الجمعة، 3 مايو 2013

ابن قيم يصف نساء الجنة

قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ- في صفة عرائس الْجَنَّة، وحسنهن وجمالهن، ولذة وصالهن ومهورهن:
يا مَنْ يَطُوفُ بِكَعْبَةِ الْحُسْنِ الَّتِي ** حُفَّتْ بِذَاكَ الْحِجْرِ وَالأَرْكَانِ

وَيَظَلُّ يَسْعَى دَائِمًا بَيْنَ الصَّفَا ** وَمُحَسِّرٌ مَسْعَاهُ لا الْعَلَمَانِ

وَيَرُومُ قُرْبَانَ الْوِصَالِ عَلَى مِنَى ** وَالْخَيْفُ يَحْجِبُهُ عَنِ الْقُرْبَانِ

فَلِذَا تَرَاهُ مُحْرِمًا أَبَدًا وَمَوْ ** ضِعُ حِلِّهِ مِنْهُ فَلَيْسَ بِدَانِي

يَبْغِي التَّمَتُعَ مُفْرَدًا عَنْ حِبِّهِ ** مُتَجَرِّدًا يَبْغِي شَفِيعَ قِرَانِ

فَيَظَلُّ بِالْجَمَرَاتِ يَرْمِي قَلْبَهُ ** هَذِي مَنَاسِكُهُ وَكُلُّ زَمَانِ

وَالنَّاسُ قَدْ قَضَّوْا مَنَاسِكَهُمْ وَقَدْ ** حَثُوا رَكَائِبَهُمْ إِلَى الأَوْطَان

وَخَدَتْ بِهِمْ هِمَمٌ لَهُمْ وَعَزَائِمُ ** نَحْوَ الْمَنَازِلَ أَوَّلَ الأَزْمَانِ

رُفِعَتْ لَهُمْ فِي السَّيْرِ أَعْلامُ الْوِصَا ** لِ فَشَمِّرُوا يَا خَيْبَةَ الْكَسْلانِ

وَرَأَوا عَلَى بُعْدٍ خِيَامًا مُشْرِفَا ** تٍ مُشْرِقَاتِ النُّورِ وَالْبُرْهَانِ

فَتَيَمَّمُوا تِلْكَ الْخِيَامَ فَآنَسُوا ** فِيهِنَّ أَقْمَارًا بِلا نُقْصَانِ

مِنْ قَاصِرَاتِ الطَّرْفِ لا تَبْغِي سِوَى ** مَحْبُوبِهَا مِنْ سَائِرِ الشُّبَّانِ

قَصَرَتْ عَلَيْهِ طَرْفَهَا مِنْ حُسْنِهِ ** وَالطَّرْفُ فِي ذَا الْوَجْهِ لِلنَّسْوَانِ

أَوْ أَنَّهَا قَصَرَتْ عَلَيْهِ طَرْفَهُ ** مِنْ حُسْنِهَا فَالطَّرْفُ لِلذُّكْرَانِ

وَالأَوَّلُ الْمَعْهُودُ مِنْ وَضْعِ الْخِطَا ** بِ فَلا تَحُدْ عَنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ

وَلَرُبَّمَا دَلَّتْ إِشَارَتُه عَلَى الثَّـ ** ـانِي فَتِلْكَ إِشَارَةٌ لِمَعَانِي

هَذَا وَلَيْسَ الْقَاصِرَاتُ كَمَنْ غَدَتْ ** مَقْصُورَةً فَهُمَا إِذًا صِنْفَان

يَا مُطْلِقَ الطَّرْفِ الْمُعَذَّبِ فِي الأُلَى ** جُرِّدْنَ عَنْ حُسْنٍ وَعَنْ إِحْسَانِ

لا تَسْبِينَّكَ صُورَةٌ مِنْ تَحْتِهَا الدَّ ** اءُ الدَّفِينُ تَبُوءُ بِالْخُسْرَانِ

قَبُحَتْ خَلائِقُهَا وَقُبِّحَ فِعْلُهَا ** شَيْطَانَةٌ فِي صُورَةِ الإِنْسَانِ

تَنْقَادُ لِلأَنْذَالِ وَالأَرْذَالِ هُمْ ** أَكْفَاؤُهَا مِنْ دُونِ ذِي الإِحْسَانِ

مَا ثُمَّ مِنْ دِينٍ وَلا عَقْلٍ وَلا ** خُلُقٍ وَلا خَوْفٍ مِن الرَّحْمَنِ

وَجَمَالُهَا زُورٌ وَمَصْنُوعٌ فَإِنْ ** تَرَكْتُهُ لَمْ تَطْمَح لَهَا الْعَيْنَانِ

طُبِعَتْ عَلَى تَرْكِ الْحِفَاظِ فَمَا لَهَا ** بِوَفَاءِ حَقِّ الْبَعْلِ قَطُ يَدَانِ

إِن قَصَّرَ السَّاعِي عَلَيْهَا سَاعَةً ** قَالَتْ وَهَلْ أَوْلَيْتَ مِنْ إِحْسَانِ

أَوْ رَامَ تَقْوِيمًا لَهَا اسْتَعْصَتْ وَلَمْ ** تَقْبَلَ سِوَى التَّعْوِيجِ وَالنُّقْصَانِ

أَفْكَارُهَا فِي الْمَكْرِ وَالْكيدِ الَّذِي ** قَدْ حَارَ فِيهِ فِكْرَةُ الإِنْسَانِ

فَجَمَالُهَا قِشْرٌ رَقِيقٌ تَحْتَهُ ** مَا شِئْتَ مِنْ عَيْبٍ وَمِنْ نُقْصَانِ

نَقْدٌ رَدِيءٌ فَوْقَهُ مِنْ فِضَّةٍ ** شَيْءٌ يُظَنُّ بِهِ مِنْ الأَثْمَانِ

فَالنَّاقِدُونَ يَرَوْنَ مَاذَا تَحْتَهُ ** وَالنَّاسُ أَكْثَرْهُم مِن الْعُمْيَانِ

أَمَّا جَمِيلاتُ الْوُجُوهِ فَخَائِنَا ** تُ بُعُولَهنَّ وَهُنَّ لِلأَخْدَانِ

وَالْحَافِظَاتُ الْغَيْبِ مِنْهُنَّ الَّتِي ** قَدْ أَصْبَحَتْ فَرْدًا مِنْ النّسْوَانِ

فَانْظُرْ مَصَارِعَ مَنْ يَلِيكَ وَمَنْ خَلا ** مِنْ قَبْلُ مِن شَيْبٍ وَمِنْ شُبَّانِ

وَارْغَبْ بِعَقْلِكَ أَنْ تَبِيعَ الْغَالِي الْـ ** بَاقِي بِذَا الأَدْنَى الَّذِي هُوَ فَانِي

إِنْ كَانَ قَدْ أَعْيَاكَ خُودٌ مِثْلَ مَا ** تَبْغِي وَلَمْ تَظْفَرْ إِلَى ذَا الآنِ

فَاخْطُبْ مِنَ الرَّحْمَنِ خُودًا ثُمَّ قَدِّ ** مْ مَهْرَهَا مَا دُمْتَ ذَا إِمْكَانِ

ذَاكَ النِّكَاحُ عَلَيْكَ أَيْسَرُ إِنْ يَكُنْ ** لَكَ نِسْبَةٌ لِلْعِلْمِ وَالإِيمَانِ

وَاللهِ لَمْ تُخْرَجْ إِلَى الدُّنْيَا لِلَّذْ ** ةِ عَيْشِهَا أَوْ لِلْحُطَامِ الْفَانِي

لَكِنْ خَرَجْتَ لِكَيْ تُعِدَّ الزَّادَ لِلْـ ** أُخْرَى فَجِئْتَ بِأَقْبَحِ الْخُسْرَانِ

أَهْمَلْتَ جَمْعَ الزَّادِ حَتَّى فَاتَ بَلْ ** فَاتَ الَّذِي أَلْهَاكَ عَنْ ذَا الشَّانِ

وَاللهِ لَوْ أَنَّ الْقُلُوبَ سَلِيمَةٌ ** لِتَقَطَّعَتْ أَسَفًا مِن الْحُرْمَانِ

لَكِنَّهَا سَكَرَى بِحُبِّ حَيَاتِهَا الدُّ ** نْيَا وَسَوْفَ تَفِيقُ بَعْدَ زَمَان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق