الخميس، 26 يونيو 2025

فاحشة الزنا دمار للمجتمعات وخراب للأنساب

 

الحمدُ للهِ الملِكِ القهَّار، العظيمِ الجبَّار، المُحيطِ علمُه وبصرُه وقُدرتُه بجميعِ الخلائقِ في الآفاق، وفي كلِّ الأحوالِ والأحيان، عَظُمَ حِلمُه على مَن عصَاهُ فسَتر، وأمهلَ أهلَ الذُّنوبِ وقبل من تاب وغفر، ويُملِي للفاجرِ حتى اذا أخذَهُ لم يُفلِتْه، إنَّ أخْذَهُ أليمٌ شديد، واشهد أن لا إله الله وحده لا معبود بحق إلا إياه واشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث رحمة وإصلاحًا، صلى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه إلى يومِ الدِّين وسلم تسليما

.أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ ورَاقِبُوْهُ، فالتَّقْوَى سَبَبٌ لِلْخَيرِ والثَّوَابِ، والنَّجَاةِ مِن الشَّرِّ والعِقَابِ؛ ﴿ولَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾.

عِبَادَ الله: إِنَّهَا مَعصِيَةٌ قَبِيْحَة، وفِعْلَةٌ شَنِيعَةٌ، وهِيَ جُرْثُومَةُ الفَسَادِ، وخَرَابُ العِبَادِ والبِلَاد؛ إِنَّهَا فَاحِشَةُ الزِّنَى! قال ﷻ: ﴿ولا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً﴾.

قال السِّعْدِي: (أَي إِثمًا يُسْتَفْحَشُ في الشرعِ والعقلِ والفِطرة!).

وظُهُورُ الزِّنَى: عَلَامَةٌ على زَوَالِ العَالَم؛ وخَرَابِ الدُّنيا والدِّين! قال ﷺ: (مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، ويَثْبُتَ الجَهْلُ، ويُشْرَبَ الخَمْرُ، ويَظْهَرَ الزِّنَى).

والزِّنَى آفَةٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ، تَفْتِكُ بالبَشَرِيَّة! قال ابنُ عُثَيمين: (الزِّنَى: جُرْثُومَةٌ فاسدة، يَجِبُ القضاءُ عليها؛ حتى لا تُفْسِدَ المجتمعَ كُلَّه؛ فهو يُضَيِّعُ الأنسابَ، ويَنْشُرُ الأمراضَ؛ ويُحَوِّلُ المجتمعَ الإنسانيَّ إلى مجتمعٍ بَهِيمِي). يقول ابنُ القيِّم: (والزِّنَى يجمعُ الشرَّ كُلَّه، ويُشَتِّتُ القَلْبَ ويُمْرِضُهُ، ويَجْلِبُ الهَمَّ والحزنَ والخوف، ويُوجِبُ الفقرَ، ويُقَصِّرُ العُمُرَ، ويَكْسُو صَاحِبَهُ سَوَادَ الوَجْهِ، وثَوْبَ المَقْتِ بينَ الناس).

 وإذا ظَهَرَ الزِّنَى في قَرْيَةٍ؛ فقد أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِم عَذَابَ الله! قال ﷺ: (لَمْ تَظْهَرِ الفَاحِشَةُ في قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا؛ إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ والأَوجَاعُ التي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ في أَسْلَافِهِمُ).

وعَاقِبَةُ الزِّنَى وَخِيْمَة، ونِهَايَتُهُ أَلِيْمَه؛ فَهُوَ يُؤَدِّي إلى الفضيحةِ والعَار، والخِزْيِ والدَّمار، ثم إلى النَّارِ وبِئْسَ القرار! قال ﷻ: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾. وثَبَتَ أنَّ النبيَّ ﷺ رأى بَيْتًا مَبْنِيًّا على مِثْلِ التَّنُّورِ، يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا؛ فاطَّلَعَ فيه، فإذا فِيهِ (رِجَالٌ ونِسَاءٌ عُرَاةٌ!)، يَأتِيهِم لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُم، فَإِذَا أَتَاهُم ذلك اللَّهَبُ: ضَجُّوا وصاحُوا! فقال لَهُ جبريلُ u: (أَمَّا الرِّجَالُ والنِّسَاءُ العُرَاةُ، الَّذِينَ في مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ؛ فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ والزَّوَاني).

تَفْنَى اللَّذَاذَةُ مِمَّنْ نَالَ صَفْوَتَهَا

 مِنَ الحَرَامِ ويَبْقَى الإِثْمُ والْعَارُ

تَبْقَى عَوَاقِبُ سُوءٍ في مَغَبَّتِهَا

 لا خَيْرَ في لَذَّةٍ مِنْ بَعْدِهَا النَّارُ!

وما مِنْ عَبْدٍ يَزْنِي؛ إِلَّا نَزَعَ اللهُ مِنْهُ نُورُ الإِيمَانِ! قال ﷺ: (إذا زَنَى العَبْدُ خَرَجَ مِنْهُ الإِيمَانُ).

والزَّانِي يُعَامَلُ بِنَقِيْضِ مَقصُودِه! فَإِنَّهُ لَـمَّا أرَادَ اللَّذَّةَ بالحِرَام؛ عَاقَبَهُ اللهُ بِضِيْقَةِ الصَّدْرِ، ووَحْشَةِ القَلْب! قال ابنُ القَيِّم: (إِنَّ مَا عِنْدَ اللهِ لا يُنَالُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ، ولم يَجْعَلِ اللهُ مَعصِيَتَهُ سَبَبًا إلى خَيرٍ قَط! ولو عَلِمَ الفَاجِرُ ما في العَفَافِ مِنَ السُّرُورِ وانْشِرَاحِ الصَّدْرِ؛ لَرَأَى أَنَّ الذي فَاتَهُ مِنَ اللَّذَّةِ أَضَعَافَ أَضْعَاف!).

ومِنْ شُؤْمِ الزِّنَى: أَنَّهُ وبَاءُ خَبِيثٌ؛ متى وقَعَ في بَلَدٍ: عَمَّ ضَرَرُه، وانْتَشَرَ خَطَرُه!

سُئِلَ النبيُّ ﷺ: (أَنَهْلِكُ وفِينَا الصالِحُون؟!)، قال: (نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ).

قال العلماء: (الخَبَثُ: اسْمٌ يَجْمَعُ الزِّنَى وغَيْرَهُ مِنَ الشَّرِّ والمُنْكَر. والمقصُودُ: أَنَّ نارَ الزنى إذا وقَعَتْ في موضعٍ واشتدَّت: أَكَلَتِ الرَّطْبَ واليابسَ، والطاهرَ والنجسَ، ولا تُفَرِّقُ بين المؤمنِ والمنافقِ، والمخالفِ والموافقِ).

وحَذَّرَ النبيُّ ﷺ مِنْ أُنَاسٍ يَدْعُونَ إلى الزِّنا؛ بِتَغْيِيرِ اسْمِه! قال ﷺ: (لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ والحَرِيرَ والخَمْرَ والمَعَازِفَ). و(الحِرَ): هو الزِّنَى.

قال العلماء: (هذا إِخْبَارٌ عَنِ اسْتِحْلَالِ المَحَارِم، ولَكِنَّهُ بِتَغْيِيرِ أسمائِهَا). ومِنُ ذلك: وَصْفُ الزِّنَى بِالحُرِّيَّةِ الشخصيةِ، أو مُمَارَسَةِ الحُبِّ، أو الصَّداقَةِ والتَّعَارُف!

فَاحْذَرُوا شَيَاطِينَ الإِنسِ والجِنِّ؛ فَقَدِ اجْتَمَعُوا على تَحْسِيْنِ الفَوَاحِشِ وتَزْيِينِها: عَبْرَ شَاشَاتٍ جَذَّابَة، وقَنَوَاتٍ خَلَّابَة، ومَوَاقِعَ خَدَّاعَة! ﴿واللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُم ويُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾.

وحَذَّرَ اللهُ مِنَ الاِقْتِرَابِ مِنَ الزنا؛ لأنَّ القُلُوبَ ضعيفةٌ، والشَّهْوَةُ خَطَّافَة! قال U: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً﴾. قال السِّعدي: (والنهيُّ عن قُربَانِهِ: أبلَغُ مِنَ النهيِ عن فِعْلِه؛ لأنَّهُ يَشْمَلُ النهيَ عن جميعِ مُقَدِّمَاتِه ودَوَاعِيه؛ فإنَّ مَنْ حَامَ حَولَ الحِمَى؛ يُوشِكُ أنْ يَقَعَ فيه).

ومِنَ الأَسبَابِ الوَاقِيَةِ مِنَ الزِّنى: الحَذَرُ مِنَ التَّبَرُّجِ والسُّفُورِ وأن تكون المرأة داعية للعفاف بحجابها وحيائها.

 والحذرُ من القُربِ مِنْ أَمَاكِنِ الفِتَنِ والشَّهَواتِ، ومَوَاطِنِ الفسادِ والآفَات. قال ﷺ: (العَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، والأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، واللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، واليَدُ زِنَاهَا البَطْشُ، والرِّجْلُ زِنَاهَا الخُطَا، والقَلْبُ يَهْوَى ويَتَمَنَّى؛ ويُصَدِّقُ ذَلِكَ الفَرْجُ ويُكَذِّبُهُ).

واليوم تحيط بالشباب والفتيات شرور خطيرة ، ووسائل انتشار الزنا وفتح أبوابه قد كثرة وتعددت وكثير من الآباء والأمهات قد غفلوا عن تحصين ابناءهم وبناتهم وتربيتهم على الهدى والتقى والعفاف.

ومِنْ أَسْبَابِ الوِقَايَةِ مِنَ الزِّنَى: الدُّعَاء؛ فَقَدْ أَتَى شَابٌّ إلى النَّبِيِّ ﷺ، فقال له: (يا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَى!)، ثم دَعَا له ﷺ قائلًا: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وطَهِّرْ قَلْبَهُ، وحَصِّنْ فَرْجَهُ)؛ فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذلك الفَتَى يَلْتَفِتُ إلى شيء!  (فَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنْهُ): يَعْنِي الزِّنَا.

ونَارُ الزِّنَى؛ تَبْدَأُ مِنْ شَرَارَةِ العَين! ولهذا أَمَرُ اللهُ بِـ(غَضِّ البَصَر)، وقَدَّمَهُ على حِفْظِ الفَرْجِ؛ لأنَّ النَّظَرَ بَرِيْدُ الزِّنَى؛ فإِنَّ الحوادثَ مَبْدَؤُهَا مِنَ البَصَر، كما أَنَّ مُعْظَمَ النارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ؛ فَتَكُونُ نَظْرَةٌ، ثُمَّ خَطْرَةٌ، ثُمَّ خُطْوَةٌ، ثُمَّ خَطِيئَةٌ! قال تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ويَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾. قال العلماء: (الصَّبْرُ على غَضِّ البَصَرِ؛ أَيْسَرُ مِنَ الصَّبْرِ على ألَمِ ما بَعْدَهُ! والصَّبْرُ على طَاعَةِ الله، أَهْوَنُ مِنَ الصَّبْرِ على عذابِ الله!).

أَقُوْلُ قَولِي هذا، وأَستَغفِرُ اللهَ لِي ولَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاستَغفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَة

الحَمدُ للهِ على إِحسَانِه، والشُّكرُ لَهُ على تَوفِيقِهِ وامتِنَانِه، وأَشهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُولُه.

أَمَّا بَعْدُ: فإنَّ مِمَّا يَعْصِمُ الإنسانَ مِنْ الزِّنَى: مخَافَةُ اللهِ ومُرَاقَبَتُه؛ فَإِنَّهُ (إذا سَكَنَ الخوفُ القُلُوبَ؛ أَحْرَقَ موَاضِعَ الشهوَاتِ مِنها). ومِنَ السَّبْعَةِ الذينَ يُظِلُّهُمُ اللهُ يومَ القيامةِ: (رَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وجَمَالٍ، فقال: إِنِّي أَخَافُ اللهَ). يقولُ ابنُ عُثَيمين: (اللهُ يَبْتَلي المَرْءَ بِتَيْسِيرِ أَسبَابِ المَعْصِيَةِ لَهُ؛ لماذا؟!! ﴿لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ﴾).

ومَنْ خَافَ الفِتْنَةَ، وخَشِيَ رَبَّهُ في الخَلْوَة، وراقَبَهُ في السِرِّ والنَّجْوَى؛ فُتِحَتْ لَهُ الجَنَّة! ﴿وأُزْلِفَتِ الجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ* هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ* مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ* ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الخُلُودِ﴾.

وقَالَ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ أَكْثَرَ مَا ‌يُدْخِلُ النَّاسَ ‌النَّارَ ‌الْفَرْجُ وَالْفَمُ " وأَكْثَرَ مَا ‌يُدْخِلُ الْجَنَّةَ؟ تَقْوَى اللهِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ ". وقد مدح الله المتقين أصحاب الجنة بأن من أهم صفاتهم التي يحبها الله حفظ الفروج إلا على أزواجهم.

 وقَالَ صلى الله عليه وسلم: مَن يَضْمَن لي ما بيْنَ لَحْيَيْهِ وما بيْنَ رِجْلَيْهِ، أضْمَنْ له الجَنَّةَ.. فمن أوفى بشرط رسول الله ضمن له الجنة.

* اللَّهُمَّ صل وسلم، على النبي المصطفى والخليل المجتبى واله واصحابه وارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِين: أَبِي بَكرٍ، وعُمَرَ، وعُثمانَ، وعَلِيّ؛ وعَنِ الصَّحَابَةِ والتابعِين، ومَنْ تَبِعَهُم بِإِحسَانٍ إلى يومِ الدِّين.

اللهم اغفر ذنوبنا وطهر قلوبنا وحصن فروجنا

* اللَّهُمَّ فَرِّج هَمَّ المَهمُومِينَ، ونَفِّسْ كَرْبَ المَكرُوبِين، واقضِ الدَّينَ عَنِ المَدِينِين، واشْفِ مَرضَى المسلمين.

* اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوطَانِنَا، وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا ووُلَاةَ أُمُورِنَا، ووَفِّقْ (وَلِيَّ أَمرِنَا ووَلِيَّ عَهْدِهِ) لِمَا تُحِبُّ وتَرضَى، وخُذْ بِنَاصِيَتِهِمَا لِلبِرِّ والتَّقوَى.

عِبَادَ الله: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.

* فَاذكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، واشْكُرُوهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ﴿ولَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تصنعون

موانع الخير خطبة جمعة

 

الحمد لله الذي فتح لعباده أبواب الخير، ودلّهم على طرق البر، ويسّر لهم سبل النجاة، نحمده سبحانه وتعالى على فضله العميم، ونشكره على عطائه الكثير،.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمر بالخير ورغب فيه، ونهى عن الشر وحرّمه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه، ما ترك باب خيرٍ إلا دلّ أمته عليه، ولا طريق شرٍ إلا حذّرهم منه.

أما بعد:

فيا أيها الناس، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عزّ وجل، فإنها وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى:

{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ}

 عباد الله،

إن أبواب الخير كثيرة، وفرص الطاعات واسعة، لكن العجيب – بل المحزن – أن كثيرًا من الناس يمرون بها ولا يدخلون، ويدعون إليها فلا يستجيبون، وكأن بين قلوبهم وبين الخير حواجز وسدود.

فما الذي يمنع الناس من طاعة الله؟

وما الذي يثقل عليهم العبادة؟

وما الذي يصرفهم عن البر والإحسان؟

حديثنا اليوم عن موانع الخير، تلك العوائق التي إذا سكنت القلوب، حرمتها نور الطاعة، وأبعدتها عن سُبل الرشاد...

وكثير من الناس يعرفون الخير ويحبونه لأنفسهم ويعلمون أنه لا ينفعهم في الاخرة إلا ما عملوه من خير في حياتهم وتمر عليهم مواسم تضاعف فيها الحسنات ويفعلون بعض الطاعات ولكن لا يتقبل منها أو تقل أجورهم وتضعف حسناتهم فما السبب؟

 السبب هو موانع الخير

 

ومن موانع الخير  التي تمنع الإنسان من نيل الخير في الدنيا والآخرة

الغرور:

قَالَ الله: {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا ‌يَغُرَّنَّكُمْ ‌بِاللَّهِ الْغَرُورُ} ومن الغرور أن الإنسان يخدع نفسه ويمنيها الأماني ويزين له الشيطان تقصيره وتهاونه في الطاعة فيغتر بذلك قَالَ الله تبارك وتعالى (وَما يَعِدُهُمُ ‌الشَّيْطانُ إِلَّا ‌غُرُوراً) ومن الغرور إن الإنسان يعمل المعصية ويرجو المغفرة من غير توبة وعمل صالح .

الذنوب والمعاصي

قال النبي صلى الله عليه وسلم:

«إن العبد ليُحرمُ الرزقَ بالذنب يصيبه»

فإذا كانت الذنوب تحرم الرزق فهي تحرم ما هو اهم وانفع من الرزق وهو العمل الصالح 

 ومن موانع الخير البخل ، فمن بخل بما اتاه الله عوقب بالحرمان من الخير كما

قال تعالى:﴿وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ * وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلْعُسْرَىٰ

‌ قَالَ الله {وَمَنْ ‌يُوقَ ‌شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}

فالبخل يمنع صاحبه من الإنفاق في رضا الله، ويحول بينه وبين الأجر والثواب والرحمة والبخل باب من أبواب الشر ومانع للخير

اتباع هوى النفس

‌قال الله عز شأنه {وَلا ‌تَتَّبِعِ ‌الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}

‌وقال سبحانه {وَلَوِ ‌اتَّبَعَ ‌الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ}

الكبر

‌الكبر لا يخلو منه أحد إلا المعصوم ومن الناس من يغلب كبره ومنهم من يغلبه الكبر ‌ويصده عن النظر إلى عيوبه، ويحول وبينه وبين الانقياد للحق. فالكبر من الأمراض الخفية في النفس ويمنع من الخير قال صلى الله عليه وسلم:

"لَا يَدْخُلُ ‌الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ ‌مِنْ ‌كِبْرٍ"..

الحسد

قال النبي صلى الله عليه وسلم:

: «إِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ، فَإِنَّ ‌الْحَسَدَ يَأْكُلُ ‌الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ ‌النَّارُ الْحَطَبَ،»

فالحسد يحرق حسنات صاحبه ويمنعه من التوفيق للخير والإعانة على الطاعة

والحسد يؤدي للقبائح ويصرف عن الفضائل ويحسن الفواحش والجرائم

ولا يخلو جسد من حسد ولكن أكثر الناس لا يعلمون

ومن هذه الموانع

الرفقة السيئة، وصديق السوء، ومن اخطر أصحاب السوء البرامج والأجهزة التي يخلو بها الإنسان وتضيع وقته وتفتن قلبه وتشتت عقله، وقد ذكر الله تعالى خطورة أثر الصاحب في صاحبه فقال﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ 

ومن موانع الخير نسيان الله كما حذر الله من ذلك يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (18) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ ‌نَسُوا ‌اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ

إخوة الإيمان

لا يظن الإنسان إنه إذا بلغ الأزمنة الفاضلة إنه قد ادرك الخير أو إنه إذا فعل الخير قبل منه فقد قص الله علينا خبر ابني آدم وأنهما قربا قربانا لله وقاما بطاعة لم تقبل من أحدهما وردت إليه عبادته لأن عنده مانع للخير والقبول وهو ضعف الإخلاص لله والتقوى فقد قدم هابيل أفضل ما يجد من ماله فتَقَبَلَ اللهُ منه وقدم قابيل أسوأ ما عنده من ماله فلم يُقْبَلْ منه قَالَ الله {‌إِنَّما ‌يَتَقَبَّلُ ‌اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}

فهل أنت تتقرب إلى الله بما يحب الله كما فعل هابيل أو بما تحب نفسك كما فعل قابيل؟ إذا صليت لله مثلا ، فهل تصلي صلاة ترضي الله!! أو تصلي صلاة ترضي نفسك وتوافق هواك وتؤديها كما تحب أنت لا كما يحب الله !!

ألم نسمع ونقرأ أن بعض المصلين لهم الويل والعذاب {‌فَوَيْلٌ ‌لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ}

فهل اتقينا الله أن لا نكون منهم ؟ هل نصلي حبا لله واخلاصا له ورغبة ورجاء في فضله ورحمته وخوفا من عذابه وخشية لعظمته!!

هل نحن من الصادقين المخلصين الذين يسارعون ويسابقون إلى صلاة الجمعة والجماعة وينافسون في التقدم والتبكير أما نحن من الذين يتأخرون  بسبب ما عندهم من الكسل  وتعودوا على التأخر الذي منعهم من كثير من الخير قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ عَنِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ ‌حَتَّى ‌يُؤَخِّرَهُمُ ‌اللهُ فِي ‌النَّارِ

 

الخطبة الثانية

 

كثير من المسلمين قد تفوتهم فرصة الاستفادة من أوقاتهم أو من فضل عشر ذي الحجة، وهي من أعظم أيام السنة، بسبب وجود موانع تمنعهم من الخير، مثل:

الكسل والتسويف في الطاعات.

والانشغال بالدنيا عن العبادة.

وضعف الهمة في الطاعة.

والذنوب والمعاصي التي تثقل القلب وتبعد عن الطاعة

والانشغال بالملهيات .

 

 

والنتيجة: أنهم يخسرون أعمارهم وأوقاتهم ويخسرون  موسمًا عظيمًا للثواب، كان يمكن أن يرفع درجاتهم، ويكفّر ذنوبهم، ويقربهم من الله .

العبرة من ذلك والفائدة.

 هي رسالة لنا جميعا أن نغتنم هذه الأيام ما استطعنا، ونشغل أنفسنا فيها بما ينفعنا من أعمال صالحة قبل أن يحال بيننا وبين العمل الصالح. ومن خير العمل الصالح محاسبة النفس بصدق والتوبة النصوح

فمن حُرم خير هذه الأيام ، فهو المحروم حقًا

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا ‌مِنْ ‌أَيَّامٍ ‌الْعَمَلُ ‌الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ" يَعْنِي الْعَشْرَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: "وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ"

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد

اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَسْأَلَةِ، وَخَيْرَ الدُّعَاءِ،

‌وَخَيْرَ ‌النَّجَاحِ، ‌وَخَيْرَ ‌الْعَمَلِ، وَخَيْرَ الثَّوَابِ، وَخَيْرَ الْحَيَاةِ، وَخَيْرَ الْمَمَاتِ،

 

خطبة عيد الأضحى

 

الحمد لله الذي هدانا للإيمان، وشرع لنا من الدين ما تزكو به النفوس، وتصلح به القلوب، وتستقيم به الحياة، الحمد لله على نعمة الإسلام، وكفى بها نعمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أما بعد،   أيها المسلمون،

ها نحن في يوم عظيم، يوم عيدٍ وذكرى خالدة، تخلّد أعظم مشهد من مشاهد الطاعة، وتجسد أرقى صور الامتثال، إنه مشهد الذبح العظيم، قصة إبراهيم مع ابنه إسماعيل عليهما السلام.

لقد رأى الخليل إبراهيم عليه السلام في منامه – ورؤيا الأنبياء وحي – أنه يذبح ابنه إسماعيل، فلما استيقن أن هذا أمر من الله، لم يتردد، ولم يتراجع، بل أسرّ إلى  إسماعيل الأمر بكل حكمة ولين:

{يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ}

فأجابه إسماعيل، الابن البار، النموذج الفريد في الطاعة والإيمان:

{يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}

فلما أسلما وانقادا لأمر الله، واستلقى إسماعيل للذبح، ورفع إبراهيم السكين ليذبح، جاء لطف الله ورحمته:

{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}

فيا لها من لحظة! لحظة خضوعٍ مطلق لله، تجلت فيها العبودية بأسمى معانيها، لحظة إيمان عظيم، وتسليم كامل، وثقة تامة في رحمة الله وعدله.

عباد الله،

في قصة إبراهيم مع إسماعيل دروسٌ عظيمة، وعِبرٌ خالدة، وتربيةٌ إيمانية فريدة، وقدوةٌ عملية نادرة:

من الدروس والعبر:

1. الامتثال التام لأمر الله دون اعتراض أو تأخير، حتى في أصعب المواقف.

2. التربية على الطاعة والإيمان، فهكذا ربى إبراهيم ابنه، وهكذا استجاب إسماعيل.

3. الثقة في الله، أن ما أمر به الله لا بد أن يكون فيه الخير، ولو خفي على العبد وجه الحكمة.

4. الابتلاء سنة المؤمنين، فكلما زاد الإيمان، زاد الاختبار، قال تعالى:

{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ}

5. الفداء والتيسير بعد التضحية، فإن مع العسر يسرا، وبعد الشدة يأتي الفرج، وفديناه بذبح عظيم.

ومن التربية الإيمانية:

أن نربي أبناءنا على الطاعة لا التمرد، وعلى الإيمان لا التبرم، وعلى الرضا لا الاعتراض.

أن نغرس فيهم حب الله أكثر من حب النفس.

أن نكون نحن أول المربين بالفعل قبل القول.

ومن القدوة العملية:

أن يكون الأب قدوةً في طاعته لله.

وأن يكون الابن متأدبًا مطيعًا لوالده، كما كان إسماعيل.

ولنعلم أن الإسلام دين التضحية والصبر والتسليم لله، لا دين الترف واتباع الهوى.

أيها المسلمون،

في هذا العيد، ونحن نُحيي سنة أبينا إبراهيم، ونسوق الأضاحي تقربًا إلى الله، فلنتذكر أن الله لا ينظر إلى لحومها ولا دمائها، ولكن ينظر إلى قلوبنا وتقوانا.

قال تعالى:

{لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ}

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله.

فالكثير يغفل عن دور المرأة في قصة ذبح إسماعيل، رغم أن فيها إشارات عظيمة لدور الأم المسلمة في غرس الإيمان، وتربية الأبطال، وتثبيت البيوت على الطاعة. وإليكم بعض ما يتعلق بالنساء من هذه القصة العظيمة:

دور  (هاجر عليها السلام) في قصة الذبح

1. هاجر… الأم المؤمنة المحتسبة

حين أمر الله إبراهيم أن يترك زوجته هاجر وابنها إسماعيل في وادٍ غير ذي زرع (وهو  مكة )، لم تعترض، ولم تحتج، بل قالت بكل يقين:

"آلله أمرك بهذا؟"

قال: نعم.

فقالت: "إذًا لا يُضيعنا."

هذا الموقف يلخص عظمة المرأة المؤمنة، التي تعلم أن أمر الله لا يأتي إلا بخير، ولو بدا في ظاهره شدة. هذه المرأة بثباتها كانت أول من رسّخ في قلب إسماعيل أن أمر الله مُقدّم، وأن الثقة به لا حدود لها.

2. البيئة الإيمانية تبدأ من الأم

هاجر لم تكن فقط صابرة، بل كانت مربية عظيمة، مؤمنة بربها، تشبعت منها نفسُ إسماعيل بالإيمان والطاعة، فكان استعداده للذبح نتيجة تربية إيمانية مبكرة من الأم الصالحة.

ما كان إسماعيل ليقول:

{يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ...}

إلا لأنه نشأ في بيت أسسه أب على الإيمان، وأم على الثبات والتسليم.

3. المرأة شريكة في تنشئة جيل الهدى والتقى

 

قصة الذبح ليست فقط انجاز أب وابن فقط، بل هي نجاح بيتٍ مؤمنٍ متكامل، نوره الزوجة المصلحة التي لا تعارض أمر الله، ولا تشغل زوجها عن طاعته، بل تثبته، وتبني خلفه أجيالًا مطيعة مستقيمة.

ومن الدروس التربوية والإيمانية للمرأة من قصة الذبح

1. المرأة المسلمة تصنع القادة بثباتها على الإيمان، لا بكثرة الكلام، بل بالقدوة والصبر.

2. لا تعارض بين طاعة الزوج وطاعة الله إذا كان الزوج يسير في طاعة الله، بل المرأة الصالحة تعينه وتثبته.

3. الثقة في قضاء الله سمة المرأة المؤمنة، كما كانت هاجر، لا تجزع، بل تقول: "لا يضيعنا الله."

4. غرس اليقين في الأبناء يبدأ من حضن الأم، فالإيمان الذي سكن قلب إسماعيل زرعته أمه قبل أن ينطقه لسانه.

5. الصبر على الابتلاء رسالة خالدة للنساء، أن التمكين يأتي بعد التضحية، وأن الله يكرم الصابرات كما كرم هاجر، فنبع زمزم وقيام منسك من مناسك الحج تخليدٌ لصبرها.

وختاما:

قصة الذبح ليست حكاية رجال فقط، بل هي قصة بيت مسلم كامل، فيه أب مطيع، وأم مصلحة، وابن بار. وكل امرأة مسلمة اليوم تستطيع أن تكون على خُطَى هاجر، تبني بيتًا يسير على درب الطاعة ويؤسس على تقوى من الله ورضوان، ويُخرِج للعالم أبناءً قدوتهم إسماعيل.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

اللهم اجعلنا من المتقين، ومن عبادك المخلصين، واجعلنا من  الشاكرين الصابرين، وألحقنا بالصالحين.

اللهم اشف مرضانا

وكل عام وأنتم بخير، وتقبل الله منا ومنكم، وغفر لنا ولكم، والحمد لله رب العالمين.