السبت، 18 فبراير 2012

حتى نكون خير أمة أخرجت للناس

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين.
فهذا بيان موجز لأهمية شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومكانتها في الإسلام ، من خلال التأمل في بعض آيات الكتاب العزيز وأحاديث الرسول الكريم.

فيا أيها المسلمون إن أردنا الرحمة والسلامة  من اللعنة فعلينا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
قال الله تعالى : {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ   ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ   لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ }.


وإذا أردنا الأمن الشامل والتام والكامل ، الأمن من كل شيء في كل شيء فعلينا بالإصلاح في كل شيء .
قال الله تعالى (  فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ   وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ *  وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}.
فبالإصلاح نأمن سخط الله وعذابه.


وإذا أردنا التمكين في الأرض  ، وأن يستخلفنا الله في أرضه فعلينا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال الله تعالى : { الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ   وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }.
والذين يخافون من عواقب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو يمنعه من القيام بهذه الفريضة الخوف على مصالحه ! أقول له اقرأ خاتمة آية التمكين السابقة : {  وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }.


وإذا أردنا السلامة من صفات المنافقين إخوان الشياطين ، الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون فعلينا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
قال الله تعالى : { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ  يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ  نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ  إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.


وإذا أردنا أن نكون من المؤمنين المرحومين الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون فعلينا أن نقوم  بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
قال الله تعالى : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ   يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ   أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ   إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }.
فيا أيها المصلحون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر اعلموا : { إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } فهو سبحانه معزكم وأنت الأعزاء.



وإذا أردنا أن نكون من المفلحين الخيرين الداعين للخير، فعلينا أن نقوم  بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال الله تعالى : { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ  وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.



وإذا أردنا أن نكون من خير أمة أخرجت للناس ، فعلينا أن نقوم  بفريضة وعمود الخيرية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال الله تعالى : { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ  وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم  مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}.
ولن يقوم الإيمان إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما هو ظاهر جلي في هذه الآية الكريمة { تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}.


من لم يقم بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فليس متبع للرسول حق الإتباع { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.


القيام بعبادة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يصنع شخصية مؤمنة مؤثرة نافعة مصلحة ذات عزيمة تحلق فوق هامات الشموخ.
قال الله تعالى : { يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ  إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }.


ولن نكون من المؤمنين الذين اشترى الله منهم أنفسهم حتى نتصف بصفة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.
{ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }.

الخطبة الثانية
روى مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ أَخْرَجَ مَرْوَانُ الْمِنْبَرَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَبَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا مَرْوَانُ خَالَفْتَ السُّنَّةَ أَخْرَجْتَ الْمِنْبَرَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَلَمْ يَكُنْ يُخْرَجُ وَبَدَأْتَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَكُنْ يُبْدَأُ بِهَا فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَاسْتَطَاعَ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِيَدِهِ فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ).
وهذا الحديث يوضح أن كل مسلم يجب عليه تغيير المنكر بحسب قدرته.

وأخرج الترمذي عن حذيفة  رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم} .
يقول الرسول والذي نفس محمد بيده لأن نفس محمد صلى الله عليه وسلم أطيب الأنفس فأقسم بها لكونها أطيب الأنفس ثم ذكر المقسم عليه وهو أن نقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو يعمنا الله بعقاب من عنده حتى ندعوه فلا يستجيب لنا نسأل الله العافية وقد سبق لنا عدة أحاديث كلها تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتحذير من عدمه فالواجب علينا جميعا أن نأمر بالمعروف فإذا رأينا أخا لنا قد قصر في واجب أمرناه به وحذرناه من المخالفة وإذا رأينا أخا لنا قد أتى منكرا نهيناه عنه وحذرناه من ذلك حتى نكون أمة واحدة لأننا إذا تفرقنا وصار كل واحد منا له مشرب حصل بيننا من النزاع والفرقة والاختلاف ما يحصل فإذا اجتمعنا كلنا على الحق حصل لنا الخير والسعادة والفلاح.

وأخرج
ابن ماجه بسنده رواته ثقات عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا يَحْقِرْ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَحْقِرُ أَحَدُنَا نَفْسَهُ قَالَ يَرَى أَمْرًا لِلَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالٌ ثُمَّ لَا يَقُولُ فِيهِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ فِي كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ خَشْيَةُ النَّاسِ فَيَقُولُ فَإِيَّايَ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ تَخْشَى }.

وأخرج
أبو داود عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ أَوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهِ وَدَعْ مَا تَصْنَعُ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَكَ ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الْغَدِ فَلاَ يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَقَعِيدَهُ فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ ». ثُمَّ قَالَ (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) إِلَى قَوْلِهِ (فَاسِقُونَ) ثُمَّ قَالَ « كَلاَّ وَاللَّهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَىِ الظَّالِمِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا ».
  .
ورواه الترمذي وحسنه ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهاهم علماؤهم فلم ينتهوا , فجالسوهم في مجالسهم وواكلوهم وشاربوهم , فضرب الله قلوب بعضهم ببعض , ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون . فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان متكئا فقال لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا ).
قال الحافظ المنذري : ومعنى تأطروهم أي تعطفوهم وتقهروهم وتلزموهم بإتباع الحق . انتهى. وفي القاموس : الأطر عطف الشيء . وفي الحديث { فيأطره على الحق أطرا }.

وأخرج
أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح عن سيدنا أبي بكر الصديق رضوان الله عليه قال : يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية : { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يده أوشك أن يعمهم الله بعقاب  ).  
ولفظ النسائي  : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إن القوم إذا رأوا المنكر فلم يغيروه عمهم الله بعقاب } .
وفي رواية لأبي داود:   سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول  : ( ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون على أن يغيروا ثم لا يغيروا إلا يوشك أن يعمهم الله منه بعقاب ).

وأخرج الإمام
أحمد والترمذي واللفظ له وابن حبان في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا , ويوقر كبيرنا , ويأمر بالمعروف , وينه عن المنكر ).

وقال
أبو هريرة رضي الله عنه : كنا نسمع أن الرجل يتعلق بالرجل يوم القيامة وهو لا يعرفه فيقول له مالك إلي وما بيني وبينك معرفة , فيقول كنت تراني على الخطأ أو على المنكر ولا تنهاني . ذكره الحافظ المنذري . قال ذكره رزين ولم أره , والله تعالى الموفق .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق