الخميس، 30 مايو 2013

لماذا يأمر الله الرسل وينهاهم


قوله تعالى: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} ، قد أمر نبيه داود فيه، بالحكم بين الناس بالحق ونهاه فيه عن اتباع الهوى، وأن اتباع الهوى، علة للضلال عن سبيل الله، لأن الفاء في قوله فيضلك عن سبيل الله تدل على العلية.
وقد تقرر في الأصول، في مسلك الإيماء والتنبيه، أن الفاء من حروف التعليل كقوله: سهى فسجد، وسرق فقطعت يده، أو لعلة السهو في الأول، ولعلة السرقة في الثاني، وأتبع ذلك بالتهديد لمن اتبع الهوى، فأضله ربنا عن سبيل الله، في قوله تعالى بعده يليه: {إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} .
ومعلوم أن نبي الله داود، لا يحكم بغير الحق، ولا يتبع الهوى، فيضله عن سبيل الله، ولكن الله تعالى، يأمر أنبياءه عليهم الصلاة والسلام، وينهاهم، ليشرع لأممهم.

ولذلك أمر نبينا صلى الله عليه وسلم، بمثل ما أمر به داود، ونهاه أيضاً عن مثل ذلك، في آيات من كتاب الله كقوله تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} . وقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} ، وكقوله تعالى: {وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} ، وقوله تعالى: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} ، وقوله تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} .
وقد قدمنا الكلام على هذا، في سورة بني إسرائيل، في الكلام على قوله تعالى: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً} .
وبينا أن من أصرح الأدلة القرآنية الدالة على أن النبي يخاطب بخطاب، والمراد بذلك الخطاب غيره يقيناً قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا} ، ومن المعلوم أن أباه صلى الله عليه وسلم توفي قبل ولادته، وأن أمه ماتت وهو صغير، ومع ذلك فإن الله يخاطبه بقوله تعالى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا} ومعلوم أنه لا يبلغ عنده الكبر أحدهما، ولا كلاهما لأنهما قد ماتا قبل ذلك بزمان.
فتبين أن أمره تعالى لنبيه ونهيه له في قوله {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} : إنما يراد به التشريع على لسانه لأمته، ولا يراد به هو نفسه صلى الله عليه وسلم، وقد قدمنا هناك أن من أمثال العرب. "إياك أعني واسمعي يا جارة"، وذكرنا في ذلك رجز سهل بن مالك الفزاري الذي خاطب به امرأة، وهو يقصد أخرى وهي أخت حارثة بن لأم الطائي وهو قوله:
يا أخت خير البدو والحضاره
... كيف ترين في فتى فزاره
أصبح يهوى حرة معطاره
... إياك أعني واسمعي يا جاره
وذكرنا هناك الرجز الذي أجابته به المرأة، وقول بعض أهل العلم إن الخطاب في
قوله: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا} ، هو الخطاب بصيغة المفرد، الذي يراد به عموم كل من يصح خطابه. كقول طرفة بن العبد في معلقته:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود
أي: ستبدي لك ويأتيك أيها الإنسان الذي يصح خطابك، وعلى هذا فلا دليل في الآية، غير صحيح، وفي سياق الآيات قرينة قرآنية واضحة دالة على أن المخاطب بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم وعليه. فالاستدلال بالآية، استدلال قرآني صحيح، والقرينة القرآنية المذكورة، هي: أنه تعالى قال في تلك الأوامر والنواهي التي خاطب بها رسوله صلى الله عليه وسلم، التي أولها: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ} . ما هو صريح، في أن المخاطب بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم، لا عموم كل من يصح منه الخطاب، وذلك في قوله تعالى: {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً} .

الجمعة، 17 مايو 2013

النبتة الخبيثة .. رد العشماوي على الخائب محمد آل الشيخ


قصيدة للشاعر العشماوي ردا على المتأمرك محمد آل الشيخ بعد استهتاره ببعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم
في تويتر..     
                                                                                             (النبتة الخبيثة)

يُسيء إلى الحديث ولا يبالي
إساءة من تمرّغ في الضلالِ
يُكذب ما تألق من حديث
وصحَّ عن الثقاتِ من الرجال
له فكرٌ كسردابٍ خبيث
مليء بالزواحفِ والسعالي
عجبتُ لنبتةٍ نجمتْ بخبثٍ
ومنبتُـها كريم في الخصال
لها ورق كأظفار البـَغايا
وسـاق مثل ساقِ أبي رغال
وشرّ الناس من يـُغويه وهـمٌ
ويصرفه الحرامُ عن الحلالِ
الرياض ٦-٧-١٤٣٤

نون الهوان من الهوى مسروقة





من أبلغ ما قاله الناس في ذم الهوى

الهوى هوانٌ، ولكن غلط باسمه.

من أطاع هواه أعطى عدوه مناه.

 الهوى شريك العمى.

أكثر الصواب في مخالفة الهوى.

جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم.

أشجع الناس أقهرهم لهواه.

من قوي هواه ضعف رأيه.

عين الهوى لا تصدق. 

الرأي نائمٌ والهوى يقظان. 

آفة الرأي الهوى.

كم من عقلٍ كبيرٍ أسيرٍ عند هوىً حقيرٍ. 

أكثر الناس افتضاحاً أكثرهم في هواه جماحاً.

وقال الشاعر:

إذا طالبتك النّفس يوماً بشهوةٍ ... وكان عليها للخلاف طريق
فخالف هواها ما استطعت فإنما ... هواك عدوٌّ والخلاف صديق

وقال الآخر:
إذا أنت لم تعص الهوى قادك الهوى ... إلى بعض ما فيه عليك مقال

وقال الثالث:
نون الهوان من الهوى مسروقةٌ ... فإذا هويت فقد لقيت هوانا
وإذا هويت فقد تعبّدك الهوى ... فاخضع لإلفك كائناً من كانا

وقال الرابع:
نون الهوان من الهوى مسروقةٌ ... فإذا هويت فقد لقيت هوانا


وقال الخامس:
نونُ الهَوَانِ من الهوى مَسْرُوقَة ٌ  ....  فصريعُ كلَّ هوى ً صريع هَوانِ

نون الهوانِ منَ الهوى مسروقةٌ ... وحليفُ كل هوىً حليفُ هوان


درر

درر

قال بعض السلف: العجب ممن يشتري المماليك بالدراهم كيف لا يشتري الأحرار بالمكارم.

وأعرف بيتاً قد بيت أكثر من مائة ألف في المساجد، وهو قول القائل:
فسر في بلاد الله والتمس الغنى ... تعش ذا يسار أو تموت فتعذرا

ترحل فما بغداد دار إقامة ... ولا عند من يرجى ببغداد طائل
بلاد ملوك سمنهم في أديمهم ... وكلهم من حلية المجد عاطل
ولا غرو أن شلت يد الجود والندى ... وقل سماح من أناس ونائل
إذا غضغض البحر الغطامط ماءه ... فليس عجيباً أن تغيض الجداول
...
كم مرة ذكرت (الحور العين) في القرآن الكريم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد ورد ذكر الحور منكرة في القرآن الكريم في أربعة مواضع: الأول: كذلك وزوجناهم بحور عين[الدخان: 45] الثاني: وزوجناهم بحور عين[الطور: 20] الثالث: حور مقصورات في الخيام[الرحمن:72] الرابع: وحور عين[الواقعة:22] والله أعلم.

تطويل الخطبة
قال الأعمش عن أبي وائل: "استخلف عليٌ عبدَ الله بن عباس على الموسم، فخطب الناس فقرأ في خطبته سورة البقرة، وفي رواية سورة النور، ففسرها تفسيراً لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا"
..........
ولفظ أحمد : « إن من أشراط الساعة (أو: في شرار الخلق): أن يتدافع أهل المسجد لا يجدون إمامًا يصلي بهم » .
وفي رواية لأحمد وابن ماجه؛ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « يأتي على الناس زمان يقومون ساعة لا يجدون إمامًا يصلي بهم » .
وهذا حديث حسن.
...زززز
حضر بعض الرؤساء صلاة الجمعة و به مرض لا يحتمل معه تطويل الخطبة فصعد الخطيب المنبر فقال : الحمد لله رب العالمين و صلواته على أشرف النبياء و المرسلين أما بعد : فإن الدنيا دار ممر و الآخرة دار مقر فخذوا لمقركم من ممركم و لا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم و أخرجوا الدنيا من قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم أقول قولي هذا و أستغفر الله لي و لكم

إذَا انْقَطَعَتْ أَطْمَاعُ عَبْدٍ عَنْ الْوَرَى
تَعَلَّقَ بِالرَّبِّ الْكَرِيمِ رَجَاؤُهُ
 فَأَصْبَحَ حُرًّا عِزَّةً وَقَنَاعَةً
عَلَى وَجْهِهِ أَنْوَارُهُ وَضِيَاؤُهُ
وَإِنْ عَلِقَتْ بِالْخَلْقِ أَطْمَاعُ نَفْسِهِ
تَبَاعَدَ مَا يَرْجُو وَطَالَ عَنَاؤُهُ
فَلَا تَرْجُ إلَّا اللَّهَ لِلْخَطْبِ وَحْدَهُ
 وَلَوْ صَحَّ فِي خِلِّ الصَّفَاءِ صَفَاؤُهُ
………

ولما كان هذا المقصود إنما يتمُّ مع الصوم، شُرِع الاعتكاف فى أفضل أيام الصوم، وهو العشر الأخير من رمضان، ولم يُنقل عن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه اعتكف مفطراً قَطُّ، بل قد قالت عائشة: لا اعتكاف إلا بصوم.
ولم يذكر اللهُ سبحانه الاعتكاف إلا مع الصوم، ولا فعله رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا مع الصوم.
فالقول الراجح فى الدليل الذى عليه جمهورُ السَلَف: أن الصومَ شرطٌ فى الاعتكاف، وهو الذى كان يُرجِّحه شيخُ الإسلام أبو العباس بن تيمية.
وأما الكلامُ، فإنه شُرِعَ للأمة حبسُ اللسان عن كل ما لا ينفع فى الآخرة.
زاد المعاد لابن قيم الجوزية

فائدة:
أركان الإيمان التي يقوم عليها بناؤه
1 – قول  القلب وهو المعرفة والعلم.
2 – قول اللسان .
3 – فلا يكون مؤمنا حتى يأتي بعمل القلب من محبة الله وموالاته ورسوله ودينه وأوليائه .
4 – عمل الجوارح.
عدة الصابرين ملخصا بمعناه.

فائدة
الأئمة الأربعة أركان التابعين وهم الحسن وسعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي
أنه جعل الاسلام كالقبة المبنية على خمسة أركان فإذا وقع ركنها الاعظم وقعت قبة الإسلام

فائدة
العلاَّمة الكبير الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله الرجل العابد المجاهد الشجاع ، القائل :
نحن نرفض أن يكون أمامنا في الحكم والسياسة غير إمامنا في صف الصلاة .
قال الحسنُ رحمه الله : عَمِلُوا واللهِ بالطَّاعاتِ واجتَهدُوا فيها وخافوا أنْ تُرَدَّ عليهم ، إنَّ المؤمنَ جمع إحساناً وخشية ، وإنَّ المنافقَ جمع إساءة وأمناً.( 2 )
آيةٌ عظيمة أرَّقَتْ قلوبَ الخائفين وقَصَمَتْ ظهورَ الصالحين ، فلله دَرُّهُمْ( 3 )
رُوِيَ عن علي ( : أنَّه كان ينادي في آخرِ ليلةٍ من رمضان : ياليتَ شعري ! من المقبولُ فنهنَّيه ؟ ومن المحرومُ فنعزَّيه ؟
وذا ابنُ مسعودِ ( يقول : أيها المقبولُ هنيئاً لك ، ويا أيها المردودُ جَبَرَ اللهُ مصيبتَك !( 1 )



وقيل لبنت الخس، وهي أفصح نساء العرب: ما يحمل المرأة على الزنا؟ فقالت: طول السواد، وقرب الوساد.


وقال بعض الأدباء في سجعه: الساخر خاسر، والكامل مالك، والمحمود ممدوح.


الحمدُ للهِ الذي ... بفضلهِ فضلنا
كأنهُ من طول ما ... أمهلنا أهملنا
والفرزدق مما يستحسنه المتقدمون:
والشيبُ ينهضُ في الشبابِ كأنه ... ليلٌ يلوح بجانبيه نهارُ

بِ من الخناجرِ في الحناجرِ

عفاءً على هذا الزمانِ. فإنهُ ... زمانُ عقوقٍ لا زمانُ حقوقِ
فكلُّ رفيقٍ فيهِ غيرُ موافقٍ ... وكلُّ صديقٍ فيه غيرُ صدوقِ

الجمعة، 3 مايو 2013

ابن قيم يصف نساء الجنة

قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ- في صفة عرائس الْجَنَّة، وحسنهن وجمالهن، ولذة وصالهن ومهورهن:
يا مَنْ يَطُوفُ بِكَعْبَةِ الْحُسْنِ الَّتِي ** حُفَّتْ بِذَاكَ الْحِجْرِ وَالأَرْكَانِ

وَيَظَلُّ يَسْعَى دَائِمًا بَيْنَ الصَّفَا ** وَمُحَسِّرٌ مَسْعَاهُ لا الْعَلَمَانِ

وَيَرُومُ قُرْبَانَ الْوِصَالِ عَلَى مِنَى ** وَالْخَيْفُ يَحْجِبُهُ عَنِ الْقُرْبَانِ

فَلِذَا تَرَاهُ مُحْرِمًا أَبَدًا وَمَوْ ** ضِعُ حِلِّهِ مِنْهُ فَلَيْسَ بِدَانِي

يَبْغِي التَّمَتُعَ مُفْرَدًا عَنْ حِبِّهِ ** مُتَجَرِّدًا يَبْغِي شَفِيعَ قِرَانِ

فَيَظَلُّ بِالْجَمَرَاتِ يَرْمِي قَلْبَهُ ** هَذِي مَنَاسِكُهُ وَكُلُّ زَمَانِ

وَالنَّاسُ قَدْ قَضَّوْا مَنَاسِكَهُمْ وَقَدْ ** حَثُوا رَكَائِبَهُمْ إِلَى الأَوْطَان

وَخَدَتْ بِهِمْ هِمَمٌ لَهُمْ وَعَزَائِمُ ** نَحْوَ الْمَنَازِلَ أَوَّلَ الأَزْمَانِ

رُفِعَتْ لَهُمْ فِي السَّيْرِ أَعْلامُ الْوِصَا ** لِ فَشَمِّرُوا يَا خَيْبَةَ الْكَسْلانِ

وَرَأَوا عَلَى بُعْدٍ خِيَامًا مُشْرِفَا ** تٍ مُشْرِقَاتِ النُّورِ وَالْبُرْهَانِ

فَتَيَمَّمُوا تِلْكَ الْخِيَامَ فَآنَسُوا ** فِيهِنَّ أَقْمَارًا بِلا نُقْصَانِ

مِنْ قَاصِرَاتِ الطَّرْفِ لا تَبْغِي سِوَى ** مَحْبُوبِهَا مِنْ سَائِرِ الشُّبَّانِ

قَصَرَتْ عَلَيْهِ طَرْفَهَا مِنْ حُسْنِهِ ** وَالطَّرْفُ فِي ذَا الْوَجْهِ لِلنَّسْوَانِ

أَوْ أَنَّهَا قَصَرَتْ عَلَيْهِ طَرْفَهُ ** مِنْ حُسْنِهَا فَالطَّرْفُ لِلذُّكْرَانِ

وَالأَوَّلُ الْمَعْهُودُ مِنْ وَضْعِ الْخِطَا ** بِ فَلا تَحُدْ عَنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ

وَلَرُبَّمَا دَلَّتْ إِشَارَتُه عَلَى الثَّـ ** ـانِي فَتِلْكَ إِشَارَةٌ لِمَعَانِي

هَذَا وَلَيْسَ الْقَاصِرَاتُ كَمَنْ غَدَتْ ** مَقْصُورَةً فَهُمَا إِذًا صِنْفَان

يَا مُطْلِقَ الطَّرْفِ الْمُعَذَّبِ فِي الأُلَى ** جُرِّدْنَ عَنْ حُسْنٍ وَعَنْ إِحْسَانِ

لا تَسْبِينَّكَ صُورَةٌ مِنْ تَحْتِهَا الدَّ ** اءُ الدَّفِينُ تَبُوءُ بِالْخُسْرَانِ

قَبُحَتْ خَلائِقُهَا وَقُبِّحَ فِعْلُهَا ** شَيْطَانَةٌ فِي صُورَةِ الإِنْسَانِ

تَنْقَادُ لِلأَنْذَالِ وَالأَرْذَالِ هُمْ ** أَكْفَاؤُهَا مِنْ دُونِ ذِي الإِحْسَانِ

مَا ثُمَّ مِنْ دِينٍ وَلا عَقْلٍ وَلا ** خُلُقٍ وَلا خَوْفٍ مِن الرَّحْمَنِ

وَجَمَالُهَا زُورٌ وَمَصْنُوعٌ فَإِنْ ** تَرَكْتُهُ لَمْ تَطْمَح لَهَا الْعَيْنَانِ

طُبِعَتْ عَلَى تَرْكِ الْحِفَاظِ فَمَا لَهَا ** بِوَفَاءِ حَقِّ الْبَعْلِ قَطُ يَدَانِ

إِن قَصَّرَ السَّاعِي عَلَيْهَا سَاعَةً ** قَالَتْ وَهَلْ أَوْلَيْتَ مِنْ إِحْسَانِ

أَوْ رَامَ تَقْوِيمًا لَهَا اسْتَعْصَتْ وَلَمْ ** تَقْبَلَ سِوَى التَّعْوِيجِ وَالنُّقْصَانِ

أَفْكَارُهَا فِي الْمَكْرِ وَالْكيدِ الَّذِي ** قَدْ حَارَ فِيهِ فِكْرَةُ الإِنْسَانِ

فَجَمَالُهَا قِشْرٌ رَقِيقٌ تَحْتَهُ ** مَا شِئْتَ مِنْ عَيْبٍ وَمِنْ نُقْصَانِ

نَقْدٌ رَدِيءٌ فَوْقَهُ مِنْ فِضَّةٍ ** شَيْءٌ يُظَنُّ بِهِ مِنْ الأَثْمَانِ

فَالنَّاقِدُونَ يَرَوْنَ مَاذَا تَحْتَهُ ** وَالنَّاسُ أَكْثَرْهُم مِن الْعُمْيَانِ

أَمَّا جَمِيلاتُ الْوُجُوهِ فَخَائِنَا ** تُ بُعُولَهنَّ وَهُنَّ لِلأَخْدَانِ

وَالْحَافِظَاتُ الْغَيْبِ مِنْهُنَّ الَّتِي ** قَدْ أَصْبَحَتْ فَرْدًا مِنْ النّسْوَانِ

فَانْظُرْ مَصَارِعَ مَنْ يَلِيكَ وَمَنْ خَلا ** مِنْ قَبْلُ مِن شَيْبٍ وَمِنْ شُبَّانِ

وَارْغَبْ بِعَقْلِكَ أَنْ تَبِيعَ الْغَالِي الْـ ** بَاقِي بِذَا الأَدْنَى الَّذِي هُوَ فَانِي

إِنْ كَانَ قَدْ أَعْيَاكَ خُودٌ مِثْلَ مَا ** تَبْغِي وَلَمْ تَظْفَرْ إِلَى ذَا الآنِ

فَاخْطُبْ مِنَ الرَّحْمَنِ خُودًا ثُمَّ قَدِّ ** مْ مَهْرَهَا مَا دُمْتَ ذَا إِمْكَانِ

ذَاكَ النِّكَاحُ عَلَيْكَ أَيْسَرُ إِنْ يَكُنْ ** لَكَ نِسْبَةٌ لِلْعِلْمِ وَالإِيمَانِ

وَاللهِ لَمْ تُخْرَجْ إِلَى الدُّنْيَا لِلَّذْ ** ةِ عَيْشِهَا أَوْ لِلْحُطَامِ الْفَانِي

لَكِنْ خَرَجْتَ لِكَيْ تُعِدَّ الزَّادَ لِلْـ ** أُخْرَى فَجِئْتَ بِأَقْبَحِ الْخُسْرَانِ

أَهْمَلْتَ جَمْعَ الزَّادِ حَتَّى فَاتَ بَلْ ** فَاتَ الَّذِي أَلْهَاكَ عَنْ ذَا الشَّانِ

وَاللهِ لَوْ أَنَّ الْقُلُوبَ سَلِيمَةٌ ** لِتَقَطَّعَتْ أَسَفًا مِن الْحُرْمَانِ

لَكِنَّهَا سَكَرَى بِحُبِّ حَيَاتِهَا الدُّ ** نْيَا وَسَوْفَ تَفِيقُ بَعْدَ زَمَان

الخميس، 2 مايو 2013

الوقف

 
 
الوقف لغة:الحبس والمنع
اذا مات ابن ادم اقطع عمله الا من ثلاث وذكر منها صدقة جاريه وهي الوقف المحبس الذي يبقى كبناء المساجد وحفر الابار وتيسبر سبل الماء او طباعه كتب اهل العلم النافعه او المصحف.
أقسام الوقف:
1-الوقف الخيري وهوما جعل في الوقف ابتداء على جهة بر دائمه كالفقراء والمساكين وبناء الجامعات والمساجد
2-الوقف الاهلي وهو ما جعل فيه الوقف ابتداء على النفس والاولاد واولاد الاولاد ثم على جهة بر دائمه
3-الوقف المشترك:وهو ما خصصت منافعه الى الذريه وجهة البر معا
أركان الوقف:
1-الوقف
2-الموقوف عليه
3-الموقوف

4-الصيغه
واهم الاركان الصيغه المنشئه للوقف ويكون ما ورائها من لزوم وجود الصيغه
شروط الوقف:
1-أن يكون الواقف جائز التصرف
2-أن تكون العين الموقوفه مملوكه لواقفها ملكا تاما مستقلا
3-أن يكون الوقف عينا معلومة يصح التصرف بها بالانتفاع بغلتها مع بقاء اصلها
4-ان يكون على جهه خيريه يصح تملكها كالفقراء
5-ان يكون الوقف على معين
6-ان يكون الوقف ناجزا فلا يجوز تعليقه على مجهول الا على موت الواقف فيكون ذلك من قبيل الوصيه بالوقف فلا ينفذ منه الا بمقدار ثلث المال وما زاد فبإجازة الورثه
7-ألا يشترط الواقف في وقفه ما ينافي الوقفيه
8-الا يكون الواقف وقف جنف كوقفه على ابنائه دون بناته.



فضل الوقف
للموقف أجر، والوقف هو المراد بالصدقة الجارية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له )، فبدأ بالصدقة الجارية.
فالدار التي تؤجر ويتصدق بأجرتها صدقة جارية، والأرض التي فيها شجرٌ أو لها أجرة أو فيها ثمرةٌ أو نحو ذلك، يتصدق بثمرها وغلتها؛ فهذه صدقة جارية، وكذلك الأعيان التي ينتفع بها تعتبر أيضاً صدقةً جارية، ولو لم يكن فيها غلة، ولكن ينتفع بها، فالمساجد التي يتعبد فيها، إذا بنى الإنسان مسجداً فإنه يعتبر صدقةً جارية، وكذلك جميع المنافع التي يرتفق بها تعتبر صدقة جارية، مثل فُرُش المساجد حيث يرتفق بها المصلون، فتعتبر من الأوقاف الجارية النافعة، ومكيفاتها مثلاً ومراوحها وأدوارها ونحو ذلك من الصدقات الجارية.


والمتصدِّق أحقُّ بمالِه من وارثِه، فإنَّ النفع الحقيقيَّ للمال هو النفعُ الأخرويّ، وأما نفعُ المال الدنيويّ فينتهي بموتِ الإنسان، عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ : ((يقول العبد: مالي مالي، وإنما لَه من مَالِهِ ثلاث: ما أكلَ فأفنى، أو لبِس فأبلى، أو تصدَّق فأمضى، وما سِوى ذلك فهو ذاهبٌ وتارِكُه للناس)) رواه مسلم(9)[9]، وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((أيّكم مالُ وارثِه أحبّ إليه من مالِه؟)) قالوا: يا رسولَ الله، ما مِنّا أحدٌ إلاّ ماله أحبُّ إليه! قال: ((فإنَّ مالَه ما قدَّم، ومالُ وارثِه ما أخَّر)) رواه البخاري(10)[10].

الأربعاء، 1 مايو 2013

نعيم الجنة

أُولَٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۚ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا .الكهف 31.

(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ) الدخان 51 - 53.
{ عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ } أي: مرمولة بالذهب والفضة، واللؤلؤ، والجوهر، وغير ذلك من [الحلي] الزينة، التي لا يعلمها إلا الله تعالى.
وذلك النعيم المعد لهم { جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } فكما حسنت منهم الأعمال، أحسن الله لهم الجزاء، ووفر لهم الفوز والنعيم.
{ إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا } أي: إلا كلاما طيبا، وذلك لأنها دار الطيبين، ولا يكون فيها إلا كل طيب، وهذا دليل على حسن أدب أهل الجنة في خطابهم فيما بينهم، وأنه أطيب كلام، وأسره للنفوس  وأسلمه من كل لغو وإثم، نسأل الله من فضله.
الأدب الحسن من صفات أهل الجنة.
{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ } لله، بفعل أوامره وترك نواهيه، الذين اتقوا الشرك والكبائر والصغائر.
{ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ } أي: في جنات النعيم، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، من الأشجار اليانعة، والأنهار الجارية، والقصور الرفيعة، والمنازل الأنيقة، والمآكل والمشارب اللذيذة، والحور الحسان، والروضات البهية في الجنان، ورضوان الملك الديان، والفوز بقربه.

من كرم الله واحسانه على أهل الجنة، أن الغل الذي كان موجودا في قلوبهم، والتنافس الذي بينهم، أن اللّه يقلعه ويزيله حتى يكونوا إخوانا متحابين، وأخلاء متصافين. قال تعالى: { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ْ}

{ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ } سلام من انقطاع شيء من النعيم او نقصانه


{ لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ }لأن الله ينشئهم نشأة وحياة كاملة لا تقبل شيئا من الآفات، { وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ } على سائر الأوقات.

 وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا } أي: قربت ثمراتها من مريدها تقريبا ينالها، وهو قائم، أو قاعد، أو مضطجع

{ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ } وهو من أطيب ما يكون من الأشربة وألذها، { مَخْتُومٍ }
 وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } والزرابي [هي:] البسط الحسان، مبثوثة أي: مملوءة بها مجالسهم من كل جانب.

(وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) ومن أوصاف تلك الجنتين أنهما { ذَوَاتَا أَفْنَانٍ } [أي: فيهما من ألوان النعيم المتنوعة نعيم الظاهر والباطن ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر]  أن  فيهما الأشجار الكثيرة الزاهرة ذوات الغصون الناعمة، التي فيها الثمار اليانعة الكثيرة اللذيذة، أو ذواتا أنواع وأصناف من جميع أصناف النعيم وأنواعه جمع فن، أي: صنف.

{ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } هذه صفة فرش أهل الجنة وجلوسهم عليها، وأنهم متكئون عليها، [أي:] جلوس تمكن واستقرار [وراحة]، كجلوس من الملوك على الأسرة، وتلك الفرش، لا يعلم وصفها وحسنها إلا الله عز وجل، حتى إن بطائنها التي تلي الأرض منها، من إستبرق، وهو أحسن الحرير وأفخره، فكيف بظواهرها التي تلي بشرتهم؟!  { وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } الجنى هو الثمر المستوي أي: وثمر هاتين الجنتين قريب التناول، يناله القائم والقاعد والمضطجع.


وتلك الجنتان { مُدْهَامَّتَانِ } أي: سوداوان من شدة الخضرة التي هي أثر الري.
{ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ } من جميع أصناف الفواكه، وأخصها النخل والرمان، اللذان فيهما من المنافع ما فيهما..


فصل في ملابس أهل الجنة:
وبعد أن وصف الله جَلَّ وَعَلا شراب أَهْل الْجَنَّة وآنيته، وما هم فيه من النَّعِيم، وصف ملابسهم بقوله: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ} وذكر بعده حليهم فَقَالَ: {وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ} وفي سورة فاطر يَقُولُ جَلَّ وَعَلا: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}.
وَقَالَ في الآيَة الأخرى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ} إلخ، وَقَالَ عز من قائل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً * أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً} ففي آية سورة الدخان ذكر جَلَّ وَعَلا من ضروب نعيمهم خمسة ألوان:
1- مساكنهم فَقَالَ: {فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} والمسكن الطيب يطيب بأمرين:
(أ) أن يكون الساكن فيه آمنًا مِنْ جَمِيعِ ما يخافه ويحذر منه، وَهُوَ المقام الأمين.
(ب) أن يكون فيه أسباب النزهة من الجنات والعيون، وَذَلِكَ في قوله: {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}.
2- ملابسهم، وهي التي ذكرها بقوله: {يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ}.
3- استئناس بَعْضهمْ ببعض، بجلوسهم على جهة التقابل وَهُوَ ما أشار إليه بقوله: {مُّتَقَابِلِينَ}.
4- الأزواج وَهُوَ المشار إليه بقوله: {كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ}.
5- المأكول كما في قوله: {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} هَذَا جزاء المتقين لله، الَّذِينَ تجنبوا ما يسخطه من المعاصي، وفعلوا ما يرضيه من الطاعات، وبعد أن وصف ما هم فيه من نعيم مقيم، بين أن حياتهم في هَذَا النَّعِيم مستمرة دائمة لا يلحقها موت ولا فناء ولا انقطاع فَقَالَ: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}، فلا يخشون في الْجَنَّة موتًا ولا فناءًا أبدًا، ففي الصحيحين أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «يؤتى بالموت في صورة كبش أملح، فيوقف بين الْجَنَّة والنار، ثُمَّ يذبح ثُمَّ يُقَالُ: يا أَهْل الْجَنَّة خلود فلا موت، ويا أَهْل النار خلود فلا موت». وروى أَبُو هُرَيْرَةِ وأبو سعيد أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «يُقَالُ لأَهْل الْجَنَّة إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدًا، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تيأسوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا». رواه مسلم.
ومَعَ هَذَا النَّعِيم، فقَدْ نجاهم من عذاب الجحيم، تفضلاً منه وإحسانَا، فأعطاهم ما يطلبون، ونجاهم مِمَّا يرهبون وهَذَا هُوَ الفلاح والفوز العَظِيم.
قال ابن القيم:
أَوَ مَا سَمِعْتَ بِذَبْحِهِ لِلْمَوْتِ بَيْـ ** نَ الْمَنْزِلَيْنِ كَذَبْحِ كَبْشِ الضَّان


حَاشَا لِذَا الْمَلَكِ الْكَرِيمِ وَإِنَّمَا ** هُوَ مَوْتُنَا الْمَحْتُومُ لِلإِنْسَانِ


وَاللهُ يُنْشِىءُ مِنْهُ كَبْشًا أَمْلَحًا ** يَوْمَ الْمَعَادِ يُرَى لَنَا بِعِيَان

وَقَالَ رَحِمَهُ اللهُ:
هَذَا وَخَاتِمَةُ النَّعِيمِ خُلُودُهُم ** أَبَدًا بِدَارِ الأَمْنِ وَالرِّضْوَانِ


أَوَ مَا سَمِعْتَ مُنَادِيَ الإِيمَانِ ** يُخْبِرُ عَنْ مُنَادِيهِمْ بِحُسْنِ بَيَانِ


لَكُمُ حَيَاةٌ مَا بِهَا مَوْتٌ وَعَا ** فِيَةٌ بِلا سُقْمٍ وَلا أَحْزَانِ


وَلَكُمْ نَعِيمٌ مَا بِهِ بُؤْسٌ وَمَا ** لِشَبَابِكُمْ هَرَمٌ مَدَى الأَزْمَانِ


كَلا وَلا نَوْمٌ هُنَاكَ يَكُونَ ذَا ** نَوْمٌ وَمَوْتٌ بَيْنَنَا أَخَوَانِ


هَذَا عَلِمْنَاهُ اضْطِرَارًا مِنْ كِتَا ** بِ اللهِ فَافْهَمْ مُقْتَضَى الْقُرْآن

ونعود إلى لباس أَهْل الْجَنَّة والكلام عَلَيْهِ.
فلباس أَهْل الْجَنَّة في الْجَنَّة الحرير، ومنه سندس، وَهُوَ رفيع الديباج، للقمصان والغلائل ونحوها مِمَّا يلي أبدانهم، والاستبرق هُوَ غليظ الديباج لامعه، مِمَّا يلي الظاهر، كما هُوَ المعهود في لباس الدُّنْيَا، وأما الحل فقيل: إن صفة حلي الأَبْرَار أنه من فضة وصفة حلي المقربين من الذهب، وقيل: لأن أَهْل الْجَنَّة يلبسون هَذَا تَارَّة، والآخِر تَارَّة، وقَدْ يجمعون بينهما.



ثانيا: طعام وشراب أهل الجنة


في الجنة ما تشتهيه الأنفس من المآكل والمشارب

( وفاكهة مما يتخيرون ، ولحم طير مما يشتهون)

، وقال تعالى ( وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين )،

وقد أباح الله لهم أن يتناولوا منها خيراتها وألوان طعامها وشرابها ما يشتهون

(كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ) .

وقد ورد أن في الجنة بحر الماء وبحر الخمر وبحر اللبن وبحر العسل ، وأن أنهار الجنة تنشق من هذه البحار ، وفي الجنة عيون كثيرة ، وأهل الجنة يشربون من تلك البحار والأنهار والعيون

خمر أهل الجنة


من الشراب الذي يتفضل الله به على أهل الجنة الخمر ، وخمر الجنة خالي من العيوب والآفات التي تتصف بها خمر الدنيا، فخمر الدنيا تذهب العقول ، وتصدع الرؤوس ، وتوجع البطون ، وتمرض الأبدان، وتجلب الأسقام ، وقد تكون معيبة في صنعها أو لونها أو غير ذلك ، أما خمر الجنة فإنها خالية من ذلك كله ، جميلة صافية رائقة

قال تعالى

( يطاف عليهم بكأس من معين ، بيضاء لذة للشاربين ، لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون )

. فقد وصف الله جمال لونها ( بيضاء ) ثم بين أنها تلذ شاربها من غير اغتيال لعقله، كما قال ( وأنهار من خمر لذة للشاربين ) ، ثم إن شاربها لا يمل من شربها ( ولا هم عنها ينزفون ) ، وقال في موضع آخر يصف خمر الجنة ( يطوف عليهم ولدان مخلدون، بأكواب وأباريق وكأس من معين ، لا يصدعون عنها ولا ينزفون )، قال ابن كثير في تفسير هذه الآيات: " لا تصدع رؤوسهم، ولا تنزف عقولهم ، بل هي ثابتة مع الشدة المطربة واللذة الحاصلة، وروى الضحاك عن ابن عباس أنه قال: في الخمر أربعة خصال: السكر والصداع والقيء والبول، فذكر الله خمر الجنة ونزهها عن هذه الخصال"

وقال الحق في موضع آخر

( يسقون من رحيق مختوم ، ختامه مسك )

، والرحيق: الخمر ، ووصف هذا الخمر بوصفين ، الأول: أنه مختوم أي موضوع عليه خاتم . الأمر الثاني : أنهم إذا شربوه وجدوا في ختام شربهم له رائحة المسك

أول طعام أهل الجنة


أول طعام يتحف الله به أهل الجنة زيادة كبد الحوت، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

( تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يكفؤها الجبار بيده ، كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة ) ،

فأتى رجل من اليهود ، فقال : بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم، ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة ؟ قال: " بلى " ، قال : تكون الأرض خبزة واحدة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فنظر النبي صلى الله عيله وسلم إلينا ، ثم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قال : ( ألا أخبرك بإدامهم ؟ بالام والنون، وقالوا وما هذا ؟ قال : ثور ونون ، يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا )

قال النووي في شرح الحديث ما ملخصه: ( النزل: ما يعد للضيف عند نزوله ، ويتكفأها بيده ، أي يميلها من يد إلى يد حتى تجتمع وتستوي ، لأنها ليسن منبسطة، كالرقاقة ونحوها ، ومعنى الحديث : أن الله تعالى يجعل الأرض كالرغيف العظيم ، ويكون طعاما ونزلا لأهل الجنة ، والنون : الثور ( وال بالام ) : لفظة عبرانية ، معناها : ثور ، وزائدة كبد الحوت : هي القطعة المنفردة المتعلقة في الكبد ، وهي أطيبها )

وفي صحيح البخاري أن عبدالله بن سلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم أول قدومه المدينة أسئلة منها : ( ما أول شيء يأكله أهل الجنة ؟ فقال : زيادة كبد الحوت ) . وفي صحيح مسلم عن ثوبان أن يهوديا سأل الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( فما تحفتهم حين يدخلون الجنة ؟ قال: زيادة كبد الحوت . قال فما غذاؤهم على إثرها ؟ قال : ينحر لهم ثور الجنة الذي يأكل من أطرافها . قال فما شرابهم عليه ؟ قال : من عين تسمى سلسبيلا . قال : صدقت )

طعام أهل الجنة وشرابهم لا دنس معه :


الجنة دار خالصة من الأذى ، وأهلها مطهرون من أوشاب أهل الدنيا ، ففي الحديث الذي يرويه صاحبا الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال  ( أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر ، لا يبصقون فيها ، ولا يمتخطون ، ولا يبزقون )

، وليس هذا خاص بأول زمرة تدخل الجنة ، وإنما هو عام في كل من يدخل الجنة ففي رواية عند مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

( أول زمرة تدخل الجنة من أمتي على صورة القمر ليلة البدر ، ثم الذين يلونهم على أشد نجم في السماء إضاءة ، ثم هم بعد ذلك منازل، لا يتغوطون ، ولا يتبولون ، ولا يمتخطون، ولا يبزقون )

وقد يقال : فأين تذهب فضلات الطعام والشراب ، وقد وجه هذا السؤال إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل أصحابه ، فأفاد أن بقايا الطعام والشراب تتحول على رشح كرشح المسك يفيض من أجسادهم ، كما يتحول بعض منه إلى جشاء، ولكنه جشاء تنبعث منه روائح طيبة عبقة عطرة، ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

( إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يتبولون ، ولا يتغوطون ولا يمتخطون . قالوا : فما بال الطعام ؟ قال : جشاء كجشاء المسك )

لماذا يأكل أهل الجنة ويشربون ويمتشطون:


إذا كان أهل الجنة فيها خالدون، وكانت خالية من الآلام والأوجاع والأمراض ، لا جوع فيها ولا عطش ، ولا قاذورات ولا أوساخ ، فلماذا يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ، ولماذا يتطيبون ويمتشطون ؟ا

أجاب القرطبي في التذكرة عن هذا السؤال قائلا : ( نعيم أهل الجنة وكسوتهم ليس عن دفع ألم اعتراهم، فليس أكلهم عن جوع، ولا شربهم عن ظمأ، ولا تطيبهم عن نتن، وإنما هي لذات متوالية، ونعم متتابعة ، ألا ترى قوله تعالى لآدم ( إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى ، وأنك لا تظمؤ فيها ولا تضحى) . وحكمة ذلك أن الله تعالى عرفهم في الجنة بنوع ما كانوا يتنعمون به في الدنيا، وزادهم على ذلك مالا يعلمه إلا الله عز وجل )

آنية طعام أهل الجنة وشرابهم :

آنية طعام أهل الجنة التي يأكلون ويشربون بها من الذهب والفضة،

قال تعالى ( يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب) ، أي وأكواب من ذهب ،

وقال ( ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا، قواريرا من فضة قدروها تقديرا ) ،

أي اجتمع فيها صفاء القوارير وبياض الفضة

وقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي موسى الأشعري قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

( إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة .... وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما )

 وَاللهُ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.