الأربعاء، 26 سبتمبر 2012

فضل طاعة الرسول وكرامة أتباعه

طاعة الرسول لها فضل كبير وبركات عامة في الدارين واتباع الرسول هو سبيل تحقيق جميع المصالح ومنع جميع المفاسد والسلامة من كل المضار والنجاة من كل المهالك.
 

1 - الرحمة لمن أطاع الرسول.
من فضائل إتباع الرسول وبركة طاعته حصول الرحمة لمن اتبعه واهتدى بهديه قال تعالى:(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [آل عمران:132].
وقال سبحانه : (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [النور:56].( وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) وذلك بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ) ( لَعَلَّكُمْ ) حين تقومون بذلك ( تُرْحَمُونَ ) فمن أراد الرحمة، فهذا طريقها، ومن رجاها من دون إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة الرسول، فهو متمن كاذب، وقد منته نفسه الأماني الكاذبة. فطاعة الله وطاعة رسوله، من أسباب حصول الرحمة كما قال تعالى: { ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة } الآيات.
2 - الهداية لمن اتبع الرسول والاهتداء التام الشامل لمن اطاعه

ونعمة الهداية للحق أعظم النعم لأنها تجعل النعم نعما وبعدمها تصبح النعم نقما ، ولا نعيم في الآخرة إلا من جاء نعمة الهداية على طريق الهداية الصراط المستقيم.
قال تعالى : (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) [النور:54].
{ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا } إلى الصراط المستقيم، قولا وعملا، فلا سبيل لكم إلى الهداية إلا بطاعته، وبدون ذلك، لا يمكن، بل هو محال.
لأن طاعة الرسول شرط في حصول الهداية، وعلق الله الهداية على شرط طاعة الرسول فلا وجود للهداية إلا بوجود شرطها، ومن كان عنده خلل ونقص في طاعة الرسول كان الخلل والنقص في هدايته على قدر ذلك الخلل والنقص.
وقال سبحانه :(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[الأعراف:158].
(وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) في مصالحكم الدينية والدنيوية، فإنكم إذا لم تتبعوه ضللتم ضلالا بعيدا.
وقال عز جلاله : (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)[الشورى:58].
(وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) أي: تبينه لهم وتوضحه، وتنيره وترغبهم فيه، وتنهاهم عن ضده، وترهبهم منه.

3 - من فضائل طاعة الرسول مرفقة الذين أنعم الله عليهم

قال الله سبحانه : (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا * ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ عَلِيمًا)[النساء:69-70].
من عمل بما أمره الله به ورسوله وترك ما نهاه الله عنه ورسوله فإن الله عز وجل يسكنه دار كرامته ويجعله مرافقا للأنبياء ثم لمن بعدهم في الرتبة وهم الصديقون ثم الشهداء ثم عموم المؤمنين وهم الصالحون الذين صلحت سرائرهم وعلانيتهم ثم أثنى عليهم تعالى فقال (وحسن أولئك رفيقا).
4 - طاعة الرسول أمان من العذاب

قال تعالى : (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[الأنفال:33].
فمن كان على طاعة الرسول فهو في أمن من عذاب الله على قدر اتباعه للرسول لأنه لا سلامة للمسلم ولا للمسلمين عموما من الفتن والشرور ولا نجاة لهم من المخاطر ولا عاصم لهم من المهالك إلا بطاعة الرسول واتباعه.
5 - الفوز العظيم لمن أطاع الرسول

قال تعالى : ( وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:71].
"ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما "وذلك أنه يجار من نار الجحيم ويصير إلى النعيم المقيم.
(وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)[النور:52].وقوله "فأولئك هم الفائزون" يعني الذين فازوا بكل خير وأمنوا من كل شر في الدنيا والآخرة.
(وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[النساء:13].

6 - الفلاح  لمن اتبع محمد رسول الله وكان حاله مع رسول الله دائما (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا )
(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا   وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[النور:51].
حصر الفلاح فيهم، لأن الفلاح: الفوز بالمطلوب، والنجاة من المكروه، ولا يفلح إلا من حَكّمَ الله ورسوله، وأطاع الله ورسوله.
7 - الحياة الطيبة السعيدة لمن اتبع محمدا رسول الله

قال الله تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)[الأنفال:24].
وقال عز جلاله وتقدست أسماؤه : (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ)[آل عمران:172].
وقال سبحانه : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[النحل:97].
وقال تعالى : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ)[طه:123].




الخطبة الثانية


8 - طاعة الرسول تجمع للمؤمن المحاسن  وتعصمه من المساويء
قال الله تعالى : (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)[الأحزاب:21].
فابشر أيها المتبع للرسول الكريم بالحسنى وزيادة لأنك أحسنت باتباع الرسول وأحسنت في الاتباع (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[يونس:26].
(لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)[الرعد:18]. والمستجيب لربه الذي وعده الحسنى هو المتبع لرسول الله ومن لم يتبع رسول الله لم يستجب لله ولن يقبل الله منه شيئا (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)[النجم:31].

9 - دخول الجنة
قال الله تعالى :(وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا)[ الفتح:17].
وقال سبحانه : (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[النساء:13].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى 

10- الله يحب من يتبع رسول الله
الكثير من الناس يدعون إنهم يحبون الله سواء من المنتسبين إلى الإسلام أو اليهود والنصارى أو حتى بعض الزنادقة الذين يظهرون الإسلام نفاقا ولكن الله قطع هذه الادعاءات التي أكثرها كاذبة كما قال الله تعالى : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ)[آل عمران:31-32].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

"وَلِهَذَا أَنْزَلَ اللَّهُ لِلْمَحَبَّةِ مِحْنَةً يَمْتَحِنُ بِهَا الْمُحِبَّ فَقَالَ : { قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ } فَلَا يَكُونُ مُحِبًّا لِلَّهِ إلَّا مَنْ يَتَّبِعُ."
"وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ فِيهَا أَنَّ مَنْ اتَّبَعَ الرَّسُولَ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ وَمَنْ ادَّعَى مَحَبَّةَ اللَّهِ وَلَمْ يَتَّبِعْ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَيْسَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَظُنُّونَ فِي أَنْفُسِهِمْ أَوْ فِي غَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَلَا يَكُونُونَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ".
وقال :
"فَجَعَلَ مَحَبَّةَ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ مُوجِبَةً لِاتِّبَاعِ الرَّسُولِ ، وَجَعَلَ مُتَابَعَةَ الرَّسُولِ سَبَبًا لِمَحَبَّةِ اللَّهِ عَبْدَهُ."
"وقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : ادَّعَى قَوْمٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ يُحِبُّونَ اللَّهَ ؛ فَطَالَبَهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ ؛ فَجَعَلَ مَحَبَّةَ الْعَبْدِ لِلَّهِ مُوجِبَةً لِمُتَابَعَةِ رَسُولِهِ وَجَعَلَ مُتَابَعَةَ رَسُولِهِ مُوجِبَةً لِمَحَبَّةِ الرَّبِّ عَبْدَهُ" .

 وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يُحِبُّ الرَّجُلَ وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْمَلَ كَعَمَلِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ». فَقَالَ أَنَسٌ فَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَرِحُوا بِشَىْءٍ قَطُّ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الإِسْلاَمَ مَا فَرِحُوا بِهَذَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَقَالَ أَنَسٌ فَنَحْنُ نُحِبُّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلاَ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَعْمَلَ كَعَمَلِهِ فَإِذَا كُنَّا مَعَهُ فَحَسْبُنَا.

فالمؤمن الذي يحب الله ورسوله لا يمكن أن يعمل مثل عمل الرسول ولكن يكفيه أن يجتهد في طاعة الرسول حسب استطاعته ويحاسب نفسه على أي مخالفه للرسول ويدرك هذا الفضل المترتب على طاعة الرسول بإذن الله والله ذو فضل عظيم.
قال العلامة ابن قيم في النونية:
شرط المحبة أن توافق من ... تحب على محبته بلا عصيان
فإذا ادعيت له المحبة مع خلا  ... فك ما يحب فأنت ذو بهتان
أتحب أعداء الحبيب وتدعي ... حبا له ما ذاك في إمكان
وكذا تعادي جاهدا أحبابه ... أين المحبة يا أخا الشيطان

يا مدعي حب طه لا تخالفه  ***  الخلف يحرم في دنيا المحبينا
أراك تأخذ شيئا من شريعته *** وتترك البعض تدوينا و تهوينا
خذها جميعا تجد خيرا تفوز به*** أو فاطرحها وخذ رجس الشياطينا



من معاني الروح في القرآن

الروح في القرآن له معاني منها :
1 – جبريل
(فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) [مريم:17].


2 – روح الله 
(يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [يوسف:87].
"ولا تيأسوا"، ولا تقنطوا "من روح الله"، أي: من رحمة الله، ومن فرج الله.
3 – الوحي
(يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ) [النحل:2].
قوله: { يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ } أي: بالوحي الذي به حياة الأرواح { عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } ممن يعلمه صالحا، لتحمل رسالته.
(وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا) [الشورى:].
(يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار) [غافر:]
(فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) [الحجر: 29]
والروح قد أضيفت إلى الله (ونفخت فيه من روحي ) وما أضيف إلى الله ولم يكن عيناً قائمة بنفسها فهو من صفاته؛ لأنه لا بد أن يكون هذا المضاف قائماً بشيءٍ، فإذا كان صفة فلن يكون إلاَّ صفة الله عزّ وجل، فإذا قلنا: كلام الله فهذا إضافة صفة، وإذا قلنا: هذا مخلوق الله فهذا ليس إضافة صفة؛ لأن المخلوق عينٌ قائمة بنفسها، فـ(ناقة الله) غير صفة لأنها عين قائمة بنفسها. و(بيت الله) كذلك غير صفة لأنه عين قائمة بنفسها (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي) [الحجر: 29] (رُوحِي) ليست صفة بل هي مخلوقة لأنها لو كانت صفة الله ما بانت منه، وهنا بانت من الله وحلَّت في جسد آدم، وليست صفة من صفات الله لأنها بائنة منه، فإضافة الروح إلى الله هنا من باب إضافة المخلوق إلى الخالق، ولهذا لا يمكن أن نقول: إن هذه جزء من روح الله التي هي صفته، هذا شيء مستحيل إذ لو قلنا بهذا لحلَّ شيء من الله في مخلوقاته.

يا ابن ادم قد نفخ الله فيك روح الحياة بغير اختيارك ولا علمك ثم أنزل الله إليك الوحي الذي هو الروحي الحقيقي وترك لك الخيار في القبول والرد فمن الحكمة والعقل أن تقبل ما اختاره الله لك وقد علمت أنه نجاتك وسعادتك وفوزك وفلاحك.

الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012

آيات في نصر المستضعفين

سنة الله التي لا تتغير ولن تتحول في نصر المستضعفين وهي سنة ثابتة سيحققها الله لمن أخذ بأسبابها من المستضعفين .
قال الله تعالى (قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ۖ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) [الأعراف:128-129].

وقال تعالى (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) [الأعراف:137].

وقال تعالى (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص:5-6].

فوائد

وتعجبني كلمة ذكرها القاسمي في اختصاره للإحياء (موعظة المؤمنين) عن بعضهم في صوم رمضان لماذا هو رمضان ولم يكن غيره من الشهور، فقال ما حاصله أن ذلك لايسئل عنه عند العقلاء لأنه إذا لم يكن هو لكان غيره، ولو كان غيره لتوجه نفس السؤال فيفضي ذلك إلى دور يحكم ببطلان السؤال.
وحسبنا أن نقول بأن الحكمة الظاهرة لنا تعبدية. أي أن الله تعبدنا بذلك لينظر كيف نعمل.

**نحن المسلمون لنا عقيدة ربانية المصدر نتلقاها من الوحي الذي جاءنا به خليل الله وخاتم رسله ومستعدون أن نتحمل من أجلها كل شيء وأنت ليس لك إلا أرائك التي ممكن تبدلها أي وقت لأن مصدر رأيك نفسك وهذا مصدر يتغير ويتبدل ويتأثر بما يحيط به من مؤثرات ويتغير حسب المراحل العمرية وحسب ما يتلقى من مدخلات بشرية ويتلوث بالملوثات التي العصرية على قدر بعده عن نور الوحي وطهره .

فأقبل على الوحي كما جاء به الموحى إليه وعلى مراد الله ورسوله وفهم الصحابة والتابعين لهم بإحسان واحذر من أئمة الضلال وقطاع الطرق وأتباعهم الذين يحسبون إنهم على شيء وهم في ضلال مبين !!
فمن فعل ذلك سلم وغنم وأفلح وسعد.


**  
درء المفاسد مقدم على جلب المصالح
امتناع الرسول من الحكم لليهود مقابل اسلامهم

الأحد، 23 سبتمبر 2012

هل الشيعة إخواننا

يا من تقول إن الشيعة إخوانك !!

وبهذا تشهد على نفسك إن الشيعة إخوانك !!!!
تأمل في ما يلي:
هل
إخوانك الشيعة الذين أسسهم ابن سبأ اليهودي!!
إخوانك الشيعة الذين يعتقدون أن القرآن ناقص ومحرف !!
إخوانك الشيعة الذين تعاونوا مع كل زنديق ومحارب للإسلام تحت مظلة حب آل البيت التي ينتسبون ظلما وزورا لهم ليخدعوا الجهال!!
إخوانك الشيعة الذين أشركوا في الربوبية ورفعوا الأئمة إلى درجة الربوبية فضلا شركهم في الألوهية!!!
إخوانك الشيعة الذين سبوا الصحابة الذي مدحهم الله وزكاهم ورضي عنهم!!
إخوانك الشيعة الذين خالفوا الرسول في كل شيء وسعوا كما تفعل أنت في تشويه دينه !!
إخوانك الشيعة الذين قدحوا في عرض النبي وآذوه في أم المؤمنين عائشة أحب زوجاته إليه !!!
إخوانك الشيعة الذين أصحاب التاريخ الأسود وسجلات الخزي والعار والذين أصبح دينهم حاوية قذرة من زبائل الأديان الأرضية والبشرية!!!

الاثنين، 17 سبتمبر 2012

من جرائم بريطانيا ضد مسلمي الهند

هذه بعض الحقائق المخزية لحضارة   بريطانيا - كما يزعمون - في الهند المحتلة:

* كان للبعثات التنصيرية في الهند التي جلبتها إليها بريطانيا وكانت تحت رعاية ألف مدرسة ومعهد وكلية يصرف عليها من أموال الوقف الإسلامي !!!

*  ومن جرائم بريطانيا الشنيعة وقبائحها الخبيثة مع علماء الإسلام في الهند تعذيبهم ونفيهم وشنقهم وسجنهم بغير ذنب إلا أن يقولوا ربنا الله (ولو نطقت حجارة جزيرة أندومان في خليج البنغال لسمعنا العجائب وألوان الفضائع التي ألحقتها بريطانيا بالعلماء لأن هذه الجزيرة كانت تابعة لها وتستعملها سجنا ومنفا أبديا لأمثال هؤلاء العلماء المناهضين للاحتلال والتنصير).

وما جزيرة غوانتانامو الأمريكية إلا نسخة من أندومان البريطانية وسيئة من سيئاتها.


يتبع

السبت، 15 سبتمبر 2012

مقارنة بين موقف أمريكا عندما وصف بوش بما يستحق وموقفها من الإساءة للرسول !!



عادل الحدب يقول :
ماذا فعلت أمريكا عندما تمت الإساءة لبوش الأب ..؟






قبل عشرين سنه قامت رسامه عراقيه تحمل اسم ليلى العطار برسم لوحة كاريكاتيرية لبوش الأب ووضعتها على أرضية مدخل فندق الرشيد الذي كانت تعقد فيه المؤتمرات الصحفية ويسكن فيه كبار الشخصيات العراقية والعالمية أيام نظام صدام حسين ، في حينها على كل من يريد الدخول للفندق عليه أن يدوس صورة بوش الأب ، المتهم بأنه ارتكب جرائم حرب بحق العراقيين ، وفرض الحصار الاقتصادي عليهم ..
أثارت تلك اللوحة الإدارة الأمريكية وقواتها المسلحة والسي آي إيه لذلك وفي ليلة ظلماء عام ١٩٩٣ .
تم إطلاق ثلاث صواريخ أمريكية على بغداد استهدفت احدهم منزل الرسامة ليلى العطار وأحالها وأهلها أشلاء ..!
كل ذلك لا لشيء سوى إنها رسمت بوش الأب على أرضية فندق فيما اعتبرته الإدارة الأمريكية إساءة لرئيسها ..!
أين حرية التعبير؟
أين حرية إبداء الرأي ؟
أين القانون في الرسامة التي أطلقت عليها أمريكا صاروخا بدون محاكمة؟ وعلى ماذا يجب أن تحاكم!! وما ذنب زوجها وأطفالها!! كل لم يسأل عنه احد!!
لماذا رسم صورة مسيئة لبوش تقتضي قتل من رسمها بينما فلم مسيء للرسول صلى الله عليه وسلم يقتضي منا إن نسكت وان نبلع الإهانة ..!  
لماذا يحق لرسام الدنمارك إن يرسم صور نبينا كيفما يحلو له ونسكت ..! بينما يقتل كل من يستهزئ بالرئيس الأمريكي ويسخر منه ..؟؟
هل يحق لنا إن نقتل الرسام الدنماركي والقس الصليبي جوزن ، والأقباط الذين شاركوه فعلته الحقيرة مثلما فعل الأمريكان بالرسامة ليلى العطار !!

أم إنكم تعتقدون إن بوش اعز في صدوركم من معزة الله ورسوله في قلب ملياري مسلم ..! ننتظر رد عملاء الأمريكان وقنواتهم الإعلامية ..!

الخميس، 13 سبتمبر 2012

محمد رسول الله رحمة للعالمين

محمد رسول الله  رحمة العالمين

الله الذي أرسل محمدا يُعَرِفَكم بقدره ومكانته وفضله – أيها الناس جميعا – ولكن آفة الكثير منكم إنه لا يعرف محمدا رسول الله إلا من خلال ما يقوله وينشره أعداء محمد رسول الله عنه أو على أقل تقدير ما يخبرهم به الجاهلون بحقيقة محمد رسوله الله !!

وأسلم طريق لمعرفة محمد رسول وأصح خبر وأكمل بيان هو القرآن الكريم لأنه كلام الخبير البصير العليم الحكيم الخالق الرحيم!! فالقرآن يقرر في عشرات الأدلة القاطعة الساطعة أن معرفة الرسول ثم الإيمان به وإتباعه ومحبته ونصرته ونشر دعوته وسنته سبب لكل خير ومفتاح لكل نفع وبركة ومغلاق لكل بلاء وفتنة وإن التقصير في ذلك سبب كل شر، ويحصل من الشر وينتشر الفساد بقدر التفريط بهذا الأصل العظيم.
وكل إنسان بأشد الحاجة إلى التعرف على الرسول كما ذكر الله لنا ذلك في كتابه وفرض علينا معرفة رسوله ومعرفة حقه ومعرفة أهمية وجوب الإيمان به على جميع الناس.

ومن آيات القرآن التي تحدثت عن الرسول ما يلي:
  الرسول رحمة للعالمين وليس للمؤمنين به فقط ، قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)[الأنبياء:107].

فالرسول رحمة لكل الناس يدلهم على طريق الرحمة ويهديهم لدين الرحمة ويبشرهم بالرحمة فمن قَبِلَ من الله رحمته واتبع رسول الرحمة وآمن به وأهتدى بهديه فله الرحمة ومن اعرض ولم يقبل رحمة الله فله اللعنة.

قال الله : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [آل عمران:132].

فلا رحمة إلا لمن أطاع الرسول ومن زعم أنه أطاع الله وهو مخالف للرسول  فهو من المطرودين المبعدين الملعونين وليس من المرحومين كما أخبرنا ربنا في هذه الآيات وغيرها.

فلو قال قائل: أين الرحمة في الجهاد الذي يؤدي إلى قتل أعداء الله ورسوله؟

قيل له : من دعي إلى الرحمة فلم يقبلها وسعى في حربها ومنع وصولها إلى الناس فمن الرحمة قتاله حتى يُقّطَعَ شره ويُؤَمّنَ طريق الرحمة حتى تصل إلى الناس فتخرجها من ضيق المعصية ولعنة العبودية لغير الله إلى سعة رحمة الله التي وسعت كل شيء .
فهو رسول الرحمة ورسول الملحمة وهذا هو التوازن الذي لا يليق بدين رب العالمين غيره.
ولو قال قائل أين الرحمة مما جاء به محمد من قتل القاتل وقطع يد السارق وقتل المرتد ؟

قيل له : قتل القاتل  مظهر من مظاهر الرحمة لأنه يؤدي إلى رحمة الإنسان لنفسه فيمتنع عن فعل ما يخرجها من الرحمة إلى اللعنة ، ورحمة بجميع الناس من أجل حفظ دمائهم فيعيشوا في رحمة وسلام بسبب تطبيق حكم الله في قتل القاتل.

وكذلك نفس الكلام في قطع يد السارق ، لأن المحافظة على أموال الناس من ضرورات الحياة التي لا تصلح إلا بصلاحها وإصلاحها وحفظ المال من الضرورات الخمس الكبرى الواجب حفظها والمحافظة عليها ، فحفظ المال رحمة والتعدي عليه عذاب ولعنة.

وأما قتل المرتد التارك لدينه فلأجل خروجه من الرحمة إلى العذاب واللعنة والمرتد إنسان لا خير فيه لأنه انسلخ من الرحمة ولبس لباس الشر والفساد ولا يقبل الإصلاح فالحكمة والرحمة في هذه الحال قتله رحمة به حتى لا يزداد إثما وسيئات ومنع شره وقطع فساده عن الناس وعبرة وعظة لمن على شاكلته حتى لا يقدم على الردة ويظهر هذه الشناعة وينتشر بين المسلمين مثل هذه القبائح. إذاً قتل المرتد رحمة خاصة وعامة ومحافظة على الناس ليبقوا على رحمة الله – دين الإسلام - وفي رحمة الله والتشديد على منعهم من الخروج منها فسبحان أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين.

فلا عذر لأحد من الناس كائن من كان في رد رحمة الله واختيار غضبه وسخطه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ  وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ  وَكَانَ اللَّـهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) [النساء:١٧٠].

فالذي لا يؤمن بالرسول قد رد الخير واختار الشر ، فقد اختار الله لك أيها الإنسان الرحمة فأمرك بطاعة رسوله والإيمان به وكثير من الناس يختار الشر الذي اختاره له الشيطان..

قال سبحانه : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ  فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ) [الأعراف:156-157]. فمن اتبع الرسول فهو مرحوم له الرحمة بقدر الإتباع ومن خالف الرسول فهو محروم لأن الرحمة التي وسعة كل شيء لم تسعه ومن لم يسعه أوسع شيء فسيبقى في أضيق شيء وهو ضيق معصية الرسول ولعنة مخالفته.

فلا إيمان ولا طاعة ولا دين صحيح لمن عصى الرسول ولم يطعه (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ  وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا)[النساء:80].

ومن مظاهر رحمته دعوته للناس إلى دين الرحمة وتبليغه بعزم وحزم وحذر من مكر أعدائه ودسائسهم الخبيثة ومجاهدتهم بالحجة والسيف حتى تصل الرحمة لكل الناس (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ  وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ  وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)[التحريم:9].
وهذه الشدة مع من يستحقها لا تخرج من مفهوم الرحمة العام لأننا عندما نتأمل في أهدافها والباعث لها ومآلها لوجدناها تؤدي إلى الرحمة وتمنع الشرور واللعنة .
فهؤلاء الفجرة الكفرة ممن كفرهم ظاهر أو باطن قابلوا رحمة أرحم الراحمين بالإجرام والعدوان والفساد والإفساد في الأرض فكان العدل أن يغلظ معهم الرحيم جزاء وفاقا لعملهم الخبيث كما قال الله تعالى(فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)[الأنفال:57].
فالذي لا يريد الرحمة يعامل بالعدل الرباني (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا) [الأحزاب:57].
فهذا جزاء من جاءته الرحمة فحاربها وحارب الرسول الذي أرسله الله بها فليس له إلا العدل (فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا) [النبأ:30].

الجمعة، 7 سبتمبر 2012

من حكم شرائع الإسلام تطهير النفوس وتزكيتها (الحج مثالا )

وقفات مع قوله تعالى : ( فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ).

المتأمل في شريعة الإسلام يعلم أنها جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها
فهذه الشريعة الربانية التي أنزلها الله في كتابه وأرسل بها رسوله ورضيها لعباده وأكملها وأتمها لهم.
جعل الله الانتهاء عن نواهيها وفعل أوامرها والقيام بشرائعها مطّهَرة للنفوس من أدرانها وتزكية لها ورفعة .
ويتضح ذلك جليا في أركان الإسلام ، فقد بين الله لنا أن الصلاة تزكية: قال الله تعالى: ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ( [العنكبوت: 45].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:((أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدا يغتسل فيه كل يوم خمس مرات ما تقولون ذلك يبقى من درنه؟ قالوا لا يبقى من درنه شيئا. قال: فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بها الخطايا .
والصدقة تزكية: قال الله تعالى: ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا ( [التوبة: 103].
والحج تزكية: قال الله تعالى: ( فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ( [البقرة: 197].
والصيام تزكية : قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[البقرة: 183]. لأن تحقيق التقوى من أعظم تطهير النفس وتزكيتها.

وسنخصص الحديث هنا عن قوله تعالى :(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) {البقرة:197}.

أشهرُ الحجِّ أشهرٌ معلوماتٌ .
قال السعدي:والمراد بالأشهر المعلومات عند جمهور العلماء: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، فهي التي يقع فيها الإحرام بالحج غالبا.
{ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ } أي: أحرم به، لأن الشروع فيه يصيره فرضا، ولو كان نفلا.

وقوله: { فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ } أي: يجب أن تعظموا الإحرام بالحج، وخصوصا الواقع في أشهره، وتصونوه عن كل ما يفسده أو ينقصه، من الرفث وهو الجماع ومقدماته الفعلية والقولية، خصوصا عند النساء بحضرتهن. وكذلك فحش  الكلام يعتبر من الرفث.
{ وَلاَ فُسُوقَ } ولا خروج عن حدود الشريعة ، ومنه السباب والتنابز بالألقاب. والفسوق وهو: جميع المعاصي، ومنها محظورات الإحرام.
ولا فسوق : نهي عن المعصية عموما وفي كل حال وبأي جارحة من قول وفعل وعمل.

{ وَلاَ جِدَالَ } ولا مراء مع الرفقاء والخدم والمكارين : وإنما أمر باجتناب ذلك .
والجدال وهو: المماراة والمنازعة والمخاصمة، لكونها تثير الشر، وتوقع العداوة.
ثم أمر تعالى بالتزود لهذا السفر المبارك، فإن التزود فيه الاستغناء عن المخلوقين، والكف عن أموالهم، سؤالا واستشرافا، وفي الإكثار منه نفع وإعانة للمسافرين، وزيادة قربة لرب العالمين، وهذا الزاد الذي المراد منه إقامة البنية بلغة ومتاع.
وأما الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه، في دنياه، وأخراه، فهو زاد التقوى الذي هو زاد إلى دار القرار، وهو الموصل لأكمل لذة، وأجل نعيم دائم أبدا، ومن ترك هذا الزاد، فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر، وممنوع من الوصول إلى دار المتقين. فهذا مدح للتقوى.

ثم أمر بها أولي الألباب فقال: { وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ } أي: يا أهل العقول الرزينة، اتقوا ربكم الذي تقواه أعظم ما تأمر به العقول، وتركها دليل على الجهل، وفساد الرأي.

قال ابن عثيمين :
قوله تعالى: { وما تفعلوا من خير يعلمه الله }: لما نهى عن هذه الشرور انتقل إلى الأمر بالخير؛ وهذه الجملة شرطية: { ما } أداة الشرط؛ وفعل الشرط: { تفعلوا }؛ وجواب الشرط: { يعلمه الله }؛ ولهذا جزمت؛ و{ مِن } بيانية تبين المبهم من اللفظ؛ لأن { ما } شرطية مبهمة كالموصول؛ و{ خير } نكرة في سياق الشرط، فيشمل كل خير سواء كان قليلاً، أو كثيراً.
وقوله تعالى: { يعلمه الله }: أي يحيط به علماً.
قوله تعالى: { وتزودوا } أي اتخذوا زاداً لغذاء أجسامكم، وغذاء قلوبكم -وهذا أفضل النوعين - لقوله تعالى: { فإن خير الزاد التقوى } و«التقوى» اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره، واجتناب نواهيه؛ هذا أجمع ما قيل في التقوى.
لما رغب الله سبحانه وتعالى في التقوى أمر بها طلباً لخيرها فقال تعالى: { واتقون يا أولي الألباب }؛ و{اتقونِ } فعل أمر؛ والنون للوقاية؛ والياء المحذوفة للتخفيف مفعول به؛ و{ يا أولي الألباب } جمع لب؛ أي يا أصحاب العقول؛ ووجه الله تعالى الأمر إلى أصحاب العقول؛ لأنهم هم الذين يدركون فائدة التقوى، وثمرتها؛ أما السفهاء فلا يدركونها.
الفوائد:
1 ــــ من فوائد الآية: تعظيم شأن الحج، حيث جعل الله له أشهراً مع أنه أيام ــــ ستة أيام ــــ؛ وقد جعل الله له أشهراً ثلاثة حتى يأمن الناس، ويتأهبوا لهذا الحج؛ ولهذا ما بعد الحج أقصر مما قبله؛ الذي قبله: شهران وسبعة أيام؛ والذي بعده: سبعة عشر يوماً فقط؛ لأنه إذا حج انتهى غرضه؛ فطُلب منه العودة؛ بخلاف ما إذا كان قبله.
2 ــــ ومن فوائد الآية: أن أشهر الحج ثلاثة؛ لقوله تعالى: { أشهر }؛ وهي جمع قلة؛ والأصل في الجمع أن يكون ثلاثة فأكثر؛ هذا المعروف في اللغة العربية؛ ولا يطلق الجمع على اثنين، أو اثنين وبعض الثالث إلا بقرينة؛ وهنا لا قرينة تدل على ذلك؛ لأنهم إن جعلوا أعمال الحج في الشهرين وعشرة الأيام يرد عليه أن الحج لا يبدأ فعلاً إلا في اليوم الثامن من ذي الحجة؛ وينتهي في الثالث عشر؛ وليس العاشر؛ فلذلك كان القول الراجح أنه ثلاثة أشهر كاملة؛ وهو مذهب مالك؛ وهو الصحيح؛ لأنه موافق للجمع؛ وفائدته أنه لا يجوز تأخير أعمال الحج إلى ما بعد شهر ذي الحجة إلا لعذر؛ لو أخرت طواف الإفاضة مثلاً إلى شهر المحرم قلنا: هذا لا يجوز؛ لأنه ليس في أشهر الحج والله تعالى يقول: { الحج أشهر }؛ فلا بد أن يقع في أشهر الحج؛ ولو أخرت الحلق إلى المحرم فهذا لا يجوز؛ لأنه تعدى أشهر الحج.
وهل هذه الأشهر من الأشهر الحرم؟
الجواب: أن اثنين منها من الأشهر الحرم، وهما ذو القعدة، وذو الحجة؛ وواحد ليس منها -وهو شوال كما أن «المحرم» من الأشهر الحرم، وليس من أشهر الحج؛ فرمضان شهر صيام؛ وشوال شهر حج؛ وذو القعدة شهر حج، ومن الحرم؛ وذو الحجة شهر حج، ومن الحرم؛ والمحرم من الحرم، وليس شهر حج.
3 ــــ ومن فوائد الآية: الإحالة على المعلوم بشرط أن يكون معلوماً؛ لقوله تعالى: { معلومات }؛ وهذا يستعمله الفقهاء كثيراً يقولون: هذا معلوم بالضرورة من الدين؛ وأمر هذا معلوم؛ وما أشبه ذلك؛ فلا يقال: إنه لم يبين؛ لأنه ما دام الشيء مشهوراً بين الناس معروفاً بينهم يصح أن يعَرِّفه بأنه معلوم؛ ومن ذلك ما يفعله بعض الكتاب في الوثائق: يقول: «باع فلان على فلان كذا، وكذا» -وهو معلوم بين الطرفين -يجوز وإن لم تفصل ما دام معلوماً؛ فإضافة الشيء إلى العلم وهو معلوم يعتبر من البيان.
ــــ ومنها: أن من تلبس بالحج، أو العمرة وجب عليه إتمامه، وصار فرضاً عليه؛ لقوله تعالى: { فمن فرض فيهن الحج }؛ ويؤيد ذلك قوله تعالى: {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم} [الحج: 29] ؛ فسمى الله تعالى أفعال الحج نذوراً؛ ويدل على ذلك أيضاً قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} [البقرة: 196] ؛ فلم يبح الله تعالى الخروج من النسك إلا بالإحصار.
5 ــــ ومنها: وجوب إتمام النفل في الحج؛ لقوله تعالى: { فمن فرض }؛ والفرض لا بد من إتمامه.
6 ــــ ومنها: أن الإحرام بالحج قبل أشهره لا ينعقد؛ لقوله تعالى: { فمن فرض فيهن الحج فلا رفث }؛ فلم يرتب الله أحكام الإحرام إلا لمن فرضه في أشهر الحج؛ ومعلوم أنه إذا انتفت أحكام العمل فمعناه أنه لم يصح العمل، وهذا مذهب الشافعي -رحمه الله -أنه إذا أحرم بالحج قبل دخول أشهر الحج لم ينعقد إحرامه؛ ولكن هل يلغو، أو ينقلب عمرة؟ في هذا قولان عندهم؛ أما عندنا مذهب الحنابلة؛ فيقولون: إن الإحرام بالحج قبل أشهره ينعقد؛ ولكنه مكروه -يكره أن يحرم بالحج قبل أشهره - ومذهب الشافعي أقرب إلى ظاهر الآية الكريمة: أنه إذا أحرم بالحج قبل أشهره لا ينعقد حجاً؛ والظاهر أيضاً أنه لا ينعقد، ولا ينقلب عمرة؛ لأن العبادة لم تنعقد؛ وهو إنما دخل على أنها حج؛ فلا ينعقد لا حجاً، ولا عمرة.
7 ــــ ومن فوائد الآية: أن المحظورات تحرم بمجرد عقد الإحرام - وإن لم يخلع ثيابه من قميص، وسراويل، وغيرها؛ لقوله تعالى: { فمن فرض فيهن الحج فلا رفث }؛ لأنه جواب الشرط؛ وجواب الشرط يكون تالياً لفعله؛ فبمجرد أن يفرض فريضة الحج تحرم عليه المحظورات.
8 ــــ ومنها: أن الإحرام ينعقد بمجرد النية - أي نية الدخول إلى النسك؛ وتثبت بها الأحكام - وإن لم يلبّ؛ لقوله تعالى: { فمن فرض فيهن الحج فلا رفث }.
ــــ ومنها: تحريم الجماع، ومقدماته بعد عقد الإحرام؛ لقوله تعالى: { فلا رفث }؛ وجواب الشرط يكون عقب الشرط؛ فبمجرده يحرم الرفث.
10 ــــ ومنها: تحريم الفسوق؛ لقوله تعالى: { فلا فسوق }.
فإن قال قائل: الفسوق محرم في الإحرام، وغيره.
فالجواب: أنه يتأكد في الإحرام أكثر من غيره.
11 ــــ ومنها: تحريم الجدال؛ لقوله تعالى: { ولا جدال في الحج }؛ والجدال إن كان لإثبات الحق، أو لإبطال الباطل فإنه واجب، وعلى هذا فيكون مستثنًى من هذا العموم؛ لقوله تعالى: {وجادلهم بالتي هي أحسن} [النحل: 125] ؛ وأما الجدال لغير هذا الغرض فإنه محرم حال الإحرام؛ فإن قلت: أليس محرماً في هذا، وفي غيره لما يترتب عليه من العداوة، والبغضاء، وتشويش الفكر؟
فالجواب: أنه في حال الإحرام أوكد.
12 ــــ ومنها: البعد حال الإحرام عن كل ما يشوش الفكر، ويشغل النفس؛ لقوله تعالى: { ولا جدال في الحج }؛ ومن ثم يتبين خطأ أولئك الذين يزاحمون على الحجر عند الطواف؛ لأنه يشوش الفكر، ويشغل النفس عما هو أهم من ذلك.
13 ــــ ومنها: الحث على فعل الخير؛ لأن قوله تعالى: { وما تفعلوا من خير يعلمه الله } يدل على أنه سيجازي على ذلك، ولا يضيعه؛ قال تعالى: {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضماً} [طه: 112] .
14 ــــ ومنها: أن الخير سواء قلّ، أو كثر، فإنه معلوم عند الله؛ لقوله تعالى: { من خير }؛ وهي نكرة في سياق الشرط؛ والنكرة في سياق الشرط تفيد العموم.
15 ــــ ومنها: عموم علم الله تعالى بكل شيء؛ لقوله تعالى: { وما تفعلوا من خير يعلمه الله }.
16 ــــ ومنها: الحث على التزود من الخير؛ لقوله تعالى: { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى }.
17 ــــ ومنها: أنه ينبغي للحاج أن يأخذ معه الزاد الحسيّ من طعام، وشراب، ونفقة، لئلا يحتاج في حجه، فيتكفف الناس؛ لقوله تعالى: { وتزودوا }.
18 ــــ ومنها: أن التقوى خير زاد، كما أن لباسها خير لباس؛ فهي خير لباس؛ لقوله تعالى: {ولباس التقوى ذلك خير} [الأعراف: 26] ؛ وهي خير زاد؛ لقوله تعالى: { فإن خير الزاد التقوى }.
19 ــــ ومنها: وجوب تقوى الله؛ لقوله تعالى: { واتقون }.
20 ــــ ومنها: أن أصحاب العقول هم أهل التقوى؛ لقوله تعالى: { واتقون يا أولي الألباب }.
21 ــــ ومنها: أنه كلما نقص الإنسان من تقوى الله كان ذلك دليلاً على نقص عقله - عقل الرشد؛ بخلاف قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما رأيت من ناقصات عقل، ودين»(1)؛ فإن المراد بنقص العقل هنا عقل الإدراك؛ فإن مناط التكليف عقل الإدراك؛ ومناط المدح عقل الرشد؛ ولهذا نقول: إن هؤلاء الكفار الأذكياء الذين هم في التصرف من أحسن ما يكون؟ نقول: هم عقلاء عقول إدراك؛ لكنهم ليسوا عقلاء عقول رشد؛ ولهذا دائماً ينعى الله عليهم عدم عقلهم؛ والمراد عقل الرشد الذي به يرشدون.

تنبيه مهم:
الجدال منهي عنه ، ولكن جاء لفظ الجدل في القرآن أيضًا في مواضع محمودة، وهي:
- قوله تعالى: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [العنكبوت:46]، فهذا جدل بالتي هي أحسن لدعوة اليهود والنصارى إلى الإسلام.
- قوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل:125].وما أنكر أحد من الصحابة قط الجدال في طلب الحق وأما التابعون ومن بعدهم فتوسعوا في ذلك فثبت أن الجدال المحمود هو طلب الحق ونصره ، وإظهار الباطل وبيان فساده ، وأن الخصام بالباطل هو اللدد ، الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم : أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم.
فالجدال المحمود واجب في الحج وغيره.

الخلاصة:
فالله عز وجل شرع لنا الشرائع من أجل أن تزكو نفوسنا، وأن تصلح دنيانا وآخرتنا، والله عز وجل أغنى وأعز من أن ينتفع بطاعات العباد، أو أن يتضرر بمعاصيهم كما في الحديث القدسي ((يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضرى فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ))(7). بل العباد أنفسهم يتضررون بمعاصيهم، وهم أنفسهم ينتفعون بطاعاتهم، والله تعالى غني عنهم وعن طاعاتهم قال تعالى:(لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا( [الحج: 37]، ألا ترى أن العباد يذبحون الهدايا والأضاحي ويأكلون لحومها، وهم مع ذلك يتقربون بها إلى الله عز وجل، لأنهم يستجيبون لأمر الله، ويستسلمون لشرعه، فالإيمان والعمل الصالح سبب سعادة الدنيا، أنه سبب سعادة الآخرة قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ([النحل: 97] والسعادة سعادة القلوب، والشقاء شقاء القلوب، والقلوب لا تسعد إلا بالله، ولا تطمئن إلا بذكره وطاعته قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ([الرعد: 28] فلا تسعد بالمال، و لا تسعد بالجاه، ولا تسعد بالشهرة، والتعاسة والشقاء تلاحقان العبد إذا تعلق القلب بغير الله حبا ورجاء وخوفا وتوكلا، قال النبي صلى الله عليه وسلم(( تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة، إن أعطى رضي وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش )) .