السبت، 23 نوفمبر 2013

ما هو العشق ؟ وما درجة حرارة ناره في قلوب العاشقين؟ وما خطورة العشق؟

العشق مسلكٌ خَطِر، وموْطِئٌ زَلِقٌ، وبَحْرٌ لُجِّيٌّ.
وعالم العشاق مليء بالآلام والآمال، محفوف بالمخاطر والأهوال.
وأهل العشق يعانون من ويلاته، ويلاقون العناء من مراراته; ذلك أن العشق داءٌ دويٌّ، تذوب معه الأرواح، ولا يقع معه الارتياح; فمن ركب بحره، وتلاعبت به أمواجه كان إلى الهلاك أدنى منه إلى السلامة.
هذا وإن البلاء بهذا الداء قدْ عمَّ وطم; ذلك أن محركاته كثيرة، والدواعي إليه متنوعة متشعبة; فلا غرو أن يكثر ضحاياه، والمبتلون به; فحق علينا_إذاً_أن نرحم أهل هذا البلاء، ومن الرحمة بهم إراءتُهم هذا البلاءَ على حقيقته، والبحث في سبل علاجه والوقاية منه.

وليس من الرحمة بهم أن نذكي نيران عشقهم بذكر أخبار العشاق، وتصويرهم على أنهم أبطال; فنحرك بذلك الكامن، ونبعث كل ساكن; بدعوى تسلية العشاق، وتزجية فراغهم، والتوسعة عليهم.
فليس هذا من الرحمة; فأي رحمة ترجى وهي على حساب زيادة البلاء?
فمن بلاء المريض رِفْقُ الطبيب به، وترك علاجه; خوفاً من تكديره وإزعاجه.

وقال ابن منظور:العشق فرط الحب، وقيل: هو عُجْبُ المحبِّ بالمحبوب يكون في عفاف الحبِّ، ودعارته.
وقال ابن عبد البر: سئل بعض الحكماء عن العشق، فقال: شغل قلب فارغ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: قيل: العشق هو فساد الإدراك، والتخيل، والمعرفة; فإن العاشق يُخَيَّل له المعشوق على خلاف ما هو به حتى يصيبَه ما يصيبُه من داء العشق.

وهناك أسماء عديدة ترادف العشق، وتدل عليه، ويعبر بها عنه، وإن كان هناك فروق دقيقة يختص بها كل اسم على حدة.
وقد ذكر ابن القيم في كتابه روضة المحبين خمسين اسماً للعشق.
ولما وصل إلى اسم العشق، قال: وأما العشق فهو أمرُّ هذه الأسماء، وأخبثها، وقلَّما ولعت به العرب، وكأنهم ستروا اسمه وكَنَّوا عنه بهذه الأسماء، فلم يكادوا يفصحون به، ولا تكاد تجده في شعرهم القديم، وإنما أولع به المتأخرون، ولم يقع هذا اللفظ في القرآن، ولا في السنة إلا في حديث سويد بن سعيد.

العشق يقع بين طرفين: عاشقٍ ومعشوق، وقد يكون كلُّ واحدٍ منهما عاشقاً لصاحبه، وقد يكون العشق من أحد الطرفين دون الآخر.

وأنواع العشق التي تقع لا تكاد تخرج عن أربعة أنواع وهي:
1_عشق الرجال للنساء: وهذا هو الأعم، والأغلب، وإذا ذكر العشق انصرف إلى هذا النوع.
2_عشق النساء للرجال: وهذا النوع يقع، ولكنه دون الأول; إذ النساء وصفهن الحياء، والتخفُّر، والتمنُّع.
3_عشق الرجال للرجال: وهذا يقع كثيراً، ولكنه شذوذ، وانحراف، وارتكاس، كحال من يَتَعَشَّق المردان، ويتعلق بهم.
4_عشق النساء للنساء: وهذا لم يكن يعرف في السابق إلا على وجه الندرة النادرة، ولكنه شاع، وانتشر في هذا العصر الذي فتحت فيه الأبواب على مصاريعها; فأصحبتَ تسمع أن هذه الفتاة تعلقت بزميلتها وعشقتها، وتلك أخرى قد هامت بمعلمتها وشغفت بها، وثالثة متيمة بتلميذتها مستهامة بها، وهكذا دواليك.
من كتاب العشق لمحمد الحمد. بتصرف واختصار.
يتبع..
خطورة العشق:

العشق مسلك خطر، وموطئ زلق، غوائله لا تؤمن، وضحاياه لا تحصى، وأضراره لا يحاط بها.
وأهل العشق من أشقى الناس، وأذلِّهم، وأشغلهم، وأبعدهم عن ربهم.

قال ابن تيمية: فإن الذي يورثه العشق من نقص العقل والعلم، وفساد الدين والخلق، والاشتغال عن مصالح الدين والدنيا أضعاف ما يتضمنه من جنس المحمود.
وأصدقُ شاهدٍ على ذلك ما يعرف من أحوال الأمم، وسماع أخبار الناس في ذلك; فهو يغني عن معاينة ذلك وتجربته، ومن جرب ذلك أو عاينه اعتبر بما فيه كفاية; فلم يوجد قط عشق إلا وضرره أعظم من منفعته.

وقال: وهؤلاء عشاق الصور من أعظم الناس عذاباً، وأقلهم ثواباً، فإن العاشق لصورة إذا بقي قلبه متعلقاً بها مستعبداً لها اجتمع له من أنواع الشر والفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد، ولو سلم من فعل الفاحشة الكبرى; فدوام تعلق القلب بها أشد ضرراً عليه ممن يفعل ذنباً ثم يتوب، ويزول أثره من قلبه.

وهؤلاء يُشَبَّهون بالسكارى والمجانين كما قيل:
سكْران: سُكْرُ هوىً وسُكر مدامةٍ
ومتى إفاقةُ مَنْ به سكران.

وقيل:
قالو: جننت بمن تهوى فقلت لهم:
العشق أعظم مما بالمجانين
العشق لا يستفيق الدهر صاحبه
وإنما يصرع المجنون في حين.

 شهادات في التحذير من العشق

قد تظاهرت أقوال أهل العلم، والشعراء، والأدباء، ومَنْ وقعوا في العشق في بيان خطورته، وعظيم ضرره.
قالوا: وإذا اقتحم العبد بحر العشق، ولعبت به أمواجه_فهو إلى الهلاك أدنى منه إلى السلامة.

وقال بعض الحكماء: الجنون فنون، والعشق من فنونه.
وقالوا: وكم من عاشق أتلف في معشوقه ماله، وعرضه، ونفسه، وضَيَّع أهله، ومصالحَ دينِه ودنياه.

وقالوا: والعشق هو الداء الدوي الذي تذوب معه الأرواح، ولا يقع مع الارتياح، بل هو بحر من ركبه غرق; فإنه لا ساحل له، ولا نجاة منه.

* قال أحدهم:
العشق مشغلةٌ عن كل صالحةٍ
وسكرةُ العشق تنفي لذة الوسنِ.

* وقال أبو تمام:
أما الهوى فهو العذاب فإن جرت
فيه النوى فأليم كل عذاب.

* وقال ابن أبي حصينة مبيناً ضرر العشق، غابطاً مَنْ لم يقع في أشراكه:
والعشق يجتذب النفوس إلى الردى
بالطبع واحسدي لمن لم يعشق.

* وقال عبد المحسن الصوري:
ما الحب إلا مسلك خطر
عسر النجاة وموطئٌ زَلَقُ.

قالوا: والعشق يترك الملك مملوكاً، والسلطان عبداً.

إن الله نجاني من الحب لم أعُدْ
إليه ولم أقبل مقالة عاذلي
وممن لي بمنجاةٍ من الحب بعد
رمتني دواعي الحبِّ بين الحبائل.

قالوا: ورأينا الداخل فيه يتمنى منه الخلاص، ولات حين مناص.


وقال منصور النمري:
وإن امرءاً أودى الغرام بُلُبِّه
لعريان من ثوب الفلاح سليبُ.


علاج العشق

العشق داء فتاك قتال ليس له علاج ولا دواء إلا حب الله وحب رسوله وحب الطاعة !

لأن محبة الله وحب طاعته راحة وانشراح وطمأنينة وسعادة ودواء لكل  داء.

محبة المخلوق نار وعذاب ومحبة الخالق نور ونعيم وفوز.

فاحرص على محبة الله وحققها في قلبك وابشر بكل خير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق