الثلاثاء، 4 أكتوبر 2022

أكملوا الغرس.. لا عذر لكم

 أكملوا الغرس.. لا عذر لكم


د. غيث مبارك


في الحديث الصحيح : "إنْ قامَتِ الساعةُ وفي يدِ أحدِكمْ فَسِيلةٌ ، فإنِ استطاعَ أنْ لا تقومَ حتى يَغرِسَها فلْيغرِسْهَا ".                                    


كان شيوخنا يعلموننا هذا الحديث ليربّونا على أن نعمل الصالحات، ونستكمل صنائع المعروف حتى آخر الأنفاس، فليس بعد قيام الساعة إلا الموت..!!


لكنني فهمت اليوم من الحديث معنى جميلاً ومهماً آخر 


فهمت أن لا تنشغل أيها المسلم -أيتها المسلمة- عن العمل لدينك مهما كان الصخب حولك!!


فقيام الساعة يستدعي معه..

كل صور الاضطراب..

طلوع الشمس من مغربها، 

النفخة الأولى في الصور.... إلخ


تخيل : في مثل هذه الأجواء يقال لك: اغرس فسيلتك!!

يا رب..

وما تصنع فسيلتي؟ 

ومن سيأكل منها ؟ 

ومن أين لي بطاقة نفسية تعينني على الغرس والسقيا، والعالم الدنيوي ينتهي من حولي؟!


مع كل ذلك أنت مطالب بعمل الخير، وبذل المعروف حتى ولو كنت قريب الأجل، وحتى ولو كان العالم من حولك شديد الاضطراب، ولو كان اضطراب يوم القيامة!!


لأن الله عز وجل لا يريد للمصلحين أن يتوقفوا أبداً مهما كان سوء الظروف من حولهم...!!

ولأن المصلح لا تخلو يدُه من فسيلةِ خير مباركة إلا إذا مات...  ما عدا ذلك فحتى القيامة لا تبرر ترك الفسيلة..!!


أقول هذا الكلام وأنا أرى بعض الصالحين يتركون فسائلهم، والسبب؛ 

-لأن الناس ضعف دينهم،

-أو لأن الناس ساءت أخلاقهم، 

-أو لأن العالم صار موحشاً،

-أو لأنه لم يعد لديه طاقةٌ وسط هذا الاضطراب والصخب الحياتي المرهق؟!


إذاً ومن يغرس فسائل الخير ؟!

وأين اضطراب اليوم من اضطراب يوم القيامة؟

لذلك لا عذر لمقصر، ولا حجة لتارك الفسيلة!!


بل المؤكد في الدين أنه كلما صعب غرس الفسيلة عظُم الأجر، وتضاعف الثواب بإذن الله..


كم امتلأت كتبُنا بقصص الإمام فلان الذي ظل يعلم طلابه الحديث حتى خرجت روحه وهو يُحدّث..


وقصة أبي أيوب الأنصاري الذي خرج مع جيش القسطنطينية وهو في الثمانين من عمره ويكاد لا يستطيع الثبات على الفرس!! 

وقصة أنس بن النضر الذي صرخ في أصحابه الذين أقعدهم نبأ موت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم: فيمَ مقامكم بعده؟

قوموا فموتوا على ما مات عليه!!


العجيب أن تاركي الفسائل من المصلحين اليوم يتركونها مع أن أصحاب الفسائل الضارة، وناشرو الفجور، وأصحاب الأفكار الهدامة يزرعون شجر الغرقد، ويبنون مساجد الضرار في كل بلد وشارع، بلا كلل ولا ملل..

حتى ملؤوا الأرض إلحاداً وشذوذاً وفجوراً وفواحش... بينما الكثير منا يكاد ينظر إليهم بنفْس مهزومة، وعقول موهومة...


أيها الأخيار من الرجال والنساء...

-ثقوا بالله وبنصره لدينه، 

-واستكملوا غرس فسائلكم، فلا يصح أبداً أن يُزهق ويملّ الحق، ويَستكمل الباطل مسيرته!!


-أكملوا الغرس، فلا عذر لكم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق