الأربعاء، 24 يناير 2018

لتتبعن سنن من كان قبلكم (3)

لتتبعن سنن من كان قبلكم .. المقال (٣)

قال الله تعالى:
﴿يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون﴾
[البقرة: ٤٠].
وقال سبحانه: ﴿يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين﴾
[البقرة: ٤٧].

نادى الله اليهود بنفس اللقب الذي يحبونه لعلهم يقبلون رسالة الله التي جاءهم بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين!

ومن بلاغة هذه الآية أنها تدل على أهمية استخدام أسلوب الدعوة المحبب للمدعو وفي نفس الخطاب تفيد أسلوب التوبيخ  والذم لبني إسرائيل ومن نهج نهجهم، لأنهم تركوا شكر المنعم الذي أنعم عليهم وخصهم بنعمه من بين العالمين فما كان منهم إلا الكفر بدل الشكر، والعناد والكبر بدل التواضع، والاعراض والتولي بدل التسليم والقبول والانقياد، والاختلاف والتفرق بدل الاجتماع على الحق الصحيح الصريح.

وقد أنعم الله على بني إسرائيل بنعم كثيرة من أعظمها وأجلها :
١. نعمة إنزال الكتاب وإرسال الرسل فيهم.
٢. نعمة الإيمان والطاعة.
٣. نعمة التمكين في الأرض والملك.
٤. نعمة الرزق الطيب.
قال تعالى ﴿وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين﴾
[المائدة: ٢٠] وقال عز وجل: ﴿ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين﴾
[الجاثية: ١٦].

تأمل ثم اتعظ واعتبر:

إن بني إسرائيل كانوا أفضل العالمين حينما كانوا عباد الله الصالحين ولما فسدوا وبدلوا ضربت عليهم الذلة والصغار ولعنوا وجعل منهم القردة والخنازير!.

احذروا يا مسلمين:

فإنَّ بني إسرائيل كانوا أفضل العالمين في زمانهم -بسبب صلاحهم واستقامتهم على كتاب الله وسنن رسله ثم بدلوا بعد ذلك وغيروا من الصلاح إلى الفساد ومن الطاعة إلى المعصية- فإنَّ هذه الأمة قد يكون منها كما كان من بني إسرائيل من قبل وهذه تكاد تكون حقيقة كائنة اليوم!.

وكما بدل بنوا إسرائيل نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار فسيكون لهم أشباه في أمة الإسلام، قال تعالى:
﴿سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب﴾
[البقرة: ٢١١]

وفي هذا الزمن ظهر في المسلمين تبديل الدين -الذي هو أعظم نعم الله- مثلما كان في بني إسرائيل، وظهر هذه التبديل وانتشر بين المسلمين تحت مسميات قديمة وجديدة كثيرة منها:
١. التشيع تحت غطاء حب آل البيت.
٢. والتصوف والوجد وادعاء صفاء الروح وحب النبي وهم يخالفون سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
٣. الغلو وتكفير المسلمين وقتلهم بغير حق تحت ذريعة نصرة الدين.
٤. نبذ كتاب الله وسنة رسوله واتباع شياطين الإنس والجن كما هو موجود الآن في المذاهب المادية العلمانية كالحداثة والتغريب والعصرنة والتجديد والليبرالية … الخ .

وهذه المذاهب الشيطانية تخدع عوام المسلمين بشعارات التقدم والرقي والحضارة فكثر المتأثرون بسمومها، وكأن الخير لا يوجد إلا في التخلي عن الإسلام ونبذه!!
وكل من له ذرة عقل يعلم أن دين الإسلام جاء بخيري الدنيا والآخرة.

والجدير بالذكر أن بعض هذه المذاهب العلمانية تنطلي حقيقتها على ضعيف العقل وقليل العلم فيتأثر بها ويحمل أفكارها الملغومة الداعية لنبذ الدين وتبديله تحت مسمى التجديد والخطاب العصري والفهم المعاصر لنصوص الكتاب والسنة، والتجديد الواجب هو تجديد ما اندثر من معالم الدين وتعاليمه وأحكامه وهو مهمة وواجب الراسخين في العلم وليس المتعالمين أو المنحرفين الذين لا يعرفون من الدين إلا ما لقنهم إياه أسيادهم الغربيين.

فيجب على المسلمين معرفة صراط الله المستقيم واتباعه والثبات عليه والحذر مما يصد عنه فإن صراط الله المستقيم هو النعيم الذي ميز الله به الذين أنعم عليهم وفضلهم على العالمين وخصهم به واكرمهم بسلوكه في الدنيا ويجازيه عليه بالنعيم المقيم في الآخرة.

السبت، 20 يناير 2018

نبذة عن حياة العالم الكبير الليث بن سعد عالم مصر وفقيهها

مصرى كان أفقه من الامام مالك وقال الشافعى ندمت على عدم صحبته فمن هو ؟؟

كان يتصدق كل يوم على 300 مسكين،
ويصنع الحلوى لطلبة العلم ويضع فيها دنانير الذهب!

أهدى إليه الإمام مالك صينية فيها تمر،
فأعادها مملوءة ذهباً.
وَكَانَ يصنع لأَصْحَابه (الفالوذج) وَيضع فِيهِ الدَّنَانِير؛
ليحصل لكل من أكل كثيرًا أَكثر من صَاحبه
. كان باش الوجه
رقيق القلب
يطعم الصغار بيده
ويمشي في خدمه المساكين
، ما سأله أحد عطاء إلا وصله،
ولا حاجه إلا قضاها.

كَانَ دَخْلُه فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَمَانِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ
، مَا أَوْجَبَ اللهُ عَلَيْهِ زَكَاةَ دِرْهَمٍ قَطُّ؛
من كثرة إنفاقه في سبيل الله
، فما حال حول على هذه الأموال، ولا حتى ما يبلغ النصاب منها.

كان يجلس للمسائل
، يغشاه الناس، فيسألونه،
ويجلس لحوائج الناس
، لا يسأله أحدٌ فيرده،
كبُرت حاجته أو صغُرت،
وكان يُطعم الناس في الشتاء الهرائس بعسل النحل وسمن البقر،
وفي الصيف سويق اللوز في السكر؛ حيث أنه كان تاجر عسل.

أهدى ثلاثة أنفسٍ بثلاثة آلاف دينارٍ:
احترقت دار ابن لهيعة؛ فبعث إليه بألف دينارٍ،
وحج فأهدى إليه مالك بن أنسٍ رطبًا على طبقٍ، فرد إليه على الطبق ألف دينارٍ،
ووصل منصور بن عمارٍ القاضي بألف دينارٍ،
وقال: لا تسمع بهذا ابني فتهون عليه، فبلغ ذلك شعيب ابنه، فوصله بألف دينارٍ إلا دينارًا، وقال: إنما نقصتك هذا الدينار؛ لئلا أساوي الشيخ في عطيته!. يعني والده.

أتته امرأةٌ ومعها قدحٌ، فقالت: إن زوجي يشتكي، وقد نعت (وُصف) له العسل، فقال: اذهبي إلى أبي قسيمة (عامله) فقولي له يعطيك مطرًا من عسلٍ، (والمطر: الفَرَق، والفَرَق عشرون ومائة رطلٍ)، فذهبت، فما لبث أن جاء أبو قسيمة، فسارَّه بشيءٍ، لا أدري ما قال له، فرفع رأسه إليه فقال: اذهب فأعطها مطرًا، إنها سألت بقدرها، وأعطيناها بقدرنا.

إنه اللَّيْث بن سعد، كَبِير مصر، أميز من بهَا فِي عصره، بِحَيْثُ أَن النَّائِب وَالْقَاضِي تَحت أمره ومشورته.

وَكَانَ الشَّافِعِي يتأسف على فَوَات لقِياه، وَكَانَ يحسن الْقُرْآن والنحو ويحفظ الشّعْر والْحَدِيث، حسن المذاكرة.

كان يقول عنه الشافعي: اللَّيْث أفقه من مَالك إِلَّا أَن أَصْحَابه لم يقومُوا بِه.

قال قتيبة بن سعيد: كان اللَّيْث بن سعدٍ يركب في جميع الصلوات إلى الجامع، ويتصدق كل يومٍ على ثلاثمائة مسكينٍ.

ولد الليث بن سعد رحمه الله في قلقشندة (إحدى قرى محافظة القليوبية بمصر) سنة 94هـ، وتوفي رحمه الله بمصر، يوم الجمعة، في النصف من شعبان، سنة 175هـ، وكان عمره إحدى وثمانين سنة.

قال خالد بن عبدالسلام الصدفي: شهدت جنازة اللَّيْث بن سعدٍ مع والدي، فما رأيت جنازةً قط أعظم منها، رأيت الناس كلهم عليهم الحزن، وهم يعزي بعضهم بعضًا، ويبكون، فقلت: يا أبت، كأن كل واحدٍ من الناس صاحب هذه الجنازة، فقال: يا بني، لا ترى مثله أبدًا.
ولم يشتهر مذهبه لأن تلامذته لم يقوموا به وقد فاق في علمه الإمام مالك.

المصادر:

تاريخ دمشق لابن عساكر  (50/377).

الوافي بالوفيات (24/ 312).

تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (14 /524).

حلية الأولياء لأبي نعيم (7/ 319).

سير أعلام النبلاء (7/ 213).
رحم الله الإمام صاحب الفقه والقرآن