الخميس، 11 يونيو 2020

خطبة جمعة مختصرة ( ففروا إلى الله) الفرار الى الله


الحمد لله العلي العظيم القادر، هو الأول والآخر، والباطن والظاهر، عالم الغيب والشهادة المطلع على السرائر والضمائر. خلق فقدر، ودبّر فيسّر، فكل عبد إلى ما قدره عليه وقضاه صائر. أحمده سبحانه على خفيّ لطفه، وجزيل بره المتظاهر. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ولد ولا مظاهر. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صاحب الآيات والمعجزات والبصائر. اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه، ومن على سبيله إلى الله سائر، وسلم تسليما كثيرا.
 أما بعد، فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى، واعملوا ليوم تنكشف فيه السرائر، وتظهر فيه مخبآت الصدور والضمائر، وتدور فيه على المجرمين الدوائر، وتحصى فيه الصغائر والكبائر. يرفع فيه لواء الخزي لكل ناكث للعهد غادر.
تنصب فيه موازين الأعمال وتنشر الصحائف، فكل عبد إلى ما قدمه لنفسه صائر. فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله، يا خيبة الظالم والفاجر! ويا سعادة من استجاب لله ورسوله من ذوي الإيمان والبصائر!
فاتقوا الله عباد الله، فإن تقواه أنفع الوسائل والذخائر، ولا تكونوا كالذين بدلوا نعمة الله كفرا، ولم يلتفتوا إلى ما أمامهم من الموارد والمصادر. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا}

الخطبة الثانية
{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}
فَفِرُّوا -أيها الناس- من عقاب الله إلى رحمته بالإيمان به وبرسوله، واتباع أمره والعمل بطاعته، وترك  معصيته التي هي سبب عقابه إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ.إني لكم نذير بيِّن الإنذار ومخوفٌ عقابَه من عصاه. وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر، فزع إلى الصلاة، وهذا من الفرار إلى الله.
{ففروا إِلَى الله }  واهربوا من عذاب الله إلى الله بالإعمال الصالحات.
{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} والْجَئُوا إِلَيْهِ، وَاعْتَمِدُوا فِي أُمُورِكُمْ عَلَيْهِ، ومن توكل على الله  كفاه  {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ }.. ومن اتقى الله وقاه  {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}