قال الله تعالى : {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}
ودوا لو تدهن: تنافق ، والادهان: النفاق وترك المناصحة والصدق.. ويقال: لو تكفر فيكفرون.. ويقال: لو تصانع فيصانعون.. ويقال: أدهن الرجل في دينه وداهن إذا خان وأظهر خلاف ما أضمر.
وفعل {تُدْهِنُ} مشتق من الإدهان وهو الملاينة والمصانعة، وحقيقة هذا الفعل أن يجعل لشيء دهنا إما لتليينه وإما لتلوينه، ومن هذين المعنيين تفرعت معاني الإدهان كما أشار إليه الراغب.
وقوله : { وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ }: أخبر أنهم يحبون إدْهَانَه ليدهنوا، فهم لا يأمرونه نصحًا، بل يريدون منه الإدهان، ويتوسلون بإدهانِه إلى إدهانهم، ويستعملونه لأغراضهم في صورة الناصح.
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 4 / ص 144)
(قال ابن عباس وعطية والضحاك والسدي: ودوا لو تكفر فيتمادون على كفرهم.
وعن ابن عباس أيضا: ودوا لو ترخص لهم فيرخصون لك.
وقال الفراء والكلبي: لو تلين فيلينون لك.
والادهان: التليين لمن لا ينبغي له التليين؛ قاله الفراء.
وقال مجاهد: المعنى ودوا لو ركنت إليهم وتركت الحق فيمالئونك.
وقال الربيع بن أنس: ودوا لو تكذب فيكذبون.
وقال قتادة: ودوا لو تذهب عن هذا الأمر فيذهبون معك.
الحسن: ودوا لو تصانعهم في دينك فيصانعونك في دينهم. وعنه أيضا: ودوا لو ترفض بعض أمرك فيرفضون بعض أمرهم.
زيد بن أسلم: لو تنافق وترائي فينافقون ويراؤون.
وقيل: ودوا لو تضعف فيضعفون.
قال أبو جعفر. وقيل: ودوا لو تداهن في دينك فيداهنون في أديانهم؛ قاله القتبي. وعنه: طلبوا منه أن يعبد ألهتهم مدة ويعبدوا إلهه مدة. فهذه اثنا عشر قولا.
تفسير القرطبي - (ج 18 / ص 230)
وما نقله القرطبي من هذه الأقوال يعطي مفهوما واسعا لمعنى الآية.
ويتري دلالاتها الكبيرة.
وأدهن وداهن واحد.
وقال قوم: داهنت بمعنى واريت. وأدهنت بمعنى غششت.
وقال الضحاك: {مُدْهِنُونَ} معرضون.
مجاهد: ممالئون الكفار على الكفر به.
ابن كيسان: المدهن الذي لا يعقل ما حق الله عليه ويدفعه بالعلل. وقال بعض اللغويين: مدهنون تاركون للجزم في قبول القرآن.
تفسير القرطبي - (ج 17 / ص 228)