الاثنين، 4 مارس 2013

بعض وصايا الرسول لأصحابه



  من وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام


الوصية صلة لمن توجهت إليه، سواء وصايا الله لخلقه أو وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، ولا تصدر الوصية بين الناس إلا في معرض الشفقة والرحمة، فلا تجد عدواً يوصي عدوه، إنما تجد الموصي هو الصديق المشفق القريب، كما قال صلى الله عليه وسلم لـ معاذ : ( يا معاذ إني أحبك )، فقدم قوله: (إني أحبك) ومن محبته قال له موصياً: ( لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم! أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك )، وكانت فاطمة رضي الله تعالى عنها تعمل على الرحا حتى اشتكت من أثرها في يديها، فسمع علي أن النبي جاءه سبي فقال لها: اذهبي لأبيك ليمنحك خادماً، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال (ما الذي يمنعك أن تعملي بما أوصيك به؟ لا تدعي دبر كل صلاة أن تقولي: يا حي يا قيوم! برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين) ووصية الرسول لـ فاطمة أخص من وصية أي والد لولده؛ لأن الوالد هنا ليس ككل الوالدين، والولد ليس ككل الأولاد، وقد قال: ( فاطمة بضعة مني ).
إذاً: الوصية مصدرها الشفقة والرحمة وحب الخير.
قال الله تعالى:[شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ](الشورى:13).

وقال سبحانه : [وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا](النساء:131).

وقال عز وجل : [وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا](العنكبوت:8)،(الأحقاف:15).

وقال جل جلاله : [يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ](النساء:11).

فهذه أمثلة من وصية الله لخلقه وما تحمله من رحمه وإحسان لهم وإرادة الخير لهم.

وقال الله تعالى [وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَوَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ] (البقرة:130-132). فالوصية سنة الرسل.

فإلى بعض وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه وهي أيضا وصايا للمسلمين في كل زمان ومكان.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَىَّ فَأَنْبِئْنِى مِنْهَا بِشَىْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ. قَالَ « لاَ يَزَالُ لِسَانُك  رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ».رواه الإمام أحمد.

عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِى. قَالَ « اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ». رواه أحمد والترمذي.

عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِى. قَالَ « لاَ تَغْضَبْ ». قَالَ قَالَ الرَّجُلُ فَفَكَّرْتُ حِينَ قَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- مَا قَالَ فَإِذَا الْغَضَبُ يَجْمَعُ الشَّرَّ كُلَّهُ.


عَنْ أَبِى تَمِيمَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَوْ قَالَ شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ أَوْ قَالَ أَنْتَ مُحَمَّدٌ فَقَالَ « نَعَمْ ». قَالَ فَإِلاَمَ تَدْعُو قَالَ « أَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ مَنْ إِذَا كَانَ بِكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَهُ عَنْكَ وَمَنْ إِذَا أَصَابَكَ عَامُ سَنَةٍ فَدَعَوْتَهُ أَنْبَتَ لَكَ وَمَنْ إِذَا كُنْتَ فِى أَرْضٍ قَفْرٍ فَأَضْلَلْتَ فَدَعَوْتَهُ رَدَّ عَلَيْكَ ». قَالَ فَأَسْلَمَ الرَّجُلُ ثُمَّ قَالَ أَوْصِنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ « لاَ تَسُبَّنَّ شَيْئا ». - أَوْ قَالَ « أَحَداً ». شَكَّ الْحَكَمُ. قَالَ فَما سَبَبْتُ شَيْئاً بَعِيراً وَلاَ شَاةً مُنْذُ أَوْصَانِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- - « وَلاَ تَزْهَدْ فِى الْمَعْرُوفِ وَلَوْ بِبَسْطِ وَجْهِكَ إِلَى أَخِيكَ وَأَنْتَ تُكَلِّمُهُ وَأَفْرِغْ مِنْ دَلْوِكَ فِى إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِى وَاتَّزِرْ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الإِزَارِ - قَالَ - فَإِنَّهَا مِنَ الْمَخِيلَةِ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ ».أحمد.


عَنْ مُعَاذٍ قَالَ أَوْصَانِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ. قَالَ « لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئاً وَإِنْ قُتِلْتَ وَحُرِّقْتَ وَلاَ تَعُقَّنَّ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ وَلاَ تَتْرُكَنَّ صَلاَةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّداً فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ صَلاَةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّداً فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَلاَ تَشْرَبَنَّ خَمْراً فَإِنَّهُ رَأْسُ كُلِّ فَاحِشَة  وَإِيَّاكَ وَالْمَعْصِيَةَ فَإِنَّ بِالْمَعْصِيَةِ حَلَّ سَخَطُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِيَّاكَ وَالْفِرَارَ مِنَ الزَّحْفِ وَإِنْ هَلَكَ النَّاسُ وَإِذَا أَصَابَ النَّاسَ مُوتَانٌ - الموت الكثير- وَأَنْتَ فِيهِمْ فَاثْبُتْ وَأَنْفِقْ عَلَى عِيَالِكَ مِنْ طَوْلِكَ -سعتك وغناك - وَلاَ تَرْفَعْ عَنْهُمْ عَصَاكَ أَدَباً وَأَخِفْهُمْ فِى اللَّهِ ».

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أَوْصَانِى خَلِيلِى -صلى الله عليه وسلم- بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ فِى سَفَرٍ وَلاَ حَضَرٍ رَكْعَتَىِ الضُّحَى وَصَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ وَأَنْ لاَ أَنَامَ إِلاَّ عَلَى وِتْرٍ.



  قال معاذ: يا رسول الله أوصني قال: أوصيك بلسانك قال: يا رسول الله أوصني قال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على جهنم إلا حصائد ألسنتهم.
أنَّ رجلًا قال للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : أَوصِني ، قال : ( لا تَغضَبْ ) . فردَّد مِرارًا ، قال : ( لا تَغضَبْ ) .

قلتُ: يا رسولَ اللَّه، أوصِني. قال: املُك يدَكَ.

أنَّ رجلًا أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال أوصني قال أوصيك أن تستحي من اللهِ كما تستحي رجلًا صالحًا من قومك.

سمعت سهم بن المعتمر يحدث عن الهجيمي : أنه قدم المدينة فلقي النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أزقة المدينة فوافقه فإذا هو متزر بإزار قطر قد انتثرت حاشيته وقال عليك السلام يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك السلام تحية الموتى فقال يا رسول الله أوصني فقال لا تحقرن شيئا من المعروف أن تأتيه ولو أن تهب صلة الحبل ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ولو أن تلقى أخاك المسلم ووجهك بسط إليه ولو أن تؤنس الوحشتان بنفسك ولو أن تهب الشسع .

عنِ ابنِ عمرَ قال قلتُ لأبي ذرٍّ أوصني قال سألتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كما سألتني فقال إن صليتَ الضُّحى ركعتَينِ لم تُكتبْ من الغافلين وإن صليتَ أربعًا كُتبتَ منَ الفائزينَ وإن صليتَ ستًّا لم يتبعْك يومئذٍ ذنبٌ وإن صليتَ ثمانيًا كتبتَ مِنَ القانتين وإن صليتَ ثنتي عشرةَ بنى اللهُ لك بيتًا في الجنةِ وما من يومٍ وليلةٍ ولا ساعةٍ إلا للهِ عَزَّ وَجَلَّ فيها صدقةٌ يمُنُّ بها على مَنْ يشاءُ وما تصدَّق اللهُ عَزَّ وَجَلَّ على عبدٍ بأفضلَ مِنْ أنْ يُلْهِمَه ذكرَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

عن أبي ذر قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أوصني قال أوصيك بحسن الخلق وطول الصمت قال قلت زدني قال هما أخف الأعمال على الأبدان وأثقلها غدا في الميزان .

يا رسولَ اللهِ ! أوصِني ، قال : هل تملِكُ لسانَك ؟ قلتُ : فما أملِكُ إذا لم أملِكْ لساني ؟ قال : فهل تملِكُ يدَك ؟ قلتُ : فما أملِكُ إذا لم أملِكْ يدي ؟ ! قال : فلا تقُلْ بلسانِك إلَّا معروفًا ، ولا تبسُطْ يدَك إلَّا إلى خيرٍ.
قَالَ أَبُو جُرَىٍّ الْهُجَيْمِىُّ  أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَعَلِّمْنَا شَيْئاً يَنْفَعُنَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ. قَالَ « لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئاً وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِك فِى إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِى وَلَوْ أَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَوَجْهُكَ إِلَيْهِ مُنْبَسِطٌ وَإِيَّاكَ وَتَسْبِيلَ الإِزَارِ فَإِنَّهُ مِنَ الْخُيَلاَءِ وَالْخُيَلاَءُ لاَ يُحِبُّهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنِ امْرُؤٌ سَبَّكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ فَلاَ تَسُبَّهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ فَإِنَّ أَجْرَهُ لَكَ وَوَبَالَهُ عَلَى مَنْ قَالَهُ » رواه أحمد وغيره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق