الجمعة، 24 ديسمبر 2021

الهشاشة النفسية ، منظومة الوقاية من الأمراض النفسية

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل المرسلين

الهشاشة النفسية

إن الشخصية الضعيفة إيمانيا وصحيا هي الأكثر إصابة بالأمراض النفسية مثل مرض الفصام والاكتئاب والقلق والإحباط الهم والغم والوسواس وغيرها من الأمراض النفسية التي كثرت في هذا الزمن!

والهشاشة النفسية هي البيئة المناسبة لنمو وكثرة الأمراض النفسية التي تُمَكِنُ الشيطان من التسلط على الإنسان وتجعله فريسة سهلة له.

والتشخيص الطبي العالمي للأمراض النفسية تشخيص قاصر وناقص لأنهم يربطون أسباب الأمراض النفسية بالأسباب المادية وينكرون ما وراء المادة المحسوسة من أمور الوحي والأسباب الشرعية للأمراض النفسية والوقاية منها ، وعداوة الشيطان للإنسان.

والهشاشة النفسية تنشط الأمراض النفسية فتلتهب وتشتد ضراوةً للفتك بالإنسان لأن هذه الأمراض عقوبة للإنسان الذي دمر منظومات الحماية والوقاية ، ومن أهم منظومات الحفظ والوقاية من الأمراض النفسية الفتاكة المهلكة :

     أولا :المنظومة الإيمانية العلمية العملية

ومعنا ذلك هو إيمان البصيرة الذي يقوم على العلم النافع والعمل الصالح وليس إيمان التقليد الذي يفتقد الفهم والبصيرة ، قال تعالى في بيان أهمية إيمان العلم والعمل الصالح ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ 

ومنظومة الإيمان التي أساسها العلم النافع والعمل الصالح هي الرأس والأساس في تكوين ثقافية فكرية سليمة حصينة تحمي الإنسان من الهشاشة النفسية التي هي بوابة جحيم الأمراض النفسية ، فكن مؤمنا بتعلم العلم النافع وعمل العمل الصالح ولا تكن من الذين ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ‌الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ ‌الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ ‌الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.

ثانيا: منظومة السلوك

وهو حمل النفس والزامها ومجاهدتها على السلوك الحسن والخُلُق الحميد  ‌ومنعها وحفظها من سموم النظر ورجس السمع وسقط الكلام وغبن الغفلة وخسارة الوقت ورفيق السوء عن بعد وعن قرب ، فاحرص على هَدْى الإسلام في  السلوك ‌فهو الأقوم والأفضل والأسلم، وهو السلوك الذي يجعل للنفس القيمة الرفيعة النافعة والمناعة الحصينة ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ 

وأما إذا قادت المتعة واللذة النفس أوردتها المهالك، قال تعالى ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ‌الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ فرأى الحق باطلا والحسن سيئا كما وصف الله حالهم ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ ‌الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ .

 

 ثالثا:   المنظومة الغذائية

فصحة الجسم نتيجة الغذاء الصحي الذي يمد الجسم بالفيتامينات والمعادن المهمّة لصحته الجسم، لكنها مهمّة أيضاً  للعقل والصحة النفسية، قال الله تعالى ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ ‌الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾

فيقع الإنسان في اتباع خطوات الشيطان بترك شكر نعمة الأكل والاستعانة به على المعصية، أو بأكل الحرام والتقصير في الحرص على الحلال، أو بأكل الحلال الذي نقصت قيمته الغذائية كما هو حال الوجبات السريعة والمعلبة التي تتلوث بالنكهات أو المحسنات الكيمائية أو المواد الملونة للأغذية أو الحافظة أو مواد التغليف التي تلامسها ، فهذا كله له تأثير على صحة الإنسان ويساهم في تقوية الهشاشة النفسية ، ومعلوم أن مصدر الدم الذي في جسم الإنسان هو ما يأكله ،فإذا نقصت قيمة الأكل الغذائية نقص ما يحمله الدم من فوائد للجسم ، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ ‌مَجْرَى ‌الدَّمِ" فإذا وجد الشيطان الدم قد نقصت واختلت الفيتامينات والمعادن التي يحملها ساهم ذلك في قوة تسلط الشيطان على الإنسان ونفخ جمرا كان تحت رماد الهشاشة النفسية فاحرق الإنسان بالأمراض.

 الخطبة الثانية

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده

رابعا : المنظومة الوقائية من الهشاشة النفسية هي الأسباب التي  تقي الإنسان من مداخل الشيطان وتسد عليه منافذه وبهذا يقي الإنسان نفسه من الامراض النفسية ، ومن الوقاية :

1- تقوى الله ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ 

2- التوكل على الله والحذر من أساليب الشيطان ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ ‌الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ ‌الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾

                    

3- الاستسلام لله في كل شيء والحذر من مخالفة ذلك ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ ‌الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾

4- أكل الحلال والنافع والبعد عن الحرام ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ‌الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾

5- الاستعانة بالله والثقة به ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ ‌الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ 

6- الحذر من أي عمل فيه موالاة الشيطان أو مشابهة أولياء الشيطان في أخلاقهم وأعمالهم وأعيادهم

﴿وَمَنْ يَتَّخِذِ ‌الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾ 

﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ‌الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ 

﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ ‌إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ 

7- التربية الحسنة

قالت أم مريم ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٣٦) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا ‌نَبَاتًا ‌حَسَنًا ﴾ 

8- الوقاية من الذنوب فهي سبب للأمراض النفسية  تسلط الشيطان عليه ﴿إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ ‌الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ﴾

فهناك أسباب وأعمال وأحوال تمكن الشيطان من الاقتران بالإنسان ﴿وَمَنْ يَكُنِ ‌الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ ﴾

ومن صار قرينه الشيطان فإنه يضله ضلالا بعيدا ﴿وَيُرِيدُ ‌الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ 

من استعان بالله واعتصم به وحافظ على صحته وحصن نفسه بالمناعة الجسمية والإيمانية فلن يضره كيد الشيطان ﴿إِنَّ كَيْدَ ‌الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق