الثلاثاء، 4 أكتوبر 2022

حكم من أنكر دخول الجني في بدن الإنسي مسألة تلبس الجن بالأنس


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:

فإجابة لما بسأل عنه بعض الناس حول ما ينشره  جهال وضلال الإعلام من إنكار تلبس الجني بالإنسي، فإن الحق أن نقول: قد دل كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة على جواز دخول الجني بالإنسي ووقوعه، قال الله تعالى:  الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ  ، قال ابن جرير رحمه الله: يعني بذلك: يتخبله الشيطان في الدنيا، وهو الذي يتخنقه فيصرعه، (من المس) يعني من الجنون  .

( الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 116)

وقال البغوي رحمه الله:  لاَ يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ  أي: الجنون. يقال: مس الرجل فهو ممسوس إذا كان مجنونًا.

وقال ابن كثير رحمه الله: أي: لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له، وذلك أن يقوم قيامًا منكرًا. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونًا يخنق. رواه ابن أبي حاتم . قال: وروي عن عوف بن مالك وسعيد بن جبير والسدي والربيع بن أنس وقتادة ومقاتل بن حيان نحو ذلك.

وقال القرطبي رحمه الله: في هذه الآية دليل على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن، وزعم أنه من فعل الطبائع، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (مجموع الفتاوى 24 / 276-277) ما نصه: (وجود الجن ثابت بكتاب الله وسنة رسول الله واتفاق سلف الأمة وأئمتها، وكذلك دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة، قال الله تعالى:  الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ  ، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم:  إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم  ، وقال عبد الله بن

( الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 117)

الإمام أحمد بن حنبل : (قلت لأبي: إن أقوامًا يقولون: إن الجني لا يدخل بدن المصروع. فقال: يا بني يكذبون، هو ذا يتكلم على لسانه). قال شيخ الإسلام: (وهذا الذي قاله أمر مشهور، فإنه يصرع الرجل فيتكلم بلسان لا يعرف معناه، ويضرب على بدنه ضربًا عظيمًا لو ضرب جمل لأثر به أثرًا عظيمًا، والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقوله... ) إلى أن قال: (وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع، ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذب ذلك، فقد كذب على الشرع، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك) انتهى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

وبما ذكرناه من الأدلة الشرعية وإجماع أهل العلم من أهل السنة والجماعة على جواز دخول الجني بالإنسان يتبين للقراء بطلان قول من أنكر ذلك، فعلى الكاتب محمد بن عبد الله الفوزان أن يرجع إلى الصواب، ولا يعود إلى الكلام فيما ليس له به علم، فقد قال الله تعالى:  وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ  ، والقول على الله بلا علم في منزلة فوق الشرك في التحريم، قال تعالى:

( الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 118)

 قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَـزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ  .

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق