الخميس، 15 أغسطس 2019

خطبة جمعة : ما أثر عبادتك عليك


الحمد لله القائل { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
واشهد أن لا إله الله القائل ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
واشكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى وقد أمر وقال [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ]
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خير وأحسن من عبد ربه فصلى الله عليه وسلم وعلى آله الطاهرين وصحابته الطيبين والتابعين بإحسان إلى يوم الدين
ما هو أثر عبادتك عليك؟  ومعنى أثر العبادة أي :
هل تجد لعبادتك راحة ؟ هل تجد لعبادتك لذة وطمأنينة ؟ هل أنت تشتاق للعبادة ؟ هل أنت تنشط للعبادة وتسارع وتسابق إليها؟
هل تتغير نفسك بعد العبادة عما كانت عليه قبلها أم إن العبادة لا تغير فيك شيئا ؟
أخي رعاك : يجب أن تنتبه من غفلتك وتحاسب نفسك قبل أن تحاسب وتحذر أن تكون من الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم فلم يفيقوا من سكرة الغفلة إلا في عالم الموتى فندموا على ما فرطوا ولات حين مندم.
وحتى نفهم الجواب على سؤال ما هو أثر عبادتك عليك؟
يجب أن نجيب على السؤال من خلال الخطوات التالية
أولا : ما هو مفهومك للعبادة ؟
إن عبادة الله تعالى اسم جامع لفعل كل ما يحبه الله ويرضاه؛ مما شرعه من الاعتقاد الصحيح والقول السديد، والعمل الصالح، وترك كل ما يكرهه الله ويأباه؛ وهو ما حرمه تعالى من أنواع الشرك والضلال وفروعها من فاحش القول وسيئ العمل وقبيح الاعتقاد، ونحوها من موجبات الشقاء والخسران في المعاش والمعاد.
 .
ثانيا : ما حالك مع عبادتك ؟
هل تمن على الله بعبادتك [يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ]
هل تعبد الله عبادة المستغني عنه ؟  أو تعبده  عادة وتقليدا بغير علم ولا فهم ؟ وهل تعبده وانت تجادل في دينه بغير علم وتعترض على شرعه حسب هواك وجهلك وتقدم هواك على هداه
أم تعبده على طريقة الرسل والصادقين المخلصين من المؤمنين وأنت تظهر له غاية الحب والذل  والفقر والضعف  وتستشعر شدة حاجتك لربك
فتعبده مخلصا مستسلما خاضعا متواضعا محبا راغبا خائفا .
ثالثا
مبنى العبادة على أمرين ، أحدهما : المحبة لله المعبود .. والثاني :  التعظيم لله ..  بمعنى ان الباعث على العبادة هما هذين الامرين
الواجبات الشرعيه مبنية على المحبة لأن من احب الله اطاع الله وفعل ما يحبه..  والمنهيات مبنية على التعظيم لان من عظم الله خاف الله واجتنب أسباب سخطه.
فمن فهم حقيقة العبادة وكان حاله في عبادته حال العابدين المخلصين الخاشعين وبنى عبادته على حب المعبود وتعظيمه فإن سيجد ثمار ومنافع وفوائد وآثار العبادة وهي كثيرة وكبيرة:
ومنها :
  1. الحياة الطيبة في الدنيا (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) وليس المراد بطيب الحياة كثرة الأموال والبنين وإنما انشراح الصدر وسعادة القلب وطمأنينة النفس.
  2. الأجر في الاخرة (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
3. تنهى عن الفحشاء والمنكر ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾العبادة تحفظ العابد من الضرر وتحميه من المفاسد وترفعه عن المساوئ إذا كانت عبادة حقيقية فيها روح وحياة
فكلُّ عبادة لها ظاهر وهو شكلها وصورتها الظاهرية، وباطن وهو حقيقتها وروحها ، فهذه الصلاة على سبيل المثال لها ظاهر، وهو الركوع والسجود، وغيرهما، وباطن وهو الخشوع، والطمأنينة القلبية، والنفسية، وحيث إن لدينا نقصًا في الظاهر، مع نقصنا في الباطن لهذه العبادة العظيمة، فلمْ تؤثر على سلوكنا التأثيرَ المطلوب، فلا بد من إكمال هذا النقص في الظاهر والباطن، وهكذا بقيةُ العبادات؛ كالذكر، والبر، والصدقة، والصيام، والحج، وغير ذلك من العبادات، فكلٌّ فيها ظاهر وباطن، وعندما نستكمل الظاهرَ - كما أمر الشرع - بالفعل، والتطبيق، ونجاهد أنفسنا على  استكمال الباطن بحضور القلب والاحتساب والنصح في العمل والاخلاص لله والصدق معه، فحينها سيتغير حالنا مع العبادة؛ واستكمال الظاهر والباطن هو تحقيق حقيقة العبادة، وإذا حقَّقنا العبادة استفدنا ثمرتين عظيمتين:
  1. سهولة العبادة حالَ فعلها، وعدم التعب فيها.
  2. والتطهير من الذنوب والمعاصي، والاستقامة على الطاعة
 أخي وفقك الله : إن عبادة الله اختبار خطير لا ينجح فيه الا الموفق قال الله (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) وهذا الاختبار يحتاج منك صبر قوي  حتى تجتازه قال الله (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ) والصبر يحتاج للاستمرار والثبات حتى الممات  قال الله (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا
واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم تسليما كثيرا مزيدا.
 ويبقى سؤالٌ مهمٌّ، وهو ما  خلاصة الجواب على سؤال أثر العبادة  نريد أن نخرج بجواب  يعيننا بعد الله على أن يكون لعبادتنا أثر نافع طيب صالح  ؟
والجواب في أمرين إصلاحُ القلب ...  وحراسته.:

الأول: إصلاحُ القلب، وسقيه بالعلم النافع، والعمل الصالح، وإصلاح القلب يكون في  ستةَ مشاهد للعابد في عبادته، وهي:
  1. الإخلاصُ لله وحده

2. المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم  

  3. الإحسان في العبادة ، فيعبد الله كأنه يراه  وَهُوَ مشْهد المراقبة أَن يعبد الله كَأَنَّهُ يرَاهُ وَهَذَا المشهد إِنَّمَا ينشأ من كَمَال الْإِيمَان بِاللَّه وأسمائه وَصِفَاته حَتَّى كَأَنَّهُ يرى الله سُبْحَانَهُ فَوق سمواته مستويا على عَرْشه..

  4. النصحُ لنفسه بإصلاح عمله، والاجتهاد فيه  { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }.

5. شهودُ العبدِ على نفسه بالتقصير في أي عمل صالح يعمله ؛ فإن ذلك يدعوه  إلى اللجوء إلى الله بكثرة الاستغفار والتوبة والنوافل ..

  6. شهودُ مِنَّةِ الله على عبده في أي عمل صالح وأن هذا العمل الصالح محض فضل الله وحده..

الثاني: حراسةُ القلب من أبواب الخطر السبعة، وهي
العين  ..  اللسان ... السمع ... البطن ... الفرج ... اليد ... الرجل.

وهي منافذ الشيطان في إفساد قلب الإنسان، فبحراستها يسلم هذا القلب، ويحيى ويقوى بإذن الله تعالى، ويمثل التربويون هذه المنافذ للبدن كالمنافذ  والحدود للبلد، فبحراستها يسلم البلد، وبحراسة هذه المنافذ يسلم القلب..
فَجَمَعَ الله طريقة حراسة القلب فِي أَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 200] .
وَلَا يَتِمُّ أَمْرُ هَذَا الْجِهَادِ في حفظ القلب وحراسته إِلَّا بِهَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ، فَلَا يَتِمُّ الصَّبْرُ إِلَّا بِمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ، وَهُوَ مُقَاوَمَتُهُ وَمُنَازَلَتُهُ، فَإِذَا صَابَرَ عَدُوَّهُ احْتَاجَ إِلَى أَمْرٍ آخَرَ وَهِيَ الْمُرَابَطَةُ، وَهِيَ لُزُومُ ثَغْرِ الْقَلْبِ وَحِرَاسَتُهُ لِئَلَّا يَدْخُلَ مِنْهُ الْعَدُوُّ، وَلُزُومُ ثَغْرِ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ وَاللِّسَانِ وَالْبَطْنِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ، فَهَذِهِ الثُّغُورُ يَدْخُلُ مِنْهَا الْعَدُوُّ فَيَجُوسُ خِلَالَ الدِّيَارِ وَيُفْسِدُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، فَالْمُرَابَطَةُ لُزُومُ هَذِهِ الثُّغُورِ، وَلَا يُخَلِّي مَكَانَهَا فَيُصَادِفَ الْعَدُوُّ الثَّغْرَ خَالِيًا فَيَدْخُلَ مِنْهُ.
وَجِمَاعُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَعَمُودُهَا الَّذِي تَقُومُ بِهِ هُوَ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَنْفَعُ الصَّبْرُ وَلَا الْمُصَابَرَةُ وَلَا الْمُرَابَطَةُ إِلَّا بِالتَّقْوَى، وَلَا تَقُومُ التَّقْوَى إِلَّا عَلَى سَاقِ الصَّبْرِ.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ


الأربعاء، 14 أغسطس 2019

اللواط رذيلة خبيثة ونجاسة قذرة

يا ابن الإسلام/
اعلم أن اللواط رذيلةٌ من أسوأ الرذائل، خصلةٌ من خصال الشر، مميتاً للحياء ، فساداً للأخلاق ، فساداً للقلب ، اعتداءٌ شديدٌ على الطبيعة التي ركبها الله عز وجل،بل جريمةٌ نكراء تعافها البهائم والحيوانات .
يا من فعل اللواط ... أنعم الله عليك بنعمة الإسلام ، والأمن والأمان ، والسلامة في الأبدان والعافية من الأسقام ، والبصر والسمع والكلام فلماذا هذا الشر والنكير؟
أما تعلم أن فعل اللواط يغضب الذي يجري الدّم في عروقك!
أما تعلم أن هذه الفاحشة يضيق بها الفضاء، وتعج لها السماء، ويحل بها البلاء ، وطريقاً إلى دار الشقاء!
أما تعلم أن فعل اللواط، شرٌ ونكير، وفسادٌ كبير،وكبيرةٌ من كبائر الذنوب!
أما تعلم أنه كشف حال، وسوء مآل، وداءٌ عضال، وقبح أفعال!
إنه عيبٌ دونه سائر العيوب ، تذوب من أجلها القلوب، فعلٌ مسبوب، ووضعٌ مقلوب، وفاعلٌ ملعون، ومفعولٌ به مغضوب، إنه خلقٌ فاسد وعرضٌ ممزق، وكرامةٌ معدومة، إنه زهريٌ وإيدز، سيلانٌ وسرطانٌ ذو ألوان، قذارةٌ دونها كل القاذورات،إنه خللٌ في توازن العقل، وضعفاً شديداً في الإرادة،وانعكاسٌ نفسي ، وخفقاناً في القلب، وطريقاً للإصابة بالعقم، وانعدام عضلاتٍ للمستقيم، بل إنه فعل الكلاب ، فعل البغال والحمير، فعل القردة والخنازير، ولا يصاب الشخص اللوطي أو فاعل العادة السرية بالأمراض الفتاكة إلا بعد فترة مديدةً من الزمن .
-كيف يطيب لك عيشاً والله غاضباً عليك لأنك أغضبته وهتكت ستره .
-كيف يهنأُ لك بالاًوأنت مخالفاً للقرآن الكريم فلقد قال سبحانه وتعالى {والذين هم لفروجهم حافظون - إلا على أزواجهم أوما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين – فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون }

أخي في الله/
ما هو موقفك حينما يناديك الله بين الخلائق أجمعين وأنت فاعلٌ للواط، ثم يفضحك بين الخلق أجمعين .
بل ما هو موقفك من حياةٍ تعيشها بعدما تنظر إلى أقاربك وأصدقائك عندما يكونوا في أتم الصحة والعافية ويكون لديهم أبناءً وأُسر، وأنت تنتقل من مرضٍ إلى مرض ، ومن مصيبةٍ إلى أخرى ، والسبب في ذلك أنك تستجيب لهذه الشهوة المحرمة .
بل ما هو موقفك حينما يرسل الله عليك ملك الموت وأنت فاعل للواط .
أخي في الله/ اعلم أن اللوطي ملعون في الأرض، وملعونٌ في السماء، ملعون من الله تعلى على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال(لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط)رواه النسائي .
وروى عن أنس بن مالك قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم( من مات من أمتي يعمل عمل قوم لوط نقله الله تعالى حتى يحشر معهم)
- لماذا أصبح كثيراً من الشباب منقاداً للشيطان اللعين حتى غرقوا في هذه الفاحشة النكراء ؟
- لماذا أصبح أكثر الشباب صحبتهم من أجل الغرام واللواط ؟
- لماذا أصبح أكثر الشباب سخيف العقل، عديمُ الهمة والحياء من الله عز وجل فأهتم بالحب والغرام ، والمعاكسات الهاتفية،والصور والمجلات ، والنظرات الساقطة، والكلام الفاحش، وهذه في الغالب مسببات اللواط، والزنا والعادة السيئة0
- لماذا أصبح بعض الشباب فريسةً لكل لوطي ، يعبثون به ،ويهددونه،ويذهبون به حتى يتمكنوا منه ؟
- فبالله عليك ما هو موقف الرجل اللوطي في الآخرة أمام الله عز وجل، بل ما هو موقفه في الدنيا عندما يصبح في مهنةٍ أوفي مستوىً وظيفي أو كان له زوجةً وأبناء ، ثم يقال عنه كان هذا الرجل يُفعل به كذا وكذا ...

كلوا واشربوا وازنوا ولوطوا وابشروا ------ فإن لكم زفاً إلى الجنة الحمرا
فقوم لوطٍ مـهدوا الدار قبــلكم ------وقالوا إلينا عجلوا لكم بشـرا
وها نحن أسلافٍ لكم في انتظاركـم------سيجمعنا الجبار في ناره الكبرى
فلا تحسبوا أن الذين نكـحـتمـوا------ يغيبون عنكم بل ترونهم جهرا
ويلعن كـل منكما لخلـيـله ------ ويشقى به المحزون في الكرة الأخرى
يعذب كلٌ منــهما بشـريـكه -----كما اشتركا في لذةٍ توجب الوزرا
(الجواب الكافي)ص197

فيا أخا الإسلام/
هؤلاء قوم لوط لم يستفيدوا من فعلهم اللواط إلا أن أعقبت الحسرات، وأذهبت اللذات، وانقضت الشهوات، وتمتعوا قليلاً وعذبوا طويلا، فلقد أهلكهم الله هلاكاً شديدا، وقلب ديارهم عليهم ، ونكّل بهم ، ورماهم بحجارةٍ من السماء .
أخي الكريم/ كأني بك الآن قد مللت مما قرأت وتقول أريد أن أتـوب من اللواط ، وأريد أن أتوب من الخوض والكلام فيه، وأريد أن أفتح صفحةً مشرقةً تكون مليئةٌ بطاعة الله وتحدي الشيطان وكبح شهواته .

نعم أخي الشاب /
أنا أؤيدك على ذلك وأقول لك اجعل في قلبك العزيمة والإرادة على الندم والإقلاع، ولا تجعل أصحاب السوء منك نصيب .

وقد يقول لوطي/ كيف أتوب ، كيف أقلع وأندم، وكل صديقٌ يهددني، ويعرف عني القبائح والرذائل، والكل يضايقني من كل حدبٍ وجهة .
والجواب هو / مهما هددّت من أصدقائك من كلامٍ وصور، ومهما بلغت شهرتك، ومهما بلغت فضائحك عنان السماء00 فأنت رجل ، والرجل قوي العزيمة والإرادة ، وباب التوبة مفتوحاً، والآيات والأحاديث تدل على أن الله غفورٌ رحيم0 فإذا تبت سوف تبدّل سيئاتك إلى حسنات ، ويحبك الله ويرضى عنك بعد أن غضب عليك ، وتبدّل أوصافك بالمحاسن والأوصاف الحميدة بدلاً من الأوصاف السيئة ، وسوف يعرف الناس توبتك بعدما علموا شهرتك
فبادر بالتوبة الآن قبل أن تبادر بالموت . هذا وأسأل الله أن يجعل هذه الرسالة نافعةً شافيةً كافيةً لكل من أصيب بهذا الداء الفتاك، وصلى الله وسلّم على نبينا محمد .

السبت، 10 أغسطس 2019

خطبة عيد الأضحى


الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اطصفى 

يومًا  ما أمر إبراهيم- عليه السلام-زوجه “هاجر” أن تحمل ابنها إسماعيل وتستعد لرحلة طويلة!
وبدأت رحلة إبراهيم وهاجر وإسماعيل
 وكان الطفل رضيعًا لم يفطم بعد، وظل إبراهيم- عليه السلام-
 يسير من أرض فلسطين، وسار في رحلته ، حتى دخل إلى صحراء الجزيرة العربية، وقصد إبراهيم- عليه السلام
 واديًا ليس فيه زرع ولا ثمر  ولا طعام ولا ماء ولا سكن، وكان الوادي يخلو تمامًا من أسس الحياة، ولمَّا وصل إبراهيم- عليه السلام- إلى الوادي،
 أنزل زوجته هاجر  وابنه اسماعيل وتركهما هناك في ذلك الوادي،
فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ استدار وقَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا وتركهما وسار ، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الوَادِي، الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا ولا يرد عليها ، وظل يسير، فعادت تقول له ما قالته وهو صامت، وأخيرًا فهمت أنه لا يتصرف هكذا من نفسه، وأدركت أن الله أمره بذلك، فسألته: فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَتْ: إِذَنْ لاَ يُضَيِّعُنَا الله رَضِيتُ بِاللَّهِ، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ البَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ وراح يدعو الله:
﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ
 رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ 
ورحل إبراهيم إلى الشام ورَجَعَتْ هاجر فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنَّةِ وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، حَتَّى لَمَّا فَنِيَ المَاءُ، قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَدًا،   فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا فَنَظَرَتْ، وَنَظَرَتْ هَلْ تُحِسُّ   أَحَدًا، فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا، فَلَمَّا بَلَغَتِ الوَادِيَ سَعَتْ وَأَتَتِ جبل المَرْوَةَ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ أَشْوَاطًا، ثُمَّ قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ الصَّبِيُّ، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَإِذَا هُوَ عَلَى حَالِهِ كَأَنَّهُ يَنْشَغُ لِلْمَوْتِ، فَلَمْ تُقِرَّهَا نَفْسُهَا، فَقَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ، لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَدًا، فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا، فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا، حَتَّى أَتَمَّتْ سَبْعًا، ثُمَّ قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ، فَإِذَا هِيَ بِصَوْتٍ، فَقَالَتْ: صه، فَإِذَا جِبْرِيلُ، فحرك الأرض بجناحه  فَانْبَثَقَ المَاءُ، فَدَهَشَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، وشربت وعادت لها الحياة من جديد ولرضيعها

بعد هذه الشدة والتضحية جاءت شدة اخرى وابتلاء واختبار اشد واصعب وهو ذبح ابنها اسماعيل فعاد إبراهيم وقد كبر الطفل وبلغ السعي فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ.
فصبرت هاجر ورضيت وطاع وانقاد وستسلم إبراهيم وابنه ففداه الله بِذِبْحٍ عَظِيمٍ.
ولكن المنح تكون في طيات المحن فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا.
نتج عن هذه الشدائد والابتلاءات بناء الكعبة المشرفة ودعا إبراهيم الناس للحج.
وجعل الله الناس تبعا لأم إسماعيل وفرض عليهم السعي بين الصفا والمروة سبعا.
وبارك الله للناس في ماء زمزم والذي كانت أم إسماعيل سبب في نبعه.
وشرع الله للناس ذبح الهدي والأضاحي ورمي الجمار اتباعا لسنة إبراهيم والسبب في ذلك هو إسماعيل وأمه هاجر.
إذا هذه التضحيات لها منافع وفضائل وفيها دروس وعبر وعظات فما هي الدروس المستفادة من تضحية هاجر.

الخطبة الثانية 
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اطصفى 

1. التسليم لله والانقياد له والقبول لحكمه بدون تردد
 2- الزوجة هاجر المؤمنة الصادقة أطاعت زوجها فى طاعة لله عندما تركها فى الصحراء فانجاها الله  وابنها من الخوف والجوع :- ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب )
  3. صدق الزوج باعث للثقه بين الزوجين والتعاون بينهما على مصاعب الحياة

 4. الأخذ بالأسباب واجب قدر الإمكان؛ فإبراهيم ترك مع هاجر جراب تمر وقربة ماء وهاجر سعت بين الصفا والمروة باحثة عن الماء لسقاية الرضيع، وهذا لا ينافي التوكل على الله

 5.  التسليم لله فيما قضى  والرضا به لأن ام اسماعيل قالت رضيت بالله   قال الرسول صلى الله عليه وسلم (ذاق طعم الايمان من  رضي بالله ربا) اي رضي بافعاله وحكمه وعلم ان كل افعاله حكمه وعدل.
 6. حسن الظن بالله وعلامة حسن الظن بالله حسن العمل والتسليم لله والرضا بالقدر
  7. البيئة الصالحة والقدوة الحسنة اساس النشء الصالح
  8. ومن بركات رضا هاجر بالله وبحكمه ما كان بسبب ذلك من بناء البيت المعظم ونبع ماء زمزم والهدي والأضاحي.
 9. الام المدرسة   فهاجر هي من ربت النبي اسماعيل في غياب ابوه وغرست فيه الإيمان مكارم الاخلاق حتى نفس وتميز  في قبيلة جرهم .
  10. الدرس الكبير من مدرسة هاجر واسرتها الكريمة أن وظيفة الزوج والزوجة هي تحقيق العبودية لله والتعاون على تحقيق ذلك وتربية الأطفال على العبودية لربهم .
نلخص من مدرسة هاجر حقيقة التربية الصالحة الواجبة على كل أب وأم
التربية الإسلامية هي التربيه التي تقوم علي أسس التربيه الصالحة المصلحة :
1.  التربية الإسلامية تقوم على الايمان الخالص لله و قوه اليقين بالله حتى تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ .
2.  التربية الإسلامية تقوم على اساس التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب والاستعانة بالله في كل شيء من مصالح الدنيا والدين.. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ .. وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.
3.  التربية الإسلامية تؤسس على الرضا بالله و بدينه وشرعه والرضا بفعل أمره والرضا بترك واجتناب نهيه فمن رضي بالله وبحكمه ودينه ورسوله  " فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ ".
  4.  التربية الإسلامية تبنا على الصدق مع الله{ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
  5.  التربية الإسلامية هدفها تحقيق العبودية لله رب العالمين وتقديم محبة الله على رغبات النفس وأهوائها ومحابها {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى .. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}
  6.  التربية الإسلامية طريق الجنة وهو طريق مملوء بابتلاءات السراء والضراء والشدايد  وهو طريق لا يمضي فيه ولا يستمر معه ولا يثبت عليه الا أهل الصبر القوي المستنير بنور هدى الله والسير على تقوى الله.
7. نجاح التربية الإسلامية بالقدوة الحسنة وحسن التربية و التنشئة الصالحة بابراز القدوات الصالحة اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ .. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.
أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ .
8.  وختاما فان التربية الإسلامية أساسها ورأسها وروحها التسليم التام الشامل الكامل لله الرب الملك الخالق والاستسلام له والقبول لشرعه والانقياد له والخضوع {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}


الخميس، 1 أغسطس 2019

خطبة عن فضل عشر ذي الحجة



.أما بعد   
 قال الله تعالى  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ  .. وقال تعالى وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا .. وقال تعالى وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ .
اعلموا رحمكم الله إن أعظم نعم الله هي النعم الدينية والهداية لها والاعانة على فعلها لأن النعم الدينية هي السبب في أن تكون من ورثة جنة النعيم.
ومن نعم الله الدينية أن تفضل عليكم بأوقات فاضلة  وأزمنة مباركة تضاعف فيها الحسنات ويستحب فيها الأكثار من الطاعات .
 أيها المسلمون : إن من أحب الأشهر إلى الله تعالى .. الأشهر الحرم ، وأحب أشهرها إليه شهر ذي الحجة ، وأفضل أيام ذي الحجة العشر الأول ، التي أقسم الله بها في كتابه تبارك وتعالى ، فقال : " والفجر * وليال عشر " قال ابن عباس : هي عشر ذي الحجة . وهي أفضل أيام الدنيا كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : " أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ، عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ "  

قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الْحَج: 28]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الأَيَّامُ  الْمَعْلُومَاتُ: أَيَّامُ الْعَشْرِ.
وقال صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ "

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ - يَعْنِي عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ -»   قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ يَخْرُجُ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ، فَلَا يَرْجِعُ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»



وكان سعيد بن جبير - رحمه الله - إذا دخلت العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يُقدَر ُ عليه.

  قال ابن حجر في الفتح: " وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّبَبَ فِي امْتِيَازِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمَكَانِ اجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ فِيهِ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَجُّ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ ".

      معاشر المؤمنين  العشر من ذي الحجة  أفضل الأيام على الإطلاق.
 كما بين ذلك العلماء.

     والعمل الصالح فيها أفضل من العمل في غيرها من أيام العام.

والعمل الصالح الذي يفعل في هذه الأيام يشمل الصلاة والصيام والقيام ونوافل الطاعات وقراءة القرآن وتدبره وتعلم العلم وتعليمه والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنواع العبادات وفعل القربات وترك الذنوب والسيئات والتوبة النصوح والندم على ما فات من تقصير وغير ذلك من صالح الأعمال.
  


    إخوة الإيمان :  انظروا  إلى عظيم فضل هذه العشر من ذي الحجة وعظيم فضل العمل الصالح فيها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم  : «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ » -يعني العشر من ذي الحجة -  «  قَالُوا:  يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ».

   فالعامل العابد المجتهد في اغتنام هذه الأيام العشر قد وفقه الله لخير كثير ومن عليه بفضل كبير   وقد فتح الله له أبواب فضل عظيم حين بلغه الله   أياما تقربه من أجر  الجهاد في سبيل الله .  

لأن الجهاد أفضل الأعمال
   ولذلك لَمَّا سأل سائل  النبي صلى الله عليه وسلم  فَقَالَ:  « دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ؟  قَالَ: لَا أَجِدُهُ , قَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلَا تَفْتُرَ وَتَصُومَ وَلَا تُفْطِرَ؟ قَالَ وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟!»

فعلى الراغبين في رضوان الله المسارعين إلى جنته أن يعلموا قدر هذه الأيام وعِظَمها، وأنها أفضل أيام في دنيا المؤمنين المتقين، وذلك يستدعي منهم أن يُزِيْحُوا عن أنفسهم الغفلة، والعوائق التي تعيقهم أنْ يستغلوا هذه الأيام وينتهزوا هذه الفرصة فيما يقربهم من ربهم وينفعهم في اخرتهم .
 وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ
الخطبة الثانية

وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
ومن علامة الصدق مع الله اغتنام هذه الأيام العشر والمبادرة بالعمل الصالح كما أمر بذلك رسول الله «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا»
الأعمال الصالحة عصمة ووقاية من الفتن الضالة والمضلة.

والعاقل الموفق هو من يكون كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: " اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ.
ثم اعلموا وفقكم الله إن الموانع التي تمنع من المسارعة لطاعة الله كثيرة ومنها:
الجهل بالله والغفلة عن الصدق معه والإخلاص له ومحبته والاعراض عن دعائه
والانشغال بالملهيات والتوافه ووسائل الاتصال والتواصل والاغترار بكثرة الكسالى والمتهاونين في طاعة ربهم
وطول الأمل وسكرة الدنيا ومغرياتها ونسيان الاخرة

فإذا أردنا أن يكون لنا حظا من فضل هذه الأيام .. علينا أن نكثر من التوبة والاستغفار وذكر الله ودعائه حتى تنشط أنفسنا وتقبل على الأعمال الصالحة وتقبلها.

وإن من أنفع الأعمال الصالحة لأنفسنا حمايتها من المعاصي وحفظ جوارحنا من معصية الله ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)
قال الله تعالى ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)