الحرب النفسية مفهوم وأهداف ومهام وأساليب
الحرب
النفسية
للواء الركن محمد جمال
الدين محفوظالمعروف أن إرادة القتال والمقاومة والصمود، وأن الحماسة والإيجابية في العمل وروح الإبداع والابتكار، وأن الهزيمة والاستسلام واليأس والسلبية هي كلها "حالات عقلية" تنشأ في عقل الإنسان تحت ظروف معينة فتولـد لديه الدوافع النفسية التي تدفعه إلى السلوك الذي يعبر عن تلك الحالات.
وفي مجال الصراع بين الأمم أو بين الجيوش، فإن كل جانب يحرص على أن ينشئ في خصمه "الحالة العقلية" التي تحقق له أهدافه والانتصار عليه. وهنا يأتي دور "الحرب النفسية" أو "الدعاية" التي يجمع الخبراء على أنها أقوى أسلحة الصراع أثرا في تحقيق النصر بسرعة وبأقل الخسائر في الأرواح والمعدات:
"فالحرب بالسلاح" تستطيع أن تدمر القوات والمعدات، و "الحرب الاقتصادية" تحرم الخصم من المواد الحيوية، أما "الحرب النفسية " فهي تستطيع ما هو أخطر وأعمق أثرا، إنها تجرده من أثمن ما لديه وهو "إرادته القتالية"، فهي تستهدف في المقاتل أو المواطن عقله وتفكيره وقلبه وعواطفه لكي تحطم روحه المعنوية وتقوده إلى الهزيمة، وهذا ما دعا القائد الألماني روميل إلى القول بأن « القائد الناجح هو الذي يسيطر عل عقول أعدائه قبل أبدانهم »، ودعا تشرتشل إلى أن يقول: « كثيرا ما غيرت الحرب النفسية وجه التاريخ! ».. وقد بلغ من تأثير الحرب النفسية أن كثيرا من الأمم - كما يروي التاريخ- استسلمت لأعدائها قبل أن تطلق جيوشها طلقة واحدة!!
ومن أعظم الدروس التي تستخلص من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في إدارته للصراع مع الأعداء أن "استخدام العامل النفسي في الصراع ضرورة حيوية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية"، فمن بين ثماني وعشرين غزوة قادها عليه الصلاة والسلام بنفسه، نجد تسع عشرة غزوة حققت أهدافها بلا قتال، إذ فر الأعداء تحسبا لنتائج مواجهة قوة المسلمين.
وقد قرر الرسول القائد صلى الله عليه وسلم أن "الجهاد باللسان" كالجهاد بالنفس والمال فقال لحسان بن ثابت وكان من شعراء الإسلام: « يا حسان اهج المشركين اهجهم فإن جبريل معك، إذا حارب أصحابي بالسلاح فحارب أنت باللسان" رواه البخاري ومسلم وأحمد.
وليس ذلك فحسب بل إنه عليه الصلاة والسلام يقرر أن الحرب النفسية أشد وأسرع أثرا من حرب السلاح فقد روى أن عبد الله بن رواحة كان يلقي شعرا في هجاء الأعداء في المسجد فاستنكر منه ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائلا: بين يدي رسول الله وفي حرم الله تقول الشعر؟ ! فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: « خل عنه يا عمر، فلهي -يعني القصيدة -أسرع فيهم من نضح النبل » وفي رواية « خل عنه يا عمر، فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل » رواه الترمذي والنسائي.
الحرب النفسية في صراعنا الحضاري:
وليس من شك في أن الأمة الإسلامية تواجه اليوم حربا حضارية، تستهدف تدمير قواها وفرض التبعية عليها، ومنعها من القيام بالنهضة الحضارية التي ترجوها، واستعادة مكانتها اللائقة بها، وإذا كانت الحرب بالسلاح والغزو العسكري والغارات الخاطفة، هي التي تلفت النظر وتستأثر بالاهتمام والانتباه، لما يصاحبها من قعقعة وضجيج على الصعيدين المحلي والعالمي، إلا أنه لا ينبغي مطلقا أن تغفل الأمة عن الدعاية والحرب النفسية أو تقلل من شأنها، لأن القتال له نهاية يوما ما، أما الحرب النفسية فليس لها نهاية، بل هي مستمرة ودائمة في السلم والحرب على حد سواء.
وأستطيع أن أقول إن الإنسان في هذا العصر "يتنفس" الدعاية كما يتنفس الهواء، لكنه في تنفسه للهواء يأخذ ما ينفعه "الأوكسجين ويلفظ ما يضره "ثاني أكسيد الكربون" أما في تنفسه للدعاية والحرب النفسية، فهو لا يستطيع في أغلب الأحوال أن يفعل مثل ذلك، وهو معرض للإصابة "بالعلة النفسية"، التي قد تدمر فيه الإرادة والإيجابية وقوته المعنوية..
ولكي ندرك حجم هذا الخطر علينا أن نتفهم ماهية الحرب النفسية وأهدافها ووسائلها:
مفهوم الحرب النفسية وأهدافها:
تعرف الحرب النفسية بأنها « هي الاستخدام المخطط للدعاية أو ما ينتمي إليها من الإجراءات الموجهة إلى الدول المعادية أو المحايدة أو الصديقة، بهدف التأثير على عواطف وأفكار وسلوك شعوب هذه الدول بما يحقق للدولة -التي توجهها- أهدافها ».
ويلاحظ من هذا التعريف ما يلي:
1 - أن الحرب النفسية لا توجه فقط إلى الدول المعادية أولا تنحصر فقط في نطاق الصراع بين الدول المتحاربة أو المتنافسة، بل هي تشمل أيضا الدول الصديقة والدول المحايدة، ولعل هذا هو ما جعل الخبراء يفضلون لفظ "الدعاية" بدلا من "الحرب النفسية" وكل دولة من دول العالم هي في حقيقتها جماع لتلك الأوصاف الثلاثة "معادية ومحايدة وصديقة" فذلك هو الأمر الغالب في العلاقات الدولية، فالدولة غالبا ما يكون لها أصدقاء وأعداء ودول تقف موقف الحياد في مواجهة بعض قضاياها.
2 - وأن "أهداف" الدعاية تختلف باختلاف "وضع" الدولة التي توجه إليها في العلاقات الدولية:
· فإذا كانت الدولة معادية، كان الهدف تحطيم الروح المعنوية والإرادة القتالية وتوجيهها نحو الهزيمة.
· وإذا كانت الدولة محايدة، كان الهدف توجيهها نحو الانحياز للدولة الموجهة أو التعاطف مع قضيتها، أو على الأقل إبقاءها في وضع الحياد ومنعها من الانحياز إلى الجانب الآخر.
· وإذا كانت الدولة صديقة، كان الهدف توجيهها نحو تدعيم أواصر الصداقة مع الدولة الموجهة ونحو المزيد من التعاون لتحقيق
مهام الحرب النفسية
وإذا ما حصرنا البحث في مجال الصراع بين الدول، لأنه هو المجال الذي ينبغي أن نتدبره بكل الوعي والفطنة في هذا العصر، فنستطيع أن نقول إن الخبراء الذين يخططون لحملات الحرب النفسية لتدمير الروح المعنوية وتحطيم الإرادة القتالية، يسعون إلى تحقيق هذا الهدف من خلال المهام الرئيسية التالية:
1 - التشكيك في سلامة وعدالة الهدف أو القضية.
2 - زعزعة الثقة في القوة "من كافة عناصرها" والثقة في إحراز النصر، وإقناع الجانب الآخر بأنه لا جدوى من الحرب أو الاستمرار في القتال أو المقاومة.
3 - بث الفرقة والشقاق بين الصفوف والجماعات.
4 - التفريق بين الجانب الآخر وحلفائه ودفعهم إلى التخلي عن نصرته.
5 - تحييد القوى الأخرى التي قد يلجأ إليها الجانب الآخر للتحالف معها أو لمناصرته.
الصور والأساليب
وثمة عدة صور وأساليب تستخدم لتحقيق تلك المهام نذكر منها ما يلي:
1 - الكلمة المسموعة أو المقروءة التي من شأنها التأثير على العقول والعواطف والسلوك، وهو مجال تتعدد فيه الأشكال والوسائل كالكتاب والصحيفة والمجلة والمنشور واللافتة والإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح.. الخ.
2 - الشائعات، وهي أخبار مشكوك في صحتها، ويتعذر التحقق من أصلها، وتتعلق بموضوعات لها أهمية لدى الموجهة إليهم، ويؤدي تصديقهم لها أو نشرهم لها "وهذا هو ما يحدث غالبا" إلى إضعاف الروح المعنوية.
3 - التهديد بواسطة القوة " تحريك الأساطيل - إجراء المناورات الحربية بالقرب من الحدود - تصريحات القادة - إعلان التعبئة الجزئية.. الخ ".
4 - الخداع عن طريق الحيل والإيهام.
5 - بث الذعر والتخويف والضغط النفسي.
6 - الإغراء والتضليل والوعد لاستدراج الجانب الآخر لتغيير موقفه.
ألوان الحرب النفسية
ومن المفيد أن نعرف أن جهد الحرب النفسية أو الدعاية يوجه في ثلاثة ألوان جرى العرف على تسميتها بحسب مصدرها بالأسماء التالية:
الدعاية البيضاء:
وهي نشاط الدعاية العلني والصريح، الذي يحمل اسم الدولة التي توجهه مثل: الإذاعة ووكالات الأنباء والتصريحات الرسمية، ولذلك تسمى أحيانا بالدعاية الصريحة أو الرسمية.
الدعاية الرمادية:وهى الدعاية الواضحة المصدر، ولكنها تخفي اتجاهاتها ونواياها وأهدافها، أي التي تعمل وتدعو إلى ما تريد بطريق غير مباشر، كالكتاب الذي يحتوى على قصة أو رواية عادية، لكنه يدعو - بين السطور -وبطريق غير مباشر إلى اعتناق مذهب سياسي معين أو التعاطف معه.
الدعاية السوداء:
وهي الدعاية التي لا تكشف عن مصدرها مطلقا، فهي عملية سرية تماما، ومن أمثلتها الصحف والإذاعات والمنشورات السرية والخطابات التي ترسل إلى المسئولين غفلا من التوقيع أو باسم أشخاص أو منظمات وهمية أو سرية.
الرمادية أخطر الألوان:
وبالمقارنة بين تلك الألوان الثلاثة للدعاية، يتضح لنا أن الدعاية الرمادية هي أخطرها على الإطلاق: فالإنسان بقليل من الوعي والفطنة، يستطيع أن يكشف بسرعة ما وراء الدعاية البيضاء والسوداء، أما الدعاية الرمادية فهو يتجرعها قبل أن يكتشف أهدافها، ويتعرض لتأثيرها دون أن يشعر، لأنها "تتسلل" إلى عقله ووجدانه مستترة وراء شيء ظاهري لا غبار عليه.. أي أنه "يتناول السم في العسل".. والمعروف أن حملات الدعاية تضم عادة الألوان الثلاثة، ولا تكتفي بلون واحد منها، لكننا لا نجافي الحقيقة إذا قلنا إن الدعاية الرمادية تحظى بالنسبة الأكبر، وأنها هي الأكثر استعمالا والأوسع انتشارا، وذلك تأكيدا لكونها أقوى أثرا.
الحروب النفسيه وأهدأفها وسمومها الملعونة؟
الحروب النفسيه وأهدأفها وسمومها الملعونة؟ الكاتب جهاد الزغول
ا يها الاخوة والاخوات و النشامى والنشميات تحياتي لكم من هذا المنبر الطيب الحبيب . وان مفهوم الحرو ب النفسية واهدافها وسمومها واشعاتها الملعونة وتعرف الحرب النفسية بانها :الاستخدام المخطط للدعاية او ما ينتمى اليها من الاجراءات الموجهة الى الدول المعادية او المحايدة او الصديقة بهدف الثاتير على عواطف وافكار وسلوك شعوب هذه الدول بما يحقق للدولة ( الموجهة ) اهدافها .فمنذ أن خلق الله الإنسان وجد معه الصراع الأيدلوجي الذي يستهدف أعماق البشر ويؤثر فيهم ويوجههم الوجهة المرغوب فيها فإذا كانت الحرب السافرة القذرة تستهدف بأسلحتها الفتاكة جسد الإنسان وأرضه وعمرانه ومدينته وثقافته وهويته فهذه الحرب المستمرة تستهدف عمقه وعقله ونفسه وقيمه إنها حرب الشائعات. فالشائعات هي التي تنقل عن طريق الأفراد والصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون أو أجهزة الإعلام الأخرى قد تكون سليمة تحمل آمالاً طيبة للمستقبل وقد تكون مدمرة تحمل الكراهية مستخدمة في ذلك أنسب الظروف لظهورها، والشائعة تمس أحداثاً كالحرب والكوارث وارتفاع الأسعار أو علاقات سياسية أو اقتصادية وقد تمس أشخاصاً أو جماعات... إلخ. مستهدفة شيئاً معنوياً أطلق عليه الحرب المعنوية أو الحرب النفسية، وفي الواقع إن الشائعات بأنواعها المختلفة رقطاء تنفث سمومها في المجتمع وإذا لم يتكاتف كل أفراد المجتمع في مقاومتها ودرئها بكل عنف فإنها تقضي على الروح المعنوية التي هي أساس كل نجاح.
دوافع الشائعات:
الشائعات من أخطر وأفتك أساليب الحرب النفسية لأنها تدنس بطريقة أشبه بالسحر وسط الجماهير، ولأنه من الصعب معرفة مصدرها ولأن ضحاياها يسمعونها من أصدقائهم مما يعطيها صورة الخبر الصادق بل إن ضحاياهم يكونون أحياناً هم مروجوها.
ويمكن تلخيص أهداف الشائعات في عصرنا الحاضر وخاصة في الحرب النفسية في النقاط التالية:
٭ التأثير على معنويات العدو وتفتيت قواه العامة للوصول به إلى الإرهاب النفسي.
٭ استخدمها للتمويه والتعمية كستار من الدخان لإخفاء حقيقة ما.
٭ ترويج أنباء كاذبة وأخبار مشكوك في صحتها لأجل إضعاف الروح المعنوية.
٭ استخدام الأساليب الحديثة لعلم النفس التي تخدم الإشاعة للتأثير على نفسيات ومعنويات وإيرادات العدو.
٭ تدمير وإنهاك وتحطيم معنويات الجبهتين العسكرية والمدنية.
٭ أنواع الشائعات:
توجد صعوبة شديدة في حصر أنواع الشائعات وذلك لاختلاف آثارها ودوافعها التي تظهر فيها، ويمكن تنويع الشائعات حسب دوافعها وأهدافها ويصف علماء النفس الشائعات إلى ثلاثة أصناف رئيسية هي:
٭ شائعات الخوف.
٭ شائعات الأمل.
٭ شائعات الكراهية.
وكل هذه الشائعات تستهدف إثارة القلق والرعب في نفوس الناس.. والشائعات المليئة بالخيالات والأماني والأحلام.. بالإضافة إلى شائعات زرع جذور الفتنة كأن تطلق شائعة تهدف إلى إيقاظ فتنة بين الأفراد أو حتى الدول.
أثر الإشاعة على الأمن الإشاعة سلوك عدواني ضد المجتمع وتعبير عن بعض العقد النفسية المترسبة في العقل الباطن وهذا السلوك العدواني قد ينجم عنه أفعال مباشرة وقد يتحول إلى نوع من الشذوذ في القول والعمل ولعل أبرز أنواع الشائعات هي ما يتعلّق بأمن الناس لأنه يتركهم في دوامة القلق ويؤثر على مجرى حياتهم وخاصة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني.. وخاصة عندما يفتقد الناس إلى الإدراك والوعي وثوابت الاستقرار كالأمن والدين والقيم.. وتعتبر الإشاعة من أخطر الأسلحة المدمرة للمجتمعات أو الأشخاص وتعتبر الإشاعة عصب الحروب النفسية وسلاحها للنيل من الروح المعنوية للشعوب.
الخاتمة اتضح أن الشائعة تتطور بتطور العصر ومروج الشائعة اليوم لا يقل خطورة عن مروج المخدرات، فكلاهما مروجان يستهدفان قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق. والشائعة أسلوب قذر تستخدمه الدول في حربها النفسية ضد من عادت من الدول..
ونجد في المراجع العلمية أن الألمان والأمريكان والصهاينة في عصرنا هذا هم أرباب وصناع الشائعة.. ولهذا تكافح الشائعة وتفند ويقضى عليها بالحقائق وحرية الرأي وبوسائل الإعلام. واهداف الحرب النفسية تختلف با ختلاف وصف الدولة التي توجه اليها :قمع الدول المعادية:يكون الهدف هو التأثير على عواطف وافكار وسلوك شعوب هذه الدول لتوجيهها نحو تدعيم او اصر الصداقة مع الدول المواجهة نحو المزيد من التعاوان لتحقيق اهدافها .لذلك تفضل بعض الدول استعمال اسم الدعاية بدلا من لفظ الحرب النفسية .
وتحقق الحرب هدفها في تحطيم روح العدو المعنوية وارداته القتالية من خلال المهام الرئيسية الايتة :
(أ) تشيك العدو في سلامة وعدالة الهدف الذي يحارب من اجله .
ب) زعزعة ثقة العدو في من حديث الرجال والعتاد والقادة ،وثقته في امكان احرازالنصر ، واقناعة بأنه لاجودى من شن او الاستمرار في القتال .
(ج) بث الفرقة والشقاق بين صفوف العدو وجماعاته .
(د)التفرق بين العدو وحلفائه ودفعهم الى التخلي عن نصرته).
(ه) تحييد القوى الاخرى وحرمان العدو من محالفتها) .
وهناك عدة صور وساليب لاداء تلك المهام نذكر نها ما يلي :
(أ) الشعارات والهتافات لاثارة انفعالات الغضب والكراهيه او الشجاعه والحماسه .
(ب) الكلمه المسموعه او المقروءه التي من شانها التاثير على العقول والعواطف والسلوك طبقا لمقتضيات الموقف)لكل مقام مقال.
(ج)الاشاعات وهي اخبار مشكوك في صحتها ويتعذر التحقق من اصلها وتتعلق بموضوعات لها اهميه لدى الموجهة اليهم ويؤدي تصديقهم او نشرهم لها الى اضعاف روحهم المعنويه .ايها الاخوة حمى الله هذا الوطن الطيب وحمى الله الامة العربية والامة الاسلامية من هي الحروب الملعونة .الكاتب : جهاد الزغول.
| |||||
الكاتب: د. علاء فرغلي | |||||
الحرب النفسية الحديثة ظهرت
نتيجة ثمار الوعي النفسي والتطبيق العملي للعلوم النفسية الحديثة في الحروب. إن علم
النفس يتطور بسرعة مذهلة نتيجة الدراسات المستمرة مما جعله يدخل شتى مجالات الحياة
بما فيها المجال الحربي والعسكري الذي سُمي "علم النفس العسكري"، فالحرب النفسية تعتمد أساسا على العلوم
النفسية ولكن أيضا يجب الإلمام بعلوم أخرى مثل علم الأنثروبولوجي وعلم الاجتماع
وعلم الاقتصاد وعلم السياسة والعلوم العسكرية.
عرفت الحرب النفسية أول ما عرفت في ملحق (معجم ويبستر) الدولي الجديد للغة الإنجليزية عام 1941.... وقد اُعترف بالتعبير في الأيام الأولى من الحرب العالمية الثانية عندما قام جماعة من الأمريكيين بترجمة بعض المطبوعات الألمانية الهامة بهدف أن يدرك القادة الأمريكيون – العسكريون والمدنيون :إن دروس علم النفس يمكن بل يجب أن تستخدم في كل نواحي الحرب في الظروف الحديثة. وبالرغم من أن عبارة الحرب النفسية صادفت قبولا واسعا في الدوائر العسكرية في الحرب العالمية الثانية، فإن استخدامها في المطبوعات بعد الحرب كان بطيئا. فيما عدا الكتاب الذي وصف الحرب النفسية الألمانية الذي نشر عام 1941، كان أول مؤلف أمريكي استخدم هذه التسمية بصفة رسمية كعنوان لكتابه هو "بول لاينبارجر". وفي العام التالي ظهر كتاب (الحرب النفسية ضد ألمانيا) لمؤلفه "دانيال ليرنر". لقد جاء الاختلاف في تحديد واضح للحرب النفسية، نتيجة أن مجال نشاطها غير متفق على حدوده، وحتى بين الهيئات المختلفة داخل دولة واحدة، فإن مفهوم الحرب النفسية يختلف وتفسره كل هيئة بشكل متغاير. يعرف مفهوم الحرب النفسية كما يلي: تتضمن الحرب النفسية استخدام الدعاية ضد العدو أو مجموعة من الناس مع استخدام عمليات عسكرية أو إجراءات أخرى تدعو الحاجة إليها لتكملة مثل هذه الدعاية.... في مارس عام 1955 أصدرت وزارة الحرب الأمريكية كتاب يتضمن أحدث الآراء الرسمية عن مفاهيم الحرب ومبادئ الحرب النفسية. وقد عرف الكتاب الموضوع كما يلي: (الحرب النفسية هي الاستخدام المخطط للدعاية وغيرها من الأعمال التي تستهدف قبل كل شيء التأثير على آراء وعواطف، ومواقف، وسلوك جماعات من الناس عدائية، أو محايدة أو صديقة بطريقة تعين على تحقيق أهدافها القومية)... وهنا نلاحظ أن هذا التعريف لا يحدد استخدام الحرب النفسية بزمن أو وقت أو أحداث معينة مما يعني أنه من الممكن استخدامها في وقت الحرب أو وقت السلم أو وقت إعلان الطوارئ. ويمكن أن ندرك الصعوبة التي تواجهنا عند تعريف الحرب النفسية من جراء المجموعة الكبيرة من المصطلحات التي شاعت عند الحديث عن الصراع الأيديولوجي الذي يسود العالم اليوم وفيما يلي قليل من هذه المصطلحات الشائعة:- - الحرب الباردة - حرب الأفكار - حرب الإرادة - الحرب من أجل السيطرة على عقول الناس - الحرب الفكرية - الحرب الأيديولوجية أو العقائدية - حرب الأعصاب - الحرب السياسية - الاستعلامات الدولية - حرب الدعاية - حرب الكلمات - العدوان غير المباشر عمليات الحرب النفسية: عمليات الحرب النفسية قد تكون قصيرة المدى وقد تكون بعيدة المدى وأنواع نشاطها قصير المدى يشمل: 1- الدعاية الإستراتيجية 2- دعاية القتال 3- نشر الأخبار 4- خداع الناس أو العدو بطريقة محكمة 5- دعاية سرية وتتضمن الحرب النفسية بعيدة المدى نشر الأنباء بطريقة مستمرة بوسائل شتى بغرض مساعدة السياسة الخارجية للدولة ورفع سمعتها والحصول على العطف والتأييد من الدول الأخرى... لا تستهدف الحرب النفسية الإستراتيجية فئة محدودة أو شعبا معينا بل تعمل من أجل تحقيق الأهداف الإستراتيجية البعيدة للدولة طبقا للأهداف القومية.... ومن أجل ذلك فهي شاملة بكل ما تحمله الكلمة من معاني.... وقد يستخدم في الحرب النفسية الإستراتيجية أكثر من عنصر من عناصر الحرب، فإلى جانب الدعاية والحرب الباردة قد تلجأ الدول إلى استخدام (الحرب السياسية والحرب الاقتصادية، وأحيانا الحرب العسكرية)، وفي بعض الأحيان تتعارض بعض هذه العناصر لسوء التخطيط مما يؤثر على أهداف الخطة السيكولوجية الإستراتيجية. ولا تقتصر مهمة فرع العمليات النفسية في الجيش على العمل وقت الحرب، بل تقوم القوات المسلحة بتولي العمليات النفسية التكتيكية في فترة ما قبل الحرب في جميع وسائل الاتصال العالمية، وتستمر مسئولية القوات المسلحة في توجيه العمليات النفسية في ميدان المعركة حتى بعد إيقاف القتال، وإلى أن تعود الحالة إلى وضعها الطبيعي... ونفس الشيء تقوم به القوات المسلحة أثناء إعلان حالة الطوارئ في أحداث معينة داخل الدولة. الحرب النفسية وعلم النفس: يمكن أن نتساءل ما دور العلوم النفسية لصناعة الحرب في وقتنا هذا؟ تهدف الحرب النفسية إلى توجيه الفكر الإنساني أو العمل الإنساني ضد رغبة وإرادة الفرد الحر، لأنها موجهة نحو العناصر المكونة للعقل البشري، ويمكن التحكم في عقلية الفرد وتفكيره وتحويل سعة الحيلة الفردية إلى جبن وخور جماعي، وتحويل الثقة إلى اهتزاز في الشخصية والاستسلام والتكاسل إلى ثورة عاتية... بهذه الوسائل وغيرها يخترق العقل اللاوعي للوصول إلى الموارد التي يحتاج منها إلى مادته... وتتعامل الحرب النفسية مع الاحتياجات البشرية والدوافع والانفعالات الإنسانية ومعرفة متى يكون إغضاب الناس نافعا ومتى يسبب المتاعب، وتتناول الحرب النفسية أيضا التلاعب بمشاعر الناس مما يسبب لهم القلق والشعور بعدم الطمأنينة وافتقاد الإحساس بالأمان، كما يمكن استخدام العوامل المؤثرة على الروح المعنوية بتأثير ايجابي أو سلبي ،ويساعد علم النفس على تفهم عقلية الغوغاء والدهماء وعلى معرفة عوامل الفزع والهلع التي تؤثر في الجماهير. ولرئيس قسم الحرب النفسية العديد من المساعدين يُُسند إليهم الإشراف على الفروع الآتية: * الحفظ والمنشورات * المخابرات * الإذاعة والتلفزيون * النشرات * الصحافة * الأفلام * المطبوعات * وسائل الاتصالات الحديثة * الشائعات * الدعاية بكل أنوعها مواصفات الحرب النفسية: ٠ توجه الحرب النفسية التي هي أحدث أسلحة الحرب ضد: الفكر – العقيدة – الثقة – والشجاعة – المشاعر، وهي حرب دفاعية هجومية وذلك لأنها تحاول أن تبني معنويات الشعب والجنود أو العكس، بينما تحطم في الوقت نفسه معنويات العدو أو أي مجموعات من الناس... والحرب النفسية جزء من الحرب الشاملة تشن قبل الحرب، وفي أثنائها، وفي أعقابها، ثم أنها لا تخضع لرقابة القانون ولا لعادات الحرب، ولا تعرف على أساس وصف الأرض أو نظام المعركة، أو تبعا لمعارك لها أسماء فهي عملية مستمرة. ٠ صفات العاملين في مجال الحرب النفسية: تتطلب الحرب النفسية المؤثرة أن يجمع الفرد الواحد خمسة مهارات: 1- معرفة عملية بتنظيم الحكومة وسياستها حتى يستطيع أن يفسر أغراض الحكومة وخططها تفسيرا سليما 2- معرفة جيدة بالإجراءات العسكرية والعمليات الحربية وفهم كاف لفنون الحرب [البحرية – والجوية - والبرية] – وذلك حتى يكيف التصريحات الصادرة مع المواقف ومع عمليات الدعاية 3- معرفة مهنية بوسائل الإعلام (نشر الكتب والمجلات والصحف والإذاعة والتليفزيون والشبكات الفضائية والإعلان بفروعه المختلفة.....) أو بمجال متصل بذلك اتصالا وثيقا كالتعليم البصري 4- فهم وثيق على المستوى المهني ومعرفة مبنية على دراسة أسس علم الشخصية ومعلومات عن اللغة والتقاليد والدين والعادات وثقافة الشعوب 5- فهم لعلم النفس وعلم الأجناس وعلم الاجتماع والتاريخ والعلوم السياسية والجغرافية ٠ وهناك مهارات أخرى لازمة في مهام معينة: - فواضع الخطط: يجب أن يعرف كيف يحول أهداف الأغراض السياسية التي يخدمها إلى دعاية - وكاتب النشرات: يجب أن يعرف كيف يمكن تحويل سياسة الدعاية إلى نصوص سهلة الفهم تقع تحت عين الناس - والمذيع: يجب أن يعرف نفس الشيء بالنسبة لتحويل سياسة الدعاية إلى مادة تؤثر في أسماع الناس ويجب أن يتحلى بطريقة إلقاء ونبرات صوت مؤثرة - ورجل المخابرات: يجب أن يعرف كيف يختار ويراقب ويسجل كل البيانات المطلوبة للدعاية.
الحرب النفسية من خلال قراءتي في هذين الموضوعين ، وجدت أنهم كلاً منهم مكمل للآخر، فغسيل المخ هو نوع من التعامل النفسي الموجه نحو الشخصية بغرض تمزيقها بحيث يصبح من الممكن التلاعب بها وإعادة تشكيلها للغرض المرجو أحداثه كما أن لغسيل المخ جانب ايجابي يمكن من خلاله تغير ألافكار السيئة و القضاء عليها و حل محلها أفكار ايجابية جيدة . أما الحرب النفسية فهي تعتمد على سلب العقل ، التفكير ،القلب ، المشاعر و العواطف عند المقاتل مما يقوده الى الهزيمة بعد انخفاض الروح المعنوية و كل هذا دون أن يخسر الطرف الآخر أي خسائر ، فهي لا تعتمد على المعدات ، ألآت أو القوات لذا لا تكبد الطرف الآخر أي خسائر بل أيضا توفر له الأرواح ، المعدات و المواد الحيوية بالعكس من الحروب الاقتصادية . و من خلال التعريفين نلاحظ ارتباط الحروب النفسية بالغسيل المخ، فالأول يعتمد على الحالة العقلية و الحالة النفسية و الثاني على الحالة النفسية ، و بذلك يتم السيطرة على الجانبين الأكثر أهمية . بعد توضيح العلاقة بين الحرب النفسية و غسيل المخ سأتطرق إلى الحوار عن الحروب النفسية أو الدعاية كما أُطلق عليها . ويعطينا التاريخ عديد الأدلة التي تؤكد ذلك ، ففي عهد الفراعنة عندما أردا تحوتمس الثالث الاستيلاء على يافا في فلسطين. و كذلك استخدم الرسول – صل الله عليه و سلم – الحروب النفسية أثناء غزواته مع المشركين، فقد حقق الرسول – صل الله عليه و سلم – النصر في تسع عشرة غزوة بلا قتال. كما قرر الرسول القائد - صل الله عليه وسلم - أن "الجهاد باللسان" كالجهاد بالنفس والمال فقال لحسان بن ثابت وكان من شعراء الإسلام: " يا حسان اهج المشركين اهجهم فإن جبريل معك، إذا حارب أصحابي بالسلاح فحارب أنت باللسان" رواه البخاري ومسلم وأحمد. ومن تاريخنا العربي تلك القصة المشهورة عن طارق بن زياد عند فتحه لبلاد الأندلس حيث أمر جنوده بحرق السفن كي يقضي على كل أمل في زعزعة الثقة لديهم وقال قولته المشهورة ايها الجنود العدو أمامكم و البحر وراءكم وليس لكم والله إلا النصر أو الموت ولا يعينكم على النصر إلا ما تستخلصون من أيدي عدوكم وهكذا استطاع الجنود أن يقاتلوا العدو وينتصروا عليه وكانت هذه الحرب النفسية حربا ايجابية أتت بالنصر كمثال على الإرادة القوية ، برز فيها التأثير المعنوي وأهميته ودوره في كسب المعركة . و فى العصر الحديث نرى دائما ما كان يذكر القائد الألماني روميل أن " القائد الناجح هو الذي يسيطر عل عقول أعدائه قبل أبدانهم "، وأيضا تشرتشل يقول: " كثيراً ما غيرت الحرب النفسية وجه التاريخ! ".. وقد بلغ من تأثير الحرب النفسية أن كثيراً من الأمم - كما يروي التاريخ- استسلمت لأعدائها قبل أن تطلق جيوشها طلقة واحدة!! مفهوم الحرب النفسية و أهدافها : الحرب النفسية " عبارة عن عدة إجراءات يتخذها الطرف الاول نحو الطرف الثانى من خلال الدعاية بشتى ألوانها للسيطرة على أفكار ، مشاعر ، عواطف ،سلوك و معنويات الدولة سواء أن كانت دولة معادية ، محايدة أو صديقة لتحقيق الاهداف المنشودة دون خسائر . من خلال التعريف نستنبط الآتى : * دور الدعاية فى تحقيق السيطرة على الدول ، فإذا كانت معادية تفقد الامل فى النصر ، و أن كانت محايدة يجعلها تسير على نفس الطريق بل و من الممكن مناصرتها ، و أن كانت صديقة يزداد من تعاونها لها . * الدعاية قد تأخذ ألوان مختلفة، فمنها الدعاية البيضاء المباشرة ، أو الرمادية المموهة ، أو السوداء الواضح هدفها . فأخطر هؤلاء الدعاية الرمادية التي يصعب اكتشافها . * يوجد طرق مختلفة تحدث من خلالها الحروب النفسية مثل الكلمات المسموعة و المرئية من خلال وسائل الإعلام والمقروءة من خلال الكتب و المجلات و المنشورات. * نشر الشائعات حول الهدف مما يشكك أصحابه فيه و يزعزع إيمانهم به . *محاولة استقطاب الأفراد ذوى الشهرة نحوهم لتضليل العامة . * التهديدات عن طريق نشر بيانات عن قواتهم و أعدادها و عمل مناورات لاستعراض القوة أمام الدولة الآخره . أهداف الحروب النفسية: تتعدد أهداف الحروب النفسية، فهي تهدف إلى تقوية الروح المعنوية لأفراد الأمة، و تحطيم الروح المعنوية للعدو. * زعزعة الإيمان بالهدف المنشود . *التشكيك في القيادات المسئولة عن العدو في الصفوف و في الشعب . * بث الفرقة بين الصفوف . *بث اليأس و روح الاستسلام في النفوس . *إضعاف الجبهة الداخلية للعدو، و إحداث الثغرات بها. الحرب النفسية أوالدعاية :تهدف دائما الى أي شكل من اشكال الضغط ( عسكري ، سياسي ، اقتصادي ، نفسي .. الخ ) على الفرد بغرض حمله على تصرف أو سلوك ما كان ليقوم به لولا هذا التصرف . ويكون ذلك بالضغط والتخويف ... الخ . و فى النهاية أحب أن أوضح الآتي: و هو أن غسيل المخ يعتبر وسيلة الحرب النفسية الأولى ، يلعب غسيل المخ دورين و هما أنه يأخذ اتجاهين الأول ضد العدو و الثاني ضد المعارضة، فهو يخلق شخصية جديدة مختلفة عن السابقة . كما أنه يكون له دور طويل الأمد يتم من خلال التعليم " فالتعليم في الصغر كنقش على الحجر" ، فحين أن الحرب النفسية تأخذ اتجاه واحد و هو العدو فقط بغرض أضعافه و تحطيم معنوياته. |
| ||||||||||
الكاتب: د. عــلاء فرغلي | ||||||||||
تعريف الشائعة:
ليس من السهل أن نضع تعريفا دقيقا محددا لكلمة الشائعة. فهي تحمل كثيرا من المعاني التي سنحاول أن نبرزها هنا. ويعرف الشائعة كل من جولدن البورت وليوبوستمان. في كتابهما سيكولوجية الشائعة بأنها "اصطلاح يطلق على رأي موضوعي معين مطروح كي يؤمن به من يسمعه" وهي تنتقل عادة من شخص إلى أخر عن طريق الكلمة الشفهية دون أن يتطلب ذلك مستوى من البرهان أو الدليل... علي انه كثيرا ما تنتقل الشائعة عن طريق: الصحافة أو الإذاعة أو أجهزه الإعلام الأخرى..... وهي تتسم بصفه التناقض، فقد تبدأ علي شكل حملات هامسة، أو تهب كريح عاصفة عاتية, وقد تكون مسالمة لا تحمل أكثر من تمنيات طيبة للمستقبل أو مدمرة تحمل بين طياتها كل المعاني الجهد والكراهية والتخريب. وهي من جهة أخرى أشبه بموج البحر الذي يعلو فجأة على سطحه ثم يغطس ثانية إلى القاع ليعاود الظهور إذا ما تهيأت الظروف المناسبة. وعلى كل حال فهي وباء اجتماعي يصيب الإنسان ولا يستطيع أن يبتعد عنه أو يتخلص منه بسهوله. ولما كانت تتضمن عادة موضوعا معينا فإن الاهتمام بها يكون مؤقتا. فهي تروج في الظروف الملائمة للموضوع، ثم تنتهي بموتها ودفنها على أنه من ناحية أخرى قد تعاود الظهور مرة أخرى إذا ما وجدت الأرض الخصبة المناسبة. والشائعة تمس أحيانا أحداثا مثل الحرب والتظاهرات والفيضانات والكوارث وارتفاع الأسعار والعلاقات السياسية والموضوعات الاقتصادية والمشكلات الاجتماعية وانتشار مرض معين…. الخ كما تمس أشخاصا مثل: رئيس الدولة أو رجال الحكومة أو الصحفي ع أو السيدة س... هذه بعض النماذج لأهداف الشائعات مع أن هناك أشكالا أخرى ملموسة تظهر فيها مثل الثرثرة والنكات والتقولات والقذف والتنبؤ بخير أو شر – بالأحداث ألمقبله. وتعتمد الشائعة على جزء من الحقيقة فيها لخلق كيانها وترويجها ويجب أن نفرق هنا بين الخبر والشائعة. فالخبر يعتمد على البرهان والدليل القاطع أما الشائعة فإن برهانها يكون باهتا غير واضح. فمثلا إذا نشرت صحيفة ما قانون تأجير المساكن فإن ذلك يعتبر خبرا صحيحا ولكن حينما يبدأ نقل هذا الخبر بين الأفراد مبتعدين عن حقيقة ما جاء به فهنا تبدأ الشائعة, ويستمر ترديدها دون برهان أو دليل حتى يكاد يصدقها الكثير من الناس وتأخذ في النهاية أسلوبا معينا في الترويج مثل ذلك "أنهم يقولون……. أو سمعت من مصدر مسئول أن….. أو لدي أخبار مؤكدة بأن... الخ. وهناك شرط أساسي لاكتمالها وهو أهميه الحدث أو الشخص مع ضرورة توافر الغموض الذي يكتنف الشائعة علاوة علي الدوافع النفسية التي تبعث على خلقها وترويجها كما سيجيء ذلك فيما بعد. لماذا تنتشر الشائعات؟ يمكننا أن نتساءل، هل يصدق كل الناس الشائعة وهل يعمل أي فرد على ترديدها ونشرها؟ الواقع أن الشائعات غالبا ما يرددها ويصدقها أغلب الناس حتى أولئك الذين لا يصدقون ما يحكيه غيرهم، فعادة ما تخرج الشائعة بطابع التشويق، لأن الذين يعملون على خلقها وترويجها يبذلون أقصى جهدهم في صياغتها بشكل يحقق رواجها ونشرها مستغليين في ذلك ما يختلج نفوس الناس من خوف وشك وآمال وأحلام يقظة ونحو ذلك مما لا يستطيعون النطق به مباشرة أو التعبير عنه إعلانية... وكلما كان الاتصال سهلا انتقلت الشائعة لمسافات كبيرة كما أنها تزداد قوة حينما يكون لدى الناس الرغبة في تصديقها أو عندما يحسون في الإنصات إليها أو نقلها نوعا من الرضا. للإنسان عادة ما يسره أن يكرر القصة التي تحقق شكوكه أو التي تعبر عن مخاوفه كما أنه يرغب في أن يضحك أو يهزأ على حساب آخر لا يحبه... ومن ثم يمكن القول: أن الرأي العام هو الذي يخلق الشائعات ويبدعها كما أن الشائعات القوية الجريئة هي تلك التي تتمشى مع المخاوف والشكوك التي يشترك فيها كل شخص مع غيره من الناس... هذا من ناحية أما من ناحية أخرى فإن الشائعات قد تخلق الرأي العام أيضا وتوجده. المراحل النفسية التي يتم فيها تحريف القصة: من الملاحظ أن نفس نمط التحريف يوجد في التغييرات التي يمر بها إدراك الفرد وذكرياته على مر الوقت, وفي التحريفات التي تتم في القصة في أثناء انتقالها من شخص إلى شخص. وهناك ثلاثة مظاهر لهذا التحريف وهي: التسوية – والشحذ – والاستيعاب. فالقصة تميل وهي تنتقل من شخص إلى شخص إلى أن تصبح أقصر من ذي قبل وأسهل فهما وأيسر رواية. وفي أثناء عملية انتقالها المتوالي "تسوى" كثير من التفصيلات الأصلية شيئا فشيئا. وقد لوحظ من التجارب التي أجريت على الشائعات أن كثيرا من التفاصيل التي كانت موجودة تسقط بشدة في أول سلسلة الانتقالات. وفي كل مرة تروى فيها الشائعة يستمر عدد التفاصيل في الهبوط – ولكن ببطء – ويحدث نفس الشيء في الشائعات الاجتماعية في دقائق معدودات تستغرق أسابيع في حالة الشائعة الفردية. وفي الوقت الذي تتم فيه تسوية التفاصيل تشحذ فيه التفاصيل المتبقية وتدل عمليه الشحذ على إدراك انتقائي وعلى استبقاء انتقائي وعلى تفاصيل قليلة عن الموضوع الأصلي الكبير. وبالرغم من أن عملية الشحذ – كعملية التسوية تتم في كل مرة تروى فيها الشائعة فإن العناصر التي يقع التركيز عليها ليست هي نفسها في كل مرة. ويعتمد هذا كثيرا على تركيب الجماعة التي تنتقل بينها الشائعة. فتشحذ العناصر التي تلقي اهتماما خاصا من رواة الشائعة. أما عملية الاستيعاب فهي نتيجة للقوة الجذابة للعادات والرغبات والمشاعر الموجودة في عقل المستمع.. فرواية الشائعة ثم إعادة روايتها مرة أو مرات أخرى يعتمد على الدافع الداخلي لكل شخص الذي جعله ينقل أو يقول القصة، وغالبا ما يتفق الاستيعاب مع المتوقع فتدرك الأشياء ونتذكر كما هي العادة. وعملية الاستيعاب تعبر عن نفسها بتغيرات وتحريفات تعكس عواطف الشخص العميقة الجذور كما تعكس موقفه وتحيزه... بهذه العملية يتضح لنا كيف يتم إغفال بعض التفاصيل وإبراز البعض الآخر وكذلك نقل أجزاء مكان أجزاء أخرى مما يغير من الحقيقة. وبالرغم من أن التسوية والشحذ والاستيعاب بتميز الواحد منها عن الآخر بغرض التحليل. فإنها ليست عملية مستقلة، إنها تعمل مجتمعة في نفس الوقت، وهي تعكس العملية الفريدة ذات الصبغة الشخصية التي تؤدي إلى التحريف الذي يميز الشائعة. تصنيف الشائعات: أولا: من حيث طريقة وسرعة انتشارها: 1) الشائعة الزاحفة:- وهي التي تروج ببطء ويتناقلها الناس همسا وبطريقة سرية تنتهي في آخر الأمر إلى أن يعرفها الجميع... إن هذا النوع من الشائعات يتضمن تلك القصص العدائية التي توجه في المجتمع ضد رجال الحكومة والمسئولين أو ضد مجموعات من الشعب لمحاولة تلطيخ سمعتهم، وكذلك تلك القصص الزائفة التي تروج لعرقلة أي تقدم: اقتصادي، أو سياسي أو اجتماعي، ويدخل في ذلك ما يقوم به المروجون في نشر التنبؤات بوقوع أحداث سيئة تمس هذه الموضوعات. ويقوم مروجو هذا النوع من الشائعات بنسخ سلسلة لا تنتهي من القصص ويستمرون في العمل على تغذيتها واستمرار نشرها. 2) الشائعة العنيفة: وهي تتصف بالعنف، وتنتشر انتشار النار في الهشيم، وهذا النوع من الشائعات يغطي جماعة كبيرة جدا في وقت بالغ القصر.... ومن نمط هذا النوع تلك التي تروج عن الحوادث والكوارث أو عن الانتصارات الباهرة أو الهزيمة في زمن الحرب... ولأن هذه الشائعة تبدأ بشحنة كبيرة فإنها تثير العمل الثوري لأنها تستند إلى العواطف الجياشة من: الذعر، والغضب، والسرور المفاجئ. 3) الشائعات الغائصة: وهي التي تروج في أول الأمر ثم تغوص تحت السطح لتظهر مرة أخرى عندما تتهيأ لها الظرف للظهور، ويكثر هذا النوع من الشائعات في القصص المماثلة التي تعاود الظهور في كل حرب كتلك التي تدور حول تسميم قوات العدو لمياه الشرب، أو التي تصف وحشية العدو وقسوته مع الأطفال والنساء. ثانيا: تقسيم الشائعات من حيث الدوافع النفسية: فقد ثبت أن معظم الشائعات تعبر عن: إما العداوة والكراهية، وإما الرغبة، وإما الخوف، وقليل منها يعبر عن توتر نفسي، أو رغبة في حب الاستطلاع، وبوجه عام يمكن تقسيم الشائعات على أساس الدوافع التي وراءها إلى: 1- الشائعات الحالمة: أو بمعنى آخر المليئة بالخيالات التصويرية وهي تعبر عن الأماني والأحلام، وفي مثل هذه الشائعات نجد أنها تعبر عن سرور مرددها وارتياحه إلى تصديق ما يأمل أن يكون حقيقة واقعة. 2- الشائعات الوهمية: وهي تعبر عن الخوف وليس عن رغبة، ومن أمثلة ذلك الشائعات المغرضة عن أعداد مبالغ فيها من القتلى والجرحى أثناء المظاهرات أو الحروب. 3- الشائعات التفريقية: وهي تهدف لإحداث فرقة وانفصال بين أفراد الشعب أو بين الدول وبعضها. أثر الشائعات على الروح المعنوية: ويمكننا الآن أن نقف لحظة لنتساءل... ما آثار هذه الشائعات على الروح المعنوية القومية؟ الواقع أن الشائعة في مضمونها تلعب دورا كبيرا في التأثير على معنويات الشعب وإن اختلفت درجة تأثيرها تبعا لنوعها والدوافع التي تكمن خلفها، (فشائعات الخوف) – من شأنها أن تشيع عدم الثقة في جدوى المجهودات العسكرية، وهذا يؤدي بدوره إلى إشاعة الروح الانهزامية لإثارة الذعر والرعب بين المواطنين... أما (شائعات الأماني) - فهي تؤدي إلى هدوء الناس والتخفيف من توترهم لما فيها من وعود وتفاؤل. والشخص الذي يجري وراء الشائعات ويصدقها قد يحمل بين طياته موطن الخطر، والخطر هنا خطر حقيقيي مباشر، وهو كذلك واضح محسوس ذلك لأن يسمع مثل تلك الشائعة قد يقوم بعمل عنيف و مفاجئ كأن يسارع بالفكاك والهجرة، فيجمع القليل من أهم ما في حوزته من ممتلكات ويسارع إلى ترك المدينة أو القرية مع أسرته. وهو بتصرفه هذا إنما يخلق شائعة مادية قد تجعل باقي الناس يتصرفون مثله. الدوافع السيكولوجية وراء الشائعة: ينجم الغموض الذي يكتنف قصه أي شائعة عن عوامل عده منها انقطاع الأنباء أو تناقصها، وعدم تصديق الشعب لأي خبر يذاع وفي هذه الحال يكون ثمة مجال للتوترات العاطفية التي من شانها أن تجعل الفرد عاجزا عن الوصول إلى الحقائق أو زاهدا فيها. علي أن للقصة أهميتها لأنها تحمل في طياتها دوافع الشائعة، فلو لم يكن الموضوع هاما بالنسبة للشخص الذي يروج الشائعة لما حاول أن يرددها. وهذا له تأثير كبير علي دفع وانتشار معظم الشائعات... إن "الكبت" هو الذي يجعلنا نميل إلى التخيل أو إلى المغالاة في وجود هذه المشاعر في الآخرين. نحن نظن أن العيب موجود في غيرنا وليس فينا على حد قول الشاعر: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا أجل نحن لا نحب أن نعترف بعيوبنا فإذا أمكن أن نشير إلى هذه العيوب في الآخرين فإن ذلك قد يكسبنا نوعا من احترام النفس. وكثيرون منا يخجلون أو يخافون من دوافعنا وهذا يؤدى بنا إلى أن نتهم الآخرين بالشذوذ. وبدلا من أن نعترف بوجود هذه الصفات الإنسانية الطبيعية فينا يعمد كثيرون منا إلى حبسها في أقسام من العقل ولا نسمح باقتحامها مدعيين أنها ليست موجودة. نحن نترك الجزء الأمامي من عقولنا مفتوحا لاستخدامنا الواعي ولكننا نحتفظ بسريه الجزء الخلفي من عقولنا ولا نسمح بكشفه. هذا هو التفسير الحقيقي لكثير من الشائعات الكاذبة التي تعبر عن الحقد والكراهية. إنها ليست الحقائق الخارجية التي تدفعنا لأن نسيء الظن ونلطخ سمعة جماعة من الناس ولكنها المشاعر التي حبسناها في الحجرات الخلفية من عقولنا. فمن هذه الحجرات وعن طريق السلالم الخلفية تتسرب الشائعات الخاصة بنقائص الآخرين وانحلالهم. إنها تستغل مخاوفنا وتستغل شعورنا بعدم الطمأنينة ولكننا نحاول دائما أن نبعدها عن الجزء الأمامي من عقولنا. وبغير إدراك نرفض دائما أن نعترف بنقطه الضعف هذه. ثم بدلا من ذلك نصدق ما يقوله مروجو الشائعة الآخرون. نحن نعكس على ضحية بريئة ما لا نحب أن يكون فينا. وحتى نشعر بزيادة الطمأنينة ننضم إلى مروجي الشائعات ضد هذه الضحية فنروج ونضخم من هذه الشائعة. ثم هناك شيء أغرب من هذا ولكنه حقيقي. إذا استبدت بنا رغبة – ونحن نعتقد أن هذه الرغبة شريرة وخطيرة – فإننا لا نعمد إلى قتلها ولكننا نحبسها بالحجرة الخلفية من عقولنا ولكن حبسنا إياها لا يعنى أننا سوف لا نحققها، على العكس إننا نعمل على تغذيتها بالثرثرة والشائعات. وبالاختصار يمكن أن نستمتع بهذه الملاذ الممنوعة – على الأقل – في خيالنا طالما كنا قادرين على أن نحجزها عن الحجرات الأمامية. والحقيقة أن أقفال باب الحجرة الخلفية يعطينا فرصه للاستمتاع بها. ويصدق هذا طالما عجزنا عن أن ندرك بوضوح الدوافع التي تدفعنا إلى هذا فإذا نحن أدركنا هذه الدوافع بدا الخوف يدخل في نفوسنا وعند ذلك نحاول أن نعثر على "كبش الفداء" فنعكسها علي, ولذلك نثير غضبنا عليه. ومن الأهمية أن نبين هنا الهدف الذي تسعي الشائعة إلى تحقيقه فمهاجمه الشيء الذي يكرهه الإنسان يسري عنه, ثم أن ذلك يؤدى إلى خدمة أخرى في نفس الوقت إذ يبرر شعور هذا الإنسان نحو الموقف ويفسر لنفسه وللآخرين ملابساته. وهكذا تطبق الشائعة أصول المنطق كما أنها تخفف من شده توتره العاطفي فيقول شخصٌ مثلا "لماذا لا أكره هذا النظام"؟ أليس هو السبب في تجريدي من جاهي وسلطاني؟ ومهما يكن من شيء فإن الشائعات بأنواعها حية رقطاء تستطيع أن تنفث سمومها في كل قطاعات الدولة، وهذه السموم التي إذا لم يتكاتف كل أفراد الشعب في مقاومتها ودرئها بكل عنف وقوة تقضي على الروح المعنوية القومية لأي أمة، يمكن لها أن توقف انطلاقتها وتشل تقدمها.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق