الخميس، 18 أبريل 2019

كيف نربح رمضان ؟ استقبال رمضان بالتوبة النصوح



يتكرر رمضان على كثير من المسلمين كل سنة !    فمن ربح رمضان  ومن خسر ؟
وهذا السؤال  ينبغي أن يسأله العاقل نفسه ويجيب عليه إجابة عملية فعلية وهو كيف اربح رمضان؟
حتى نربح رمضان يجب علينا أن نعمل عدة اعمال ..أولها  التوبة وأن نستقبل رمضان بالتوبة الصادقة النصوح لأن التوبة من العمل الذي يحبه وينفعنا عند الله ويعيننا على الخير ويعطينا فرصة كبيرة للربح في رمضان
قال الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا}
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ: أَنْ يَتُوبَ مِنْ الذَّنْبِ ثُمَّ لَا يَعُودُ إلَيْهِ .
والاستقامة على الدين وعلى العمل الصالح في رمضان وغيره لا تكون إلا بتوبة  (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
والإيمان والعمل الصالح   والاستمرار على ذلك والثبات عليه في رمضان وغيره لا يكون بتوبة صالحة خالصة (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى)
والنجاة والفلاح في رمضان وغيره لا يكون بالتوبة النصوح (فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ)
وكما أن الطهارة تجب على المسلم  قبل الصلاة فكذلك التوبة مقدمة على الطهارة في كتاب الله فيجب أن نستقبل العبادات وخاصة العظيمة كرمضان بالتوبة  النصوح (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)
عباد الله : الْعَبْدُ إِذَا أَعْرَضَ عَنِ اللَّهِ وَاشْتَغَلَ بِالْمَعَاصِي ضَاعَتْ عَلَيْهِ أَيَّامُ حَيَاتِهِ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي يَجِدُ غِبَّ إِضَاعَتِهَا يَوْمَ يَقُولُ: {يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}
وإِنَّ مِنْ عُقُوبَةِ السَّيِّئَةِ السَّيِّئَةُ بَعْدَهَا، فيجب أن نتوب إلى الله من السَّيِّئَةِ حتى ننجو من عقوبتها ومن عقوباتها العاجلة الحرمان من الحسنة  
فَمن غفل عن التوبة ضَاعَ عَلَيْهِ عُمُرُهُ كُلُّهُ، وَذَهَبَتْ حَيَاتُهُ بَاطِلًا، وَتَعَسَّرَتْ عَلَيْهِ أَسْبَابُ الْخَيْرِ بِحَسْبِ اشْتِغَالِهِ بِأَضْدَادِهَا، وَذَلِكَ نُقْصَانٌ حَقِيقِيٌّ مِنْ عُمُرِهِ وإيمانه..
وَلَا يَزَالُ الْعَبْدُ يُعَانِي الطَّاعَةَ وَويجاهد نفسه عليها فيَأْلَفُهَا وَيُحِبُّهَا وَيُؤْثِرُهَا حَتَّى يُرْسِلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِرَحْمَتِهِ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ تَؤُزُّهُ إِلَيْهَا أَزًّا، وَتُحَرِّضُهُ عَلَيْهَا، وَتُزْعِجُهُ عَنْ فِرَاشِهِ وَمَجْلِسِهِ إِلَيْهَا.
وَلَا يَزَالُ يَأْلَفُ الْمَعَاصِيَ وَيُحِبُّهَا وَيُؤْثِرُهَا، حَتَّى تتسلط  علَيْهِ الشَّيَاطِينُ، فَتَؤُزُّهُ إِلَيْهَا أَزًّا.
فَالْأَوَّلُ قَوّى جَنَّدَ الطَّاعَةَ بِالْمَدَدِ، فَكَانُوا الملائكة مِنْ أَكْبَرِ أَعْوَانِهِ، وَالثاني قَوّى جَنَّدَ الْمَعْصِيَةَ بِالْمَدَدِ فَكَانُوا الشياطين أَعْوَانًا عَلَيْهِ
قال الله (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)
اقل ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب
الخطبة الثانية : الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى
اعلموا رحمكم إن من كان عليه قضاء من رمضان الماضي فإنه يجب اغتنام ما بقي من شعبان لصيام القضاء لأن تاخير القضاء إلى رمضان لا يجوز لمن يستطيع القضاء .
 إخوة الإيمان :  إن كثير من النّاس لا يستحضر عند التّوبة الذنوب التي يتوب منها  إلّا بعض المعاصي او بعض الفاحشة أو مقدّماتها أو بعض الظّلم باللّسان أو اليد، وقد يكون ما تركه من المأمور الّذي يجب عليه في باطنه وظاهره من شعب الإيمان وحقائقه أعظم ضررا عليه ممّا فعله من بعض الفواحش؛ فإنّ ما أمر الله به من حقائق الإيمان الّتي بها يصير العبد من المؤمنين حقّا أعظم نفعا من نفع ترك بعض الذّنوب الظّاهرة،
ولسائل أن يسأل  ويقول : ما هي حقائق الإيمان الّتي   تجب التوبة من التقصير فيها :
الجواب :
حقائق الإيمان الّتي تجب علينا التوبة من التقصير فيها  كثيرة ومن أهمها  :  حبّ الله ورسوله، فإن ضعف حب الله ورسوله هو سبب ضعف إيماننا وسبب ضعف تقصيرنا في الأعمال الصالحة قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُوقَدَ لَهُ نَارٌ فَيُقْذَفَ فِيهَا
ومحبة الله ورسوله لها علامة تبين الصادق من الكاذب وهذه العلامة والدليل الذي يعرف به الصادق في حبه لله ورسوله هي تصديق  الرسول فيما أخبر وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر وأن لا يعبد الله إلا بما شرع .. قال الله قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
ومن حقائق الإيمان التي نغفل عنها  وعن تقويتها في قلوبنا ونغفل عن التوبة من التقصير فيها  حب الله ورسوله، وخشية الله والإنابة إليه، وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضا بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف من عذابه، وأمثال ذلك من الحقائق الإيمانية التي يجب العناية بها لأن العبودية لله لا تتم إلا بتحقيق هذه الحقائق 
 والناس يتفاضل ويتفاوتون  فيما يتعلق بزيادة الإيمان ونقصه  وحب الله ورسوله وخشية الله، والإنابة إليه، والتوكل عليه، والإخلاص له، وفي سلامة القلوب من الرياء، والكبر والعجب، واتصاف القلوب بالرحمة للخلق والنصح لهم.  
 والتّوبة واجبة على كلّ مسلم في كلّ حال، وخاصة التوبة من الخلل والتقصير في أعمال القلب لأن فساد القلب يفسد كل شيء وبصلاحه يصلح كل شيء .
 فالتوبة في كل حين ومن كل ذنب واجبة والمسلم عليه أن يتوب دائما .. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى رَبِّكُمْ، فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ)   وقال الله (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

فقه الجمعة وأهميتها وأهمية وجوبها على كل مسلم (الجزء الثالث)



فإن أَصْدَقُ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»وكل ضلالة في النار.
أيها المسلمون:
لقد جعل الله تعالى لأهل كلِّ ملَّة يومًا يتفرَّغون للتزود من العبادة، ويتخلَّوْن فيه عن أشغال الدنيا، فاختصَّ الله عز وجل أمَّةَ الإسلام بيوم الجمعة، وأضلَّ الله تعالى عن هذا اليومِ الجليل اليهودَ والنصارى، فلم يوافقوه؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَضَلَّ اللهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، فَجَاءَ اللهُ بِنَا فَهَدَانَا اللهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ، ثم السَّبْتَ، وَالْأَحَدَ، وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ»
 أيها المسلمون:
كان من هدي نبيِّنا صلى الله عليه وسلم تعظيمُ هذا اليوم وتشريفه، وتخصيصه بعبادات يختص بها عن غيره،
فيجب أن نعتني بهذا اليوم المبارك، وأن تسري عظمتُه في قلوبنا، وأن نعظِّمه في قلوب أبنائنا وأهلينا، وأن نتنافس فيه على أعمال الخير والبِرِّ، وأن نحذر أن نكون ممن لا يعرف للجمعة قدرًا ولا فضلاً، ولا عبادة ولا فرضًا، ولْنعلمْ عبادَ الله أن ليوم الجمعة حُرمتَه عند الله، فالذي يعصي الله ويقصد يوم الجمعة بنوع من أنواع الذنوب والمعاصي، فإثمُه ووزره أعظمُ من الذي يعصيه في غيره من الأيام؛ لانتهاكه لحرمة هذا اليوم، كما أن للأعمال الصالحة فيه مزيةً وأجرًا على غيرها من سائر الأيام.
يقول ابن القيم - رحمه الله -: "إن يوم الجمعة هو اليوم الذي يُستحب أن يُتفرَّغ فيه للعبادة، وله على سائر الأيام مزيةٌ بأنواع من العبادات واجبة ومستحبة، وهو في الأيام كشهر رمضان في الشهور، وساعةُ الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان؛ ولهذا مَن صحَّ له يومُ جمعتِه وسلِم، سلمتْ له سائرُ أيام أسبوعيه 
، ومن صح له رمضان وسَلِم، سَلِمت له سائر سَنَتِه، ومن صحَّت له حَجَّتُه وسَلِمَت له، صح له سائرُ عُمرِه؛ فيومُ الجمعة ميزان الأسبوع، ورمضانُ ميزان العام، والحجُّ ميزان العمر".
عباد الله:
إنه لمؤسفٌ واللهِ أن تستشعر الملائكةُ والدواب والشجر والحجر عظمةَ هذا اليوم، وتخشى ما يقع فيه، والإنسُ والجان عنه غافلون.

فاتقوا الله - عبادَ الله، واغتنموا يوم الجمعة بجلائل الأعمال الصالحة، التي تقرِّبكم إلى الله تعالى وتُدنيكم من رحمته ورضوانه؛ فإن ذلك من أسباب الفلاح والتوفيق في الحياة الدنيا وفي الآخرة؛ يقول عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾  .
أيها المسلمون:

تتعلق بهذا اليوم المبارك بعضُ المسائل الفقهية، يحسن التنبيه عليها، ولفت الأنظار إليها، ومنها:
أولاً: إذا دخل وقت صلاة الجمعة، يحرم السفر لمن تلزمه الجمعةُ بعد النداء لها؛ لأن السفر مانعٌ من حضور الصلاة، لكن لو خاف فوات الرفقة، أو الطائرة التي حجز عليها، أو فوات غرضه لو تأخر - فله السفر للضرورة، أما السفر قبل النداء لصلاة الجمعة، فيُكره، إلا إذا كان سيؤديها في طريقه في جامع آخر.
ثانيًا: قراءة سورتي السجدة والإنسان في فجر الجمعة سنة عامٌّة للرجال والنساء؛ لأن ما فعله صلى الله عليه وسلم في صلاته من أفعال، أو قاله من أقوال، فهو مشروع للرجال والنساء، وللمنفرد والإمام.
كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ بسورتي: تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ.
وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ بهاتين السورتين في فجر الجمعة؛ لأنهما تضمنتا ما كان ويكون في يومها، حيث اشتملتا على خلق آدم، وعلى ذِكر المعاد، وحشرِ العباد، وذلك يكون يوم الجمعة، وفي قراءتهما في هذا اليوم تذكيرٌ للأمة بما يحدث فيه من الأحداث العظام؛ حتى يستعدُّوا لذلك،
 ثالثا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ، وَفِي الْجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ»،    «وَإِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ، فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، يَقْرَأُ بِهِمَا أَيْضًا فِي الصَّلَاتَيْنِ       
و كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ سُورَةَ الْجُمُعَةِ، وَالْمُنَافِقِينَ    ".
 وقد قال صلى الله عليه وسلم: (صلُّوا كما رأيتموني أصلي).

رابعًا: صيام يوم الجمعة منفردًا نهى عنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا كان صومه لخصوصية،   قَالَ: «لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ»
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:
«لاَ يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ
     والحكمة في النهي عن تخصيص يوم الجمعة بالصيام: أن يوم الجمعة عيد للأسبوع، فمِن أجل هذا نُهي عن إفراده بالصوم، ولأن يوم الجمعة يوم ينبغي للرجال فيه التقدُّم إلى صلاة الجمعة، والاشتغال بالدعاء والذِّكر، فهو شبيه بيوم عرفة الذي لا يشرع للحاج أن يصومه؛ لأنه مشتغل بالدعاء والذكر؛ لكن إذا صادف يومُ الجمعة يومَ عرفة، فصامه صحيح، وكذلك لو عليه قضاءٌ من رمضان، ولا يتسنى له فراغ إلا يوم الجمعة، فإنه لا حرج عليه أن يفرده؛ وذلك لأنه يوم فراغه، وكذلك لو صادف يوم الجمعة يوم عاشوراء فصامه، فإنه لا حرج عليه أن يفرده؛ لأنه صامه لأنه يوم عاشوراء، لا لأنه يوم الجمعة، فالحديث نهى عن التخصيص؛ أي: أن يفعل الإنسان ذلك لخصوص يوم الجمعة أو ليلتها..
خامسا إن من الأشياء التي قد يجهلها بعض الناس يوم الجمعة: أن صلاة الجمعة تُدرك بإدراك ركعة من ركعتيها، أما إذا أدرك المتأخر الإمام قد رفع من ركوع الركعة الثانية، فإنه يصليها ظهراً أي: أربع ركعات لا ركعتين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ركعة من الجمعة أو غيرها فقد تمت صلاته)
وأقل شيء تدرك به الركعة أن يدرك إمامه في ركوع تام
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، وهدي سنة سيد المرسلين، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم.

الحمد الله المتفضل الكريم، الرؤوف الرحيم، والصلاة والسلام على نبي الرحمة، وسراج الأمة، التي أخرجها الله به من دياجير الظلمة إلى نور الطريق المستقيم، أما بعد:
إن من أعظم خصائص هذا اليوم المبارك، ومن أعظم ما يتقرَّب به العبدُ إلى ربه في يوم الجمعة: أداءَ صلاة الجمعة التي أمر الله بها عباده جماعةً مع المسلمين؛ فهي من أهم فروض الإسلام، ومن أعظم مجامع المسلمين، وهي أعظم من كل مَجمَعٍ يجتمعون فيه وأفرضُه؛ سوى مجمع عرفة، وقد خُصَّتْ صلاةُ الجمعة من بين سائر الصلوات المفروضات بخصائصَ لا توجد في غيرها؛ من الاجتماع، والجهر بالقراءة، وقد شدَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم في التحذير من التخلُّف عن الجمعة تهاونًا بغير عذر، مبيِّنًا أنَّ مَن فعل ذلك فقد عرَّض نفسَه للإصابة بداء الغفلة عن الله، والطَّبْع على قلبه، ومَن طَبَع الله على قلبه، عميتْ بصيرتُه، وساء مصيرُه؛
عباد الله:

فمن ذلك: أن الجمعة فرض عين على كل رجل بالغ عاقل صحيح مقيم، ولا يجوز التأخر عنها بعد صعود الخطيب المنبر؛ انشغالاً ببيع أو شراء أو نحو ذلك، وكل بيع أو عقدٍ بعد النداء الثاني فهو باطل وماله حرام.

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9].

ويحرم تركها والتخلف عنها بغير عذر شرعي، فمن فعل ذلك فقد ارتكب ذنباً عظيماً، وغدا أثيماً، وجنى على نفسه بختم قلبه، وعصيان ربه.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً على أعواد منبره: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ»
هذه عقوبة معنوية، وهناك عقوبة حسية همَّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها من أجل النساء والأطفال الذين في البيوت قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْظُرَ، فَأُحَرِّقَ عَلَى قَوْمٍ بُيُوتَهُمْ، لَا يَشْهَدُونَ الْجُمُعَةَ»
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْكِتَابَ وَاللَّبَنَ» قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَالُ [ص:556] الْكِتَابِ؟ قَالَ: «يَتَعَلَّمُهُ الْمُنَافِقُونَ ثُمَّ يُجَادِلُونَ بِهِ الَّذِينَ آمَنُوا» فَقِيلَ: وَمَا بَالُ اللَّبَنِ؟ قَالَ: «أُنَاسٌ يُحِبُّونَ اللَّبَنَ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ الْجَمَاعَاتِ وَيَتْرُكُونَ الْجُمُعَاتِ ويبدون  . 
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ.. 
واحذروا  رحمكم الله من خطوات الشيطان ..ومن خطوات الشيطان التهاون في التبكير لصلاة الجمعة ..وتلك خطوة تؤدي للتأخر ..والتأخر خطوة للتفريط في الخطبة ..وتلك خطوة للتهاون بالصلاة  ..والتهاون عاقبته ترك الجمعة ..وهكذا خطوات تجر لبعضها وقد حذرنا الله من ذلك بقوله   يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ »
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ عَنِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ»