العشق مسلكٌ خَطِر، وموْطِئٌ زَلِقٌ، وبَحْرٌ لُجِّيٌّ.
وعالم العشاق مليء بالآلام والآمال، محفوف بالمخاطر والأهوال.
وأهل العشق يعانون من ويلاته، ويلاقون العناء من مراراته; ذلك أن العشق داءٌ دويٌّ، تذوب معه الأرواح، ولا يقع معه الارتياح; فمن ركب بحره، وتلاعبت به أمواجه كان إلى الهلاك أدنى منه إلى السلامة.
هذا وإن البلاء بهذا الداء قدْ عمَّ وطم; ذلك أن محركاته كثيرة، والدواعي إليه متنوعة متشعبة; فلا غرو أن يكثر ضحاياه، والمبتلون به; فحق علينا_إذاً_أن نرحم أهل هذا البلاء، ومن الرحمة بهم إراءتُهم هذا البلاءَ على حقيقته، والبحث في سبل علاجه والوقاية منه.
وليس من الرحمة بهم أن نذكي نيران عشقهم بذكر أخبار العشاق، وتصويرهم على أنهم أبطال; فنحرك بذلك الكامن، ونبعث كل ساكن; بدعوى تسلية العشاق، وتزجية فراغهم، والتوسعة عليهم.
فليس هذا من الرحمة; فأي رحمة ترجى وهي على حساب زيادة البلاء?
فمن بلاء المريض رِفْقُ الطبيب به، وترك علاجه; خوفاً من تكديره وإزعاجه.
وقال ابن منظور:العشق فرط الحب، وقيل: هو عُجْبُ المحبِّ بالمحبوب يكون في عفاف الحبِّ، ودعارته.
وقال ابن عبد البر: سئل بعض الحكماء عن العشق، فقال: شغل قلب فارغ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: قيل: العشق هو فساد الإدراك، والتخيل، والمعرفة; فإن العاشق يُخَيَّل له المعشوق على خلاف ما هو به حتى يصيبَه ما يصيبُه من داء العشق.
وهناك أسماء عديدة ترادف العشق، وتدل عليه، ويعبر بها عنه، وإن كان هناك فروق دقيقة يختص بها كل اسم على حدة.
وقد ذكر ابن القيم في كتابه روضة المحبين خمسين اسماً للعشق.
ولما وصل إلى اسم العشق، قال: وأما العشق فهو أمرُّ هذه الأسماء، وأخبثها، وقلَّما ولعت به العرب، وكأنهم ستروا اسمه وكَنَّوا عنه بهذه الأسماء، فلم يكادوا يفصحون به، ولا تكاد تجده في شعرهم القديم، وإنما أولع به المتأخرون، ولم يقع هذا اللفظ في القرآن، ولا في السنة إلا في حديث سويد بن سعيد.
العشق يقع بين طرفين: عاشقٍ ومعشوق، وقد يكون كلُّ واحدٍ منهما عاشقاً لصاحبه، وقد يكون العشق من أحد الطرفين دون الآخر.
وأنواع العشق التي تقع لا تكاد تخرج عن أربعة أنواع وهي:
1_عشق الرجال للنساء: وهذا هو الأعم، والأغلب، وإذا ذكر العشق انصرف إلى هذا النوع.
2_عشق النساء للرجال: وهذا النوع يقع، ولكنه دون الأول; إذ النساء وصفهن الحياء، والتخفُّر، والتمنُّع.
3_عشق الرجال للرجال: وهذا يقع كثيراً، ولكنه شذوذ، وانحراف، وارتكاس، كحال من يَتَعَشَّق المردان، ويتعلق بهم.
4_عشق النساء للنساء: وهذا لم يكن يعرف في السابق إلا على وجه الندرة النادرة، ولكنه شاع، وانتشر في هذا العصر الذي فتحت فيه الأبواب على مصاريعها; فأصحبتَ تسمع أن هذه الفتاة تعلقت بزميلتها وعشقتها، وتلك أخرى قد هامت بمعلمتها وشغفت بها، وثالثة متيمة بتلميذتها مستهامة بها، وهكذا دواليك.
من كتاب العشق لمحمد الحمد. بتصرف واختصار.
يتبع..
وعالم العشاق مليء بالآلام والآمال، محفوف بالمخاطر والأهوال.
وأهل العشق يعانون من ويلاته، ويلاقون العناء من مراراته; ذلك أن العشق داءٌ دويٌّ، تذوب معه الأرواح، ولا يقع معه الارتياح; فمن ركب بحره، وتلاعبت به أمواجه كان إلى الهلاك أدنى منه إلى السلامة.
هذا وإن البلاء بهذا الداء قدْ عمَّ وطم; ذلك أن محركاته كثيرة، والدواعي إليه متنوعة متشعبة; فلا غرو أن يكثر ضحاياه، والمبتلون به; فحق علينا_إذاً_أن نرحم أهل هذا البلاء، ومن الرحمة بهم إراءتُهم هذا البلاءَ على حقيقته، والبحث في سبل علاجه والوقاية منه.
وليس من الرحمة بهم أن نذكي نيران عشقهم بذكر أخبار العشاق، وتصويرهم على أنهم أبطال; فنحرك بذلك الكامن، ونبعث كل ساكن; بدعوى تسلية العشاق، وتزجية فراغهم، والتوسعة عليهم.
فليس هذا من الرحمة; فأي رحمة ترجى وهي على حساب زيادة البلاء?
فمن بلاء المريض رِفْقُ الطبيب به، وترك علاجه; خوفاً من تكديره وإزعاجه.
وقال ابن منظور:العشق فرط الحب، وقيل: هو عُجْبُ المحبِّ بالمحبوب يكون في عفاف الحبِّ، ودعارته.
وقال ابن عبد البر: سئل بعض الحكماء عن العشق، فقال: شغل قلب فارغ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: قيل: العشق هو فساد الإدراك، والتخيل، والمعرفة; فإن العاشق يُخَيَّل له المعشوق على خلاف ما هو به حتى يصيبَه ما يصيبُه من داء العشق.
وهناك أسماء عديدة ترادف العشق، وتدل عليه، ويعبر بها عنه، وإن كان هناك فروق دقيقة يختص بها كل اسم على حدة.
وقد ذكر ابن القيم في كتابه روضة المحبين خمسين اسماً للعشق.
ولما وصل إلى اسم العشق، قال: وأما العشق فهو أمرُّ هذه الأسماء، وأخبثها، وقلَّما ولعت به العرب، وكأنهم ستروا اسمه وكَنَّوا عنه بهذه الأسماء، فلم يكادوا يفصحون به، ولا تكاد تجده في شعرهم القديم، وإنما أولع به المتأخرون، ولم يقع هذا اللفظ في القرآن، ولا في السنة إلا في حديث سويد بن سعيد.
العشق يقع بين طرفين: عاشقٍ ومعشوق، وقد يكون كلُّ واحدٍ منهما عاشقاً لصاحبه، وقد يكون العشق من أحد الطرفين دون الآخر.
وأنواع العشق التي تقع لا تكاد تخرج عن أربعة أنواع وهي:
1_عشق الرجال للنساء: وهذا هو الأعم، والأغلب، وإذا ذكر العشق انصرف إلى هذا النوع.
2_عشق النساء للرجال: وهذا النوع يقع، ولكنه دون الأول; إذ النساء وصفهن الحياء، والتخفُّر، والتمنُّع.
3_عشق الرجال للرجال: وهذا يقع كثيراً، ولكنه شذوذ، وانحراف، وارتكاس، كحال من يَتَعَشَّق المردان، ويتعلق بهم.
4_عشق النساء للنساء: وهذا لم يكن يعرف في السابق إلا على وجه الندرة النادرة، ولكنه شاع، وانتشر في هذا العصر الذي فتحت فيه الأبواب على مصاريعها; فأصحبتَ تسمع أن هذه الفتاة تعلقت بزميلتها وعشقتها، وتلك أخرى قد هامت بمعلمتها وشغفت بها، وثالثة متيمة بتلميذتها مستهامة بها، وهكذا دواليك.
من كتاب العشق لمحمد الحمد. بتصرف واختصار.
يتبع..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق