الخميس، 13 سبتمبر 2012

محمد رسول الله رحمة للعالمين

محمد رسول الله  رحمة العالمين

الله الذي أرسل محمدا يُعَرِفَكم بقدره ومكانته وفضله – أيها الناس جميعا – ولكن آفة الكثير منكم إنه لا يعرف محمدا رسول الله إلا من خلال ما يقوله وينشره أعداء محمد رسول الله عنه أو على أقل تقدير ما يخبرهم به الجاهلون بحقيقة محمد رسوله الله !!

وأسلم طريق لمعرفة محمد رسول وأصح خبر وأكمل بيان هو القرآن الكريم لأنه كلام الخبير البصير العليم الحكيم الخالق الرحيم!! فالقرآن يقرر في عشرات الأدلة القاطعة الساطعة أن معرفة الرسول ثم الإيمان به وإتباعه ومحبته ونصرته ونشر دعوته وسنته سبب لكل خير ومفتاح لكل نفع وبركة ومغلاق لكل بلاء وفتنة وإن التقصير في ذلك سبب كل شر، ويحصل من الشر وينتشر الفساد بقدر التفريط بهذا الأصل العظيم.
وكل إنسان بأشد الحاجة إلى التعرف على الرسول كما ذكر الله لنا ذلك في كتابه وفرض علينا معرفة رسوله ومعرفة حقه ومعرفة أهمية وجوب الإيمان به على جميع الناس.

ومن آيات القرآن التي تحدثت عن الرسول ما يلي:
  الرسول رحمة للعالمين وليس للمؤمنين به فقط ، قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)[الأنبياء:107].

فالرسول رحمة لكل الناس يدلهم على طريق الرحمة ويهديهم لدين الرحمة ويبشرهم بالرحمة فمن قَبِلَ من الله رحمته واتبع رسول الرحمة وآمن به وأهتدى بهديه فله الرحمة ومن اعرض ولم يقبل رحمة الله فله اللعنة.

قال الله : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [آل عمران:132].

فلا رحمة إلا لمن أطاع الرسول ومن زعم أنه أطاع الله وهو مخالف للرسول  فهو من المطرودين المبعدين الملعونين وليس من المرحومين كما أخبرنا ربنا في هذه الآيات وغيرها.

فلو قال قائل: أين الرحمة في الجهاد الذي يؤدي إلى قتل أعداء الله ورسوله؟

قيل له : من دعي إلى الرحمة فلم يقبلها وسعى في حربها ومنع وصولها إلى الناس فمن الرحمة قتاله حتى يُقّطَعَ شره ويُؤَمّنَ طريق الرحمة حتى تصل إلى الناس فتخرجها من ضيق المعصية ولعنة العبودية لغير الله إلى سعة رحمة الله التي وسعت كل شيء .
فهو رسول الرحمة ورسول الملحمة وهذا هو التوازن الذي لا يليق بدين رب العالمين غيره.
ولو قال قائل أين الرحمة مما جاء به محمد من قتل القاتل وقطع يد السارق وقتل المرتد ؟

قيل له : قتل القاتل  مظهر من مظاهر الرحمة لأنه يؤدي إلى رحمة الإنسان لنفسه فيمتنع عن فعل ما يخرجها من الرحمة إلى اللعنة ، ورحمة بجميع الناس من أجل حفظ دمائهم فيعيشوا في رحمة وسلام بسبب تطبيق حكم الله في قتل القاتل.

وكذلك نفس الكلام في قطع يد السارق ، لأن المحافظة على أموال الناس من ضرورات الحياة التي لا تصلح إلا بصلاحها وإصلاحها وحفظ المال من الضرورات الخمس الكبرى الواجب حفظها والمحافظة عليها ، فحفظ المال رحمة والتعدي عليه عذاب ولعنة.

وأما قتل المرتد التارك لدينه فلأجل خروجه من الرحمة إلى العذاب واللعنة والمرتد إنسان لا خير فيه لأنه انسلخ من الرحمة ولبس لباس الشر والفساد ولا يقبل الإصلاح فالحكمة والرحمة في هذه الحال قتله رحمة به حتى لا يزداد إثما وسيئات ومنع شره وقطع فساده عن الناس وعبرة وعظة لمن على شاكلته حتى لا يقدم على الردة ويظهر هذه الشناعة وينتشر بين المسلمين مثل هذه القبائح. إذاً قتل المرتد رحمة خاصة وعامة ومحافظة على الناس ليبقوا على رحمة الله – دين الإسلام - وفي رحمة الله والتشديد على منعهم من الخروج منها فسبحان أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين.

فلا عذر لأحد من الناس كائن من كان في رد رحمة الله واختيار غضبه وسخطه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ  وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ  وَكَانَ اللَّـهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) [النساء:١٧٠].

فالذي لا يؤمن بالرسول قد رد الخير واختار الشر ، فقد اختار الله لك أيها الإنسان الرحمة فأمرك بطاعة رسوله والإيمان به وكثير من الناس يختار الشر الذي اختاره له الشيطان..

قال سبحانه : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ  فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ) [الأعراف:156-157]. فمن اتبع الرسول فهو مرحوم له الرحمة بقدر الإتباع ومن خالف الرسول فهو محروم لأن الرحمة التي وسعة كل شيء لم تسعه ومن لم يسعه أوسع شيء فسيبقى في أضيق شيء وهو ضيق معصية الرسول ولعنة مخالفته.

فلا إيمان ولا طاعة ولا دين صحيح لمن عصى الرسول ولم يطعه (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ  وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا)[النساء:80].

ومن مظاهر رحمته دعوته للناس إلى دين الرحمة وتبليغه بعزم وحزم وحذر من مكر أعدائه ودسائسهم الخبيثة ومجاهدتهم بالحجة والسيف حتى تصل الرحمة لكل الناس (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ  وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ  وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)[التحريم:9].
وهذه الشدة مع من يستحقها لا تخرج من مفهوم الرحمة العام لأننا عندما نتأمل في أهدافها والباعث لها ومآلها لوجدناها تؤدي إلى الرحمة وتمنع الشرور واللعنة .
فهؤلاء الفجرة الكفرة ممن كفرهم ظاهر أو باطن قابلوا رحمة أرحم الراحمين بالإجرام والعدوان والفساد والإفساد في الأرض فكان العدل أن يغلظ معهم الرحيم جزاء وفاقا لعملهم الخبيث كما قال الله تعالى(فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)[الأنفال:57].
فالذي لا يريد الرحمة يعامل بالعدل الرباني (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا) [الأحزاب:57].
فهذا جزاء من جاءته الرحمة فحاربها وحارب الرسول الذي أرسله الله بها فليس له إلا العدل (فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا) [النبأ:30].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق