الخميس، 26 نوفمبر 2020

المسارعة " خطبة جمعة "

 

 المسارعة ماذا تعني وفيما تكون

المسارعة والمسابقة والمبادرة والاستعجال إلى الشيء الفاظ متقاربة .

المسارعة أخبرنا الله في كتابه إن كل إنسان يسارع فيما يحسنه ويحبه ويهتم به [وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ]

فأهل الكفر يسارعون في كفرهم ويحرصون على الاستمرار فيه ، قال الله تعالى : {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}

وأهل النفاق الذين قالوا أمنَّا بافواههم ولم تؤمن قلوبهم يشابهون اليهود في المسارعة في الكفر وتحريف الدين والتنافس في الكذب وأكل الحرام ومتابعة من ضل عن صراط الله المستقيم  ، قال الله تعالى : {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}

وأهل الفسق والظلم وأكلة الحرام يسارعون في الإثم ويتسابقون في معصية الله ، قال الله تعالى : {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

ومن اعرض عن طاعة الله ورسوله وقع في طاعة أعداء الله

، قال الله تعالى : {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}

فهذه نماذج من مسارعة الذين اغواهم الشيطان وعصوا ربهم وقُـبْـح مسارعتهم إلى الهلاك والنار !!

 

وفي الجانب الآخر لنرى مسارعة أولياء الله الصالحين من الرسل عليه السلام واتباعهم بحق وإحسان وإلى إي شيء يسارعون!!

إنهم يسارعون إلى طاعة الله ويبادرون إلى مغفرته ويستعجلون إلى رضوانه ويسابقون إلى جنته

، قال الله تعالى : {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}

وقال الله واصفا لنا حال رسله المصطفين الأخيار، : {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}

وعلامة الإيمان الصحيح إنه يقود صاحبه للمسارعة في الخيرات ، قال الله تعالى : {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ}

وعلامة السعداء أهل التقى والنقاء إنهم يسارعون إلى ما يرضي الله ويسابقون فيما يحبه ، قال الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ  * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} عن عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا تُقْبَلَ مِنْهُمْ {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}

قَالَ الْحَسَنُ: عَمِلُوا وَاللَّهِ بِالطَّاعَاتِ، وَاجْتَهَدُوا فِيهَا، وَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِمْ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ جَمَعَ إِحْسَانًا وَخَشْيَةً، وَالْمُنَافِقَ جَمَعَ إِسَاءَةً وَأَمْنًا.

الخطبة الثانية

 إن اللَّه عزّ وجلّ أمر بالمسارعة بالطاعات والمسابقة الى التزود من الحسنات {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}  {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} فيا أيها الرجل المريد نجاته كن من الذين (يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاِت وَهُمْ لَهَا سَابِقُون)  فأولئك  يسارعون الموت ويسابقون الفوت ويسارعون الغافلين ويسابقون البطالين.

إن المسارعة الى الخيرات فيها مبادرة إلى الطاعة واستجابة لله ورسوله ومسابقة الى جنته ورضوانه.

وإن المسارعة الى ما تهوى الأنفس مشغلة للنفس بما يضرها وإساءة لها ومضيعة للعمر وخسارة في الآخرة.

 عباد الله : المسارعون شتى:

منهم من يسارع في الكفر، ومسرع إلى النفاق، وسريع بالإثم وإليه وفيه، ومسارع إلى جنة عرضها السموات والأرض وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، قال الله تعالى : {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق