الخميس، 24 مايو 2012

السؤال يوم القيامة

السؤال يوم القيامة

السؤال يوم القيامة حقيقة واقعة للناس جميعا ولا محيد عنه، والإيمان  به والاستعداد له من صميم  عقيدة المسلمين.

أهمية السؤال يوم القيامة وخطر الغفلة عنه ووجوب الاستعداد له
1 - قال الله تعالى : ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف : 6].
فهؤلاء هم الرسل خاصة الله وأحب الناس إليه سيسألهم !! فما حالنا نحن أصحاب الذنوب!
 وقال تعالى: ( يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ ) [المائدة: 109].
وقال تعالى: ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ ) (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد) [النساء: 41] .
2 - قال الله سبحانه : (لِّيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ ) [الأحزاب:8].
إذا كان الصادق سيسأل عن صدقه فغيره أولى بالسؤال !!
 الصادق يُسأل عن صدقه! وليس عن ذنبه أو تقصيره أو نقص إيمانه!
انتبه يا غافلاً !
إذا كان  الله سيسأل الصادق عن صدقه فلن يسلم من السؤال أحد.

3 - إذا كان الله سيسأل من لا ذنب له (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ) فكيف بمن له ذنوب !

 (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ  * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) [التكوير : 8-9].
إذا كان الموؤدة  التي لا ذنب لها سيسألها الله لماذا قُتِلت ؟ وما ذنبها ؟
فما حال أصحاب الذنوب ؟
السؤال يكون لكل أحد وعن كل شيء

قال الله تعالى : (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ[الحجر:92 -93].
فالعظيم أقسم بأعظم شيء وهو ذاته المقدسة على أنه سيسأل الناس جميعا وقد أكد ذلك بمؤكدات منها : القسم ، والقسم بذاته العظيمة ، ولام التوكيد (لَنَسْأَلَنَّهُمْ)، ونون التوكيد (لَنَسْأَلَنَّهُمْ)، وأَجْمَعِينَ.
(وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) [النحل:93] من خير وشر فيجازيكم عليها أتم الجزاء وأعدله.

وهناك أمور ذكر الله إنه سيسأل عنها لخطورتها وأهمية الحذر منها

1 - سيسألنا الله عن جوارحنا التي أنعم بها علينا :
قال تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء:36].
فالسمع والبصر والقلب جوارح خطيرة، ونافعة ومهمة ، فرتب الله عليها مسئولية عظيمة ، فوجب علينا حفظها بطاعة الله والحذر من معصيته بها ، لأننا مسئولون عنها.
2 - خطورة النعم التي أنعم الله بها علينا وأن الله سيسألنا الله  نعمه هل شكرنا الله علينا أم كفرنا ؟ وهل استعنا بنعمة المنعم على طاعته أو استعنا بها على معصية المتفضل بها ؟

قال الله سبحانه : (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) [التكاثر:6-8].
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أول ما يُحاسَب به العبدُ يوم القيامة أن يقالَ له: ألم أُصحَّ لك جسمَك وأُرَوِّك من الماء البارد).

قال القاضي عياض: المراد السؤال عن القيام بحقِّ شُكره سبحانه وتعالى على نِعمه.
فإذا كان السؤال يوم القيامة عن نعيم غِذاء البدن، من شَربة الماء البارد فما فوقها، فكيف بالنعيم الذي ساقه الله إلى عباده ليكون غذاءً لأرواحهم، وقُوتاً لقلوبهم؛ وَحْياً أوحاهُ الله من فوق سبع سماوات إلى رسوله علماً نافعاً، وكتاباً محكماً، وديناً قيّماً؟! (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) [الزخرف:44]
أن الإنسان سيُسأل يوم القيامة عن المباحات وهذه هي المشكلة الكبيرة؛ لأننا إذا كنا سنسأل عن المباحات فما بالك بغيرها؟! والنبي صلى الله عليه وسلم فسَّر الآية بهذا الشيء الواقعي الذي حصل: { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } [التكاثر:8] فقال لهم: ( ظلٌ بارد، وماءٌ بارد، وفاكهة، ولحم (( لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ )) [التكاثر:8] ) فهذا هو الذي يُسأل عنه يوم القيامة..

فكم مرة حصل للنبي عليه الصلاة والسلام ظلٌ بارد، وماء باردٌ، وفاكهة، ولحم، في وجبة واحدة؟! قليلٌ جداً، هذه إحدى المرات النادرة في حياته التي حصلت له، أما نحن -والحمد لله- كل يوم تقريباً عندنا ظل، وماء بارد، وفواكه، ولحم.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ : مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ ؟ قَالَا : الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا ، قُومُوا ، فَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَى رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَتْ مَرْحَبًا وَأَهْلًا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ فُلَانٌ قَالَتْ ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنْ الْمَاءِ إِذْ جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي قَالَ فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ  فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ فَقَالَ كُلُوا مِنْ هَذِهِ وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ فَذَبَحَ لَهُمْ فَأَكَلُوا مِنْ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ الْجُوعُ ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ .
..

وبهذا ، فقد ثبت من الكتاب والسنة ، أن النعيم الذي هو محل السؤال يوم القيامة عام في كل ما يتنعم به الإنسان في الدنيا ، حساً كان أو معنى .
حتى قالوا : النوم مع العافية ، وقالوا : إن السؤال عام للكافر والمسلم ، فهو للكافر توبيخ وتقريع وحساب ، وللمؤمن تقرير بحسب شكر النعمة وجحودها وكيفية تصريفها . والعلم عند الله تعالى .
وكل ذلك يراد منه الحث على شكر النعمة ، والإقرار للمنعم والقيام بحقه سبحانه فيها.


عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ . رواه البخاري.

عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ.
السؤال ليس استعلام واستفهام ولكنه تقرير وحساب وبعده عذاب وعقاب لمن قصر في العمل.

عباد الله :

تأملوا فيما سبق من آيات وأحاديث!!
إذا كان الله سيسأل الرسل فكيف بحال المرسل إليه !!
إذا كان الله سيسأل الصادقين عن صدقهم فما  مصير غيرهم !!
إذا كان الله سيسأل من لا ذنب له (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ) فما حال أصحاب  الذنوب !
 (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ  * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) [التكوير : 8-9].
إذا كان الموؤدة  التي لا ذنب لها سيسألها الله لماذا قُتِلَت ؟ وما ذنبها ؟
فما حالنا نحن أصحاب الذنوب ؟
وما حال الذين فتنوا بناتهم أو غفلوا عن فتنتهم والله يقول محذرا:(وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) [ البقرة: 191 ، 217].
فهل ينتبه وينتهي الذين فتنوا أولادهم بالتقصير في تربيتهم !! فيربونهم التربية التي تنفعهم جميعا في الأخرة ! .
أو الذين تركوا أولادهم يتعرضوا للفتن ويقعوا فريسة لشياطين الإنس والجن !
أو الذين مكنوا أولادهم من وسائل الفساد الحديثة كالقنوات الفاسدة المفسدة أو مواقع النت أو غيرها ففتنوا أولادهم بأمواج من فتن المستنقعات المغرقة وفتحوا عليهم ولهم أبوابا  من نيران الفتن المحرقة !
فأين الرحمة بفلذات الأكباد وأين القيام بالمسئولة والأمانة وما الموقف يوم القيامة عندما يسئل كل راع عن رعيته !!
 ولتعلم الحكومات أنها ليست شركات استثمارية ، همها الربح من

المواطنين ، وإنما واجبها الأعظم هو إصلاح المواطنين وحفظهم من الفساد وخدمتهم والتيسير عليهم والرفق بهم!

وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ
أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ
أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ ) رواه مسلم (1828)
وليعلم هؤلاء أنهم موقوفون غداً بين يدي الله ، ومحاسبون على
أعمالهم ، ومجزيون عليها ، وسيسأل الله كل حاكم ومسئول وصاحب ولاية عن كل رعيتهكُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) .
ورضي الله عن عمر ، كان يقول : لو عثرت بغلة بالعراق ( على أطراف
الدولة الإسلامية يومئذ ) لسألني الله عنها يوم القيامة : لِمَ لَمْ تصلح لها
الطريق يوم القيامة يا عمر !!
إلى هذا الحد سيكون السؤال يوم القيامة ، حتى عن الحيوانات ،
فكيف بمئات الآلاف أو الملايين من الناس الذين وقع عليها الظلم ؟!
والعدل به قامت دولٌ ، وبالظلم انهارت دولٌ .
" ولهذا قيل : إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ; ولا
يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة . ويقال : الدنيا تدوم مع العدل والكفر ، ولا تدوم مع الظلم والإسلام .
وأعظم الظلم تسليط الفساد والمفسدين على الناس ليصدوهم عن دينهم ، ومحاربة الإصلاح والمصلحين ، وتنحية شرع الله عن تحكيمه في أرضه وعلى عباده.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق