الخميس، 9 مايو 2019

خطبة جمعة شهر القرآن "حديث عن القرآن "




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين 
 قد شرف الله رمضان وأعلى شانه بقوله تعالى
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}
وقد جعل الله القرآن موعظة وشفاء ورحمة وهدى لمن عمل به
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ... قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}
قال أَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى " {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}  ، قَالَ: الْفَضْلُ الْقُرْآنُ، وَبِرَحْمَتِهِ أَنْ جَعَلَكُمْ مِنْ أَهْلِهِ ".
أيها المسلمون
إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مأْدُبَةُ اللَّهِ تَعَالَى، فَتَعَلَّمُوا مِنْ مَأْدُبَتِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ، إِنَّ هَذَا حَبَلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ النُّورُ الْمُبِينُ، وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ، عِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، وَنَجَاةٌ لِمَنْ تَبِعَهُ، لَا يَعْوَجُّ فَيُقَوَّمُ، وَلَا يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبُ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَلَا يَخْلُقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ؛ فَاتْلُوهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَأْجُرُكُمْ عَلَى تِلَاوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ..
قد حسدكم عليه أعدائكم أشد الحسد
قَالَ الله تعالى: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 105]  ما حسدتكم اليهود والنصارى عَلَى شيء كحفظ القرآن وتعلمه.
 أيها الصائمون           
اوجب الله تدبر القرآن لأن من ثمرات التدبر التذكر والاتعاظ والاهتداء {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا}  ، وقَالَ سبحانه وتعالى : {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}
يجب أن يكون لك وردا يوميا من القرآن تتدبره وتفهم معناه وتستنير بنوره في ظلمات الفتن وتستشفي به من أمراض القلوب .. {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا }  : كذلك أنزلناه عَلَى التفريق والترتيل لتقرأه مفرقا في كل وقت وحين : {لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ }
وهناك من الناس من تهاون في تعلم القرآن وتدبره وانشغل عنه باللهو واللعب ومتابعة وسائل الاتصال والتواصل والقنوات الفضائية وضاع وقته وقل علمه وضعف إيمانه ثم يوم القيامة يكون في حسرة وندامة
قال الله تعالى محذرا من ذلك { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ..  يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ... لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ... وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}.
فمن ظلم نفسه وحرمها من تعلم القرآن والعمل به يندم في ساعة لا ينفع فيها الندم ويعض يده حسرة على ما فرط وما اتخذ من الأصدقاء الذي اشغلوه وصرفوه عن القران حتى اتخذه مهجورا فهجر تعلمه والعمل به   ثم يقول يوم القيامة {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ... لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ...  لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا  وهذا يشمل كل ما يشغل عن القرآن ويصد عن طاعة الله سواء كان من وسائل التواصل أو الاجهزة الحديث او القنوات الفضائية أو أصحاب السوء أو غير ذلك.
فكونوا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ، قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، فَهُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتِهِ» .
فكونوا من أهل القرآن  وورثة الرسول الذين ورث لكم القرآن ..
فعَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: مَرَّ أَعْرَابِيٌّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ،
 وَعِنْدَهُ قَوْمٌ يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ، فَقَالَ: مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «يَقْتَسِمُونَ مِيرَاثَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
وقال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما  : «عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَتَعَلَّمُوهُ، وَعَلِّمُوهُ أَبْنَاءَكُمْ، فَإِنَّكُمْ عَنْهُ تُسْأَلُونَ، وَبِهِ تُجْزَوْنَ، وَكَفَى بِهِ وَاعِظًا لِمَنْ عَقَلَ  
عباد الله
«إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ فَاشْغَلُوهَا بِالْقُرْآنِ واملؤها به ، وَلَا تَشْغَلُوهَا بِغَيْرِهِ فتمرض وتموت»
 واعلموا أن القرآن لكم أو عليكم
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا.
وقال أَبو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، رَضي اللَّهُ عنه : « اتَّبَعُوا الْقُرْآنَ , وَلَا يَتْبَعَنَّكُمُ الْقُرْآنُ، فَإِنَّهُ مَنْ يَتْبَعِ الْقُرْآنَ يَهْبِطْ بِهِ عَلَى  رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ يَتْبَعْهُ الْقُرْآنُ يَزُخُّ فِي قَفَاهُ حَتَّى يَقْذِفَهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ» .
«فطُوبَى لِمَنْ قَرَأَ كِتَابَ اللَّهِ ثُمَّ اتَّبَعَ مَا فِيهِ»
إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا 
.............................
الخطبة الثانية 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين
الْمَخْرَجُ مِن الفتن والشرور  كِتَابُ اللهِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وَهُوَ الفَصْلُ لَيْسَ بِالهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنْ ابْتَغَى الهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَهُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، هُوَ الَّذِي لاَ تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ، وَلاَ تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسِنَةُ، وَلاَ يَشْبَعُ مِنْهُ العُلَمَاءُ، وَلاَ يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هَدَى إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.............إخوة  الإيمان  
إنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ، لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عُمَرُ، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ عُمَرُ: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ قَالَ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ ابْنَ أَبْزَى، قَالَ: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ مَوَالِينَا، قَالَ عُمَرُ، فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى، قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ، قَاضٍ، قَالَ عُمَرُ، أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ»
 أيها الصائمون
إن من اشرف الأعمال التي يشغل بها رمضان مدارسة القرآن وتدبره وفهمه والعمل به  و«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ  »
فهذا الرسول الملكي افضل أهل السماء وسيد الملائكة يلتقي بالرسول البشري سيد ولد آدم واللقاء على مدارسة أفضل كتب الله  وهو القرآن
فيا من تريد النجاة والكرامة اقتد بهذين الرسولين الكريمين واحفظ وقتك من لصوص رمضان لا يسرقوه منك  وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق