الخميس، 1 أغسطس 2019

خطبة عن فضل عشر ذي الحجة



.أما بعد   
 قال الله تعالى  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ  .. وقال تعالى وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا .. وقال تعالى وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ .
اعلموا رحمكم الله إن أعظم نعم الله هي النعم الدينية والهداية لها والاعانة على فعلها لأن النعم الدينية هي السبب في أن تكون من ورثة جنة النعيم.
ومن نعم الله الدينية أن تفضل عليكم بأوقات فاضلة  وأزمنة مباركة تضاعف فيها الحسنات ويستحب فيها الأكثار من الطاعات .
 أيها المسلمون : إن من أحب الأشهر إلى الله تعالى .. الأشهر الحرم ، وأحب أشهرها إليه شهر ذي الحجة ، وأفضل أيام ذي الحجة العشر الأول ، التي أقسم الله بها في كتابه تبارك وتعالى ، فقال : " والفجر * وليال عشر " قال ابن عباس : هي عشر ذي الحجة . وهي أفضل أيام الدنيا كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : " أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ، عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ "  

قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الْحَج: 28]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الأَيَّامُ  الْمَعْلُومَاتُ: أَيَّامُ الْعَشْرِ.
وقال صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ "

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ - يَعْنِي عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ -»   قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ يَخْرُجُ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ، فَلَا يَرْجِعُ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»



وكان سعيد بن جبير - رحمه الله - إذا دخلت العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يُقدَر ُ عليه.

  قال ابن حجر في الفتح: " وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّبَبَ فِي امْتِيَازِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمَكَانِ اجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ فِيهِ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَجُّ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ ".

      معاشر المؤمنين  العشر من ذي الحجة  أفضل الأيام على الإطلاق.
 كما بين ذلك العلماء.

     والعمل الصالح فيها أفضل من العمل في غيرها من أيام العام.

والعمل الصالح الذي يفعل في هذه الأيام يشمل الصلاة والصيام والقيام ونوافل الطاعات وقراءة القرآن وتدبره وتعلم العلم وتعليمه والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنواع العبادات وفعل القربات وترك الذنوب والسيئات والتوبة النصوح والندم على ما فات من تقصير وغير ذلك من صالح الأعمال.
  


    إخوة الإيمان :  انظروا  إلى عظيم فضل هذه العشر من ذي الحجة وعظيم فضل العمل الصالح فيها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم  : «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ » -يعني العشر من ذي الحجة -  «  قَالُوا:  يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ».

   فالعامل العابد المجتهد في اغتنام هذه الأيام العشر قد وفقه الله لخير كثير ومن عليه بفضل كبير   وقد فتح الله له أبواب فضل عظيم حين بلغه الله   أياما تقربه من أجر  الجهاد في سبيل الله .  

لأن الجهاد أفضل الأعمال
   ولذلك لَمَّا سأل سائل  النبي صلى الله عليه وسلم  فَقَالَ:  « دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ؟  قَالَ: لَا أَجِدُهُ , قَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلَا تَفْتُرَ وَتَصُومَ وَلَا تُفْطِرَ؟ قَالَ وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟!»

فعلى الراغبين في رضوان الله المسارعين إلى جنته أن يعلموا قدر هذه الأيام وعِظَمها، وأنها أفضل أيام في دنيا المؤمنين المتقين، وذلك يستدعي منهم أن يُزِيْحُوا عن أنفسهم الغفلة، والعوائق التي تعيقهم أنْ يستغلوا هذه الأيام وينتهزوا هذه الفرصة فيما يقربهم من ربهم وينفعهم في اخرتهم .
 وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ
الخطبة الثانية

وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
ومن علامة الصدق مع الله اغتنام هذه الأيام العشر والمبادرة بالعمل الصالح كما أمر بذلك رسول الله «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا»
الأعمال الصالحة عصمة ووقاية من الفتن الضالة والمضلة.

والعاقل الموفق هو من يكون كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: " اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ.
ثم اعلموا وفقكم الله إن الموانع التي تمنع من المسارعة لطاعة الله كثيرة ومنها:
الجهل بالله والغفلة عن الصدق معه والإخلاص له ومحبته والاعراض عن دعائه
والانشغال بالملهيات والتوافه ووسائل الاتصال والتواصل والاغترار بكثرة الكسالى والمتهاونين في طاعة ربهم
وطول الأمل وسكرة الدنيا ومغرياتها ونسيان الاخرة

فإذا أردنا أن يكون لنا حظا من فضل هذه الأيام .. علينا أن نكثر من التوبة والاستغفار وذكر الله ودعائه حتى تنشط أنفسنا وتقبل على الأعمال الصالحة وتقبلها.

وإن من أنفع الأعمال الصالحة لأنفسنا حمايتها من المعاصي وحفظ جوارحنا من معصية الله ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)
قال الله تعالى ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق