصراط الى الجنة.

وكلما زادت نار الجهل والغفلة في نفسك زادت نسبة سقوطك في النار .

الخميس، 17 سبتمبر 2020

من نعم الله علينا

 

الحمدلله الذي خلق السماوات والأرض الحمدلله الذي سخر لنا ما في السماوات والأرض الحمدلله الذي اسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة واشهد أن لا اله الا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله.... اتقوا الله ولا تكونوا كالذين بدلوا نعمة الله كفرا    أما بعد

من نعم الله على بلادنا وجود الكعبة المشرفة ودعوة نبي الله إبراهيم (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ)  ولكن نعمة البلد الآمن لم يشعر بها كثير ممن يتمتعون بها فقال مذكرا ومحذرا

(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ) وهناك من يرى أن اتباع غير هدي الرسول اسلم وابعد عن الشرور وإن اتباع هدي الرسول فيه خطر (وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)

وهناك نعمة أعظم وأجل وأنفع من نعمة البلد الآمن وهي نعمة ارسال الرسول محمد بدين الحق

(وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ ) وكان من دعائهما (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ)

فاستجاب الله لهذه الدعوة وبعث رسوله محمدا (شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) فأخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.

ثم طال بالناس العهد وصار بينهم وبين زمن النبوة قرون طويلة فقل العلم وكثر الجهل وراجت الخرافه ووقع الناس في الشرك فمن الله عليهم أن قام فيهم رجل منهم يدعوهم لكتاب الله وسنة رسوله وهو الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب فناصره الإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى ولم تزل دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الإصلاحية قائمة في هذه البلاد حتى قام الملك عبدالعزيز رحمه بتوحيد هذه البلاد وكانت هذه الدعوة لها الدور الفعال في جمع الكلمة وتوحيد والصف .. وإن كان هناك من يلمز هذه الدعوة الإصلاحية القائمة على الكتاب والسنة ويتهمها  بتهم باطلة ويمكن أن نجمل الرد على جميع تلك التهم ونقول هاتوا الدليل من الكتاب والسنة على ما تتهمون به هذه الدعوة .. بينوا لنا الأشياء التي خالفت فيها الكتاب والسنة ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).

وهناك من يتهم هذه الدعوة بالانغلاق والتشدد وغير ذلك التهم ..  وتلك تهم عارية من الدليل بل أن هناك ادلة تدمغ هذه التهم وتبين كذبها ومن هذه الأدلة :

إن علماء هذه البلاد الذي تخرجوا من مدرسة الدعوة الإصلاحية درسوا كتب العلم التي كتبت قبل وجود هذه الدعوة بقرون ومنها كتب الأئمة الأربعة وغيرهم من علماء القرون الأولى في تاريخ الإسلام. فهم امتداد لعلماء الإسلام

ومن الأدلة أن مساجد ومعاهد وجامعات هذه البلاد لم تنغلق على تدريس كتب علماء الدعوة الإصلاحية بل دُرِسَ فيها كتبٌ كثيرة لعلماءِ الإسلام منهم على سبيل المثال ابن كثير الدمشقي الشافعي ومنهم النووي الشامي الشافعي ومنهم ابن حجر العسقلاني ثم المصري الشافعي ومنهم أبي العز الحنفي من علماء الحنفية ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية الشامي وتلميذه ابن القيم ومنهم الشوكاني والصنعاني وهما من علماء اليمن المحققين المجددين وغيرهم الكثر العلماء.

ومن الأدلة التي تبطل تهمت الانغلاق والتقليد أن نخبة من علماء العالم الإسلامي من العراق والشام ومصر واليمن وغيرها قاموا بالتدريس والتعليم في الحرمين الشريفين وفي مساجد ومدارس المملكةالعربية السعودية .

عباد الله : إن ما أنعم الله به علينا من نعم وخاصة نعمة الدين يوجب علينا الخضوع لله والانقياد له بالطاعة وشكر نِعَمَه بالتقوى والاستقامة على طاعته والحذر من معصيته وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ

الخطبة الثانية

إن من مقاصد الإسلام الجليلة وقواعده الكبيرة الألفة بين المسلمين ووحدة صفهم واجتماع كلمتهم وهذا لن يكون إلا بالفهم الصحيح لكتاب الله وسنة رسولة والإستقامة على هدي النبي قال الله ( هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)

{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ  (أي بشرع الله) جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا (فيه ولا عنه) وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ (بالإيمان والقرآن والرسول) إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ (أي بدينه)إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }

فَاشْكُرُوا اللهَ تَعَالَى عَلَى نِعْمَةِ التَّوْحِيْدِ والسنة، وَالتِي مِنْ بَرَكَاتِهَا مَا نُشَاهِدُهُ مِنْ نِعْمَةِ الأَمْنِ وَوَحْدَةِ الصَّفِ فِيْ هَذِهِ البِلَادِ الـمُبَارَكَةِ، وَالْزَمُوا جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ، وَخُذُوا عَنْ الْعُلَمَاءِ الْأَجِلَّاءِ الرَّاسِخِينَ، وَأَعْرِضُوا عَنْ غَيْرِهِمْ مَنْ دُعَاةِ الْبَاطِلِ وَالْمَنَاهِجِ الضالة ولا تستبدلوا نعمة القرآن وطاعة الرحمن بمعصية الشيطان   قال الله

{وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}